خبير أردني: مهربو المخدرات انطلقوا من مخافر نظام الأسد واشتبكوا مع الجيش
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
أثار إعلان الأردن عن ضبط كميات من الصواريخ والأسلحة القادمة من سوريا، خلال اشتباكات خاضها حرس الحدود الأردني مع مجموعات مسلحة حاولت التسلل عبر الحدود الإثنين، تساؤلات حول دلالات هذا "التطور اللافت"، وما إن كان يشي بتصاعد الأحداث والتوترات التي تشهدها الحدود الشمالية للملكة.
وخاصة أن الاشتباكات دامت ساعات، وهو السلوك غير المعتاد من شبكات التهريب، التي لا تُفضل الدخول في اشتباكات مع جيوش نظامية.
وكانت القوات المسلحة الأردنية، قد أعلنت على لسان مصدر عسكري المسؤول في القيادة العامة، أن اشتباكات مسلحة وقعت بين قوات حرس الحدود الأردنية ومجموعات مسلحة على الحدود الشمالية ضمن منطقة مسؤولية المنطقة العسكرية الشرقية، فجر الإثنين، مضيفاً أن الاشتباكات أدت إلى إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأوتوماتيكية والصاروخية.
وأكد المصدر العسكري مقتل وإصابة عدد من المهربين خلال الاشتباكات بين قوات حرس الحدود الأردنية والمجموعات المسلحة، كاشفاً عن هويات ثمانية من المهربين التسعة الذين تم القبض عليهم، مشدداً على أن القوات المسلحة الأردنية ماضية في التعامل بكل قوة وحزم، مع أي تهديد على الواجهات الحدودية، وأي مساعٍ يراد بها تقويض وزعزعة أمن البلاد.
في المقابل، أعلن المصدر الأردني عن إصابة عناصر من حرس الحدود بجروح خفيفة ومتوسطة من نيران المجموعات المسلحة، فيما جرى طرد عناصر المجموعات إلى الداخل السوري.
بدوره، طالب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، الجيش الأردني بضرب "مجموعات التهريب المسلحة المنظمة بيد من حديد من أجل حماية الحدود والأمن الوطني للمملكة"، مشيراً إلى وقوف المجلس ونوابه صفاً واحداً مع الجيش الأردني والملك عبد الله الثاني في كل الإجراءات الرامية إلى حماية الأردن، وقال إن "قوات حرس الحدود تخوض أروع صور البطولة والفداء، في الدفاع عن أمن واستقرار الوطن على واجهتنا الشمالية، فمنذ ساعات فجر الاثنين، وهي في اشتباكات ضد مجموعات مسلحة، مما أسفر عن إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأتوماتيكية والصاروخية".
وليل الإثنين، تعرضت مواقع في الجنوب السوري لغارات جوية مجهولة يُرجح أنها أردنية، وذكرت مصادر محلية أن الغارات الجوية استهدفت أكثر من موقع في درعا والسويداء، موضحة أن الضربة الأولى كانت بالقرب من مدينة صلخد، والثانية بالقرب من قرية الشعاب.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مخابرات إقليمية قولها إن "الأردن شن غارات جوية داخل سوريا على طول حدوده ضد مخابئ لمهربي المخدرات المدعومين من إيران رداً على عملية تهريب كبيرة".
المجموعات انطلقت من مخافر تابعة للنظام
وعن تفاصيل الاشتباكات التي استمرت لأكثر من 10 ساعات، يؤكد المحلل السياسي صلاح ملكاوي المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، أن مجموعات التهريب المسلحة انطلقت من مخافر حدودية تابعة للنظام، مشيراً إلى أن المنطقة فيها نقاط رصد وتجمعات لميليشيات مرتبطة بإيران و"حزب الله" اللبناني.
وتابع لـ"عربي21" بأن "الاشتباكات وعمليات التسلل لا يمكن أن تكون إلا بدفع أو بضوء أخضر من القوى السابقة وخاصة أنها جرت في مناطق مفتوحة وغير مأهولة مثل بادية الحماد".
وبذلك، يتهم المحلل السياسي الأردني النظام السوري وقوى إقليمية بالوقوف خلف الاشتباكات، لأن العمل في هكذا بيئة يستحيل بدون قرار القوى الموجودة، بهدف استنزاف الجيش الأردني وإشغاله، وابتزاز الأردن سياسياً من خلال شبكات التهريب.
أكبر من تهريب المخدرات
ويبدو من المعطيات التي يمتلكها ملكاوي، أن بعض أفراد المجموعات التي اشتبكت مع عناصر حرس الحدود، قد تلقوا تدريبات عسكرية لافتة، يتجاوز مسألة التهريب وأن المهربين من "عشائر البدو"، وقال: "اللافت أن عدد المهربين كان كبيراً ( 150 إلى 200)، ويزيد عن العدد المعتاد بكثير، وكانوا يريدون الدخول بالقوة تحت وابل النيران، وكأن المهربين كانوا مدفوعين للموت".
وعلى هذا النحو، يُحذر ملكاوي من نوايا مبيتة ضد الأردن في فترة الشتاء، ويقول: "نشهد عمليات ابتزاز سياسي بشكل لم نعتده سابقاً".
وفي حين استبعد ملكاوي أن تكون الاشتباكات بهدف إشغال حرس الحدود الأردني لإدخال شحنات مخدرات، يرجح الصحفي محمد الشيخ أن يكون الهدف الأول هو تمرير شحنات مخدرات كبيرة.
لكن في الوقت ذاته، يشير إلى "نوايا مسبقة لضرب هدف ما داخل الأردن"، ويقول لـ"عربي21": "هذا ما يمكن الجزم من خلال نوعية الأسلحة التي جرت مصادرتها، والتي عرض الجيش الأردني صورها، وتحديداً الصواريخ".
وبحسب الشيخ، فإن عمليات التسلل والتهريب لن تقف عند هذا الحد، ويقول: "الواضح أن العمليات ستتصاعد بغض النظر عن الكلفة البشرية لشبكات التهريب، إذ يبدو أن حسابات المهربين وغالباً هم من عشائر البدو، بعيدة عن حسابات الأطراف والجهات التي تشغلهم".
وكان الجيش الأردني قد كشف عن ضبط صواريخ من نوع روكيت لانشر وألغام ضد الأفراد وبنادق قنص مجهزة بمنظار قنص.
المخدرات: واجهة لتهريب السلاح
ويصف المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو نقطة لـ"عربي21" محاولة تهريب الصواريخ بـ"التطور الخطير"، ويقول لـ"عربي21": "من الواضح أن المخدرات لم تكن إلا واجهة لتهريب الأسلحة، والأمر تحول إلى استهداف لأمن الأردن الوطني".
ويلفت أبو نقطة إلى زيادة نسق عمليات التهريب ومحاولات التسلل إلى الأردن في الفترة الأخيرة، ويقول: "من الواضح أن الشبكات والمجموعات تحاول استغلال الظروف الجوية وأحوال الشتاء لزيادة نشاطها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا المخدرات سوريا الاردن المخدرات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرس الحدود الأردنی الجیش الأردنی
إقرأ أيضاً:
وثائقي لـعربي21 يروي شهادات حصرية عن جرائم نظام الأسد المخلوع في صيدنايا (شاهد)
في قلب سوريا، على بُعد ثلاثين كيلومتراً شمال دمشق، تقبع صيدنايا، مدينةٌ تُعرف بديرها التاريخي، لكن اسمها ارتبط بمأساةٍ إنسانيةٍ لا تُمحى من الذاكرة. سجن صيدنايا، الذي وصفه الناجون بـ"المسلخ البشري"، هو محور الفيلم الوثائقي الجديد الذي أنتجته شبكة "عربي 21" بعنوان: "صيدنايا: حيث تُسحق العظام".
ينبش العمل الاستقصائي المؤثر في دهاليز واحدة من أبشع فصول الإجرام التي شهدها التاريخ الحديث، مُسلطًا الضوء على جرائم نظام الأسد المخلوع ضد الشعب السوري.
شهاداتٌ من قلب الجحيم
يروي الوثائقي شهادات حيّة من ناجين وشهود، بينهم سجانٌ سابق من الطائفة العلوية تحدث، بشرط عدم الكشف عن هويته، عن تفاصيل مروعة، منها إدارة عدد من الضباط العلويين الأجنحة الحمراء، مثل أوس سلوم ويزن سلمان، الذين اشتهروا بساديتهم في تعذيب المعتقلين. "كانوا يستمتعون بالتعذيب، يضربون بالعصي الكهربائية، ويتركون المعتقلين يتعفنون في زنازين لا تصلح للحيوانات"، يقول السجان السابق، مُعربًا عن ندمه على صمته حيال تلك الجرائم.
من جهة أخرى، يروي أدهم العبسي، قصة الشهيد مازن حمادة، الذي نجا من صيدنايا في وقت سابق، لكنه استُدرج لاحقًا من قبل مخابرات نظام الأسد، ليُعثر على جثته بعد تحرير السجن. ويتحدث في شهادته التي عرضت في الفيلم الوثائقي: "كان مازن يكتب على جدران زنزانته، يوثّق تاريخه ومعاناته بقطعة جبن ملفوفة بالقصدير"، ويستطرد أدهم بألم، مُشيرًا إلى إنسانية المعتقلين التي حاول السجانون سحقها.
أرقام الرعب: إحصاءات الموت
تشير تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن أكثر من 3000 معتقل أُعدموا داخل صيدنايا، إلى جانب آلاف آخرين قضوا تحت وطأة التعذيب. مئات المفقودين ما زال مصيرهم مجهولًا، بينما تكشف الشهادات عن أساليب تعذيبٍ وحشية، من "الدولاب" الذي يُقلَب فيه المعتقل حتى يُسحق، إلى غرف الأسيد والمكابس التي كانت تُستخدم لتصفية المعارضين. "رأيت أشخاصًا مُعلقين بسلاسل، أصابع أقدامهم تكاد تلمس الأرض، وجثثًا متفسخة تُترك في الممرات"، يروي أحد الناجين، مُشيرًا إلى أن الأطباء كانوا يشاركون في سرقة أعضاء المعتقلين قبل قتلهم.
محاكماتٌ صورية وعدالةٌ مُغيَّبة
يفضح الوثائقي دور القضاء السوري الفاسد في شرعنة الجرائم، ويروي القاضي ميزر يونس، الذي عمل في محاكم "الإرهاب"، كيف كانت المحاكم الميدانية تُصدر أحكام إعدام خلال دقائق، دون تحقيق حقيقي. ويؤكد قائلاً: "كان القضاة مجرد أدوات لتنفيذ أوامر النظام". ويستطرد أن بعض المعتقلين أُعدموا دون عرضهم على القضاء، بينما سُجّلت وفاتهم بمحاكماتٍ وهمية.
أملٌ معلقٌ وصدمةٌ مستمرة
مع تحرير السجن في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، هرع السوريون إلى صيدنايا بحثًا عن ذويهم، متمسكين بأملٍ واهٍ. "كانت الشائعات تتحدث عن أبواب سرية تحت الأرض، فحفر الناس بحثًا عن أحبائهم"، يروي هشام نجار، شقيق أحد المفقودين. لكن الصدمة كانت أقسى: لا أبواب سرية، ولا ناجين جدد. ظلت وجوه الباحثين تروي حكاية ألمٍ لا ينتهي، بينما تبقى الآثار النفسية للمعتقلين - من اكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة - تحديًا يواجه المجتمع السوري.
دعوةٌ للعدالة
ينتهي الوثائقي بدعوةٍ لتحقيق العدالة، مع مطالبات بإنشاء محاكم خاصة على غرار نورنبرغ لمحاسبة المسؤولين عن جرائم صيدنايا. "لن نسامح القتلة، ستنالهم يد العدالة مهما طال الزمن"، يؤكد أحد الناشطين الحقوقيين، مشيرًا إلى أن جرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم، حتى لو لجأ المجرمون إلى روسيا أو غيرها.
وثائقيٌ يكتب التاريخ
"صيدنايا: حيث تُسحق العظام" ليس مجرد فيلم وثائقي، بل وثيقة تاريخية تُخلّد صمود الشعب السوري وتُعرّي إجرام نظام الأسد. بأسلوبه البليغ وصوره المؤثرة، ينجح العمل في إيصال رسالةٍ واضحة: الحقيقة قد تُغيَّب، لكنها لن تُمحى.
ومع استمرار البحث عن أسرار هذا المسلخ البشري، يبقى الأمل في أن تُشفى جراح سوريا يومًا، وأن ينال الضحايا عدالتهم.