مصممة الرقصات الأمريكية ريبيكا نوروود: أجد شغفا في تعليم الفنون للآخرين
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لم تحظ مصممة الرقصات ريبيكا نوروود بفرصة معايشة وتجربة كالتي قضتها في القاهرة منذ أكتوبر الماضي. حيث جاءت كمشاركة في برنامج الإقامة الخاص بفن الرقص المعاصر الذي تقوم عليه السفارة الأمريكية بالقاهرة. حيث قامت بالتعاون مع أربعة مصممي رقصات آخرين -مصري وثلاثة مصممي رقصات دوليين من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا- بقضاء شهرين في مصر لبلورة مفهوم جديد لفن الرقص المعاصر.
وبينما قضت ريبيكا، التي تزور مصر وإفريقيا كلها للمرة الأولى، أياما وشركائها مع راقصين مصريين للمشاركة في إنتاج 5 عروض حية يتم تقديمها في القاهرة والإسكندرية. كانت تتعلم أيضا الكثير عن الفلكلور المصري. وتقول: "المصريون يتميزون بالطيبة والإحساس وحب الحياة".
سارت ريبيكا التي التقاها محرر "البوابة" بينما تستعد لتقديم عرضها "أنت" على مسرح مكتبة الإسكندرية، كثيرا في شوارع القاهرة التي يمتد عمرها لأكثر من ألف عام "بينما كنت لا أستوعب أن بعض الشوارع أو المباني هنا أقدم من تاريخ الولايات المتحدة كله"، حسب تعبيرها. أكلت الفول والطعمية وأعجبها الكشري كثيرا. زارت قلعة قايتباي والمتحف المصري ومتحف الحضارة، والأهرامات، وخان الخليلي، والأزهر الشريف؛ عرفت مقاهي وسط البلد واستعمت إلى الموسيقى الشعبية المصرية "فقد رغبت أن أعيش التجربة كاملة. ليس كسائح، بل كشخص يتعرف إلى ثقافة أخرى دون مجاملات".
ريبيكا نوروود مع محرر البوابة نيوزوأضافت: "مصر صاحبة حضارة كبيرة، وشعبها ودود، والتواصل مع المصريين كان يتم بسهولة".
تخرجت ريبيكا بدرجة البكالوريوس في الرقص من كلية كولومبيا في شيكاجو في عام 2022. قدمت رقصاتها الخاص في جامعتها، مهرجان ترافيكتا للرقص، وفي معرض Art Heals الذي استضافته فرقة Chicago Danztheatre Ensembe، وفي مهرجان We Are Collective Film Festival.
وتشير ريبيكا، وسط الجلسة التي جمعتها ببعض الصحفيين في بهو فندق وندسور السكندري العتيق، إلى كونها اتبعت شغفها منذ الطفولة، فبينما كانت لا تزال في المدرسة، أقامت عروض مع فرقة Alluvion Dance Chicago لموسم 2019-20. ومنذ تخرجها، أتيحت لها الفرصة للتدريس مع فرقة Chicago Danztheatre Ensemble.
وتقول ريبيكا إنها تجد شغفًا كبيرًا في قدرتها على توفير تعليم الفنون لأولئك الذين لن يتمكنوا من الوصول إليه بطريقة أخرى. ومن خلال عملها كمصممة رقصات ومعلمة رقص، تستكشف كيفية جعل الفن في متناول أي شخص يرغب في التعامل معه.
كما تقول: "الرقص المعاصر هو أمر غامض لدى الكثيرين، ليس مثل الرقص الشرقي مثلا. هناك فكرة ما تحاول التعبير عنها وإيصالها للمتلقي بجسدك. أن يشعر بما تقوله بحركاتك دون كلمة".
ورغم اعترافها بأن جمهور فنون أخرى، مثل السينما، أكبر من جمهور العروض الراقصة، لكن "الرقص سلاح إنساني"، حسب تعبيرها.
وتضيف: "مع الرقص لن تنتظر ترجمة أو دوبلاج. بل تتفاعل على الفور، أيا كانت جنسيتك أو لغتك".
أما عن العرض الذي تقدمه في مصر، والذي حمل عنوان "أنت؟"، فهو "يُجسّد حركة الجسد التي يتعود الإنسان عليها منذ الصغر"، حسب تعبيرها.
توضح: "أجسادنا هي شهادة على ما مررنا به في الحياة. يمر أشخاص آخرون في حياتنا تاركين بصماتهم وتربيتهم، ونحن نستوعب تلك المعلومات جسديًا. قد يعلمك والديك الجلوس بطريقة واحدة لأن والديهما علموهم الجلوس بهذه الطريقة. قد يكون لدى أصدقائك المقربين عادات صغيرة تبدأ في تبنيها وصنعها بنفسك. ولكن كم من نحن يأتي من داخل أنفسنا؟".
وتتساءل: "هل تتغير الطريقة التي نعيش بها عندما نكون بمفردنا تمامًا مقابل عندما نعلم أننا مراقبون؟ مع أو بدون الوعي، فإننا نحمل أنفسنا بطرق مختلفة في مواقف مختلفة. قد تسبب اللمسة غير المتوقعة توترًا فوريًا يتلاشى مع الراحة التي توفرها مساحتك الآمنة، أو قد تتفاقم وتستمر وتتحول إلى توتر أعمق وأقوى يصعب التخلص منه".
ويحمل عرض ريبيكا عددًا من التساؤلات "أين هو الخط الفاصل بين ما يأتي من داخلنا وما يأتي من مصادر خارجية؟ وكيف نبدأ في طمس هذا الخط وإيجاد الوحدة داخل الجسد والعقل؟"
لهذا، تنصح ريبيكا في ختام حديثها الآباء أن يتركون أبنائهم يبحثون عن شغفهم بأنفسهم: "دعوهم يجربون، يحاولون، يسقطون بينما تساعدونهم على النهوض. إن كان ما يحملونه بداخلهم هو فن حقا فسوف يظهر ويعرفه العالم".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رقصات ريبيكا نوروود السفارة الأمريكية بالقاهرة القاهرة
إقرأ أيضاً:
هل التغيير يأتي من البشر أم من المولى عز وجل؟ ..علي جمعة يرد
اجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن سؤال ورد اليه مضمونة:"هل التغيير يأتي من البشر أم من المولى عز وجل؟".
ليرد جمعة، موضحا: ان الله عز وجل يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. إذًا، هي دائرة؛ فهناك أشياء يفعلها البشر، وما يفعله البشر يدور بين الإيجاب، مثل الحب والرحمة، وبين السلب، مثل التدمير، والتفجير، والتكفير، والكراهية، والغضب.
فإذا كان الإنسان يسير على الحلال ويسير على مجموعة الأخلاق التي تزكي النفس؛ فإن الله يغيره من حال إلى حال أفضل منه. والتغيير الإلهي يختلف عن التغيير البشري؛ فالتغيير البشري مناطه الاختيار، أما التغيير الإلهي فمناطه الخلق.
من المفروض أن أكون دائمًا، وأنا أسير في رحلة حياتي، حريصًا على التفكير في الخير، لأن الله تعالى هدانا إلى طريقَي الخير والشر، حيث قال: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ}.
إذًا، الله تعالى أمرنا بكل إيجابية، وأمرنا بكل ما هو مليح؛ أمرنا بالصلاة، والبر، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والانتهاء عن كل سلبية. فإن فعلنا هذه الأوامر، غيَّر الله حالنا من الحال التي نحن عليها إلى أحسن منها.
لننظر إلى حال المسلمين في مكة في بداية الأمر، عندما رأى الله حالهم الإيجابي، غيَّر حالهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن بعد الاضطراب، والاستقرار بعد القلق النفسي. وبعد ذلك، زاد تمسكهم وارتباطهم بخالقهم سبحانه وتعالى، فغيَّر الله حالهم من الحبشة إلى المدينة، حيث تأسست دولتهم وبدأت فتوحاتهم وتوسعاتهم من الشرق إلى الغرب وسادوا العالم.
قال الله جل شأنه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. بالفعل، غيَّر الله حالهم إلى أفضل مما كانوا عليه.
على سبيل المثال، نجد عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عندما قال له سعد بن الربيع - رضي الله عنه -: "اختر ما شئت من مالي وزوجاتي"، أجابه عبد الرحمن بن عوف: "بارك الله لك في زوجاتك وفي مالك، ولكن أرشدني إلى السوق". فأرشده إلى السوق. وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرًا ناجحًا، حتى إنه عندما توفي لم يتمكنوا من حصر ثروته لكثرتها.
وقد قال النبي ﷺ: "إن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً". فقال بعض أصحاب النظرة القاصرة والقلوب القاسية: إن عبد الرحمن بن عوف لكثرة ماله لم يكن الله راضيًا عنه.
ولكن أهل العلم والبصيرة فسَّروا ذلك تفسيرًا رائعًا وجميلاً، فقالوا: إن الذي يحبو هو الطفل الصغير، فكأن عبد الرحمن بن عوف سيكون في براءة الأطفال، ليس عليه شيء يُؤاخذ عليه عند دخوله الجنة.
هذا التفسير الذي أدركه أهل الله جاءهم عن طريق البصيرة التي رزقهم الله إياها.
فالتغيير الذي يتم من قِبَل الخلق مناطه الاختيار، أما التغيير الذي يتم من الله فمناطه الخلق. فالله سبحانه هو المحيي المميت، وهو الخالق، وهو الموفق. وكلما اتقينا الله وخشيناه وغيرنا أنفسنا، غيَّر الله حالنا إلى أحسن حال، وفتح لنا أبواب الخير، والسعة، والأمن، والأمان.