القدس المحتلة-سانا

أكثر من 1200 فلسطيني اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة المنكوب منذ بدء عدوانه عليه في السابع من تشرين الأول الماضي، لا يزال مصيرهم مجهولاً جراء تكتم الاحتلال على مكان وظروف اعتقالهم، في جريمة إخفاء قسري تشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي، وسط تحذيرات فلسطينية من أن الاحتلال بتكتمه يسعى إلى تنفيذ إعدامات بحقهم.

في السابع من الشهر الجاري نشر الاحتلال مقاطع فيديو وصورا صادمة مهينة للإنسانية لعشرات الفلسطينيين اعتقلهم شبه عراة مقيدين ومعصوبي الأعين من مدارس تؤوي نازحين في بيت لاهيا شمال القطاع، ونكلت قواته بهم وكدستهم في ناقلات عسكرية واقتادتهم إلى جهة مجهولة، ليضافوا إلى المئات من أهالي القطاع الذين اعتقلهم الاحتلال بعد توغله البري، بينهم مرضى وجرحى وصحفيون وكوادر طبية.

المقاطع والصور التي أعادت إلى الأذهان الفظائع التي ارتكبتها النازية في معسكرات الاعتقال، تكررت غير مرة لمئات المعتقلين في القطاع على مرأى ومسمع العالم أجمع، في جريمة لا يقوم به إلا مرتزقة وميليشيات إرهابية وهي الصفة التي تنطبق على جيش الاحتلال النازي.

وفي تصريح لمراسل سانا قال محمد أبو قمر أحد الذين اعتقلهم الاحتلال في بيت لاهيا: جنود الاحتلال اعتقلوا المئات وأطلقوا الرصاص علينا وأجبرونا على خلع ملابسنا ونكلوا بنا وأرغمونا على الاستلقاء ووجوهنا على الأرض لساعات طويلة، وضربونا بأعقاب البنادق، واستخدموا عددا من المعتقلين دروعاً بشرية للسير أمام الآليات العسكرية.

وأضاف: شاهدت جنود الاحتلال يطلقون الرصاص على مجموعة من الشبان في ساحة إحدى المدراس التي تؤوي نازحين ما أدى لاستشهادهم، كما أحرقوا خيم ومنازل من اعتقلوهم في جباليا شمال القطاع، فيما لا يزال مصير المئات مجهولاً ولا نعرف إن كانوا بين الأحياء أو الشهداء.

مصطفى جابر يروي تجربته المريرة خلال اعتقاله من شمال القطاع: تعرضت لضرب شديد وتعذيب وحشي استمر خمسة أسابيع، لم يسمح لي الاحتلال خلالها بالنوم، وكنت طيلة هذه الفترة مكبل اليدين والرجلين ومعصوب العينين ووضعوني في العراء في البرد القارس، وأحرقوا يدي وأشعلوا النيران قرب وجهي مهددين بقتلي حرقاً.

وأضاف جابر: حرمنا الاحتلال من الطعام والماء، وأطلق الكلاب على المعتقلين ونهشت أجساد عدد منهم، كما هدد بقتلنا نحن وكل أهالي القطاع، مبيناً أن من بين المعتقلين أمهات يحملن أطفالهن الرضع وأطفال ومسنون.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أشار إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفته وسائل إعلام العدو حول جرائم إعدام ميداني نفذتها قوات الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر لجيش الاحتلال يُعرف باسم “سديه تيمان” قرب مدينة بئر السبع في الأراضي المحتلة عام 1948.

ولفت المرصد إلى أن المعتقل المذكور تحول إلى “سجن غوانتنامو جديد” يتم فيه احتجاز المعتقلين في ظروف قاسية جداً، داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.

ودعا المرصد إلى تحقيق دولي عاجل في جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين الذين اعتقلهم من مناطق متفرقة في قطاع غزة كما طالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالضغط على سلطات الاحتلال لكشف مصير المعتقلين والإفراج عنهم فوراً.

المقاومة الفلسطينية أكدت أن اعتقال قوات الاحتلال المئات من أهالي القطاع وتجريدهم من ملابسهم بصورة مهينة، هو جريمة صهيونية مفضوحة للانتقام من أبناء الشعب الفلسطيني، نتيجة الضربات التي تلقاها الاحتلال على أيدي أبطال المقاومة خلال عملية طوفان الأقصى.

مؤسسات الأسرى الفلسطينية وجهت نداء عاجلاً للعالم وللمؤسسات الحقوقية الدولية، للضغط على الاحتلال والكشف عن مصير الأسرى الذين اعتقلهم من قطاع غزة، في ظل تصاعد المعطيات حول جرائم مروعة تنفذ بحقهم، والتي كان آخرها ما نشرته صحيفة “هآرتس” الصهيونية أمس حول استشهاد عدد منهم في معتقل أقيم في موقع “سديه تيمان” للاحتلال قرب مدينة بئر السبع، دون معرفة عددهم بشكل دقيق وظروف استشهادهم.

المؤسسات أشارت إلى أن شهادات عدد من الأسرى الذين أطلق الاحتلال سراحهم تفيد بأن أسرى القطاع يتعرضون لعمليات تعذيب وتنكيل مروعة منذ لحظة اعتقالهم، وتزداد وتيرة الاعتداءات بشكل يومي إلى جانب العزل الانفرادي لعدد منهم، موضحة أن هذه الشهادات ليست إلا جزءاً بسيطاً جداً مما تمكنت من الوصول إليه، وأن ما خفي أعظم.

مطالبات مؤسسات الأسرى للجنة الدولية للصليب الأحمر وجهات حقوقية دولية عدة بالضغط على الاحتلال للإفصاح عن مصير أسرى القطاع لم تلق آذاناً صاغية، محذرة من أن إصرار الاحتلال على تكتمه يحمل تفسيراً واحداً هو أن هناك قراراً لتنفيذ مزيد من الجرائم بحقهم.

بالتوازي مع اعتقاله أكثر من 1200 فلسطيني في قطاع غزة، اعتقل الاحتلال ما يزيد على4600 في الضفة الغربية منذ بدء عدوانه على القطاع، ورافقت حملة الاعتقالات والمداهمات عمليات تنكيل واسعة واعتداءات وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب تخريب وتدمير واسع في المنازل وإطلاق الرصاص بشكل مباشر لقمع حراك أهالي الضفة ومنع خروج المظاهرات الرافضة للعدوان.

رغم تحويل الاحتلال قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة والضفة إلى سجن كبير، يؤكد الشعب الفلسطيني أنه لن يضعف ولن يستكين أمام هذا التغول الصهيوني على دمائه، ولن تثنيه الاعتقالات والإرهاب الممنهج عن المضي في النضال ضد الاحتلال حتى يندحر عن أرض فلسطين.

محمد أبو شباب

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

بن غفير يطالب بإعدام المعتقلين الفلسطينيين بإطلاق النار على رؤوسهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دعا وزير شؤون الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، إلى إعدام المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بإطلاق النار على رؤوسهم.

وقال بن غفير في مقطع مصور، إن المعتقلين الفلسطينيين يجب قتلهم بطلق في الرأس. وطالب بتمرير القانون الخاص بإعدام المعتقلين في الكنيست الإسرائيلية بالقراءة الثالثة، متعهدًا بتقديم القليل من الطعام مما يبقيهم على قيد الحياة إلى حين سن القانون.

وصادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلية بالقراءة التمهيدية، مطلع مارس 2023، على فرض عقوبة الإعدام على المعتقلين الفلسطينيين.

ويلزم مشروع القانون، الذي يتطلب مصادقتين أخريين من الكنيست حتى يصبح ساريًا، المحكمة بفرض عقوبة الإعدام بحق من "يرتكب مخالفة قتل بدافع عنصري وبهدف المس بدولة إسرائيل".

وأكد رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري، أن تصريحات الوزير الفاشي والمتطرف بن غفير تمثل منظومة تمارس الإبادة الجماعية بحقّ الشعب الفلسطيني، ولا تتحدث إلا بلغة القتل ومحاربة أي وجود فلسطيني بأي شكل كان.

وأضاف أن بن غفير تخطى بتصريحاته مرحلة التهديد، فقد نفذت إدارة سجون الاحتلال التي يتولى مسؤوليتها، بشكل فعلي، قتل وإعدام أسرى ومعتقلين فلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة المستمرة.

ووصل عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى 255 منذ عام 1967، بينهم 18 معتقلا أعلن عن استشهادهم منذ أن بدأ العدوان، إضافة لعشرات من معتقلي غزة الذين لم يفصح الاحتلال عن أسمائهم وظروف استشهادهم.

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 9450 مواطنا من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى جانب الآلاف من المواطنين من غزة، والمئات من فلسطيني الأرض المحتلة عام 1948.

وتصاعدت بالتزامن مع ذلك وبشكل غير مسبوق، عمليات التعذيب التي مورست ضد المعتقلين وفقًا لعشرات الشهادات التي تابعتها المؤسسات المختصة، إلى جانب جرائم غير مسبوقة نُفذت بحقهم، وأبرزها التّعذيب، والتّجويع، والإهمال الطبي، والإخفاء القسري، عدا عن ظروف الاحتجاز المأساوية والقاسية، والعزل الجماعيّ، وعمليات التنكيل.
 

مقالات مشابهة

  • الشجاعية … ميدان الشجاعة
  • محافظ القدس: 23 فلسطينيًا استشهدوا و708 اعتقلهم الاحتلال
  • صحيفة أمريكية: حماس تُعيد تجميع صفوفها.. “إسرائيل” قد تغرق في صراع طويل الأمد
  • “وول ستريت جورنال”: حماس تُعيد تجميع صفوفها.. “إسرائيل” قد تغرق في صراع طويل الأمد
  • حماس: حالة الأسرى المفرج عنهم تؤكد السلوك الإجرامي لحكومة الاحتلال الفاشية
  • حماس: حالة الأسرى المفرج عنهم تؤكد سلوك الاحتلال الإجرامي / فيديو
  • حماس: حالة الأسرى المفرج عنهم اليوم تؤكد السلوك الإجرامي لحكومة الاحتلال الفاشية
  • تعذيب وتنكيل.. شهادات مفزعة لأسرى من غزة أفرج عنهم الاحتلال (شاهد)
  • 43 شهيداً… جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية
  • بن غفير يطالب بإعدام المعتقلين الفلسطينيين بإطلاق النار على رؤوسهم