يبدو أنَّ الوعي المُجتمعي بحقوق الطبيعة في أغلب دوَل الشرق الأوسط متدنٍّ حدَّ دقِّ نواقيس الخطر.
أرجو أن لا تستغربَ، أخي القارئ، من العنوان أعلاه نظرًا لأنَّ التَّمادي في خرق حقوق الطبيعة عَبْرَ أغلب دوَلنا يعكس جهلًا واضحًا وخطيرة ذلك أنَّه شعور متدنٍّ بالمسؤوليَّة.
لقَدْ وعيتُ شخصيًّا وعاصرتُ عمليَّات تجريف أجمل بساتين النخيل والحمضيَّات الغنَّاء الَّتي كانت «تزوق» مدينة بغداد وتلطِّف أجواءها وكنتُ أتألَّم بسبب عمليَّات «إعدام» النخلات الباسقات عَبْرَ أحياء بغداد وسواها من مُدُن العراق من أجْلِ إيجاد مناطق خالية لِيتمَّ توزيعها قطعًا أرضيَّة لِمَنْ له حاجة لشرائها وبنائها دارًا في المستقبل.
أمَّا ما يتركه الإنسان من تلوُّث في مياه الأنهار كدجلة والفرات وروافدهما فيُشكِّل «خطيئة» جماعيَّة تعكس ضالَّة الوعي بأهمِّية الطبيعة: فترى المعامل والمشاغل، بل وحتَّى البلديَّات تربيه بمخلَّفاتها إلى هذه الأنهار العظيمة الَّتي بنى الإنسان على ضفافها أقدم حضارات البَشَريَّة، من السومريَّة والأكاديَّة والبابليَّة إلى الأشوريَّة، من بَيْنِ سواها من الحضارات الأولى.
ولا بُدَّ للمرء من الإشارة هنا إلى عمليَّات «الصَّيد الجائر» للحيوانات، كالغزلان والطيور الحُرَّة والأسماك وذلك (باستعمال المفرقعات) لِتطفوَ الأسماك ميتة أو مسمومة على أسطح الأنهار والبحيرات الجميلة. هذا النَّوع من الصَّيد الجائر لَمْ يصل يجري في مُعْظم دوَل الشَّرق الأوسط دُونَ رادع أو مراقبة من أيَّة جهة مسؤولة.
إنَّ حركة الإعمار وتوسُّعها على حساب المناطق والأحزمة الخضراء تُشكِّل خطرًا داهمًا، ليس فقط على الطبيعة الخلَّابة، ولكنَّها كذلك تُشكِّل خطرًا داهمًا على الإنسان والحيوان وعلى صحَّتهما كذلك.
وإذا كانت هذه بعضًا من جوانب «تجاوز» الإنسان على الطبيعة في العديد من بُلدان الشَّرق الأوسط، فإنَّ ما كشفت عَنْه فِرق الأُمم المُتَّحدة عَبْرَ عمليَّات دفن المخلَّفات النوويَّة والكيميائيَّة السَّامة عَبْرَ صحاري العراق، خلال عمليَّات البحث السَّابقة عن أسلحة الدَّمار الشامل، إنَّما تُشكِّل عدوانًا سافرًا على الطبيعة الحاضنة للإنسان في أغلب الدوَل الَّتي تسمح باستخدام أراضيها ومياهها لدفنِ المخلَّفات الصناعيَّة أو العسكريَّة أو الكيميائيَّة في أراضيها من أجْل شيء نزير من المال.
وعَلَيْه، حريٌّ بنا أن ندافعَ عن «حقوق الطبيعة» بنَفْس القوَّة الَّتي ندافع بها عن «حقوق المرأة» و»حقوق الإنسان» بل وحتَّى «حقوق الحيوان».
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
بلعون تناقش مع سفير هولندا ملف حقوق الإنسان بليبيا
التقت عضو لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بمجلس النواب “أسمهان بلعون”، اليوم الخميس، سفير هولندا لدى ليبيا ” جوست كلارينك”.
وتناول اللقاء، الذي عُقد بمقر ديوان مجلس النواب ملف حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك تبادل وجهات النظر حول عدد من الموضوعات ذات الأولوية منها قضية اللاجئين السودانيين في ليبيا ودور المنظمات الدولية والدور الهولندي في مثل هذه الأزمات.
وأشادت عضو لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بالمجلس، بدور رئيس مجلس النواب وإصداره تعليماته لاستقبال النازحين السودانيين وتسهيل إجراءاتهم وتشكيل فريق من استشاريين ومتخصصين في مختلف المجالات لاحتوائهم وتنسيب أبنائهم للمدارس والجامعات الليبية وتوفير الخدمات لهم.
كما أشادت بدور الحكومة الليبية والقيادة العامة للقوات المسلحة في مساندة النازحين من السودان الشقيق.
ومن جانبه أكد سفير هولندا لدى ليبيا “جوست كلارينك” عمق العلاقات بين بلاده وليبيا، معرباً عن سعادته بزيارة مدينتي بنغازي والقبة.