جريدة الوطن:
2025-03-28@18:52:11 GMT

حقوق الطبيعة

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

حقوق الطبيعة

يبدو أنَّ الوعي المُجتمعي بحقوق الطبيعة في أغلب دوَل الشرق الأوسط متدنٍّ حدَّ دقِّ نواقيس الخطر.
أرجو أن لا تستغربَ، أخي القارئ، من العنوان أعلاه نظرًا لأنَّ التَّمادي في خرق حقوق الطبيعة عَبْرَ أغلب دوَلنا يعكس جهلًا واضحًا وخطيرة ذلك أنَّه شعور متدنٍّ بالمسؤوليَّة.
لقَدْ وعيتُ شخصيًّا وعاصرتُ عمليَّات تجريف أجمل بساتين النخيل والحمضيَّات الغنَّاء الَّتي كانت «تزوق» مدينة بغداد وتلطِّف أجواءها وكنتُ أتألَّم بسبب عمليَّات «إعدام» النخلات الباسقات عَبْرَ أحياء بغداد وسواها من مُدُن العراق من أجْلِ إيجاد مناطق خالية لِيتمَّ توزيعها قطعًا أرضيَّة لِمَنْ له حاجة لشرائها وبنائها دارًا في المستقبل.

وهذه عمليَّة خطيرة أدَّت إلى فقدان بغداد وسواها من مُدُن العراق الكبرى أحلى مزاياها حواضرَ.
أمَّا ما يتركه الإنسان من تلوُّث في مياه الأنهار كدجلة والفرات وروافدهما فيُشكِّل «خطيئة» جماعيَّة تعكس ضالَّة الوعي بأهمِّية الطبيعة: فترى المعامل والمشاغل، بل وحتَّى البلديَّات تربيه بمخلَّفاتها إلى هذه الأنهار العظيمة الَّتي بنى الإنسان على ضفافها أقدم حضارات البَشَريَّة، من السومريَّة والأكاديَّة والبابليَّة إلى الأشوريَّة، من بَيْنِ سواها من الحضارات الأولى.
ولا بُدَّ للمرء من الإشارة هنا إلى عمليَّات «الصَّيد الجائر» للحيوانات، كالغزلان والطيور الحُرَّة والأسماك وذلك (باستعمال المفرقعات) لِتطفوَ الأسماك ميتة أو مسمومة على أسطح الأنهار والبحيرات الجميلة. هذا النَّوع من الصَّيد الجائر لَمْ يصل يجري في مُعْظم دوَل الشَّرق الأوسط دُونَ رادع أو مراقبة من أيَّة جهة مسؤولة.
إنَّ حركة الإعمار وتوسُّعها على حساب المناطق والأحزمة الخضراء تُشكِّل خطرًا داهمًا، ليس فقط على الطبيعة الخلَّابة، ولكنَّها كذلك تُشكِّل خطرًا داهمًا على الإنسان والحيوان وعلى صحَّتهما كذلك.
وإذا كانت هذه بعضًا من جوانب «تجاوز» الإنسان على الطبيعة في العديد من بُلدان الشَّرق الأوسط، فإنَّ ما كشفت عَنْه فِرق الأُمم المُتَّحدة عَبْرَ عمليَّات دفن المخلَّفات النوويَّة والكيميائيَّة السَّامة عَبْرَ صحاري العراق، خلال عمليَّات البحث السَّابقة عن أسلحة الدَّمار الشامل، إنَّما تُشكِّل عدوانًا سافرًا على الطبيعة الحاضنة للإنسان في أغلب الدوَل الَّتي تسمح باستخدام أراضيها ومياهها لدفنِ المخلَّفات الصناعيَّة أو العسكريَّة أو الكيميائيَّة في أراضيها من أجْل شيء نزير من المال.
وعَلَيْه، حريٌّ بنا أن ندافعَ عن «حقوق الطبيعة» بنَفْس القوَّة الَّتي ندافع بها عن «حقوق المرأة» و»حقوق الإنسان» بل وحتَّى «حقوق الحيوان».

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

تحذير أممي من ارتفاع عمليات الاستيطان في الأراضي المحتلة

جنيف (الاتحاد)

أخبار ذات صلة الأونروا لـ«الاتحاد»: كارثة إنسانية غير مسبوقة تلوح في الأفق بغزة جهود مصرية مكثفة لتثبيت «اتفاق غزة»

حذرت الأمم المتحدة من تصاعد غير مسبوق في عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في القدس الشرقية والجولان السوري المحتل.
جاء ذلك في كلمة مدير قسم العمليات العالمية مارت كوهونين شريف من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قدمت فيه كلا من تقرير المفوض السامي بشأن المستوطنات الإسرائيلية وتقرير الأمين العام عن حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل وذلك في إطار البند السابع المعني بحالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة ضمن أعمال الدورة الـ 58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنعقدة في جنيف.
وأكد تقرير المفوض السامي أن استيلاء الجيش الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية تم عبر وسائل غير مشروعة بينها إعلان مناطق واسعة «كأراضي دولة» وإقامة مناطق عسكرية ومحميات طبيعية أدت إلى تهجير السكان الفلسطينيين قسراً.
وأشار إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ 737 ألفاً في نهاية 2024 ثلثهم في القدس الشرقية، مضيفاً أن «قوات الاحتلال قامت بهدم 1700 منشأة فلسطينية ما أدى إلى تشريد أكثر من 4500 فلسطيني خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى أكتوبر 2024 وهو ثلاثة أضعاف المعدل المسجل في الفترات السابقة».

مقالات مشابهة

  • سجل حافل في حقوق الإنسان.. أمينة بوعياش تحظى من جديد بثقة جلالة الملك
  • بلكوش خبير العدالة الإنتقالية مندوباً وزارياً لحقوق الإنسان
  • أول تعليق من «قومي حقوق الإنسان» بشأن إصدار قانون المسئولية الطبية
  • أول تعليق من قومي حقوق الإنسان بشأن إصدار قانون المسئولية الطبية
  • تحذير أممي من ارتفاع عمليات الاستيطان في الأراضي المحتلة
  • مجلس حقوق الإنسان يدعو المجتمع الدولي لحماية الفلسطينيين
  • قطاع حقوق الإنسان بصعدة: 14 ألف و300 شهيد وجريح بالمحافظة خلال 10 أعوام من العدوان
  • سلطنة عُمان تشارك في اجتماع أممي
  • المغرب يحبط المناورات السياسية للجزائر في مجلس الأمن
  • المغرب يدين استغلال الجزائر لملف حقوق الإنسان سياسيا في مجلس الأمن