باحثان أميركيان: ماذا حققت حماس من هجومها على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
وصف باحثان أميركيان هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه كان "نجاحا تكتيكيا مذهلا"، وتساءلا عما يمكن أن تدعي الحركة أنها حققته على الرغم من زيادة الجيش الإسرائيلي قبضته على غزة بشكل مطرد، مما ترك الكثير من أجزاء القطاع في حالة خراب واستشهاد أكثر من 19 ألف فلسطيني.
ويرى الباحثان دانييل بايمان وديلاني داف -الأول أستاذ في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، والآخر طالب ماجستير في برنامج الدراسات الأمنية بالجامعة نفسها- أنه من المفيد التفكير في ما أنجزته حماس وما فشلت فيه من خلال دراسة 3 أبعاد مختلفة: صراعها ضد إسرائيل والساحة الفلسطينية الداخلية وموقفها على الساحة الدولية.
نجاحات ضد إسرائيلوفي ما يتعلق بصراعها مع إسرائيل فقد تسبب هجوم حركة حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في إيلام إسرائيل وتحطيم إحساسها بالأمن، وكلاهما هدفان من أهداف الحركة، وفضح الهجوم اعتقاد حكومة بنيامين نتنياهو الراسخ بأن الحركة تفتقر إلى النية والقدرات اللازمة لشن هجوم واسع النطاق على إسرائيل.
وهذا الافتراض ترك إسرائيل غير مستعدة لمواجهة هجوم حركة حماس الكبير، وفشلها الاستخباري كان نجاحا أكثر مما توقعه مخططو الحركة، وسوف يترك ندوبا نفسية عميقة لدى الإسرائيليين ويجبر تل أبيب على إعادة تقييم نهجها في التعامل مع الأمن للمضي قدما.
كما أن رد إسرائيل يمكن أن يعزز موقف حماس، فقد نجحت الحركة في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأخبار العالمية، والحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة -رغم التكاليف الباهظة التي يتكبدها المدنيون في غزة- تبقي الملف الفلسطيني في صدارة العناوين.
والهجوم البري يصب أيضا في مصلحة رواية حماس عن العدوان الإسرائيلي، ويعزل إسرائيل عن جيرانها، ويؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية، وعلى المدى الطويل سيعمل الصراع على تعزيز جيل جديد من سكان غزة الذين لديهم مظالم ضد إسرائيل، وهو ما يمكن أن يعزز الدعم لحماس في المستقبل.
نجاحات داخل المجتمع الفلسطينياستعادت حماس مؤهلات المقاومة بين الشعب الفلسطيني، وأدت هجماتها الفعالة إلى زيادة الدعم للمقاومة بشكل عام واستعادة مؤهلاتها بشكل خاص.
وتشير استطلاعات الرأي المحدودة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وكذلك التقارير السردية إلى دعم قوي لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن الرد الإسرائيلي في كل من غزة والضفة الغربية أثار غضب العديد من الفلسطينيين غير المناصرين لحماس.
وتبادل الأسرى الفلسطينيين بالمحتجزين الإسرائيليين الذين اعتقلتهم حماس يوم الهجوم هو انتصار واضح للحركة التي يمكن أن تجادل بأن هجماتها -وليس مفاوضات السلطة الفلسطينية المنافسة- هي التي أدت إلى إطلاق سراح الأسرى.
نجاحات دوليةويرى الباحثان أن القضية الفلسطينية أصبحت الآن في الواجهة والمركز بعد أن كانت في آخر أولويات العالم، ورد إسرائيل على هجوم حماس يعزز الروايات التي تصور إسرائيل كقوة احتلال تقمع الفلسطينيين بوحشية، واستمرار الصراع والأزمة الإنسانية اللاحقة في غزة يقوض صورة إسرائيل في المنطقة ويعزز الدعم لأولئك الذين يعارضونها، مثل إيران، كما أوقف الهجوم مؤقتا محادثات التطبيع التي تدعمها الولايات المتحدة بين إسرائيل والسعودية.
وفي ما وراء الشرق الأوسط، أظهرت الحرب دعما ملحوظا للقضية الفلسطينية، حيث عمت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين أنحاء أوروبا.
وباستثناءات قليلة تبنى جنوب العالم السرد الفلسطيني، فصوّر الحرب على أنها حرب دولة قوية تهاجم شعبا أعزل، مع الإعراب عن الأسف لما يعتبره كثيرون نفاق الغرب في الدفاع عن أوكرانيا، فيما يتجاهل حقوق الفلسطينيين.
وتابع الباحثان أنه يمكن لحماس حتى إعلان بعض الانتصارات في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن معظم الجمهوريين والرئيس الأميركي جو بايدن أيدوا إسرائيل فإن الحزب الديمقراطي منقسم، حيث ينتقد الديمقراطيون الأصغر سنا إسرائيل بشكل خاص.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ماذا يمكن أن يقول كير ستارمر لدونالد ترامب في البيت الأبيض ؟
بالنسبة لرؤساء الوزراء البريطانيين، الذين تشكّلت أفكارهم عن العالم من خلال قصص تشرشل وروزفلت، وماغي وروني، وبقية الأساطير حول التحالف الأطلسي، فإن احتمال زيارة البيت الأبيض غالبًا ما تثير مشاعر الإثارة. ذات مرة قدّم لي أحد كبار دبلوماسيينا تفسيرًا لجاذبية هذا الحدث: «يُفرشُ السجاد الأحمر، وتُعزف الأناشيد الوطنية، وكل هذه الأمور مغرية للغاية». ويرافق هذا عادةً كلمات معتادة عن أهمية وقوة «العلاقة الخاصة» بين البلدين.
لقد بذلت رئاسة الوزراء جهودًا كبيرةً لإرسال السير كير ستارمر عبر المحيط الأطلسي في وقت مبكر من الولاية الثانية لدونالد ترامب، وحتى وقت قريب، كان العاملون في داونينغ ستريت يخبرون أنفسهم بأن اللقاء بين الرجلين قد لا يكون كارثيًا، وربما يكون ناجحًا. ومنذ إعادة انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، يمكن تلخيص السياسة البريطانية بعبارة: «لا تزعج الوحش». حافظ على الأجواء هادئة وتجاهل الاستفزازات. حاول استغلال التراث البريطاني مثل: الغولف والعائلة المالكة، الذي يكنّ له هذا الرئيس الأمريكي نوعًا من الألفة.
دَع ديفيد لامي يلمّح إلى أن هناك الكثير مما يستحق الاحترام في الرجل الذي كان وزير الخارجية يصفه سابقًا بـ«المتعاطف مع النازيين الجدد، والمعادي للنساء، والمضطرب نفسيًا». لقد كانت سياسة «التعامل بهدوء» هي السائدة، وكانوا يظنون أنها بدأت تؤتي ثمارها.
وبينما شَنّ ترامب هجمات لاذعة ضد دول أخرى، من بينها كندا والدنمارك والمكسيك وبنما، تمكنت المملكة المتحدة حتى الآن من تجنّب تلقي أي ضربة. وبينما وُجهت تهديدات تجارية ضد الصين، والاتحاد الأوروبي، وجيران أمريكا، لا يزال الوزراء يأملون أن تتمكن المملكة المتحدة من تجنّب فرض الرسوم الجمركية. كان هناك شيء من الرضا في داونينج ستريت عندما وصف الرئيس الأمريكي، قبل أسابيع قليلة، السير كير بأنه «شخص جيد جدًا» قام «بعمل جيد للغاية حتى الآن». ربما، كما قالوا لأنفسهم في داونينج ستريت، ستكون الأمور على ما يرام.
لكن لا أحد في رئاسة الوزراء، أو وزارة الخارجية، أو وزارة الدفاع يشعر بالارتياح الآن، خاصة بعد ما حدث خلال الأيام العشرة الماضية. فقد كانت سياسة «لا تزعج الوحش» فعالة طالما أن الوحش اختار ألا يعضك من الأساس.
السير كير، الذي لم يمضِ على ولايته سوى أقل من ثمانية أشهر ولا يزال مبتدئًا نسبيًا في الجغرافيا السياسية، يتوجه هذا الأسبوع إلى أمريكا والعلاقات عبر الأطلسي ممزقة كما لم يحدث من قبل. وعلى الرغم من أن الأمر ليس خطأه، إلا أن الفكرة المزعجة بالنسبة له هي أن التحالف الذي تأسس خلال الحرب العالمية الثانية ينهار في عهده. الضربة الأولى جاءت مع إعلان ترامب أنه بدأ مفاوضات «الأرض مقابل السلام» مع فلاديمير بوتين من وراء ظهر كييف والدول الأوروبية الأعضاء في الناتو. وتبِع هذا اللقاء اجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره الروسي في السعودية، دون دعوة أو مشاركة من أوكرانيا لتحديد مصيرها.
وفي خطاب مقلق للغاية في مؤتمر ميونيخ للأمن، استفز نائب الرئيس، ج.د. فانس، أوروبا بالتشكيك في ما إذا كانت قيم القارة تستحق الدفاع عنها، قبل عقد اجتماع محظور مع زعيم حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف عشية الانتخابات الألمانية. ومنذ ذلك الحين، سمعنا الرئيس الأمريكي يصف فولوديمير زيلينسكي كذبًا بأنه «ديكتاتور» ويلقي عليه اللوم بلا أساس في الحرب التي دمّرت بلاده. ولا يحتاج أحد إلى التذكير بأن هذا الصراع بدأ قبل ثلاث سنوات عندما غزت روسيا جارتها الأصغر بهدف القضاء عليها كدولة مستقلة.
لقد رفض الطيف السياسي البريطاني بأكمله ترديد الرئيس الأمريكي لمقولات الكرملين التي تحاول نقل اللوم من المعتدي إلى الضحية. حتى نايجل فاراج، الذي عادةً ما يكون من أكبر المدافعين عن ترامب، اضطر إلى القول إنه لا يمكنه الموافقة على ذلك. كان السير كير سريعًا في رفض هذه الاتهامات واتصل بالرئيس زيلينسكي ليعبر عن دعمه. وعلّق أحد أعضاء الحكومة قائلًا: «لقد كان كير شجاعًا جدًا في ذلك».
السؤال الذي سيرافق رئيس الوزراء عبر المحيط الأطلسي هو مدى «شجاعته» عندما يقف وجهًا لوجه مع الرئيس الأمريكي. إذا كرر ترامب اتهاماته ضد أوكرانيا، سيضطر رئيس الوزراء إلى اتخاذ قرار. إذا ردّ بخضوع أو بقي صامتًا، فسيبدو ضعيفًا للغاية. وإذا وصف تلك الاتهامات بأنها أكاذيب، فقد يتعرض لغضب رئيس أمريكي معروف بحساسيته وانتقاميّته.
هذا مجرد خطر واحد من بين العديد من المخاطر التي تحيط بهذه الزيارة. وهناك خطر آخر يتمثل في أن يُقابل السير كير برفض قاطع عندما يحاول إقناع الأمريكيين بضرورة إشراك أوروبا في المفاوضات، وأنه يجب «الإبقاء على أوكرانيا في الحرب» لتقوية موقف الغرب في مواجهة الروس. يرى البعض في الحكومة البريطانية أن فرص النجاح ربما تكون أفضل مما تبدو عليه. يقول أحد الشخصيات البارزة المشاركة في التحضيرات للزيارة: «الكثير من التعليقات تتسرع في القفز إلى الاستنتاجات. إدارة ترامب لا تزال في مرحلة غير مستقرة. حتى المواقف المعلنة تتغير خلال 24 ساعة. هناك أصوات متعددة تتنافس لجذب انتباه ترامب».
لقد قضى داونينج ستريت وقتًا طويلًا في التفكير بكيفية جعل صوت رئيس الوزراء مقنعًا بما يكفي للتأثير على السياسة الأمريكية. يبدو الترويج للسير كير «كجسر» بين أمريكا وأوروبا أمرًا مبالغًا فيه، خصوصًا وأن الرئيس الأمريكي يرى أي جسر وكأنه هدف يستحق التدمير. كما أن القادة الأوروبيين يترددون في قبول فكرة أن تمثل المملكة المتحدة نفسها كوسيط، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
هناك من يرى أن التنسيق مع إيمانويل ماكرون، الذي ستسبق زيارته إلى واشنطن زيارة السير كير، سيكون أكثر فاعلية لتقديم حجة مفادها أن أوروبا لا يمكن استبعادها من القرارات التي تؤثر بشكل حاسم على أمن قارتها.
مهمة أخرى لرئيس الوزراء هي تحدي الرأي الذي يتبناه بعض المقربين من ترامب بأن الولايات المتحدة قد تستفيد من صفقة مع بوتين؛ لأنها ستكسر التحالف بين روسيا والصين.
قيل لي إن رئيس الوزراء سيؤكد للرئيس الأمريكي أن ترك أوروبا في حالة من عدم الأمان سيقوّض الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة؛ لأنه سيشجع الصين على اتخاذ خطوات عدوانية ويعزز علاقاتها مع موسكو، وهو عكس ما تريده واشنطن تمامًا. وسيحاول السير كير أيضًا أن يوضح أن أوروبا بدأت تأخذ رسائل ترامب على محمل الجد بشأن تحمّل المزيد من المسؤولية عن أمنها.
يقول أحد الوزراء الكبار: «علينا أن نقول للولايات المتحدة: «نحن نسمعكم». ونعلم أنه يتعين علينا أن نفعل المزيد وبسرعة». ولكن في نظر الرئيس الأمريكي، من المرجح أن تبدو هذه الكلمات ضعيفة ما لم تدعمها إجراءات أكثر صرامة، مثل زيادة الإنفاق الدفاعي البريطاني إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في تاريخ محدد، وليس مجرد وعود غير محددة، خاصةً وأن ترامب بدأ مؤخرًا بالمطالبة بـ5% من الناتج المحلي الإجمالي.
يجب أن تكون جمع المعلومات الاستخباراتية أولوية لرئيس الوزراء وفريقه أثناء وجودهم في واشنطن. سيكون الاستماع إلى ترامب ومستشاريه على الأقل بنفس أهمية التحدث إليهم. من المفيد معرفة نوع الصفقة التي يعتقد الأمريكيون أنهم قادرون على تحقيقها مع الكرملين، حتى لو كانت الإجابة مخيفة.
يعتقد الدبلوماسيون أن هناك طريقة واحدة قد يكون لها التأثير الأكبر على هذا الرئيس الأمريكي: وهي استغلال غروره ومصلحته الشخصية بتحذيره من أن صفقة قذرة مع روسيا ستجعل من بوتين يبدو كأقوى مفترس، في حين سيظهر الرئيس الأمريكي كضعيف ساذج.
يقترح كيم داروك، السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة: «لو كنتُ مكان ستارمر، سأقول لترامب إن هذه فرصتك لتسجيل اسمك في التاريخ كرجل جلب السلام وأنهى هذه الحرب. ولكن يجب أن تكون صفقة عادلة. إذا كانت صفقة سيئة، فلن تنال ذلك المديح، بل ستُواجه بانتقادات كثيرة، وسيُسجّل ذلك في كتب التاريخ».
إن الغرور هو أحد أكثر السمات الموثوقة لدى دونالد ترامب. قد يكون من غير اللائق استغلال نرجسيته، لكنه قد يكون ضروريًا إذا أراد السير كير أن يعود من واشنطن بأي شيء يمكن اعتباره نجاحًا.