رغم الفيتو الأمريكي|العالم يضغط على إسرائيل.. هل يقر مجلس الأمن بوقف إطلاق النار؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ 73، وشهدت الأيام الماضية تحولًا كبيرًا في المواقف الغربية تجاه الحرب، ففي الوقت الذي دعا وزيرا خارجية بريطانيا وألمانيا لـ"وقف دائم لإطلاق النار"، طالبت وزيرة الخارجية الفرنسية بالتوصل إلى هدنة "فورية ودائمة" لتجنب تداعيات كارثية للقطاع المُحاصر منذ هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
يرى المراقبون أن التغيّر التدريجي في المواقف الغربية والأمريكية تجاه حرب غزة، يأتي لعدّة أسباب على رأسها الضغوط الداخلية في تلك الدول نتيجة آلاف القتلى من المدنيين الفلسطينيين جراء "القصف العشوائي الإسرائيلي"، فضلًا عن مضي الكثير من الوقت لتنفيذ تل أبيب لـ"بنك أهدافها" داخل القطاع، وكذلك عدم وجود خطة واضحة أمام الحكومة الإسرائيلية بشأن اليوم التالي لإنهاء هذا الصراع.
وما زال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يبحث عن سبل تمكنه من تحقيق توافق قبل التصويت المتوقع الثلاثاء على مشروع قرار جديد يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
أرجئ التصويت الذي كان مقرراً الإثنين رسميًا حتى الثلاثاء للسماح بمواصلة المفاوضات وتجنب مواجهة طريق مسدود جديد، بعد عشرة أيام من فيتو أميركي.
وفي 8 ديسمبر، وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة غير المسبوقة التي مارسها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حالت الولايات المتحدة دون اعتماد قرار يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في قطاع غزة حيث يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه المدمر رداً على هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر.
وفي الأسبوع الماضي، اعتمدت الجمعية العامة القرار نفسه بغالبية 153 صوتًا في مقابل معارضة 10 أصوات وامتناع 23 عن التصويت، من أصل 193 دولة أعضاء. ولكن قراراتها غير ملزمة.
وبعد هذا التأييد الساحق، أعلنت مجموعة الدول العربية عن محاولة جديدة في مجلس الأمن نتائجها غير مؤكدة من خلال طرح مشروع قرار أعدته دولة الإمارات العربية المتحدة وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه الأحد ويدعو إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون عوائق". لكن بحسب مصادر دبلوماسية، هناك الآن نص معدل جديد مطروح على الطاولة، سعيًا للتوصل إلى تسوية.
وتأجيل التصويت حتى الثلاثاء يعني برأي الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار أن "هناك مفاوضات حول النص، ربما لتجنب استخدام حق النقض من جديد من طرف واحد أو عدة أطراف لكن في كل ساعة وكل يوم يمر، يُقتل مدنيون في غزة".
ويناقش المجلس أيضًا شروط نظام مراقبة المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة. وفي رسالة بعث بها الإثنين إلى رئيس المجلس، واطلعت عليها وكالة فرانس برس، يطرح أنطونيو غوتيريش ثلاثة خيارات للسماح بتطبيق قرار 15 نوفمبر الذي دعا إلى "فترات تهدئة" إنسانية لبضعة أيام للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبعدما أشار الأمين العام إلى أن "ظروف التسليم الفعال للمساعدات الإنسانية لم تعد متوافرة"، يقترح كخيار أول تعزيز تواجد موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة على الأرض للسماح "بتعزيز وجود الأمم المتحدة".
وفي الاقتراح الثاني، يتناول إرسال بعثة من المراقبين المدنيين من الأمم المتحدة أو من طرف ثالث. وأخيراً، يرى أن "من الممكن نشر مراقبين عسكريين غير مسلحين تابعين للأمم المتحدة، لمراقبة الالتزام بالتهدئة/ وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية"، مشيراً إلى أن الخيارات الثلاثة جميعها تتطلب "تفويضات واضحة" من مجلس الأمن.
ومنذ بداية الحرب في غزة، تعرض المجلس لانتقادات شديدة لعدم تمكنه من تبني مشروع قرار يدعو إلى "تهدئة إنسانية" في منتصف نوفمبر وفشلت خمسة مشاريع قرارات أخرى، بينها اثنان بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض.
وتواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها بشأن حربها في غزة، حيث انتقدت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لها، ما وصفته بـ"القصف العشوائي" الذي يؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين، ورغم امتناع بريطانيا وألمانيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير لوقف إطلاق النار، والذي عطلته الولايات المتحدة باستخدام الفيتو، خرج وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، للتأكيد على "الحاجة العاجلة" لتحقيق "وقف دائم لإطلاق النار" في غزة.
وكتب الوزيران في مقال مشترك نشرته صحيفة "صنداي تايمز" أن: "عددا كبيرا جدا من المدنيين قتلوا في هذه الحرب"، وحضّا إسرائيل على إنهاء عمليتها العسكرية ضد حماس بشكل سريع ولكن "دائم" أيضا، مضيفًا: "علينا أن نفعل كل ما باستطاعتنا لتمهيد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار يؤدي إلى سلام دائم، وكلما أتى ذلك عاجلا، كلما كان أفضل، الحاجة عاجلة"، ومع ذلك، لفت الوزيران أيضا إلى أنهما "لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار، على أمل أن يصبح دائما بطريقة ما، هو السبيل للمضي قدما".
وأوضح الوزيران أن هذا "يتجاهل سبب اضطرار إسرائيل للدفاع عن نفسها: حماس هاجمت إسرائيل بوحشية وما زالت تطلق الصواريخ لقتل المواطنين الإسرائيليين كل يوم. يجب على حماس أن تلقي سلاحها".
بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، يمثل المقال تحولًا واضحًا في مواقف البلدين بشأن الحرب في غزة، إذ دعت الحكومة البريطانية إلى "وقف إنساني" في القتال، لكنها لم تصل إلى حد الحث على وقف إطلاق النار، في حين دافعت ألمانيا بقوة عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر.
وجه الوزيران حديثهما إلى إسرائيل بالقول إنه "على الحكومة الإسرائيلية أن تفعل المزيد للتمييز بشكل كافٍ بين الإرهابيين والمدنيين، وضمان استهداف حملتها لقادة حماس وعملائها"، موضحين أن "إسرائيل تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها، لكن خلال قيامها بذلك، عليها الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، إسرائيل لن تنتصر في الحرب لو دمرت عملياتها أفق التعايش السلمي مع الفلسطينيين، لهم الحق في القضاء على تهديد حماس".
كما سبق أن دعت بريطانيا وأكثر من 12 دولة أخرى، من بينها أستراليا وكندا وفرنسا، إسرائيل، إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة للتصدي لعنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
ومن تل أبيب، وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، عبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن قلق بلادها "البالغ" إزاء الوضع في قطاع غزة، مطالبة بـ"هدنة جديدة فورية ومستدامة" في الحرب، وخفض التصعيد مع لبنان في ظل القصف المتبادل مع حزب الله.
بدوره، حث مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على ضرورة وقف العمليات العسكرية والوصول إلى هدنة إنسانية "بشكل عاجل"، مضيفًا عبر حسابه على موقع "إكس"، الإثنين: "تم قتل الكثير من المدنيين في غزة، وكما أكد عليه آخرون من بينهم وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، فإننا نشهد تقصيرا كارثيا في التمييز خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة".
ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب، إن العد التنازلي داخل إسرائيل وأمريكا ودولياً لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة بدأ يتسارع، مشيرًا إلى أن وجود خلافات مع التشكيلة المتطرفة لحكومة نتنياهو باتت أكبر من أن تبقى في حيز الكتمان.
وأضاف الرقب فيس تصريحات لـ “صدى البلد”، أن مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس وشيكة وقادمة لا محالة، متوقعاً أن تتكثف الجهود باتجاه إنضاج اتفاق جديد للتهدئة في غضون أقل من أسبوعين، لكنه لفت إلى أن شروط التبادل بين الجانبين ستكون مختلفة تماماً عما تضمنته الهدنة الأولى، بالنظر إلى تغير الفئات التي سيجري التفاوض بشأنها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة مجلس الأمن الحرب الإسرائيلية قطاع غزة نتنياهو بايدن المساعدات الإنسانیة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار للأمم المتحدة لإطلاق النار مجلس الأمن قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة
أكدت حركة حماس الفلسطينية، السبت، أن « الكرة في ملعب إسرائيل » حاليا، بعد عرضها إطلاق سراح جندي إسرائيلي-أمريكي محتجز لديها إضافة إلى جثامين أربعة من مزدوجي الجنسية، في إطار المفاوضات حول استمرار الهدنة في قطاع غزة. ونددت الولايات المتحدة وإسرائيل بعرض حماس.
وقال المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع لوكالة فرانس برس « الكرة حاليا في ملعب الاحتلال الإسرائيلي »، مضيفا « نريد تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاق ».
بعد نحو 15 شهرا على اندلاع الحرب في قطاع غزة عقب هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدأ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي تطبيق وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية تم التوصل إليه بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية.
وامتدت المرحلة الأولى من الاتفاق ستة أسابيع، وأتاحت عودة 33 من الرهائن الذين خطفوا بمعظمهم في يوم الهجوم، الى إسرائيل بينهم ثمانية قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.
وسمحت إسرائيل أيضا بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، قبل أن تعلق دخولها في الثاني من آذار/مارس.
وقال قيادي في حماس لوكالة فرانس برس مشترطا عدم الكشف عن اسمه، إن مقترح الإفراج عن الجندي يأتي ضمن « صفقة استثنائية »، مشيرا إلى أنه في المقابل، تطلق إسرائيل سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين لديها.
إلا أنه أوضح أن الاقتراح مشروط بأن تبدأ « بالتزامن مفاوضات تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار » و »الفتح الفوري لجميع المعابر الحدودية والسماح بدخول جميع الاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة ».
كما تشترط الحركة، وفق القيادي، انسحابا إسرائيليا من ممر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار كانت نصت على ذلك.
وينص مقترح حماس على أن « تنتهي مفاوضات المرحلة الثانية خلال 50 يوما (بعد بدئها) بضمانة الوسطاء ».
وتتواصل في الدوحة منذ أيام مفاوضات يفترض أن تتناول المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
واتهمت إسرائيل حركة حماس بـ »التعنت وممارسة حرب نفسية ».
وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو « بينما قبلت إسرائيل مقترح (الموفد الأمريكي ستيف) ويتكوف، تتمسك حماس برفضه ولم تتزحزح قيد أنملة ». واتهم حماس بمواصلة اللجوء إلى « التلاعب والحرب النفسية ».
كما اتهم البيت الأبيض حماس، الجمعة، بتقديم مطالب « غير عملية بتاتا » والمماطلة.
وأعلنت إسرائيل في مارس أن ويتكوف تقدم بخطة لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى منتصف أبريل، على أن يتم خلال هذا الوقت إطلاق سراح « نصف الرهائن الأحياء والأموات » المتبقين في قطاع غزة في اليوم الأول من دخول الهدنة الجديدة حيز التنفيذ، ثم يتم إطلاق سراح بقية الرهائن الأحياء والأموات « إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار »، وفق ما ذكر في حينه بيان صادر عن مكتب نتانياهو.
(وكالات)
كلمات دلالية إسرائيل حماس عدوان غزة