محللون: إسرائيل لم تحقق أهداف الحرب وحكومة نتنياهو تتخبط
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
القدس المحتلة- أجمعت تقديرات محللين عسكريين وسياسيين على أن الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، وأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تجد صعوبة في حسم قرار سير العملية البرية، وآليات تحرير المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتأتي هذه التقديرات في الوقت الذي تتسع فيه دائرة الاحتجاجات لعائلات المحتجزين في تل أبيب والمطالبة بالتوصل إلى صفقة تبادل شاملة، وسط حديث عن موافقة حماس وإسرائيل على مسار مفاوضات لصفقة تبادل جديدة.
وتشترط حركة حماس وقفا فوريا لإطلاق النار، فيما يتمسك نتنياهو بالخيار العسكري لتحرير المحتجزين الإسرائيليين.
وتأتي قراءات الجانب الإسرائيلي، مع تعزز القناعات بأن الخيار العسكري لم يفض إلى تحرير -ولو حتى- محتجز واحد، ولم يسهم بتقويض حكم حماس أو ترسانتها العسكرية، بل كبّد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الجنود قتلى وجرحى، وفي العتاد العسكري.
في ظل تعقيدات الحرب والتوغل البري، كتب الناقد التلفزيوني الصحفي عيناف شيف، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بعنوان "حان الوقت للنزول من الشجرة"، في اعتراف ضمني أن الجيش لم يحقق أهداف الحرب، وأن حكومة نتنياهو تتخبط بشأن الحسم بملف المحتجزين.
وأوضح الصحفي أن مقتل المختطفين الثلاثة على يد الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن إخفاقات عملياتية خطيرة والافتقار إلى الوضوح الأخلاقي فحسب، بل كشف أيضا عن الواقع المؤلم والمقيد للمناورة البرية في قطاع غزة.
من الناحية العملية، يقول عيناف، "لا يحتاج المرء ليكون ضابطا بالجيش برتبة لكي يلمس الفجوة في الحقائق والوقائع الميدانية والتوقعات العالية المغروسة في عقلية الجمهور الإسرائيلي".
ويتابع "إذ إن الخطاب الإعلامي بالتلفزيون والإنترنت والصحف، باستثناء عدد قليل من الأصوات، يخفي الحقائق الصعبة بميدان المعركة، تحت ذريعة الحفاظ على الروح المعنوية والقتالية".
عمليا، يعتقد عيناف أن المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل تجد صعوبة في إخراج الحقيقة من حناجرها، وقال "القضاء على حماس، ربما هذا شعار جيد، لكنه ليس هدفا واقعيا في ظل الظروف الحالية. بعد شهر ونصف من القتال العنيف الذي لم يجرؤ أحد في إسرائيل على تصوره، لا يملك الجيش سيطرة كاملة على شمال القطاع".
مجرد أمنيات
في كل يوم، يضيف الصحفي الإسرائيلي، "يموت جنود في المعارك البرية هناك التي تدور في ظروف معقدة وصعبة، رغم المساعدة الكبيرة التي تقدمها القوات الجوية والمدفعية".
وأوضح أن تقديرات الجيش الإسرائيلي بشأن التاريخ الذي يمكن فيه إعلان السيطرة الكاملة على مناطق مثل جباليا وحي الشجاعية، هي مجرد أمنيات في أحسن الأحوال، بينما في جنوب القطاع، وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الوضع أكثر تعقيدا، حيث أصبح مصير مناورة رفح موضع تساؤل في ظل التوقع الأميركي بتغيير صيغة القتال.
ويتابع عيناف، "المرحلة الحالية من الحملة لن تنتهي بتدمير حماس، وهو الهدف المعلن إسرائيليا وغير قابل للتحقيق في الإطار الزمني المنظور. وهذا حتى قبل قضية المختطفين التي لا تسير في أي اتجاه إيجابي، فمنذ استئناف القتال، لم يعد أي منهم إلى إسرائيل حيا".
القراءة ذاتها تناولها الكاتب الإسرائيلي، نير كيبنيس، في مقاله في الموقع الإلكتروني "واللا" بعنوان: "إطلاق سراح المختطفين أم تدمير حماس؟ الحكومة الإسرائيلية غير قادرة على اتخاذ القرار".
واعتبر كيبنيس أن تسلسل الأحداث بإسرائيل منذ "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسير الحرب على غزة يثبت أن القيادات الإسرائيلية غير قادرة على اتخاذ قرارات صعبة.
وقال إن عدم القدرة على الحسم بشأن سير الحرب وصفقة تبادل جديدة، يعكس الآراء المختلفة بالحكومة الإسرائيلية في معسكرين رئيسيين، الأول الذي يروّج أن الضغط العسكري يخدم المفاوضات، وبالتالي كلما زاد، كلما كان حافزا للصفقة.
بالمقابل، يزعم المعسكر الثاني أن عودة المختطفين تسبق إسقاط حكم حماس، وبالتالي مع تباين المواقف بين المعسكرين، يقول كيبنيس، "حتى لو تطلب الأمر، سيتعين علينا أن نبتلع كرامتنا الوطنية، ونذهب إلى صفقة تجعل صفقة "شاليط" تبدو وكأنها لفتة إنسانية هامشية، وعندها فقط يتم إعلان حرب إبادة ضد حماس".
شكوك وتخبط
وسط هذا التباين والانقسام حول سير التوغل البري والسعي لتحقيق أهداف الحرب، يؤكد نتنياهو أنه ملتزم بمواصلة القتال، لكن، يقول محلل الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إن "الشكوك بدأت تؤدي إلى تآكل وتصدع الدعم الشعبي الإسرائيلي للحرب".
وبمرور الوقت، يضيف المحلل العسكري أن "الوضع في غزة قد يشبه بالمرحلة اللاحقة حرب لبنان الأولى عام 1982، بعد احتلال بيروت، حيث تلاشى الفهم الإسرائيلي بأن النصر يبدو ممكنا، وهنا في التوغل البري بغزة ترتبط الأمور أيضا بتغير الموقف الإسرائيلي العام تجاه الحرب".
وقال هرئيل إن "استمرار القتال بالشكل الحالي سيتضمن سقوط المزيد من الجنود القتلى والجرحى، حيث سيثير التغيير المحتمل في شكل العملية البرية، الشهر المقبل، الشكوك حول تحقيق الأهداف المعلنة، واستعباد هزيمة حماس أو اغتيال كبار مسؤوليها، وعدم تحرير المحتجزين بعملية عسكرية".
وفي قراءة لعدم اتخاذ القيادة السياسية الإسرائيلية قرارات حاسمة بشأن سير الحرب على غزة، يرى محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل، أن ذلك يعكس خدعة حكومة نتنياهو، مرجحا أن تل أبيب بالمرحلة الجديدة للحرب تسير نحو "احتلال مباشر وكامل للقطاع".
ودون التصريح بذلك، يقول برئيل، "يبدو أن الإستراتيجية الإسرائيلية قد تميل إلى تقليد نموذج الاحتلال، إذ تصرح تل أبيب بأنها لا تنوي احتلال غزة، لكنها لا تخطط للانسحاب منها أيضا، ودون تحديد ما هي الشروط الضرورية التي ستسمح بانسحاب قوات الجيش من القطاع، ومتى سيتم ذلك".
يبدو أن هناك في شعار "القضاء على حماس"، يقول برئيل، "ما يلبي الشرط الضروري لإنهاء الحرب، لكن القطاع ما زال مليئا بالأسلحة، والأنفاق العابرة للحدود بين سيناء وغزة لا تزال تلعب دورا في تدفق الأسلحة والذخيرة".
ويتابع المتحدث ذاته "كما أن استمرار القتال سيمتد لفترة طويلة من الزمن حتى تتمكن إسرائيل من الإعلان، أن البنية التحتية العسكرية لحماس لم تعد تشكل تهديدا أيضا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو أعلن الحرب.. إقالة رئيس الشاباك تثير انقساما حادا في إسرائيل
أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن عزمه إقالة رئيس جهاز (الشاباك) رونين بار، مما أثار انقسامًا حادًا داخل إسرائيل بين مؤيد ومعارض.
واستقطب هذا القرار نقاشات حادة بين السياسيين، إذ اعتبره البعض خطوة ضرورية لتغيير الواقع الأمني، في حين رأى فيه آخرون إعلان حرب على إسرائيل بالكامل ومحاولة لتكريس السلطة بيد نتنياهو.
وواجه القرار معارضة شديدة، حيث اعتبر وصف الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت إقالة بار بأنها محاولة لتهديد استقرار المؤسسات الأمنية في إسرائيل، وأشار إلى أن نتنياهو يجب أن يتحمل مسؤولية فشل عمليات السابع من أكتوبر 2023.
كما أضاف بينيت أن نتنياهو كان يجب أن يستقيل بعد تلك الكارثة الأمنية، وأن إقالة بار لن تحل مشاكل إسرائيل الأمنية.
بدوره، اعتبر يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيون"، أن إقالة بار تمثل خطوة تصعيدية خطيرة، قائلاً: "نتنياهو أعلن الحرب على دولة إسرائيل".
وأضاف غولان أن هذه الخطوة تشكل تهديدًا للأمن القومي، مشيرًا إلى أن التغييرات التي تتم في المناصب الأمنية بهذه الطريقة قد تضر بمصداقية إسرائيل على المستوى الدولي.
من جانبه، انتقد وزير الجيش السابق بيني غانتس القرار، معتبرًا أنه بمثابة ضربة للأمن القومي وتقويض للوحدة الداخلية في إسرائيل.
وأكد أن هذا القرار سيفاقم الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي وسيزيد من تدهور العلاقة بين الحكومة والأجهزة الأمنية.
في السياق نفسه، اعتبر غادي آيزنكوت، عضو الكنيست عن حزب "الوحدة الوطنية"، أن إقالة بار تأتي في توقيت غير مناسب، خاصة في ظل التحقيقات الجارية ضد نتنياهو، مشيرًا إلى أن القرار يعد تهديدًا للديمقراطية ويستدعي احتجاجات شعبية.
زعيم المعارضة يائير لابيد ربط إقالة بار بالتحقيقات المتعلقة بفضيحة "قطر جيت"، وأشار إلى أن إقالة بار جاءت نتيجة لتورطه في هذه التحقيقات.
لابيد اعتبر أن قرار الإقالة غير مسؤول، وأنه يستهدف تعطيل التحقيقات الجنائية التي قد تضر بمصالح نتنياهو.
وأوضح أن حزبه يعتزم تقديم التماسات قانونية ضد القرار، معتبراً أن الهدف الحقيقي وراءه هو منع الشفافية في التحقيقات.
على النقيض، دافع بعض الشخصيات السياسية من اليمين عن القرار، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي اعتبر أن إقالة بار كانت ضرورية بعد الفشل الأمني الذي حدث في السابع من أكتوبر، عندما تعرضت إسرائيل لعدة هجمات من فصائل المقاومة الفلسطينية.
وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن جفير، أشاد بهذه الخطوة، معتبرًا أنها تعبير عن الحرب ضد "الدولة العميقة" التي تعمل ضد مصلحة الحكومة المنتخبة.
واعتبر بن جفير الذي يرأس حزب "القوة اليهودية" أن المسؤولين الذين يعرقلون سياسات الحكومة يجب ألا يكون لهم مكان في الدولة الديمقراطية، وأكد أن هذه الخطوة جاءت متأخرة.
وأضاف أن إقالة بار تمثل بداية تصحيح للأوضاع في جهاز الشاباك، في ظل ما اعتبره فشلًا في أداء الجهاز خلال الأحداث الأخيرة.
وزير الشتات عميحاي تشيكلي أكد أن هذه الإقالة تدخل ضمن صلاحيات رئيس الحكومة، في حين وصف وزير الاتصالات شلومو كرحي القرار بأنه ضروري لاستعادة ثقة الجمهور في الأجهزة الأمنية.
في الوقت نفسه، اندلعت احتجاجات في إسرائيل، حيث دعت بعض المنظمات السياسية إلى تنظيم مسيرات ضد قرار الإقالة.
واعتبرت هذه المنظمات أن إقالة بار، خصوصًا من شخص متورط في تحقيقات أمنية، تشكل تهديدًا مباشرًا للديمقراطية الإسرائيلية. وقد أعلنوا عن تنظيم احتجاجات جماهيرية أمام مكتب نتنياهو في القدس المحتلة، مطالبين بإعادة النظر في القرار.