أهمية الارتقاء بمهارات القوى العاملة اليوم للتصدي لتحديات البيانات في المستقبل
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
ليبي دوان آدامز، الشريك المؤسس ورئيس قسم الدعم في شركة ألتيريكس
تتعرض الشركات حالياً لضغوط أكبر لتقديم المزيد بموارد أقل. لهذا، فإن وجود القوى العاملة الماهرة والمتمكنة من تحليل البيانات أمر بالغ الأهمية فبغض النظر عن مستوى التكنولوجيا التي تقوم الشركات بتبنّيها واعتمادها، فإن وجود مجموعة صغيرة فقط تتمتع بالمهارات الضرورية للتعامل مع هذه التكنولوجيا غير مجدٍ لجني الفوائد المتوقعة.
كشف بحث أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز مؤخراً حول الرؤساء التنفيذيين أن استثمارات 61 منهم في مجال التكنولوجيا تركز على تحويل (بدلاً من مجرد الحفاظ على) شركاتهم الحالية لضمان قدرتها على التصدي للاضطرابات الاقتصادية الحالية. بينما تسعى هذه الشركات إلى استقطاب وجمع المهارات اللازمة للمحافظة على ميزتها التنافسية في السوق على نطاق عالمي، يمثل نقص المهارات تحدياً دائم التغير للشركات. ورغم ما يشهده السوق من سد بعض الفجوات المتعلقة بالمهارات، إلا أن هناك أوجه نقص جديدة قد برزت إلى حيّز الوجود. ينطبق هذا أيضاً على تحليل البيانات، فمع وجود البيانات في كل مكان ولأن كل قسم في كل شركة يحاول التعامل مع البيانات، يرجع التحدي إلى الطلب الكبير على علماء البيانات المؤهلين تأهيلاً عالياً، ولكن هناك نقصٌ كبيرٌ في أعدادهم.
تأسيس قاعدة قوية من القوى العاملة المتمكّنة يأتي من داخل الشركات وليس من خارجها
مع نمو الشركات وزيادة الطلب على محللي البيانات، أصبحت الخيارات المتوفرة لقادة الأعمال لتمييز أنفسهم عن غيرهم بسيطة: الارتقاء بقدرات ومهارات القوى العاملة الموجودة في شركاتهم. لكن معالجة النقص في مهارات البيانات عملية متشعبة، إذ تتطلع الشركات غالباً إلى الخارج بحثاً عن الحلول التقنية رغم أن العنصر الرئيسي للنجاح في الارتقاء بمهارات القوى العاملة وتعزيز معرفتها بالبيانات يأتي من الداخل.
يتطلب تقديم المعلومات المطلوبة للوصول لرؤى مستنيرة مباشرة وفي جزء من الثانية وجود موظفين قادرين على العمل بكفاءة مع البيانات. لا يحتاج هؤلاء الموظفون إلى التحلّي بمهارات برمجة متطورة أو معقدة، ولكنهم غالباً خبراء في أقسامهم. يُعتبر عمال المعرفة، وهم المهنيون أصحاب المستوى العالي من المعارف الذين يُنشؤون ويطبقون المعرفة النظرية والتحليلية بهدف تطوير المنتجات والخدمات، مورداً غير مستغل في كثير من الأحيان. وبفضل خبراتهم المكتسبة في مجالاتهم المختلفة وقدرتهم على الجمع بين هذه المعرفة بشكل فعال مع تقنيات الخدمة الذاتية الصديقة للتعليمات البرمجية و/أو الخالية من التعليمات البرمجية، يمكنهم معالجة مشكلات البيانات الخاصة بشركاتهم بكل براعة وسهولة. سواء كانت بيانات الشركات محلية أو في السحابة أو في مكان ما بينهما، فإن اعتماد نهج مشترك لمنصات بيانات الخدمة الذاتية التي يمكن الوصول إليها ومهارات عمال المعرفة يجعلان مفهوم القوى العاملة المطّلعة بالبيانات حقيقة واقعة.
التمكّن من البيانات والتكنولوجيا
بالإضافة إلى أننا نعمل الآن في حقبة تاريخية استثنائية لتوليد كميات هائلة من البيانات، فنحن نعمل في مشهد اقتصادي عالمي مضطرب بشكل ملحوظ. ورغم أن هذه الزيادة في البيانات توفر فرصاً جديدة لتقديم الرؤى الضرورية لاتخاذ قرارات على نطاق واسع، إلا أن العديد من الشركات تكافح للحصول على الرؤى التي تحتاجها بالسرعة والحجم المطلوبين. أثبت بحث أجرته “ستاتيستا” ذلك بالتحديد حيث أظهر أن 2% فقط من البيانات التي تم إنتاجها واستهلاكها في عام 2020 قد تم حفظها والاحتفاظ بها حتى عام 2021. يمثل هذا فرصة كبيرة للمؤسسات والشركات في جميع أنحاء العالم لتدريب القوى العاملة الحالية في جميع مستوياتها والارتقاء بمهاراتهم في مجال معرفة البيانات لتمكينهم من فهم وتفسير وتطبيق الرؤى المستندة إلى البيانات في عملية صنع القرار.
تُعدّ القدرة على فهم البيانات وتحليلها، ومن ثم تسخير التحليلات بشكل فعال، أمراً أساسياً لتحقيق القيمة من البيانات، كما أن التمكّن من البيانات أداة حاسمة لتأسيس الجيل القادم المطّلع على البيانات، إذ أن بإمكانها إحداث فرق كبير في كيفية تفسير البيانات وتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي. لكن التكنولوجيا وحدها لا تستطيع حل المشاكل الإنسانية، فالتكنولوجيا ليست سوى أداة لتسهيل أعمال الخبرات البشرية التي تقف وراءها. لن يتم حل فجوة المهارات التحليلية من خلال تعليم المزيد من الأشخاص البرمجة أو شراء المزيد من التقنيات. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يركّز قادة الأعمال على تمكين أي شخص في شركاتهم من العمل مع البيانات وتحقيق القيمة منها.
الارتقاء بالمهارات استثمار مستمر
يتلخص مفهوم تطوير المعرفة بالبيانات والمهارات الرقمية في كيفية قيام قادة الأعمال بإشراك خبراء المجال، مما يسمح لهم بالاستفادة من الفرص التحليلية، واكتشاف حالات استخدام جديدة، وتحقيق نتائج نهائية محددة بفضل التحسين والتطوير المستمرين. ينبغي على أي شركة تهدف إلى معالجة النقص في مهارات البيانات لديها التركيز على الاستفادة من عمال المعرفة المعرفة في مختلف مستويات الشركة وتطوير مهاراتهم وتمكينهم لدعم فرق علوم البيانات الحالية. لا شك أن لدى كل خبير مجاله المختلف فهم عميق بالتفاصيل الجوهرية لنطاق عمله، ولكنه قد يفتقر إلى المعارف التقنية اللازمة لاتخاذ قرارات قائمة على البيانات. سيؤدي الارتقاء بمهارات هذه المجموعة من الموظفين إلى تعزيز نمو الشركات ونجاحها، خاصة وأنهم يمتلكون المهارات اللازمة لاتخاذ قرارات ذات تأثير كبير لشركاتهم. تزويدهم بالمعارف التحليلية القوية يمكّنهم من دعم هذه القرارات باكتساب رؤى أعمق من البيانات.
مع تزايد الحاجة إلى البيانات والرؤى المستمدّة منها، يجب على مختلف الصناعات والقطاعات أن تنظر في كيفية تلبية احتياجاتها من البيانات والتحليلات. هناك فوائد لا تُحصى لتحسين المعرفة بالبيانات، فهي تساعد الشركات على كسب ولاء الموظفين، وتساعد الموظفين على تنمية حياتهم المهنية كأفراد من خلال تعلم طرق أكثر كفاءة لاستخدام البيانات. كما تساعد الشركات على كسب ولاء الموظفين، فضلاً عن إنشاء قوة عاملة ذكية متمكنة من البيانات وقادرة على اتخاذ القرارات بكفاءة. في هذا العصر الذي يتسم بتوليد كمٍّ غير مسبوق من البيانات، لم نر بعد الإمكانات غير المستغلة للقوى العاملة المتمكّنة من البيانات دون مؤهل خاص بعلم البيانات، ولكن الاحتمالات لا حصر لها. ومع ذلك، فإن الارتقاء بمهارات جميع الموظفين، بدءاً من تكنولوجيا المعلومات إلى المبيعات والمحاسبة والتسويق، وإعادة صقل هذه المهارات في مجال معرفة البيانات، استثمارٌ مستمر. ستتقدّم الشركات التي تفهم ذلك لأنها تدعم ثقافة معرفة البيانات حيث يمكن لأي شخص الاستفادة من البيانات في اتخاذ القرارات الاستراتيجية دون الاعتماد على علماء وخبراء البيانات. أما الشركات التي تفشل في اتخاذ هذه الخطوات فستواجه الفشل بسرعة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: القوى العاملة البیانات فی من البیانات
إقرأ أيضاً:
إجمالي عدد القوى الوطنية العاملة في القطاع الصناعي يقترب من 40 ألفا
شهد القطاع الصناعيّ في سلطنة عُمان خلال الفترة من بداية يناير حتى نهاية نوفمبر من العام الجاري نموًّا ملحوظًا في معدلات التعمين، حيث تجاوز المستهدفات المحدّدة للقوى العاملة الوطنية في القطاع بنسبة زيادة بلغت 5.5 بالمائة وبتوظيف 1708 عُمانيين منهم 1145 من الذكور و563 من الإناث.
وأوضحت الإحصاءات والبيانات الصادرة عن وزارة العمل والمسجلة في مختلف التخصصات والمجالات بالقطاع الصناعي، أن إجماليّ عدد القوى العاملة الوطنية في القطاع الصناعي حتى نهاية نوفمبر من عام 2024 بلغ نحو 30 ألفًا و993 عُمانيًّا، متجاوزًا الهدف الذي كان يقدر بتوظيف 1000 عُماني خلال العام الحالي.
وأكد الدكتور أحمد بن خلفان البدوي، مدير دائرة تنفيذ وتقييم الاستراتيجية الصناعية ورئيس فريق ملف التشغيل بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على أن المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أعلى على توطين الوظائف الفنية والتخصصية في القطاع الصناعي، حيث تعمل الوزارة على تعزيز التخصصات المهنية لتطوير المهارات الفنية للقوى العاملة الوطنية في هذا القطاع، وهو ما يعكس التوجهات الاستراتيجية للوزارة للاستثمار في الكوادر الوطنية من خلال تنفيذ 265 مبادرة بالتعاون مع شركاء التنمية.
وأضاف أن المباركة السّامية للاستراتيجية الصناعية 2040 التي دخلت حيز التنفيذ في منتصف عام 2024، قد أسفرت عن نتائج إيجابية تمثّلت في 265 مبادرة، منها 125 مبادرة ترتبط بشكل مباشر مع قطاعات الوزارة، مما يشكل نحو 47 بالمائة من إجمالي المبادرات، بينما تتوزع الـ140 مبادرة الأخرى على الجهات المعنية، مشيرا إلى أن فريق الاستراتيجية الصناعية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بدأ بتنظيم حلقات عمل مع هذه الجهات لتعريفهم بتفاصيل المبادرات وأهدافها وخطط التنفيذ وفقًا للقطاعات المعنية لإنشاء صناعات جديدة ذات تقنيات عالية، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار، إضافة إلى تطوير الحوكمة وإدارة التنمية الصناعية.
وأوضّح أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تركز على القطاعات الواعدة، مثل الصناعات القائمة على الموارد الطبيعية التي تشمل ثلاثة مجمعات صناعيّة موزّعة على 15 صناعة فرعيّة، والصناعات كثيفة رأس المال التي تضمّ مجمعين صناعيين موزعيْن على 9 صناعات فرعية، والصناعات القائمة على المعرفة التي تشمل مجمعيْن صناعيين موزعيْن على 5 صناعات فرعية، مؤكدا على أن هذه القطاعات تمثل أهدافًا استراتيجية مهمّة في تعزيز نمو القطاع الصناعي.
يُذكر أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تواصل العمل من خلال لجان الحوكمة مع الجهات المعنية لضمان توافق جهود توطين الوظائف مع تطلعات البرنامج الوطني للتشغيل عبر منصة "توطين"، وتحقيق مستهدفات التشغيل في كافة القطاعات الاقتصادية من خلال توظيف المخرجات التعليميّة والمهنيّة واستقطاب الكفاءات الوطنيّة المتخصّصة.