القدس المحتلة- أجمعت تقديرات محللين عسكريين وسياسيين على أن الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، وأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تجد صعوبة في حسم قرار سير العملية البرية، وآليات تحرير المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتأتي هذه التقديرات في الوقت الذي تتسع فيه دائرة الاحتجاجات لعائلات المحتجزين في تل أبيب والمطالبة بالتوصل إلى صفقة تبادل شاملة، وسط حديث عن موافقة حماس وإسرائيل على مسار مفاوضات لصفقة تبادل جديدة.

وتشترط حركة حماس وقفا فوريا لإطلاق النار، فيما يتمسك نتنياهو بالخيار العسكري لتحرير المحتجزين الإسرائيليين.

مشاهد من التحام مقاتلي كتائب القسام مع آليات وجنود الاحتلال في محاور مدينة غزة (مواقع التواصل) فشل الخيار العسكري

وتأتي قراءات الجانب الإسرائيلي، مع تعزز القناعات بأن الخيار العسكري لم يفض إلى تحرير -ولو حتى- محتجز واحد، ولم يسهم بتقويض حكم حماس أو ترسانتها العسكرية، بل كبّد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الجنود قتلى وجرحى، وفي العتاد العسكري.

في ظل تعقيدات الحرب والتوغل البري، كتب الناقد التلفزيوني الصحفي عيناف شيف، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بعنوان "حان الوقت للنزول من الشجرة"، في اعتراف ضمني أن الجيش لم يحقق أهداف الحرب، وأن حكومة نتنياهو تتخبط بشأن الحسم بملف المحتجزين.

وأوضح الصحفي أن مقتل المختطفين الثلاثة على يد الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن إخفاقات عملياتية خطيرة والافتقار إلى الوضوح الأخلاقي فحسب، بل كشف أيضا عن الواقع المؤلم والمقيد للمناورة البرية في قطاع غزة.

من الناحية العملية، يقول عيناف، "لا يحتاج المرء ليكون ضابطا بالجيش برتبة لكي يلمس الفجوة في الحقائق والوقائع الميدانية والتوقعات العالية المغروسة في عقلية الجمهور الإسرائيلي".

ويتابع "إذ إن الخطاب الإعلامي بالتلفزيون والإنترنت والصحف، باستثناء عدد قليل من الأصوات، يخفي الحقائق الصعبة بميدان المعركة، تحت ذريعة الحفاظ على الروح المعنوية والقتالية".

عمليا، يعتقد عيناف أن المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل تجد صعوبة في إخراج الحقيقة من حناجرها، وقال "القضاء على حماس، ربما هذا شعار جيد، لكنه ليس هدفا واقعيا في ظل الظروف الحالية. بعد شهر ونصف من القتال العنيف الذي لم يجرؤ أحد في إسرائيل على تصوره، لا يملك الجيش سيطرة كاملة على شمال القطاع".

مجرد أمنيات

في كل يوم، يضيف الصحفي الإسرائيلي، "يموت جنود في المعارك البرية هناك التي تدور في ظروف معقدة وصعبة، رغم المساعدة الكبيرة التي تقدمها القوات الجوية والمدفعية".

وأوضح أن تقديرات الجيش الإسرائيلي بشأن التاريخ الذي يمكن فيه إعلان السيطرة الكاملة على مناطق مثل جباليا وحي الشجاعية، هي مجرد أمنيات في أحسن الأحوال، بينما في جنوب القطاع، وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الوضع أكثر تعقيدا، حيث أصبح مصير مناورة رفح موضع تساؤل في ظل التوقع الأميركي بتغيير صيغة القتال.

ويتابع عيناف، "المرحلة الحالية من الحملة لن تنتهي بتدمير حماس، وهو الهدف المعلن إسرائيليا وغير قابل للتحقيق في الإطار الزمني المنظور. وهذا حتى قبل قضية المختطفين التي لا تسير في أي اتجاه إيجابي، فمنذ استئناف القتال، لم يعد أي منهم إلى إسرائيل حيا".

القراءة ذاتها تناولها الكاتب الإسرائيلي، نير كيبنيس، في مقاله في الموقع الإلكتروني "واللا" بعنوان: "إطلاق سراح المختطفين أم تدمير حماس؟ الحكومة الإسرائيلية غير قادرة على اتخاذ القرار".

واعتبر كيبنيس أن تسلسل الأحداث بإسرائيل منذ "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسير الحرب على غزة يثبت أن القيادات الإسرائيلية غير قادرة على اتخاذ قرارات صعبة.

وقال إن عدم القدرة على الحسم بشأن سير الحرب وصفقة تبادل جديدة، يعكس الآراء المختلفة بالحكومة الإسرائيلية في معسكرين رئيسيين، الأول الذي يروّج أن الضغط العسكري يخدم المفاوضات، وبالتالي كلما زاد، كلما كان حافزا للصفقة.

بالمقابل، يزعم المعسكر الثاني أن عودة المختطفين تسبق إسقاط حكم حماس، وبالتالي مع تباين المواقف بين المعسكرين، يقول كيبنيس، "حتى لو تطلب الأمر، سيتعين علينا أن نبتلع كرامتنا الوطنية، ونذهب إلى صفقة تجعل صفقة "شاليط" تبدو وكأنها لفتة إنسانية هامشية، وعندها فقط يتم إعلان حرب إبادة ضد حماس".

شكوك وتخبط

وسط هذا التباين والانقسام حول سير التوغل البري والسعي لتحقيق أهداف الحرب، يؤكد نتنياهو أنه ملتزم بمواصلة القتال، لكن، يقول محلل الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إن "الشكوك بدأت تؤدي إلى تآكل وتصدع الدعم الشعبي الإسرائيلي للحرب".

وبمرور الوقت، يضيف المحلل العسكري أن "الوضع في غزة قد يشبه بالمرحلة اللاحقة حرب لبنان الأولى عام 1982، بعد احتلال بيروت، حيث تلاشى الفهم الإسرائيلي بأن النصر يبدو ممكنا، وهنا في التوغل البري بغزة ترتبط الأمور أيضا بتغير الموقف الإسرائيلي العام تجاه الحرب".

وقال هرئيل إن "استمرار القتال بالشكل الحالي سيتضمن سقوط المزيد من الجنود القتلى والجرحى، حيث سيثير التغيير المحتمل في شكل العملية البرية، الشهر المقبل، الشكوك حول تحقيق الأهداف المعلنة، واستعباد هزيمة حماس أو اغتيال كبار مسؤوليها، وعدم تحرير المحتجزين بعملية عسكرية".

وفي قراءة لعدم اتخاذ القيادة السياسية الإسرائيلية قرارات حاسمة بشأن سير الحرب على غزة، يرى محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل، أن ذلك يعكس خدعة حكومة نتنياهو، مرجحا أن تل أبيب بالمرحلة الجديدة للحرب تسير نحو "احتلال مباشر وكامل للقطاع".

ودون التصريح بذلك، يقول برئيل، "يبدو أن الإستراتيجية الإسرائيلية قد تميل إلى تقليد نموذج الاحتلال، إذ تصرح تل أبيب بأنها لا تنوي احتلال غزة، لكنها لا تخطط للانسحاب منها أيضا، ودون تحديد ما هي الشروط الضرورية التي ستسمح بانسحاب قوات الجيش من القطاع، ومتى سيتم ذلك".

يبدو أن هناك في شعار "القضاء على حماس"، يقول برئيل، "ما يلبي الشرط الضروري لإنهاء الحرب، لكن القطاع ما زال مليئا بالأسلحة، والأنفاق العابرة للحدود بين سيناء وغزة لا تزال تلعب دورا في تدفق الأسلحة والذخيرة".

ويتابع المتحدث ذاته "كما أن استمرار القتال سيمتد لفترة طويلة من الزمن حتى تتمكن إسرائيل من الإعلان، أن البنية التحتية العسكرية لحماس لم تعد تشكل تهديدا أيضا".

 

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تطورات صفقة التبادل.. إسرائيل ترفض أمرين ورئيس الموساد متفائل

#سواليف

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل جزء التفاعلات الإسرائيلية بشأن صفقة التبادل بعد عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة وفي سياق الحراك الجاري حاليا بعد تقديم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ردها على مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الجمعة إن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (موساد) ديفيد برنيع، عاد من الدوحة بعد اجتماع مبدئي مع وسطاء يحاولون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين.

وأضاف مكتب نتنياهو أنه تم الاتفاق بعد اجتماع الدوحة على توجه وفد لمواصلة المفاوضات الأسبوع المقبل، مؤكدا في بيان أنه لا تزال هناك فجوات بين الجانبين.

مقالات ذات صلة الدفاع المدني يعثر على شخصين ضلا طريقهما في رحلة مغامرات 2024/07/05

وكان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، قال إن المفاوضات بين جميع الأطراف بشأن غزة ستُستأنف اعتبارا من اليوم في الدوحة، في حين نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين، أن وفد الولايات المتحدة وصل إلى الدوحة الجمعة للمشاركة في المحادثات بشأن غزة.

وبالتوازي مع ذلك، نقلت وسائل إعلام عن مصادر أمنية إسرائيلية أن مسؤول ملف الرهائن بالجيش الإسرائيلي هدد بالاستقالة إذا أفسد نتنياهو الجهود الحالية للتوصل إلى صفقة تبادل مع المقاومة في قطاع غزة.

العقبة الأخيرة
ورغم أن الرد الجديد الذي قدمته حركة حماس إلى الوسطاء وتم نقله إلى إسرائيل الأربعاء، وهو محل التفاوض حاليا لم ينشر حتى الآن لا من حماس ولا من إسرائيل ولا من الوسطاء، فقد بدأت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تسريبات بشأنه، وبشأن موقف تل أبيب من بعض النقاط الواردة فيه.

وقد نقل موقع والا عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن رئيس الموساد نقل إلى الوسطاء في الدوحة رسالة مفادها أن إسرائيل لا تقبل طلب حماس بالحصول على التزام مكتوب من الولايات المتحدة ومصر وقطر بشأن استمرار مفاوضات المرحلة الثانية دون قيود زمنية.

ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن طلب الالتزام الخطي يشكل العقبة الأخيرة قبل بدء المفاوضات الخاصة بصفقة الرهائن.

وأشار نقلا عن المسؤولين المذكورين قولهم إن الخلاف يتعلق بمدة المفاوضات حول شروط المرحلة الثانية التي يجب أن تؤدي لهدوء مستدام.

ونقلت هيئة البث الرسمية عن مصادر سياسية لم تسمها قولها إنّ رئيس الموساد أبلغ الوسطاء أنهم متفائلون بأن إسرائيل ستقبل اقتراح صفقة الرهائن.

خطوط إسرائيلية حمر
وبدورها، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر أن المفاوضات في قطر استمرت ساعات طويلة، وأن إسرائيل تعتقد أنها لن تكون سهلة وقد تستغرق من 3 إلى 5 أسابيع.

كما ذكرت القناة نقلا عن مسؤولين، أن إسرائيل تريد التأكد من قدرتها على استئناف الحرب إن لم تنفذ حماس التزاماتها، كما أنها ترفض شرط حماس أن تختار الحركة أسماء الأسرى الفلسطينيين الكبار الذين سيفرج عنهم.

كما نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصدر أمني قوله إنه من الممكن الإفراج عن الرهائن في غضون أسبوعين.

شعبيا؛ أظهر استطلاع رأي للقناة 12 الإسرائيلية أن 67% من الإسرائيليين يرون الأولوية لاستعادة المحتجزين مقابل 26% لمواصلة الحرب.

تغير في حسابات الميدان
في سياق متصل، نقلت القناة الـ14 الإسرائيلية عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي أن قيادة الجيش مستعدة لقبول أي صفقة مع حماس بأي ثمن، وأن الأمر الرئيسي هو وقف الحرب. وأوضح المسؤول أن الجيش يسير في اتجاه قبول الصفقة.

كما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت أن العضو السابق بمجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أبلغ نتنياهو في اتصال هاتفي بأنه سيدعم بشكل كامل أي صفقة من شأنها إعادة الأسرى من غزة.

ونقلت القناة الـ12 عن وزير الدفاع يوآف غالانت قوله إن عدم لقائه رئيسي الشاباك والموساد يصعب على الجهاز الأمني التحضير لاجتماعات حول الصفقة.

بدورها، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تضغط على الحكومة للتوصل لاتفاق بسبب التغير في حسابات المعارك.

كما نقل موقع “واللا” عن مسؤول إسرائيلي بارز أن نتنياهو أوفد مساعده فالك ورئيس الموساد للدوحة لحضور اجتماعات يغيب عنها رئيس الشاباك ومسؤول ملف الرهائن، وأنه أرسل فالك في جولات سابقة ليمارس رقابة وسط شكوكه في فريق التفاوض.

البيت الأبيض: آن للحرب أن تتوقف
وفي السياق، قال البيت الأبيض إن حرب غزة أدت إلى كثير من المعاناة لفترة طويلة وقد آن لها أن تتوقف.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه بحث مع نتنياهو جهود وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن.

من جانبها، أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ومستشار الأمن القومي جَـيك سوليفان شاركا في محادثة نتنياهو وبايدن.

بدوره، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن نتنياهو أكد لبايدن التزام إسرائيل بإنهاء الحرب فقط بعد تحقيق جميع أهدافها.

وكانت وكالة رويترز نقلت مساء أمس الخميس عن مسؤول أميركي قوله إن وفدا أميركيا سيشارك في الاجتماعات في الدوحة، مضيفا أن حماس تبنت تعديلا كبيرا للغاية في موقفها من الاتفاق.

وأضاف أن رد حماس يحرك العملية للأمام وقد يوفر الأساس لإبرام اتفاق بشأن المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، مردفا أن القضايا العالقة تتعلق بكيفية تنفيذ الاتفاق، لكنه رجح مع ذلك ألا يُبرم الاتفاق في غضون أيام قليلة.

كما نقلت رويترز عن مسؤول إسرائيلي قوله إن هناك فرصة حقيقة للتوصل إلى اتفاق بعد رد حماس الأحدث، موضحا أن “البنود ليست هينة لكنها لا ينبغي أن تفسد الاتفاق”.

وقال مسؤول إسرائيلي آخر لرويترز إنه يمكن المضي قدما في الاتفاق لكن “الأمر يعتمد على نتنياهو”.

(الجزيرة)

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: وافقنا على اقتراح يسمح بعودة الرهائن دون التنازل عن أهداف الحرب
  • محللون: كلمة أبو عبيدة رد على ألاعيب نتنياهو وهذه أبرز دلالاتها
  • نتنياهو: وافقنا على اقتراح يسمح بعودة المحتجزين دون التنازل عن أهداف الحرب
  • نتنياهو: أي صفقة تبادل يجب أن تسمح لنا باستمرار القتال
  • أستاذ علوم سياسية: هناك أهداف مباشرة لحماس وحكومة الاحتلال لاستئناف المفاوضات
  • جيش الاحتلال لـ نتنياهو: القتال ضد حماس سيستمر لسنوات استغل الصفقة
  • رئيس الموساد إلى قطر ضمن محاولات التوصل إلى هدنة في غزة
  • تطورات صفقة التبادل.. إسرائيل ترفض أمرين ورئيس الموساد متفائل
  • خبراء ومحللون: نتنياهو سيماطل بشأن المفاوضات لحين عودته من واشنطن
  • بدء المرحلة الثالثة في الحرب الإسرائيلية على غزة