هل تنجح مبادرة باتيلي في حل الأزمة الليبية بعد موافقة صالح وحفتر عليها؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
أثار التراجع من قبل رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح واللواء، خليفة حفتر بخصوص مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي والموافقة على المشاركة فيها بعد رفضها تساؤلات حول الأهداف والنتائج ومحاور التفاوض ومستقبل الخطوة الأممية.
ورحب عقيلة وحفتر في بيان مشترك مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي بعد اجتماع عقد في العاصمة المصرية القاهرة وحضره رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل بالمشاركة في جولة الحوار التي دعا إليها باتيلي شريطة عدم إقصاء أي طرف ومراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين والأخذ بها.
"رفض ثم تراجع ومشاركة"
ودعا المبعوث الأممي، عبدالله باتيلي الأطراف الخمسة الرئيسية في ليبيا إلى الانخراط في حوار تحضيري للقاء خماسي لوضع حل للأزمة الليبية والوصول لانتخابات في أقرب وقت، وحدد الخمسة الكبار: رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة "الدبيبة" ورئيسا مجلسي النواب والدولة وحفتر، وهو ما رفضه عقيلة وحفتر مشترطين مشاركة الحكومة في شرق البلاد ليتراجعا بعد ذلك ويعلنان المشاركة.
ولم يعلن باتيلي محاور المبادرة المقترحة والتي أسماها لقاء "الخمسة الكبار" أو أهدافها أو نقاط التفاوض بين المجتمعين، لكنه لمح خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن بأنه يجب أن تصل الأطراف لحل سريع يضمن غجراء الانتخابات.
فما مستقبل مبادرة "باتيلي" بعد موافقة عقيلة وحفتر؟ وهل يتفاوض المجتمعون من أجل الأزمة أم ضمان مصالحهم ومستقبلهم السياسي؟
"عودة للمربع صفر"
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة إن "ما تهدف إليه طاولة باتيلي الخماسية هو ما تريده الأطراف المعرقلة للانتخابات برفضها لقوانين الانتخابات التي أنتجها التوافق بين مجلسي النواب والدولة وتعتبر أقصى ما يمكن التوافق عليه وأهم ما ترتكز عليه هو أن الكلمة فيها للشعب الليبي وحده إلا أن المستفيدين من بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه اختلقوا الحجج الواهية لرفضها ويسعون الآن عبر طاولة باتيلي لخلط الأوراق والعودة بالأزمة إلى مربع الصفر".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "مجلس النواب وكذلك أغلب أعضاء مجلس الدولة يعتبرون أن التوافق على القاعدة القانونية للانتخابات قد تمت وقبلتها المفوضية ولا تحتاج إلا لتنفيذ، وقد صدر قرار من البرلمان أن قرار المشاركة في أي حوار لابد أن يخرج من تحت قبة المجلس وبالأسماء التي يختارها وذلك لم يحدث حتى الآن، لذا فإن هذا الحوار الذي يهدف لترسيخ أطراف حوار جديدة هو فاشل قبل أن يبدأ .."، وفق وصفه.
وتابع: "على اللبيبين حماية قوانين الانتخابات المتوافق عليها أمام هذا الرفض من أطراف داخلية وخارجية تسعى لإبقاء الوضع على ما هو عليه والاستمرار في إدارة الأزمة لا حلها"، كما قال.
"ضمانات وانتخابات قريبا"
لكن عضو لجنة الحوار عن مجلس الدولة الليبي والمشارك في مبادرة "باتيلي"، محمد الهادي أكد أن "الجولة الأولى من هذه المفاوضات والنقاشات ستكون قريبا ربما في غضون الأيام القليلة القادمة، وجلوس الأطراف الرئيسية خاصة المتنازعة قد يواجه عدة عراقيل لكنه سيكون".
وحول أهداف المبادرة قال لـ"عربي21": "الأهداف التي أبلغنا بها هي الحصول على ضمانات من كل الأطراف بقبول نتائج الانتخابات في حال تمت، وهذا يفضي للنقاش حول القوانيين والشروط والتي لن يكون الاتفاق عليها بالأمر السهل، كما أن الحوار قد يتطرق إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية"، وفق معلوماته.
"تموضعات سلطة جديدة"
في حين قال السفير الليبي السابق، إبراهيم قرادة إن "باتيلي في مرحلة استكشاف وتقدير البدائل والخيارات نحو فهم أكثر واقعية، كما أن خيار الخماسية وإن كان مقبولا كبداية إلا أنه يهمل أطراف مجتمعية وسياسية تراقب تهميشها وهي صابرة في انتظار تغيرات في مشاركات ومقاسمات ومحاصصات السلطة في ليبيا، بما تعنيه السلطة من نصيب في المال العام والإدارة الحكومية".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "هذا الأمر يعني من زاوية مقابلة أن أطراف السلطة الحاليين قد يبذلون الجهد لتمديد الوضع الحالي، كما إنه وإن استوجبت جهود باتيلي التوسيع الأفقي لتمثيل التنوعات المجتمعية، فأن مخاطرة مساعيه الحالية قد تنتج زعزعة للاستقرار الهش إما بانطلاق صراع بسبب استطالة المرحلة المؤقتة الحالية أو لتموضعات في سلطة جديدة؛ وما يعنيه ذلك من تزايد احتمال تأجيل الانتخابات"، وفق تقديراته.
وبخصوص لقاء الدبيبة بحفتر لأول مرة، قال: هذا اللقاء محفوف بمغامرة كبيرة للدبيبة، والذي تعاني قاعدته الاجتماعية السياسية التقليدية من تقلص تأييده لممارسات ضد بعضها ومن قضم من قبل معسكر حفتر"، بحسب رأيه.
"تقاسم سلطة ونفوذ"
ورأت الأكاديمية الليبية، فيروز النعاس أنه "لا مستقبل لمبادرة باتيلي، سواء قبلت جميع الأطراف المشاركة أو ماطلت ورفضت، والإصرار على جمع مسببي الأزمة والذين ليس من مصلحتهم إنهاء الوضع القائم هو مجرد تسويق للوهم أن هؤلاء بإمكانهم أو لديهم الرغبة لحل الانسداد الذي تعاني منه البلاد".
وتابعت: "كل ما سيتم مناقشته هو كيفية تقاسم السلطة والنفوذ فيما بينهم، كون هؤلاء جميعا ليس لديهم النية والرغبة إلا لشيء واحد وهو الحفاظ على بقائهم في المشهد والشيء الوحيد الذي سيتفقون عليه هو عدم الذهاب للانتخابات"، بحسب تصريحها لـ"عربي21".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية عقيلة صالح حفتر باتيلي ليبيا ليبيا حفتر باتيلي عقيلة صالح سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الميثاق والدستور والمداورة في الحقائب الوزارية
كتب القاضي سليم جريصاتي في" نداء الوطن": قيل الكثير، وكتب الكثير، ونسب الكثير الى مداولات الطائف، وقال رئيس الجمهورية ما قاله في خطاب القسم، كما قال رئيس الحكومة المكلّف ما قاله بشأن تخصيص حقيبة لطائفة معينة. الا ان الحل يبقى في "الكتاب"، اي الدستور الذي استقى مقدمته وبعض احكامه من "وثيقة الوفاق الوطني" التي أقرها مجلس النواب تمهيدا لتعديل الدستور في ضوئها، الامر الذي حصل بالقانون الدستوري الصادر بتاريخ 31-9-1990. اما الرجوع الى محاضر الطائف الحبيسة، انما يكون كأي رجوع الى محضر، غالبا لتفسير النص الوضعي الذي اقرّ في ضوء المداولات التي دونت فيه، وليس لاعادة صوغه او الاضافة عليه، وذلك من منطلق ان المحضر يعتبر من قبيل "الاعمال التمهيدية" (travaux préparatoires) التي هي مصدر من مصادر تفسير النصوص. هذا مع العلم ان محاضر الطائف وثقت مداولات الوثيقة، التي انتهت الى ميثاق خطي، في حين ان المحضر الذي يصلح مباشرة لتفسير الدستور انما هو محضر جلسة مجلس النواب بالتاريخ المذكور اعلاه. من هنا ان مقاربة هذه المسألة انما تصح من هذا المنطلق الميثاقي والدستوري من دون اي كيدية او تعبير عن غلبة او فرض رأي او سوء نية باستغلال اوضاع نفسية معينة لدى طيف من اطياف الوطن او تعمّد تعطيل انشاء السلطات الدستورية صحيحا لاسباب سلطوية محض، من أنّى اتت هذه التصرفات او الاقوال الرعناء. في الشكل، يجب مراعاة مسار التأليف كما هو موصوف في الدستور، اي تسمية رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب واستنادا الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها، ومن ثم قيام رئيس الحكومة المكلّف باجراء استشارات نيابية غير ملزمة لتأليف الحكومة، واخيرا صدور مرسوم تأليف الحكومة عن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء.
اما في المضمون، فيجب ان تمثل الطوائف بصورة عادلة في التشكيلة الوزارية، لا سيما ان كلا من المادتين 17و 65 من الدستور ناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء، وان المادة 66 من الدستور اعطت حيثية دستورية مستقلة للوزير (الذي لم يعد فقط من اعوان رئيس الجمهورية الذي كان يتولى السلطة الاجرائية) ، وان خاتمة مبادىء مقدمة الدستور المقتبسة حرفيا من المبادىء العامة الواردة في مستهل وثيقة الوفاق الوطني، تنص صراحة ان لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، هذا المبدأ الذي اوصى العلاّمة الراحل ادمون ربّاط بتطبيقه على اي مسؤول اعتمد نهجا او موقفا او اتى فعلا تتبدى منه بوادر انقسامات طائفية.
ثانيا- كل هذا يعني ان اي ممارسات لا تمت بصلة الى المبادىء والنصوص والآليات اعلاه ولا ترتكز اصلا الى اعراف نهضت عن ممارسات متواترة وراسخة في معرض تأليف الحكومات، انما يتوجب اهمالها، كي لا تؤسس عليها تدابير، تفاقم الخطأ ولا تصلحه، على ما هي حال المطالبة بتخصيص حقيبة وزارية لطائفة معينة.
ثالثا- لم يخصص الدستور حقائب وزارية لطوائف معينة، واكتفى بما جاء في الفقرة (أ) من المادة 95 منه لجهة ان "تتمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة"، والمقصود المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ونسبيا بين مذاهب كل من الفئتين، على ما يمكن استنباطه من المادة 24 من الدستور. ان المشرّع الدستوري لم يقحم ماهية الحقائب الوزارية في عدالة التمثيل، ذلك ان كل الحقائب الوزارية جميعها تتساوى من حيث المشاركة في السلطة الاجرائية التي ناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا، حيث يكون لكل وزير صوت عند التصويت، سواء تولى حقيبة، مهما كانت، او لم يتولّ اي حقيبة. هذا ولم تأت الوثيقة بما يخالف ذلك لاي جهة في حال اعتبرنا ان ما لم يدخل منها في صلب الدستور اضحى مجرد تعهدات وطنية يمكن الركون اليها عند الحاجة.
رابعا- ان التعمّق في مواد الدستور يقودنا الى الآتي:
ان الفقرة (ب) من المادة 95 من الدستور التي قضت بالغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، انما استثنت الفئة الاولى وما يعادلها من هذا الالغاء، بحيث تبقى وظائف هذه الفئة "مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص اي وظيفة لاية طائفة...".
خامسا- اضافة الى كل ذلك، وتحديدا فيما يتعلق بحقيبة المالية، ان تخصيصها للطائفة الشيعية الكريمة بحجة المشاركة في صناعة القرار الاجرائي، لا يستقيم ميثاقا ودستورا، ذلك ان المشاركة في السلطة الاجرائية تتم في عضوية مجلس الوزراء الذي ناط به الدستور السلطة الاجرائية، على ما شرحت، وان القول بأن وزير المالية هو من يقوم بالتوقيع الثالث او الرابع على معظم المراسيم المتخذة في مجلس الوزراء او المراسيم العادية، هو قول لا يصلح ايضا حجّة للتخصيص والتثبيت، بمعزل عن حسن الممارسة او سوئها، ذلك ان من شأنه ان يرتقي بهذا الوزير من طائفة معينة تستأثر بهذه الحقيبة الى مرتبة تسمو مرتبة رئيس الجمهورية المنتمي الى طائفة معينة عرفا منذ الاستقلال. في الخلاصة، الحقيبة ليست حكرا لاي طائفة ولا يمكن حجب اي طائفة عن اي حقيبة، والوزراء متساوون في مجلس الوزراء الذي يمارس السلطة الاجرائية بالارتكاز الى احكام الدستور. اما الاخطر، فهو ان هذه الاشكاليات المصطنعة انما تعيق انطلاقة العهود الرئاسية الواعدة، او تهدد استمرارها على نهج مرن ومتوازن عند انتاج الحكومات، او تؤسس لأزمة نظام وطروحات بديلة لا يملك لبنان ترف الغوص فيها الان، وهو يعاني ما يعانيه من ازمات حادة على جميع الصعد، وأخرها عدم التزام اسرائيل بمندرجات اتفاق وقف الاعمال العدائية واستمرار احتلالها اراض لبنانية.