ما تزال أصداء عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي، تتردد بقوة بين الإسرائيلين، خاصة المستوطنين الذين يقطنون في منطقة غلاف غزة أو تل أبيب، حسبما ذكرت مؤسسة مكابي للخدمات الصحية Maccabi health maintenance organization الإسرائيلية.

وبحسب المؤسسة الإسرائيلية، فإن عدد وصفات المهدئات الطبية والأدوية النفسية الخاصة بعلاج الاكتئاب ومضادات القلق والصدمات، ارتفعت نسبتها إلى أكثر من 20% خلال شهر أكتوبر الماضي، مقارنة بالشهر الذي يسبقه، وهو ما يؤكد إصابة الإسرائيلين بالاكتئاب.

انتشار الاكتئاب بين جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي

كبيرة أطباء الأمراض النفسية في المؤسسة، أكدت في تصريحات لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن ارتفاع نسبة طلب وصفات المهدئات، يؤكد أن الأعداد الفعلية لمن يعانون من أزمات نفسية داخل المجتمع الإسرائيلي، تفوق بكثير تلك النسب المعلنة.

لم تكن مؤسسة «مكابي» للخدمات الصحية الإسرائيلية، وحدها التي أعلنت ارتفاع عدد مصابي الاكتئاب في إسرائيل، بل أعلنت مؤسسة «كلاليت»، وهي أكبر مؤسسة خدمات صحية في إسرائيل، والتي عالجت أكثر من نصف الإسرائيليين، أن زيادة طلب مضادات الاكتئاب والهلع والقلق، يؤكد إصابتهم بالاكتئاب.

أدوية سيتالوبرام وسرترالين وفلوكسيتين، وهي الأدوية المنتمية إلى عائلة «مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية - SSRI، وكذلك ألبرازولام وكلونازيبام، هي الأكثر طلبا بين الإسرائيلين وهي الأدوية المعنية بعلاج مرض الاكتئاب، وفق مؤسسة الخدمات الصحية، بينما نشرت صحيفة «هآرتس»، في 27 نوفمبر الماضي، تقريرا بعنوان «Use of Anti-anxiety Medicine Soars in Israel Amid War With Hamas in Gaza Strip»، أي استخدام الأدوية المضادة للقلق يرتفع في إسرائيل وسط الحرب مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

إصابة المستوطنين الإسرائليين بالاكتئاب

لم تكن الصحف ولا المؤسسات الإسرائيلية وحدها، التي تتحدث عن إصابة المستوطنين الإسرائليين بالاكتئاب، بل كشف دراسة عرضتها جامعة يافا الإسرائيلية، عن إصابة 60% من المجتمع الإسرائيلي باضطرابات التوتر الحاد والاكتئاب، بعد عملية طوفان الأقصى.

سفيتلانا فيزالينسكي المشرفة على الدراسة، قالت لصحيفة «يديعوت أحرنوت»، إن المعدل المذكور من حالات التوتر الحاد غير مسبوق عبر مختلف الحروب التي دخلتها إسرائيل، وأن الفئة الأكثر إصابة هي من غير المتأثرين مباشرة بالحرب، إذ لم يسقط أحد أقاربهم بين القتلى أو تعرضت ممتلكاتهم للدمار.

الدراسة ذكرت أن من أعراض التوتر الحاد، هي الكوابيس، ومحاولات الهروب من الواقع، الاكتئاب، حيث تؤدي إلى الإصابة بمرض اضطراب ما بعد الصدمة خاصة بين الشباب، بينما أكدت دراسة من جامعة تل أبيب ارتفاع معدلات التوتر الشديد إلى 7% بعد طوفان الأقصى والتوتر المتوسط بنسبة 19%، مقارنة بعام 2014.

طبيب يوضح سبب انتشار الاكتئاب في إسرائيل

قال الدكتور عاصم حجازي أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، لـ«الوطن»، إن السبب الرئيسي لانتشار الاكتئاب يعود إلى انخفاض مستويات الصلابة النفسية ومعاناة الفرد من الهشاشة النفسية، ويكون مستوى الصلابة النفسية مرتفعا عادة، بسبب ما يمتلكه الفرد من بنية معرفية قوية ومعتقدات دينية وعقائدية وفكرية داعمة، بالإضافة إلى أساليب التربية الخاطئة التي تكون عادة مصحوبة بحالة من الشك وعدم اليقين، والذي يولد لدى الفرد شعورا بعدم الثقة في النفس.

لدى الإسرائليين شعور عام بعدم التقبل وعدم الانتماء الأصيل للمكان، ولديهم يقين أن أصحاب الأرض لن يتركوا أرضهم ولن يتخلوا عن وطنهم، ولذلك فإنهم يعانون من كثير من التناقضات في بنيتهم المعرفية والتشوهات الإدراكية التي أفقدتهم ثقتهم في أنفسهم وجعلتهم أكثر عرضة للاكتئاب، وفق «حجازي».

الوقاية من الاكتئاب تكون بالعمل على تقوية البنية المعرفية للفرد والجانب الروحي والمعتقدات الدينية بالإضافة إلى تنمية ثقة الفرد بنفسه وكذلك ثقته في أفكاره ومعتقداته وقياداته إلى جانب التواصل الجيد والفعال مع الآخرين القائم على الاحترام المتبادل والعدالة والتسامح وهذه كلها مبادىء غير موجودة لدى الإسرائيليين بحسب أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة.

وبحسب «حجازي»، تتعدد طرق علاج الاكتئاب وفقا لشدته ما بين العلاج السلوكي والمعرفي وأحيانا الدوائي، ويبدأ السلوك الاكتئابي بالميل نحو العزلة والانطواء ثم يتطور إلى إيذاء الذات وقد يتطور إلى مشكلات سلوكية أخطر واعتقد لذلك يجب الانتباه الشديد إلى مقدماته.

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جنود الاحتلال الاكتئاب مرض الاكتئاب

إقرأ أيضاً:

التشهير وتشويه السمعة!

#التشهير و #تشويه_السمعة!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات


​أعلِن أوّلًا أن هذه المقالة لا ترتبط بقضية معيّنة، ولا بشخص معيّن، ولا بمؤسّسة معيّنة، ولا ببلد معيّن. فالدول العربية ما زالت تدّعي أنها ديموقراطية ناشئة؛ ولذلك، تخشى من خطرات النسيم أن تجرح خدّيها، ومن لمسات الحرير أن تُدمي بَنانَها.
​وبناءً على هذا الخوف، وضعت قوانين تحميها، وتحمي مؤسّساتها، وقادتها، ورموزها، وكل ما يمتّ لها بصِلة، وكن ذلك طبعًا على حساب المواطن الفرد . والمواطن الفرد هو: إعلامي، صحفي، ناشط، معارض، كاتب مؤثر، مفكر، صاحب رأي….إلخ.
​ونظرًا لتزايد الدعاوى، ومرونة القوانين “القمعيّة”، فإن بداية خلل، وكسر توازنات اجتماعية، وعائلية، ووظيفية، وأخلاقية بدت بالانتشار الواسع بين الأفراد، وبين الفرد والمؤسّسات، وبين الفرد والقيم بأنواعها: أخلاقية، ثقافية، دينية، فكرية، وحتى عبثية!!!
​صار بإمكان أيّ شخص أن “يجرجر” أيّ زميل له، أو بائعٍ اشترى منه، أو كاتبٍ نشر فكرة لم تعجبه؛ ليصبح زبونًا للمحامين، والمحاكم!
​نعم، حصّنت الحكومات أشخاصها، وتركت الأفراد نهبًا للمساءلات! وصار بمقدور أي مسؤول أن يسائل أيّ ناقد، أو معارض، بدلًا من العكس! فالشخصيات المسؤولة البارزة، تحاكم الشخصيات المغمورة، بدلًا من العكس!!

(01)
الشخصية العامة
​ ليس في الفقه القانوني، والقوانين العربية تعريفات للشخصية العامة، بخلاف فقه محاكم حقوق الإنسان التي وضعت عددًا من المواصفات التي تنطبق على مَن يمكن تسميته بالشخصية العامة، كتطبيق قاعدة: من يحكم يُسأل!!، بمعنى: الشخصية العامة هي من يعمل برسم السياسات العامة للدولة، وإنفاق المال، واتخاذ قرارات تتعلق بأوضاع الآخرين، ومصائرهم. وهذا سبب كافٍ لمحاسبة أيّ موظف عام “خادم” من قبل الشعب وهيئاته، ونقده علنًا.
​وهذا يعني أن الشخصية العامة يمكن أن تكون رسمية، أو فكرية، أو حزبية، أو عاملة في مجال العمل الرسمي، وغير الرسمي، والتطوعي، وغيره. فالشخص العام، هو كل من يتعامل بالشأن العام. وقد قيل: يتبرع الشخص العام بثلثي عِرضه، وكرامته مجانًا!! بمعنى أنه عُرضة للنقد، والتجريح المقبول، وغير المقبول!! وعليه أن يقبل ذلك!

(02)
نماذج وأحكام
​في أرشيف المحاكم الدولية، يمكننا رؤية قضايا ضاق المسؤولون ذرعًا بالنقد، فصدرت أحكام كلها لصالح المتّهَمين، ونصّت أحكام يمكن اختصارها بما يأتي:

مقالات ذات صلة المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة 2025/01/31 لقد عرض المسؤولون أنفسهم طوعًا للرقابة العامة منذ لحظة قبولهم بالوظيفة العامة؛ لأن قراراتهم صارت تحت مرأى الرأي العام، ومَسمعه. ينبغي للشخصية العامة تحمّل النقاشات، والأفكار، والآراء التي تصدر حول أنشطتها، ونطاق مهامّها. أوردت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نصّا يقول: ينبغي للشخصيات العامة أن لا تتمتع بحقوق الأفراد العاديّين نفسها. فالأفراد يجب أن يبقوا أكثر حصانةً! وكل مسؤول حاليّ، أو سابق، عليه أن يقبل النقد. ويرى فقهاء مصريون أن المواطن العادي، والإعلامي يجب أن يتمتع بحرية واسعة في نقد المسؤولين. وهناك إشكالية التمييز بين نقد بنّاء، وما يمكن أن يسمّى (تجريحًا). ورد في حكم المحكمة الدستورية العليا بمصر طعن 42 لسنة 2016: الحق في النقد هو إسهام مباشر في صون الرقابة المتبادَلة بين السلطات. وللمحكمة سُلطة تقدير التمييز بين النقد، والشتم، والسب!!

(03)
فقه العروبة!
​لا يوجد تعريف للشخصية العامة، ولا يوجد نصّ صريح في مصر، والمغرب، والأردن يبيح انتقاد الشخصيات العامة. ويميز القانون العراقي بوضوح بين النقد، والتشهير. فمتى يتطور الفقه العربي بما يحمي المواطن؟!

(04)
ديموقراطيّتنا ناشئة
​كأي ديموقراطيّة يحكمها قانون الجرائم الإليكترونية تحت شعار: ديموقراطيّتنا ناشئة، وبذلك سوف نبقى تحت أحكام قوانين حادّة تسمح لــ “مين ما كان” من المواطنين، وغيرهم أن يسحب بعضُهم بعضًا للمحاكم!!!
​إذا كانت ديموقراطيّتنا ناشئة، فمتى تنضُج؟ أو هل يُسمح لها بالنُّضج؟!!
فهمت عليّ جنابك؟!

مقالات مشابهة

  • هل يُؤسر الوعي؟!
  • "أسف مكنتش قد الاكتئاب".. العثور على جثة شهاب ممرض سوهاج بالنيل
  • الحرس الثوري الإيراني: اسم محمد الضيف لا يزال يرعب الصهاينة
  • التشهير وتشويه السمعة!
  • يسبب الاكتئاب والتنميل.. أعراض غير متوقعة لنقص الكالسيوم عند البالغين
  • ترامب: لسنا متورطين في سوريا.. لديهم ما يكفي من الفوضى
  • موقع يرجح ارتفاع نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي
  • 3 أبراج فلكية سريعة التعلق بالأشخاص..«لديهم مشكلة في التخلي»
  • الرّوايـة التّـاريـخيّــة: الفـرد والجمـاعـة
  • برشلونة يرعب ريال مدريد.. شروط تعجيزية تطارد عملاق أوروبا