حددت مؤسسة القمة العالمية للحكومات في تقرير متخصص بعنوان "مستقبل المدن والنمو الاقتصادي الحضري"، أعدته بالشراكة مع شركة "كي. بي. أم. جي" الاستشارية العالمية، التحديات المستقبلية المرتبطة بالمدن والاقتصاد الحضري، والحلول المبتكرة الكفيلة بمواجهتها، فيما دعا التقرير إلى تبني مفهوم "مدينة مدتها 15 دقيقة"، القائم على تحسين جودة الحياة الحضرية، من خلال تعزيز سهولة وصول أفراد المجتمع إلى الخدمات الأساسية في المدن ضمن إطار زمني لا يتجاوز 15 دقيقة.

ويهدف التقرير إلى تزويد قادة المدن والمعنيين بمجالات التخطيط الحضري برؤى عملية حول المشهد الحضري دائم التطور، ويتناول مجموعة من التحديات التي تواجهها المدن اليوم، والتي تشمل ارتفاع تكاليف الطاقة، ونقص العمالة الماهرة، وتفاوت مستويات الدخل، إضافة إلى تحديات تغير المناخ، والأمن السيبراني، وغيرها.

 ويركز التقرير على جوانب مهمة مرتبطة بمستقبل المدن، مثل البنية التحتية المادية، وحلول الإسكان منخفض التكلفة، والشركات الصغيرة، وعدم كفاية المساحات الخضراء، ويستعرض جملة من الحلول المبتكرة التي ناقشتها القمة العالمية للحكومات في دوراتها السابقة، والتي تتضمن بناء هويات حضرية قوية تجذب الاستثمار والمواهب، وابتكار حلول متقدمة تقوم على تطوير وتعميم تكنولوجيا المدن الذكية لخدمة المجتمع.

وأكد محمد يوسف الشرهان مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن مستقبل المدن يمثل محوراً أساسياً لأجندة عمل مؤسسة القمة، لما يحظى به من أهمية كبيرة في تشكيل ملامح مستقبل المجتمعات، في ظل التحديات الكبيرة والمتغيرات المتسارعة المدفوعة بتطور تكنولوجي وعلمي غير مسبوق، التي يمر بها العالم.

 وقال الشرهان إن مفهوم "مدينة الـ 15 دقيقة" يمثل تحولاً مهماً في فلسفة التصميم الحضري، التي تركز على جودة حياة المجتمعات، وتوفر للأفراد إمكانية الوصول إلى الخدمات والمرافق الحيوية ضمن مسافة قصيرة يمكن قطعها سيراً على الأقدام أو باستخدام دراجة هوائية في مدة زمنية لا تزيد عن 15 دقيقة، مشيراً إلى أن هذا النموذج المتقدم للمدن سيُحدث تحولات كبيرة في نمط المعيشة وأسلوب حياة سكان المدن.

 

من جهته، قال شكر الله حداد شريك ورئيس قسم الاستشارات في شركة "كي. بي. إم. جي"، إن المدن بما تمثله من نواة للابتكار والتقدم، تواجه عددا كبيرا من التحديات التي تتطلب حلولاً جذرية وعملية، مشيراً إلى أن تقرير مستقبل المدن يحدد هذه التحديات، إضافة إلى أنه يقدم استراتيجيات قابلة للتنفيذ، الهدف منها تحقيق الازدهار لمدن المستقبل، وتمكينها من مواجهة المتغيرات والتحديات المتسارعة، ودعم جهودها لتكون بيئة حاضنة للتقدم التكنولوجي مع التركيز علة أولوية جودة حياة سكانها.

 ويتناول تقرير "مستقبل المدن والنمو الاقتصادي الحضري" عوامل محورية لترسيخ أسس مدن المستقبل، تشمل تعزيز الابتكار والاستدامة والشمول في مبادرات المدن الناجحة، وترسيه الهويات الحضرية النابضة بالحياة لجذب الاستثمارات والشركات والمواهب.

ويركز التقرير على أهمية تحقيق التوازن الدقيق بين نشر التكنولوجيا والخصوصية، والتركيز على وصول المجتمع للحلول التكنولوجية، والاستخدام الأخلاقي للأدوات الرقمية لتجنب مخاطر الأمن السيبراني، ويتطرق إلى أهمية تضمين مفاهيم "محو الأمية المستقبلية" والاستدامة مبادئ أساسية في التشريعات والممارسات التجارية، لتمكين المدن من التعامل مع التحديات وبناء القدرة على مواجهة المتغيرات.

ويشير التقرير إلى ريادة المدن في منطقة الخليج العربي، وخاصة في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، في قيادة مسيرة الابتكار التكنولوجي، وما تقدمه تجاربها المتقدمة من دورس قيمة للمدن على مستوى العالم.

 ويسلط التقرير الضوء على أهمية مواكبة توقعات المتعاملين في إدارة سلاسل الإمداد والتوريد، والفوائد والتكاليف المرتبطة بإعادة الشحن، وسبل تمويل ودعم سلاسل التوريد المستدامة، ويتطرق إلى الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لدولة الإمارات كمثال على إدارة سلسلة التوريد بشكل فعال، مع ابتكارات مثل المزارع العمودية التي تستخدم تقنيات الزراعة المائية والأكوابونيك التي يمكن أن تنتج ما يصل إلى أكثر 100 مرة من إنتاج المزارع التقليدية، والتي يتم العمل على تطويرها لتحقيق مستهدفات الدولة بزيادة إنتاج الغذاء محلياً بنسبة تتراوح بين 30 و40% خلال عشر سنوات، لتصبح مركزاً رائداً عالمياً للأمن الغذائي القائم على الابتكار بحلول عام 2051.

ويؤكد تقرير "مستقبل المدن والنمو الاقتصادي الحضري" أهمية تبني التكيف والابتكار في منظومة تصميم مدن المستقبل، مشيراً إلى أن المدن الناجحة تعتمد المرونة والاستدامة والشمول والتكنولوجيا الناشئة، ركائز أساسية لمبادراتها وسعيها الدائم لبناء هوية حضرية متميزة وبيئة ثقافية نابضة بالحياة، تكون نقطة جذب للشركات والاستثمارات والمواهب الشابة.

 

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التصميم القمة العالمية للحكومات القمة العالمیة للحکومات مستقبل المدن إلى أن

إقرأ أيضاً:

مع تباطؤ النمو الاقتصادي.. الديون المخفية تهدد مستقبل الصين

يواجه الاقتصاد الصيني ضغوطا متزايدة، بعد أن سجل النمو الاقتصادي أضعف وتيرة له في 5 أرباع، مع عدم تحقيق الجهود الرامية إلى تعزيز الإنفاق الاستهلاكي النتائج المرجوة، حسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

ونما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 4.7 بالمئة في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يقل عن متوسط توقعات خبراء الاقتصاد البالغ 5.1 بالمئة.

كما ارتفعت مبيعات التجزئة بأبطأ وتيرة لها منذ ديسمبر 2022، مما يدل على أن سلسلة من جهود الحكومة لتعزيز الثقة "لم تحقق سوى القليل لإعادة تنشيط المستهلك الصيني"، وفق الوكالة. 

ونقلت "بلومبيرغ" عن خبيرة الاقتصاد لدى "كريدي أجريكول سي آي بي" في هونغ كونغ، شياوجيا تشي، قولها: "ستحتاج الحكومة إلى التفكير في دعم سياساتي أكبر لتحقيق هدفها السنوي للنمو عند 5 بالمئة، بعد بيانات الربع الثاني المخيبة للآمال".

وأضافت: "كما أن تزايد احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يعني أيضا أن الصين ستحتاج إلى جهود سياسية إضافية لتعزيز الطلب المحلي في الوقت المناسب، في ظل مخاطر انخفاض الطلب الخارجي".

تقرير: الصين تكافح للتخلص من علامات الاقتصاد المضطرب تقلص نشاط المصانع في الصين للشهر الخامس، حيث تستمر المؤشرات الاقتصادية في البلاد في إظهار علامات المتاعب.

ويراهن الرئيس الصيني شي جين بينغ، على قطاعي الصناعة والتكنولوجيا الفائقة لدفع نمو الصين بعد جائحة كورونا.

لكن هذه الاستراتيجية، وفق "بلومبيرغ"، تواجه حالة من "عدم اليقين" حيث يضع شركاء بكين التجاريون "عقبات جديدة أمام السلع الصينية، فضلا عن تهديد ترامب بمزيد من القيود إذا أعيد انتخابه".

وهبطت الأسهم الصينية في هونغ كونغ بعد البيانات المخيبة للآمال، حيث انخفض مؤشر هانغ سنغ للشركات الصينية بما يصل إلى 1.7 بالمئة، قبل أن يعوض بعضا من هذه الخسائر.

وأبقى بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) في وقت سابق الإثنين، على سعر الفائدة القياسي ثابتا دون تغيير، وسط مخاوف من خروج رؤوس الأموال وتزايد الضغط على أرباح البنوك والعملة المحلية "اليوان".

"الديون المخفية"

وتهدد "الديون المخفية"، التي اقترضتها المدن الصينية وكانت تقف وراء النمو خلال العقود الماضية، مستقبل البلاد بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وعلى مدى سنوات، راكمت مدينة "ليوتشو" الصينية، والعشرات من المدن الأخرى تريليونات الدولارات من الديون "غير المعلنة" لمشاريع التنمية الاقتصادية، حيث كان هذا التمويل "المعتم" هو "الخميرة التي ساعدت الصين على الظهور كقوة تُحسد في العالم"، وفق الصحيفة.

لكن، اليوم "تجعل مواقع البناء المتضخمة والطرق السريعة قليلة الاستخدام والمعالم السياحية المهجورة، هذا النمو الذي يحركه الدين يبدو وهميا"، حسب ما أفادت "وول ستريت جورنال"، مشيرة إلى أن مستقبل الصين "ليس مضمونا بأي حال".

وجمعت مدينة ليوتشو الواقعة في منطقة قوانغشي الجنوبية مليارات الدولارات لبناء البنية التحتية لمنطقة صناعية جديدة، حيث استحوذت مجموعة تمويلية مملوكة للدولة على الأراضي، وافتتحت فنادق ومدينة ملاهي.

ومع ذلك، توجد مساحات أخرى من الأراضي لا تزال شاغرة، وتبدو العديد من شوارع المنطقة مهجورة عمليا، وفقا للصحيفة.

البيت الأبيض يعلن عن زيادة الرسوم الجمركية على واردات صينية ستزيد الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على واردات صينية تبلغ قيمتها 18 مليار دولار، وفق ما أعلن البيت الأبيض، مستهدفة قطاعات استراتيجية مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والفولاذ والمعادن.

وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن شركات التمويل المملوكة للدولة، اقترضت الكثير من الأموال نيابة عن الحكومات المحلية. وفي كثير من الحالات سعت إلى مشاريع تنموية لم تحقق سوى عوائد اقتصادية قليلة.

فيما أدى تدهور سوق العقارات الصيني في السنوات الثلاث الماضية إلى عدم قدرة الحكومات المحلية على الاعتماد على مبيعات الأراضي للمطورين العقاريين بعد الآن، وهو ما كان مصدرا مهم للإيرادات.

ويُقدر خبراء الاقتصاد، حسب الصحيفة، حجم الديون "غير المعلن" بما يتراوح بين 7 و11 تريليون دولار، وهو ضعف حجم ديون الحكومة المركزية الصينية.

ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد، إن المبلغ الإجمالي "غير معروف، بسبب الغموض الذي يحيط بالترتيبات المالية التي سمحت لديون البلاد بالتفاقم"، محذرين من أن ما يصل إلى "800 مليار دولار من الديون معرض لخطر التعثر".

وحسب الخبراء الذين تحدثوا للصحيفة، فإنه إذا لم تتمكن شركات التمويل من الوفاء بالتزاماتها، فهذا يعرض بكين لدفع ثمن عمليات إنقاذ الشركات، مما قد يخلق مشكلة أكبر عن طريق تشجيع الاقتراض غير السليم، أو أنها قد تسمح للشركات المتعثرة بإعلان الإفلاس، مما يعرض البنوك الصينية لخسائر جسيمة من شأنها أن تؤدي إلى تآكل النمو الاقتصادي أكثر".

ولم ترد وزارة المالية الصينية على طلب التعليق للصحيفة، التي قالت إن من المتوقع أن يثير كبار القادة الصينيون هذه التهديدات "المحدقة" في اجتماع سياسي، الإثنين، ويركز على الاقتصاد.

مقالات مشابهة

  • الوضع الاقتصادي في العراق: تحديات وآفاق المستقبل
  • اختيار الدكتور أحمد شديد رئيس جامعة الفيوم السابق عضوا في القمة العالمية لتغير المناخ بإيطاليا
  • معهد الاقتصاد الزراعي ينظم ورشة عمل عن ريادة الأعمال والأنشطة الزراعية
  • منظمات دولية تشيد بريادة الإمارات وتجربتها في استشراف مستقبل حقوق الإنسان
  • الدكتور أحمد جابر شديد عضوًا فى القمة العالمية لتغير المناخ بإيطاليا
  • فايننشال تايمز متفائلة في مستقبل الاستثمار في الاقتصاد التركي
  • وزير البترول يلتقى ممثلى شركات البترول العالمية لمناقشة الوقف الحالي
  • وزير البترول يوجه رسالة للشركات العالمية: جادون في سداد المستحقات خلال المرحلة المقبلة
  • وزير البترول لـ الشركاء الأجانب: الحكومة تدرك أهمية مجهوداتكم في مصر
  • مع تباطؤ النمو الاقتصادي.. الديون المخفية تهدد مستقبل الصين