هجمات الحوثيين البحرية.. أزمة طريق السويس الجديدة تهدد الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
سلطت مجلة "الإيكونوميست" الضوء على تهديدات جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) للسفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل عبر مضيق باب المندب، الذي يعد شريان اقتصادي مهم في البحر الأحمر، ويؤثر إغلاقه على قناة السويس المصرية، مشيرة إلى أن تداعيات الحرب في غزة تتجه إلى أن تأخذ بعدا عالميا.
وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن أربع من أكبر 5 شركات شحن حاويات في العالم، وهي: CMA CGM وHapag-Lloyd وMaersk وMSC، قررت إيقاف أو تعليق خدماتها في البحر الأحمر، بعدما صعد الحوثيون، المدعومون من إيران، هجماتهم على تدفقات الشحن العالمية، ما دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى تكثيف نشاطهم البحري في الشرق الأوسط لتكوين قوة بحرية مشتركة ربما تهاجم الحوثيين.
وأضافت أن باب المندب هو مضيق ضيق بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية يتدفق من خلاله عادة ما يقدر بنحو 12% من التجارة العالمية من حيث الحجم، و30% من حركة الحاويات العالمية.، مشيرة إلى أنه تحول إلى منطقة محظورة، حيث يهاجم الحوثيون السفن، تحت شعار ظاهري هو دعم الفلسطينيين في غزة.
واستمرت الاضطرابات بالمضيق منذ أسابيع، لكنها تصاعدت خلال الأيام الماضية بشكل حاد، وفي 15 ديسمبر/كانون الأول هدد الحوثيون بمهاجمة إحدى السفن، وضربوا أخرى بطائرة مسيرة وأطلقوا صاروخين باليستيين على السفينة "إم في بالاتيوم 3"، أصابها أحدهما، وهو أول هجوم يستخدم فيه الحوثيون صاروخا باليستيا مضادا للسفن، رغم أن السفينة كانت ترفع العلم الليبيري.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول، أسقطت سفينة البحرية الأمريكية "يو إس إس كارني" 14 طائرة مسيرة فوق البحر الأحمر، بينما دمرت السفينة البريطانية "إتش إم إس دايموند" طائرة أخرى.
وفي مواجهة المخاطر المتزايدة، المتمثلة في إصابة السفن بالشلل ومقتل أطقمها، تتحول صناعة الشحن العالمية إلى وضع الطوارئ، وفي هذا الإطار، أعلنت شركتا "ميرسك" و"هاباج لويد"، في 15 ديسمبر/كانون الأول، وقف خدماتهما مؤقتًا.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت شركة CMA CGM التوقف عن الملاحة بمضيق باب المندب، وتبعتها شركة MSC، مالكة "إم في بالاتيوم 3"، التي قالت إن سفنها لن تستخدم قناة السويس في أي من الاتجاهين "حتى يصبح الممر في البحر الأحمر آمنًا"، وستوجه بعض سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
وتمثل هذه الشركات الأربع مجتمعة 53% من تجارة الحاويات العالمية، وقد يحذو مشغلو الحاويات الصغيرة، فضلاً عن شركات ناقلات النفط، حذوها، ما تشير المجلة البريطانية إلى نتيجتين كبيرتين له، الأولى تتعلق بالاقتصاد العالمي، والثانية تتعلق بمخاطر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط في ظل محاولة الدول الغربية إعادة ترسيخ النظام.
وتلفت "الإيكونوميست" إلى أن إيرادات قناة السويس تعد مصدرًا رئيسيًا للدخل في مصر، التي تعاني بالفعل من أزمة مالية، بينما ستكون إسرائيل أقل تأثراً بالتجارة المارة بالبحر الأحمر، التي تمثل 5% فقط من مجمل تجارتها.
اقرأ أيضاً
بلومبرج: خلاف إماراتي سعودي يعطل رد أمريكا على الحوثيين
الاقتصاد العالمي
وبالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن الإغلاق المطول لطريق قناة السويس من شأنه أن يرفع تكاليف التجارة مع إعادة توجيه الشحن حول أفريقيا (طريق رأس الرجاء الصالح)، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف شحن التجارة، بارتفاع أقساط التأمين، فضلا عن طول مدة الشحن.
ويمكن أن تسفر تعطلات سلسلة التوريد على المدى القصير أيضًا عن إعادة توجيه التجارة على نطاق واسع، ففي عام 2021، جنحت سفينة "إيفر جيفن"، وهي سفينة تديرها تايوان، في قناة السوي، وأغلقتها لمدة 6 أيام، ما أدى إلى تكثيف أزمة سلسلة التوريد العالمية.
وإذا كانت الأزمة الأمنية في البحر الأحمر تهدد الشحن البحري في بحر العرب القريب، والذي يمر من خلاله ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً، فإن التكاليف الاقتصادية ستكون أعلى بشكل كبير، ما يدفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى التحرك.
لكن التهديد الحوثي "شاق ومعقد"، بحسب توصيف "الإيكونوميست"، التي أشارت إلى أن شعار جماعة أنصار الله هو عبارة "الموت لإسرائيل. اللعنة على اليهود"، وأن الجماعة تدعي أنها تستهدف "جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية" حتى يتم إيصال الغذاء والدواء إلى غزة. لكن معظم السفن التي تتعرض للهجوم ليست متجهة إلى إسرائيل ولا تخضع لملكية إسرائيلية، وقد تأثرت بلدان من جميع أنحاء العالم بالهجمات الحوثية، حتى أن إحدى السفن التي هاجمها الحوثيون كانت تبحر تحت علم هونج كونج.
ويشدد تقرير المجلة البريطانية إلى ضرورة "عدم الخلط بين عدم التماسك الواضح لأهداف الحوثيين المعلنة وبين عدم فعاليتهم"، فلسنوات قامت إيران بتدريبهم وتسليحهم في تمردهم الناجح داخل اليمن، وفي حربهم ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، المنافسين الإقليميين للجمهورية الإسلامية.
ويؤكد التقرير أن "مستوى تطور بعض الأسلحة (لدى الحوثيين) مرتفع"، ونقل عن "فابيان هينز"، الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن، قوله إن منظومة أنصار الله العسكرية تشمل صواريخ يصل مداها إلى 800 كيلومتر، وترسانة صواريخ عملاقة مضادة للسفن.
وليس من الواضح للمسؤولين الغربيين ما إذا كانت إيران هي التي توجه الهجمات الحوثية أم لا، ولم تقتنع المخابرات الإسرائيلية بعد بأن الضربات الأخيرة تمت بموافقة الفيلق 6000، وهي وحدة تابعة لفيلق القدس الإيراني الذي يعمل مع الحوثيين في مركز قيادة مشترك. ومع ذلك، يُعتقد أن المجموعة تتلقى معلومات استخباراتية عن الشحن من سفن المراقبة الإيرانية في البحر الأحمر.
اقرأ أيضاً
أسعار النفط تواصل الارتفاع على أثر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
الضغط المدروس
وتتناسب الحملة الواسعة للحوثيين في باب المندب مع استراتيجية إيران المتمثلة في "الضغط المدروس"، وتجنب شن هجوم شامل على إسرائيل مع الاعتماد على وكلائها الإقليميين لمهاجمتها بعنف من جميع الجوانب، لكنها "لا تملك سيطرة كاملة على هجمات الحوثيين"، بحسب المجلة البريطانية.
وبحسب تقرير الإيكونوميست فإن "الدبلوماسية قد تساعد في تهدئة الأزمة"، مشيرا إلى أن عام 2015 شهد تدخلا عسكريا من السعودية والإمارات في الحرب الأهلية في اليمن لصالح الحكومة المعترف بها دوليا ضد الحوثيين، وانتهى الأمر في مارس/آذار 2022 إلى موافقة السعوديين على وقف إطلاق النار، تاركين الحوثيين يسيطرون على العاصمة صنعاء والساحل الغربي الاستراتيجي. ومن المتوقع قريبا الإعلان عن خريطة طريق لجعل وقف إطلاق النار في اليمن دائما وإنهاء الحرب، وربما تصبح الالتزامات بوقف الهجمات الحوثية البحرية جزءًا من أي محادثات، بحسب "الإيكونوميست".
ومع ذلك، يرجح التقرير ردا عسكريا أكبر على تهديد الحوثيين، عبر القوة العمل متعددة الجنسيات، بقيادة البحرية الأمريكية، والتي اقتربت بالفعل من الساحل اليمني في محاولة لردع الحوثيين عن الصعود على متن السفن التجارية بالقوة.
وفي الأسابيع الأخيرة، اعترضت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية طائرات مسيرة وصواريخ حوثية، وطلبت أمريكا من أستراليا إرسال سفينة حربية إلى البحر الأحمر.
وتشتمل إحدى الخطوات التالية المحتملة فرض الحراسة المسلحة على الشحنات التجارية، والتي استخدمتها أمريكا في الثمانينيات خلال ما يسمى بحرب الناقلات بين إيران والعراق. لكن ذلك يتطلب عددا كبيرا جدا من السفن الحربية.
أما البديل الرئيسي عن ذلك فهو ضرب الحوثيين وترسانتهم البحرية بشكل مباشر، وقد وضعت أمريكا وإسرائيل خططاً لمهاجمة مستودعات الجماعة اليمنية ومنصات إطلاق صواريخها.
لكن الولايات المتحدة غير راغبة في توسيع نطاق تدخلها في الشرق الأوسط، ولذا ركزت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على توسيع فرقة العمل بالبحر الأحمر وممارسة الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على إيران.
كما أن إسرائيل لا تريد فتح جبهة حرب جديدة، خاصة أنها تواجه بالفعل ضغوطاً من جانب الولايات المتحدة لحملها على إنهاء هذه المرحلة من الحرب في غزة، كما تشعر بالقلق إزاء حزب الله اللبناني، الذي يطلق الصواريخ على إسرائيل بشكل شبه يومي.
وتخلص "الإيكونوميست" إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها تحاول احتواء التصعيد في باب المندب والبحر الأحمر، لكن إذا استمرت إيران ووكلاؤها الحوثيون في شن الهجمات، التي تُبقي أحد طرق التجارة الرئيسية في العالم مغلقاً، فقد يكون التصعيد أمراً لا مفر منه.
اقرأ أيضاً
يضم 10 دول بينها البحرين.. واشنطن تعلن تشكيل تحالف دولي لمواجهة الحوثيين
المصدر | الإيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: البحر الأحمر الحوثيون أنصار الله اليمن قناة السويس إيران دیسمبر کانون الأول الولایات المتحدة فی البحر الأحمر قناة السویس باب المندب إلى أن
إقرأ أيضاً:
42 ألف مشارك في القمة العالمية للحكومات في 12 دورة
بلغ إجمالي المشاركين في فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي بجميع دوراتها الـ 12 منذ العام 2013 وحتى 2025، نحو 42 ألف مشارك من كبار المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص في 140 دولة و200 متحدث من الخبراء من جميع أنحاء العالم، استطاعت دولة الإمارات وعبر قوتها الناعمة جمع أطياف العالم على منصة واحدة لطرح الأفكار والمشاريع التنموية والاستثمارية، وفقاً لرصد أجراه مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي.
ورسخت القمة العالمية للحكومات في دبي حضور دولة الإمارات على الساحة العالمية في جميع المجالات ووفرت منصة دولية لصناع القرار من حكومات الدول المختلفة لمناقشة سبل تحسين الحكومات وتطوير السياسات العامة وتعزيز الابتكار كما أنجزت “القمة” 199 اتفاقية ثنائية وأصدرت 179 تقريراً.
10 فوائد اقتصادية
وقال “إنترريجونال “: أسهمت القمة العالمية للحكومات في توفر العديد من الفوائد الاقتصادية التي تعزز مكانة الإمارات على الساحة العالمية ودورها الريادي في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي ومن أبرز هذه الفوائد الاقتصادية:
1. تنويع الاقتصاد، حيث أظهرت الإمارات تفوقها في تنويع اقتصادها، مما جعلها أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة.
2. تعزيز المرونة المالية، مما يدعم استقرار الاقتصاد الوطني.
3. توقيع اتفاقيات تنموية عبر 3 اتفاقيات تعاون لدعم التنمية المستدامة في آسيا وأفريقيا، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي.
4. استقطاب الاستثمارات، فمن خلال استضافة القمة، عززت الإمارات جاذبيتها كوجهة للاستثمارات العالمية، مستفيدةً من المناقشات حول الاقتصاد العالمي وتمويل المستقبل.
5. تعزيز الابتكار، حيث ركزت القمة على الحوكمة الفعالة والابتكار، مما يدعم تطوير سياسات اقتصادية مبتكرة تعزز النمو المستدام.
6. تطوير السياسات الصناعية من خلال مناقشة القمة سياسات صناعية مبتكرة.
7. تعزيز التحالفات والتكتلات الاقتصادية، مما يعزز التعاون والتكامل الاقتصادي مع الدول الأخرى.
8. مواجهة التحديات المناخية، من خلال مناقشة مرونة المدن ومواجهة الأزمات المناخية وتطوير سياسات اقتصادية مستدامة.
9. تعزيز مكانة الإمارات العالمية ودورها كمركز عالمي لمناقشة القضايا الاقتصادية الحيوية.
10. إطلاق تقارير استراتيجية قابلة للتنفيذ لدعم النمو الاقتصادي.
وعلى المستوى الاقتصادي المحلي دعمت القمة العالمية للحكومات نمو العديد من القطاعات أبرزها: حركة الطيران وزيادة الإشغال الفندقي والسياحية والتسوق وغيرها من القطاعات الاقتصادية.
استثمارات مليارية
وقال “إنترريجونال” إنه وعلى مدار 12 دورة من القمة العالمية للحكومات، استطاعت دولة الإمارات جذب حجم كبير من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بمليارات الدولارات، وذلك بفضل المبادرات والفرص التي تم توفيرها خلال دورات القمة.
ولعبت القمة دورًا محوريًا في زيادة الاستثمارات في الإمارات في جميع الدورات التي عُقدت، مما ساعد في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع التنموية، حيث شهدت دورات القمة حضور العديد من الشركات الكبرى من مختلف القطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة والنقل ما ساعد في استقطاب استثمارات مباشرة إلى الإمارات وعملت القمة على ربط الدولة مع المستثمرين العالميين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين، والابتكار الحكومي، مما رفع الاستثمارات في هذه القطاعات.
أما على مستوى الاستثمارات غير المباشرة فقد أسهمت “القمة” في فتح قنوات جديدة للعلاقات بين الإمارات ودول العالم، مما سهل حركة الاستثمارات بين القطاعين العام والخاص في الإمارات والدول الأخرى.
ودعمت القمة عدة برامج استثمارية في القطاعات الابتكارية ما ساعد على استقطاب الاستثمارات غير المباشرة في مجالات البحث والتطوير، كما برز دور القمة في طرح المشروعات المستقبلية.
ووفقًا لتقارير دولية، عززت “القمة” مكانة دولة الإمارات كوجهة استثمارية وواحدة من أكبر الوجهات للاستثمارات في المنطقة وشمال أفريقيا.
وعلى مستوى الأفكار التنموية أسهمت دورات القمة في إبراز دور التحول الرقمي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة والتحولات المستقبلية في مجالات التعليم والطاقة والابتكار الحكومي وتبني سياسات مرنة لمواجهة التحديات المستقبلية وتعزيز رفاهية المجتمعات والتمويل ودور الأسواق الناشئة في قيادة النمو وهيكلة الاقتصاد العالمي وتعزيز الاستثمارات الاستراتيجية.