هل بإمكان الصين إعادة معجزتها الاقتصادية للمسار الصحيح في 2024؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
أثار التعافي الاقتصادي المخيب للآمال في الصين خلال المرحلة اللاحقة لجائحة كوفيد-19 شكوكا كبيرة حول أسس النمو المذهل الذي حققته على مدى عقود، ووضع بكين أمام خيار صعب لعام 2024 وما بعده فإما أن تتحمل عبء المزيد من الديون أو تحقق نموا أقل.
وكانت التوقعات تشير إلى أنه بمجرد رفع الصين القيود الصارمة التي فرضتها لاحتواء انتشار فيروس كورونا سيعود المستهلكون إلى مراكز التسوق ويتواصل تدفق الاستثمارات الأجنبية ويزداد نشاط المصانع وتستقر مزادات الأراضي ومبيعات المنازل.
لكن المتسوقين الصينيين بدأوا في الادخار تحسبا لتكرار الأيام العصيبة وسحبت شركات أجنبية أموالها ويواجه المصنعون تراجعا في الطلب من الغرب، وشهدت الموارد المالية للحكومات المحلية تذبذبا وتخلفت شركات للتطوير العقاري عن السداد.
وقدمت التوقعات التي تحطمت على صخرة الواقع مسوغا إلى حد ما لأولئك الذين دائما ما شككوا في نموذج النمو الصيني.
ويقول المتشككون إزاء الصين إن بكين أخفقت في تحويل الاقتصاد من تنمية يقودها قطاع البناء إلى نمو قائم على الاستهلاك قبل عقد من الزمن حينما كان يجب عليها فعل ذلك. ومنذ ذلك الحين، فاقت الديون الاقتصاد ووصلت إلى حد أن الحكومات المحلية والشركات العقارية تكافح حاليا من أجل سداد خدمات الديون المستحقة عليها.
وتعهد صانعو السياسات هذا العام بتعزيز الاستهلاك وتقليل اعتماد الاقتصاد على قطاع العقارات. وتوجه بكين البنوك لتقديم مزيد من القروض للصناعات المتطورة بعيدا عن العقارات.
غير أن وضع خريطة طريق ملموسة طويلة الأجل لتسوية الديون وإعادة هيكلة الاقتصاد يظل أمرا بعيد المنال.
وأيا كانت الاختيارات التي ستتخذها الصين، سيكون لزاما عليها أن تأخذ في الاعتبار شيخوخة السكان وانكماش عددهم والبيئة الجيوسياسية الصعبة في ظل تزايد قلق الغرب من التعامل مع الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ما أهمية الأمر
من المرجح أن ينمو اقتصاد الصين في حدود الخمسة بالمئة خلال 2023 متجاوزا سرعة نمو الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، تكمن تحت هذا العنوان حقيقة أن الصين تستثمر أكثر من 40 بالمئة من إنتاجها، وهو ضعف ما تستثمره الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن جزءا كبيرا منه غير منتج.
ويعني هذا أن العديد من الصينيين لا يشعرون بالنمو المحقق. وتجاوزت معدلات البطالة بين الشباب 21 بالمئة في يونيو، وهي آخر بيانات يتم نشرها قبل توقف الصين عن إصدارها بشكل أثار الجدل.
ويعمل خريجو الجامعات الذين درسوا من أجل الالتحاق بوظائف في الاقتصاد المتقدم حاليا في وظائف لا تتطلب مهارات كبيرة لتغطية نفقاتهم، في حين تُخفض أجور آخرين.
ويشعر أصحاب المنازل بأنهم أكثر فقرا في اقتصاد توضع فيه 70 بالمئة من ثروات الأسر في العقارات. وحتى في إحدى النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد وهي قطاع السيارات الكهربائية، سببت حرب في الأسعار إزعاجا للموردين والعمال.
ويقول محللون إن التشاؤم على الصعيد الوطني قد يعرض الرئيس شي جين بينغ لمخاطر تتعلق بالاستقرار الاجتماعي.
وسيكون هذا ملموسا على نطاق واسع لأن معظم الصناعات العالمية تعتمد بصورة كبيرة على الموردين في الصين. وتعتمد أفريقيا وأمريكا اللاتينية على شراء الصين لسلعهما الأساسية وتمويل التصنيع فيهما.
ماذا عن 2024
إن المشاكل التي تواجهها الصين لا تمنحها سوى القليل من الوقت قبل أن تضطر لاتخاذ بعض الخيارات الصعبة.
ويحرص صانعو السياسات على تغيير بنية الاقتصاد، لكن الإصلاح كان دائما أمرا صعبا في الصين.
وتتعثر بالفعل الجهود الرامية إلى تعزيز رفاه مئات الملايين من العمال المهاجرين الريفيين، الذين يمكنهم بحسب بعض التقديرات إضافة 1.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى استهلاك الأسر إذا تمتعوا بنفس الخدمات العامة مثل سكان المناطق الحضرية، بسبب مخاوف بشأن الاستقرار الاجتماعي والتكاليف.
وتصطدم جهود الصين لحل مشكلات قطاع العقارات والديون بمخاوف مماثلة. من يدفع ثمن استثماراتهم السيئة؟ البنوك أم الشركات المملوكة للدولة أم الحكومة المركزية أم الشركات أم الأسر؟.
يقول اقتصاديون إن أيا من هذه الخيارات قد يعني ضعف النمو في المستقبل.
مع ذلك، تبدو الصين في الوقت الراهن مترددة في اتخاذ خيارات من شأنها التضحية بالنمو من أجل تحقيق الإصلاح.
ويدعو مستشارو الحكومة إلى نمو مستهدف عند خمسة بالمئة للعام المقبل.
وفي حين أن هذه النسبة تتسق مع هدفه عام 2023، فإنها لن تحظى بنفس الثناء على أساس سنوي إذا ما قورنت بالركود الناجم عن إجراءات الإغلاق في عام 2022.
وقد يدفع مثل هذا الهدف الصين نحو مزيد من الديون وهو نوع من التيسير المالي الذي أدى إلى قيام وكالة موديز بخفض نظرتها المستقبلية لتصنيف الصين الائتماني إلى سلبية هذا الشهر، مما دفع الأسهم الصينية إلى تسجيل أدنى مستوياتها في خمس سنوات.
وسيشي موضع إنفاق هذه الأموال بما إذا كانت بكين تغير نهجها أو تضاعف نموذج النمو الذي يخشى الكثيرون أن يكون قد بلغ نهايته.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي يسجل أسوأ تراجع أسبوعي منذ سبتمبر
سجل المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي اليوم الجمعة، وقاد قطاع الرعاية الصحية الخسائر بعد أن هبط سهم شركة "نوفو نورديسك" الدنماركية بسبب بيانات مخيبة للآمال في تجارب دواء سمنة من الجيل التالي.
تحركات الأسهم
أغلق المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي منخفضا 0.9 بالمئة، مقلصا بعض الخسائر بعد أن انخفض بنحو اثنين بالمئة خلال الجلسة، لكنه سجل انخفاضا بنحو اثنين بالمئة خلال الأسبوع، وهو أسوأ أسبوع له منذ أوائل سبتمبر.
وهوى سهم "نوفو نورديسك" 20.8 بالمئة بعد أن كشفت شركة الأدوية الدنماركية عن نتائج مخيبة للآمال في تجربة في مرحلة متأخرة لعقار سيجريسيما للسمنة من الجيل التالي، مما أدى إلى محو ما يصل إلى 125 مليار دولار من قيمة الشركة السوقية.
وانخفض مؤشر قطاع الرعاية الصحية أربعة بالمئة، في حين هبط المؤشر القياسي الدنمركي 13.2 بالمئة مسجلا أقل إغلاق له منذ أغسطس 2023.
وانخفضت معظم القطاعات الفرعية في المؤشر ستوكس، وكان قطاع العقارات النقطة المضيئة بعد ارتفاعه 1.4 بالمئة.
وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إن على الاتحاد الأوروبي شراء المزيد من النفط والغاز الأمريكي لتعويض "عجزه الهائل" مع أكبر اقتصادات العالم أو مواجهة فرض رسوم جمركية.
وقالت المفوضية الأوروبية إنها مستعدة لمناقشة ترامب حول كيفية تعزيز ما وصفته بأنه العلاقة القوية بالفعل، بما يشمل قطاع الطاقة.
وسجل المؤشر "فاينانشيال تايمز 100" البريطاني انخفاضا أقل نسبيا، بواقع 0.3 بالمئة.
وأظهرت البيانات أن مبيعات التجزئة البريطانية ارتفعت بنسبة أضعف من المتوقع بلغت 0.2 بالمئة في نوفمبر، مما يزيد العلامات على زخم بطيء في الاقتصاد.
وارتفع المؤشر "ستوكس 600" نحو ستة بالمئة حتى الآن هذا العام مقارنة بارتفاع بنسبة 25 بالمئة في المؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأميركي.
وهبط سهم شركة إيدورسيا 50.4 بالمئة بعد أن قالت شركة الأدوية الحيوية السويسرية إن المحادثات الحصرية بشأن الحقوق العالمية لدواء ارتفاع ضغط الدم تريفيو قد توقفت.
وفقد سهم شركة زيلاند فارما 3.8 بالمئة بعد أن رفضت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الموافقة على عقار علاج أمراض الأمعاء لمجموعة التكنولوجيا الحيوية الدنماركية.