تمارس الولايات المتحدة نهج التهدئة في مواجهة استفزازات إيرانية في مياه الخليج العربي؛ إذا لا ترغب واشنطن في تصعيد التوترات الإقليمية، وتراعي تحديات عالمية، بينها المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا ودعم أوكرانيا والتحالف مع إسرائيل.

تلك القراءة طرحها كايزي تشو، في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي (Geopolitical Monitor)، على ضوء إعلان القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن طائرات إيرانية بدون طيار حلقت للمراقبة فوق حاملة الطائرات الهجومية الأمريكية "أيزنهاور" أثناء إبحارها عبر الخليج العربي.

تشو اعتبر، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن هذه "الخطوة من جانب  بحرية الحرس الثوري الإيراني كانت لفتة استفزازية ولكنها محسوبة، وبمثابة اختبار لرد فعل الولايات المتحدة على مواجهة مباشرة ولكن غير مميتة".

وتابع أن "رد البحرية الأمريكية (لم يتعرض للطائرات الإيرانية) يعكس ضبط النفس الاستراتيجي والسياسة الخارجية والاستراتيجية العسكرية الأمريكية الحالية في منطقة مليئة بالتعقيدات التاريخية والمنافسات الجيوسياسية المعاصرة".

وتنفي إيران صحة اتهامات لها بتهديد أمن الملاحة البحرية في ممرات إقليمية حيوية للتجارة العالمية، وتحّمل مسؤولية التوترات للانتشار الغربي في المياه الإقليمية، في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.  

اقرأ أيضاً

أمريكا تعلن اعتراض مسيرة إيرانية فوق مياه الخليج

حذر أمريكي

و"يشير النهج الأمريكي المنضبط، وخاصة في ظل التزامات الولايات المتحدة المستمرة في أوكرانيا وتحالفها مع إسرائيل، إلى تحول نحو موقف أكثر اعتدالا وحذرا في التعامل مع قضايا إقليمية محددة"، كما أضاف تشو.

وأردف: "ويمكن أن يعزى هذا الرد إلى المخاوف بشأن تصاعد التوترات، بالنظر إلى الخلفية التاريخية لمنطقة الخليج وتداعياتها الدولية المحتملة. وقد يهدف ضبط النفس الاستراتيجي هذا إلى تجنب تقديم أي ذريعة لإيران أو غيرها من الجهات الإقليمية الفاعلة لتصعيد الصراع".

واستطرد: "كما يعكس الحادث تحولا في استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية في التعامل مع الأزمات الدولية، ففي السنوات الأخيرة، تطور الدور الذي تلعبه وانشطن في الشؤون الدولية من الحزم الأحادي إلى نهج دبلوماسي أكثر حذرا واستراتيجية".

و"يُنظر إلى هذا التغيير على أنه تكيف مع المشهد المتطور للعلاقات الدولية، مما يدل على زيادة التركيز على التعاون المتعدد الأطراف والالتزام بالمعايير الدولية"، وفقا لتشو.

اقرأ أيضاً

إنترسبت: دعم أمريكا الراسخ لإسرائيل بحرب غزة يوحد محور المقاومة المدعومة من إيران

منافسة استراتيجية

تشو قال إن "التصرفات المنضبطة التي تقوم بها البحرية الأمريكية في الخليج العربي لها آثار كبيرة على التفاعلات المستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران، فضلا عن دول إقليمية أخرى. ورغم أن هذا النهج قد لا يحل الخلافات العميقة الجذور، إلا أنه يفتح سبلا لتهدئة التصعيد".

وأضاف أن "للحادث تداعيات مهمة على الدول المجاورة، وخاصة حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مثل السعودية وإسرائيل".

وأوضح أنه "يمكن لهذه الدول أن تفسر إظهار ضبط النفس على أنه إشارة إلى التزامات الولايات المتحدة الأمنية في المنطقة، وقد يؤثر ذلك أيضا على تصورهم لاستراتيجية واشنطن الإقليمية طويلة المدى".

وقال إنه "ربما ينظر الحلفاء والخصوم على حد سواء إلى ضبط النفس هذا باعتباره إعادة ضبط للسياسة العسكرية الأمريكية في المنطقة، مما قد يؤثر على حساباتهم فيما يتعلق بالارتباطات المستقبلية مع واشنطن".

و"رغم أن ضبط النفس هذا قد يُنظر إليه باعتباره استراتيجية قصيرة الأمد لتجنب الصراع، إلا أن الولايات المتحدة تحتاج على المدى الطويل إلى الحفاظ على نفوذها في المنطقة مع تجنب الاستفزازات المفرطة، ما يتطلب تحقيق توازن بين إظهار القوة العسكرية وتبني المرونة الدبلوماسية"، كما أردف تشو.

وتابع أنه "في مواجهة البيئة السياسية المتغيرة في الشرق الأوسط، تحتاج الولايات المتحدة إلى تكييف استراتيجيتها بمرونة لمعالجة عوامل عدم الاستقرار الداخلي، مثل توسع نفوذ إيران الإقليمي، والتهديدات الإرهابية، والصراعات بالوكالة بين البلدان".

وزاد بأنه "يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ في الاعتبار أيضا التحديات العالمية التي تواجهها، مثل المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا، والالتزامات في أوكرانيا (دعمها في حرب مستمرة مع روسيا)، وتحالفها مع إسرائيل الذي سيؤثر على انتشارها العسكري وسياستها الخارجية في الشرق الأوسط".

وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة.

وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلة و/ أو أمريكية.

اقرأ أيضاً

دعما لإسرائيل.. أمريكا ترسل حاملة طائرات ثانية إلى المنطقة

المصدر | كايزي تشو/ جيوبوليتيكال مونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا إيران الخليج العربي مسيرات توترات تصعيد الولایات المتحدة ضبط النفس

إقرأ أيضاً:

باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل إذا دخلت في جبهة صراع جديدة

قال محمد العالم كاتب وباحث سياسي، إنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستدعم إسرائيل إذا دخلت في جبهة صراع جديدة بلبنان أو أي جبهة أخرى.

وأضاف الباحث في مداخلة عبر قناة «القاهرة الإخبارية»: «هذا الأمر اتضح جليا من المناظرة الأخيرة بين جو بايدن والمرشح دونالد ترامب، فقد قال بايدن إن الدعم كامل ولا يوجد أي خلاف في وجهات النظر في هذا الأمر».

وتابع الكاتب والباحث السياسي: «الولايات المتحدة الأمريكية ستنتظر أن يتحرك الداخل الإسرائيلي بنفسه، وإذا ما استمرت إسرائيل على النهج الحالي، فإن الحكومات الأمريكية بغض النظر عمن يترأسها ستدعم إسرائيل بقوة، لأن العلاقة بينهما استراتيجية».

وأكد أنَّ هناك تصدير لصورة مزيفة للشعب الأمريكي عن اضطهاد اليهود في الشرق الأوسط وأحقيتهم بأراضي معينة، وكل هذه الأمور أعادت تشكيل فكر الشعب الأمريكي وتعاطفه مع اليهود، رغم وجود مظاهرات وحركات أخرى أوضحت الصورة الحقيقية عن هذا الأمر، إلا أن عصب الاقتصاد الأمريكي يتحكم فيه اللوبي اليهودي.

مقالات مشابهة

  • طبيب مصري يفوز بالمركز الأول في حفظ القرآن بمسابقة دولية أمريكية
  • الصراع الجيوسياسي في ليبيا والحراك الأمريكي
  • القيادة تهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى استقلال بلاده
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل إذا دخلت في جبهة صراع جديدة
  • أنطونوف: الولايات المتحدة دولة راعية للإرهاب
  • الولايات المتحدة تقرض بولندا مليارين دولار لشراء أنظمة دفاع جوي أمريكية
  • النشاط النووي الإيراني يزداد.. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكشف عن إضافة نصف أجهزة التخصيب الجديدة إلى محطة فوردو.. والعقوبات الأمريكية مستمرة
  • من الحروب التجارية إلى الذكاء الاصطناعي: المنافسة الأمريكية- الصينية
  • أميركا تتراجع عن مواجهة الحوثيين
  • وسائل إعلام سعودية: واشنطن تتراجع عن خططها في مواجهة الحوثيين