سودانايل:
2024-12-24@01:18:09 GMT

الفرق بيننا وبين البلابسة المستهبلين (٤)

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

كفاية أرجوكم كفاية..

• أصبحنا نعرف (تقريباً) نتيجة كل مواجهة في أي مدينة أو منطقة بين الجيش والدعم السريع، بل نتوقعها..
يهاجم الدعم السريع المدينة بضراوة من عدة محاور كل النهار وينسحب منها مع نزول الليل، يتبادل معه الجيش تبادل إطلاق النار من مكانه الذي فيه، وقلما يحاول التقدم لمدافعته، ويبدأ بعض المواطنين فوراً في النزوح، ويسود الخوف والرعب والترقب كل المدينة.

. لماذا يسارع بعضُ المواطنين بالنزوح ؟! لأنهم خائفون، ولأنهم لا يثقون في وجود أي جهة قادرة تقوم بحمايتهم فيحمون (هم) أنفسهم وعيالهم بالنزوح. في صباح اليوم التالي يكرر الدعم السريع هجماته طوال النهار، (فيرُد) عليه الجيش (عندئذٍ) تبادل النار، ويتراجع الجيش إلى (داخل قلب المدينة) أكثر وأكثر، هذا إذا كان متقدماً، أو كان خارج ثكناته أصلاً، أو ينكمش داخل ثكناته إذا كان داخلها، وربما في هذا اليوم والأيام التالية تبدأ بعض عمليات النهب وكسر المحال التجارية، وسلب المواطنين من قِبل اللصوص والمتعطلين والإنتهازيين وساكني الأحياء الفقيرة المجاورة، ومن الدعم السريع ومن الجيش نفسيهما، ثم ينسحب الدعم السريع بمغيب الشمس كعادته، إلى أطراف المنطقة، ويتحوصل الجيش وينكمش في قيادته داخل المدينة، وتستمر عمليات النهب والتكسير والتخريب طوال الليل. في اليوم الثالث يحدث نفس الشئ وهنا قد يتدخل سلاح الطيران فيقصف (عمّال على بطّال) خبطَ عشواء لا تلوي على شئ ولا تستبين شيئاً !! مجرد هذا السِّجال، حتى ولو لم يحسم أحد الطرفين الآخرَ عسكرياً كما حدث في الخرطوم، ومع نزوح المواطنين، وشيوع التكسير والنهب والسلب والخوف والترقب هو كافٍ أن يسمى بالضبط حرباً، وهو أسوأ ما يصيب المواطنين ومدنَهم من ويلات الحرب، ثم تتم (الخياطة بالحرير) إذا مات المواطنون أو أصيبوا أو أُنتهكت أعراضُهم، وهذا بالضبط هو ما يسمى بالحرب البشِعة !

• لقد أصبح معلوماً إنّ مجرد دخول خمس إلى عشر عربات عسكرية للدعم السريع إلى أي مدينة أو ضاحية وإطلاقها أعيرة نارية، ولو في السماء، كافٍ جداً لإحداث ظرف الحرب المرعب هذا لدى المواطنين وجيشهم على السواء، ولقد حدث هذا في أكثر المدن والضواحي في دار فور وشمال كردفان وفي داخل مدينة الأبيض وفي شرق الخرطوم والآن في ولاية الجزيرة !! أصبح المواطنون لا يثقون في شئ إلا النزوح إلى أماكن آمنة على قلتِها !!

• ومن قدرِ اللهِ المكتوب على شعب السودان أن كل قيادات جيوشه وحامياته وقلاعه ومخازن ذخائره ومطاراته، كلها كلها متواجدة وسط أحياء المواطنين، وتقاسمهم أنفاسهم وأفراحهم وأتراحهم وأسرارهم ولياليهم المِلاح وغير المِلاح، وعندما أندلعت هذه الحرب كان لزاماً أن تتقاسم معهم هذه الحاميات والقيادات ذات الليالي القاسية، والضرب والكر والفر والإنسحابات والإنكسارات !!

• والله إني لأفرح حد الطرب حين أرى المواطنين يحاولون أن يخلقوا لهم فرحةً، ولو قليلة، حين يرون جيشهم في الطرقات، فيحتفون به، ويهتفون له، ويأخذهم الإنفعال فيما يشبه جذب الدراويش، وتزغرد نساؤهم وينطط الأطفال، وينسون كل شئ بينهم وبين جيشهم، ويشكل هذا الفرح التلقائي الطيب لمحةً بديعةً وعفويةً مما يرنو إليه المواطنون ويتمنونه، ككل شعوب العالم ذات الجيوش المحبوبة !! ولكن يؤسفنا أن جيشَنا ليس بخير!

• بكل أسف، ربما يكون مكتوباً على غالب المدن السودانية إما أن تتذوق مرارة الخوف والترهيب والتخريب والسلب والنهب أو الحرب نفسها، أو أدنى إفرازاتها، وهو تدفق النازحين من المدن الأخرى إليها..

• لا نرى مناصاً قط، ولا حل غير إيقاف هذه الحرب، والدولة هي التي تأخذ زمام مبادرة إيقاف الحرب لا (الماليشيا)، وإذا كانت الدولة لا تريد إيقاف الحرب فلنأذن -إذن- بالخراب والخوف والأرض اليباب !!

bashiridris@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟

لا يزال بعض التونسيين يشككون في عملية التغيير الكبرى التي تجري حاليا في سوريا، ومنهم من يعتقد بأن مؤامرة حيكت من قبل جهات متعددة للتخلص من بشار الأسد ونظامه. وأحيانا تقرأ مقالات وتطلع على بيانات وتستمع لتعليقات تصيبك بالدوار، وتستغرب قدرة البعض على الإغراق في الخيال إلى درجة تجاوز حدود اللامعقول. ولو طلع عليهم حاكم سوريا السابق، وأعلمهم بصحة الكثير مما قيل عنه وعن نظامه، لما صدقوه، ولحاولوا أن يعيدوه إلى رشده. حتى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لم تسلم من هذا المنزلق، وهو ما بدا واضحا في بيان صدر مؤخرا عن مجلسها الوطني، وحاول رئيسها "رفع الالتباس" للحد من خراب مالطا.

إنها حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة.

حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة
لا يزال مقر السفارة السورية بتونس ينتظر تعيين سفير جديد ليخلف السفير الذي كلفه الأسد قبل بضعة أشهر. ورغم أن وزارة الخارجية التونسية صححت موقفها بعد انحيازها الكامل لصالح النظام المنهار، واتهمت المعارضة بالإرهاب، لم يطرأ في هذا الملف تطورات جديد، واكتفت الجهات الرسمية بمتابعة الشأن السوري من خلال تقارير السفارة التونسية في دمشق. وبدا واضحا أن تونس حاليا ليس لها خيوط تربطها بأطراف سورية يمكن الاعتماد عليها لحماية مصالحها في المستقبل.

ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة تعيين سفير جديد سيكون بالتأكيد تابعا لهيئة تحرير الشام أو قريب منها، وستكون السلطات التونسية مضطرة حسب التقاليد للتعامل معه من أجل تحسين العلاقات الثنائية وحماية مصالح البلدين. عندها لن تكون الأيديولوجية أو الانتماء السابق لأحمد الشرع إلى تنظيم القاعدة عائقا، وإنما ستعمل رغبة الطرفين على طي صفحة الماضي، وتعهد كل منهما بعدم التدخل في شؤون الآخر. لهذا سيبقى العديد من أولئك الذين يعزفون على وتر "الإرهاب القادم" من سوريا ‘لى تونس في حالة تسلل، أو يضعون أنفسهم في تعارض مع سياسة الدولة ومصالح تونس.

ليس القصد من هذا السياق لجم الصحفيين والسياسيين، ومنعهم من التطرق للملف السوري، فذلك أمر مشين لا ينصح به، ولكن المطلوب هو التعامل مع الحالة السورية بدون أفكار مسبقة. فسوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر استقبال القائد العام للإدارة الجديدة فاروق الشرع، نائب الرئيس السابق بشار الأسد، ودعوته للمشاركة في الحوار الوطني، الذي سيحضره ممثلون عن مختلف مكونات الشعب السوري. والجميع يعرفون وزن فاروق الشرع، وأهمية مشاركته في الفترة الحساسة في لقاء سيحدد طبيعة المرحلة القادة من مستقبل سوريا.

وقد لقيت هذه المؤشرات استحسانا واسعا من قبل الكثيرين من داخل الشام ومن خارجه، فليس من المنطقي أن يتعمد بعض التونسيين رغم ذلك إلى حجب هذا الجانب المشرق من المشهد، ويواصلون الحديث عن الأوضاع السورية بنفس الأسلوب الشاذ والمحشو بكثير من الأخطاء والمغالطات. وبدل أن يراجع هؤلاء خطابهم السابق، يصرون على خلط الأوراق والمعلومات من أجل ضرب خصوم لهم في الداخل لا علاقة لهم بما يجري في دمشق.

سوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية
فقصة التونسيين الذين باعوا أنفسهم لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة، لا يمكن اعتمادها لفهم الصراع الدائر في تونس بين السلطة ومعارضيها، أو لتلغيم العلاقات التونسية السورية التي يجب الدفع بها نحو الانفتاح والتعاون.. فهذه الورقة أصبحت محروقة وفاقدة للمصداقية وغير مقنعة، إذ هناك متغيرات تثبت العكس تماما. فالعداء أصبح مستحكما بين هذه الجماعات وبين "هيئة تحرير الشام"، ولا يوجد مؤشر واحد يؤكد وجود خطة لدى القيادة السورية الحالية تهدف إلى الإضرار بتونس ومصالحها، هذه فكرة وهمية يجب طردها من الأذهان وعدم التأسيس عليها.

فاستقبال السفير السوري الجديد في الدوحة لممثل حركة النهضة يجب ألا يفهم بكونه عملا عدائيا ضد النظام التونسي، وإنما يمكن تفسيره بكونه انفتاح من قبل السلطة الجديدة في دمشق على مختلف الدول والحركات، خاصة تلك التي أيدت ما حدث ووصفته بالثورة المباركة مثلما فعل راشد الغنوشي في رسالة التهنئة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك عندما تحدث عن أحمد الشرع باعتباره "القائد الصامد". لكن مع ذلك، لم يصدر بيان من شأنه أن يمس من تونس ومن أمنها القومي، إذ سبق لأحمد الشرع أن استقبل مسؤولا تركيا رفيع المستوى، وكان مصحوبا بشخصية من مصر محكوم عليها بالإعدام، ومع ذلك اكتفت القاهرة بتسجيل الحدث دون أن تجعل منه قضية لإحداث أزمة دبلوماسية مع السلطات السورية الجديدة، خاصة وقد سبق لأحمد الشرع أن قال في تصريح له إن الثورة السورية انتهت و"لن نسمح بتصديرها".

يجب بناء الثقة بين تونس وسوريا، دون أن يعني ذلك التخلي عن الحذر وعدم الانتباه لم قد يحدث في الطريق. يقول المثل التونسي "اقرأ سورة ياسين وأمسك بيدك حجرا "، فالشام بلد عزيز على قلوب التونسيين.

مقالات مشابهة

  • حالة من الكر والفر.. مشاجرة بين موظفين وطلاب المدينة الجامعية بالأزهر
  • محكمة جنايات كرري تصدر حكما بالإعدام شنقا لمتعاونة مع الدعم السريع وإثارة الحرب ضد الدولة
  • محافظ شمال سيناء يتفقد المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين
  • هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟
  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • القوة المشتركة تكشف تفاصيل عملية عسكرية والسيطرة على قواعد عسكرية ودك مطار حربي لقوات الدعم السريع وأسلحة دخلت الى الخرطوم قبل الحرب وتتحدث عن الإتحاد الأوروبي
  • بعد سقوطها على يد الجيش والقوات المشتركة.. أهمية الزُرق عند المليشيا توازي أهمية وادي سيدنا عند الجيش والسيطرة عليها تعني بداية النهاية لانهيار الدعم السريع
  • علي الحاج: قادة الجيش والدعم السريع من أشعلوا الحرب ورئيس المؤتمر الوطني ونائبه ممن كانوا معي في السجن قالا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
  • مسرح المدينة يحيي اللقاءات الثقافية بعد الحرب: الموسيقى تولّد الأمل
  • الدفاع المدني في غزة: الجيش الإسرائيلي يقتل المواطنين ويترك جثامينهم للكلاب الضالة