المندب يغلق بوابته الملاحية
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تضامناً مع غزة عقد الحوثيون عزمهم على غلق بوابتهم الملاحية، وهم الذين يحكمون سيطرتهم الآن على تحركات السفن التجارية العابرة لمضيق (باب المندب). فقد تركت الهجمات الأخيرة تداعياتها المؤثرة على خطوط الشحن البحري، وأربكت حسابات الكبار، الأمر الذي اضطرّ شركة النقل الألمانية هاباغ لويد (Hapag-Lloyd) إلى تغيير وجهاتها بعد تعرض احدى سفنها لهجوم صاروخي مباشر.
تجدر الإشارة ان مضيق باب المندب، المعروف أيضاً باسم (بوابة الدموع) يُعد من الممرات الملاحية الضيقة. ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن. يبلغ عرضه 20 ميلاً (32 كم) بين الساحل اليمني والساحل الأفريقي. ولابد للسفن المتوجهة إلى مواني خليج العقبة، أو التي تروم عبور قناة السويس، لابد لها من عبوره. اما إذا حُرمت تماماً من العبور فسوف تجد نفسها مضطرة لسلوك المسارات الطويلة والمرهقة والمكلفة. .
وبالتالي فان عزوف الشركات البحرية الكبرى عن دخول البحر الأحمر سوف يؤثر سلباً على سلاسل التوريد، ويتسبب في تعطيل وصول الشحنات في مواعيدها المقررة. .
وفي حديث مقتضب لمستشار الأمن القومي الأمريكي (جيك سوليفان)، أبدى فيه تخوفه من الحوثيين، وعبر عن خشيته من تعطل الملاحة في هذا الممر الحيوي، الذي لا يمكن الاستغناء عنه في تأمين النقل الدولي العابر. وقد أسقطت السفن الحربية الأمريكية ثلاث طائرات بدون طيار أنطلقت من الأراضي اليمنية بعد تعرض ثلاث سفن تجارية لهجوم مباشر. في حين نشر الحوثيون لقطات فيديو تظهر رجالاً مسلحين ينزلون من طائرة هليكوبتر، ويستولون بالقوة على سفينة شحن. .
يمثل مضيق باب المندب أهمية قصوى للتجارة الدولية بشكل عام، وللشحن البحري للبلدان المطلة على البحر بشكل خاص. ويكتسب أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمع الدولي. .
لا توجد معاهدة دولية عامة بشأن هذا الممر المائي، وبالتالي فهو يخضع للنظام العام للمضائق الدولية، أي حق (المرور البريء) لجميع السفن التجارية والحربية في زمن السلم. وقد اعترف مجلس الأمن بقراره رقم 242 المذكور أعلاه بتاريخ 22 نوفمبر 1967 بخصوص ضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية الدولية بشكل عام. ولم يتم تحديد الممرات المائية التي يتصورها القرار، لكن باب المندب تم تضمينه بالتأكيد. وبالتالي فإن حرية المرور عبر هذه البوابة إلى المحيط الهندي من جميع الجنسيات أمر لا غنى عنه. ليس فقط من أجل السلام، ولكن أيضاً من أجل التقدم الاقتصادي والاجتماعي لجميع شعوب المنطقة. .
اما وقد اعلن الحوثيون الحرب على السفن الاسرائيلية، والسفن غير الاسرائيلية المملوكة لإسرائيليين، والسفن غير الاسرائيلية المتوجهة إلى موانئ اسرائيلية أو القادمة منها، تضامنا مع غزة، فهذا يعني ان الأمور خرجت عن السيطرة، وان الحل الأمثل والأسهل يكمن في إعلان وقف إطلاق النار بشكل دائم ونهائي، والسماح بدخول المساعدات إلى السكان المنكوبين. ومنع اسرائيل من ارتكاب المزيد من المجازر ضد المدنيين. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات البحر الأحمر باب المندب
إقرأ أيضاً:
عبدالله علي صبري : ميناء أم الرشراش والمشروع التوسعي البحري الصهيوني
لا تتوقف أطماع الصهيونية في الأراضي العربية برا وبحرا، ومنذ قيام دولة لهذا الكيان على الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة، وعصابات الإجرام اليهودية تعمل على المزيد من التوسع الذي وصل إلى شواطئ البحر الأحمر، من خلال ضم منطقة أم الرشراش عام 1949، وتحويلها إلى ميناء بحري بات معروفا باسم ميناء إيلات.
وليس غريبا إن قلنا بأن الصهيونية تتكئ إلى مزاعم دينية في كل مشروعها الاستيطاني، وقد زعم اليهود ولا يزالون بأن البحر الأحمر من شماله إلى جنوبه، كان ضمن حدود مملكة سليمان عليه السلام قبل الميلاد. ولأن الموانئ والمضايق المحيطة بهذه الدولة اللقيطة تشكل تحديا استراتيجيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولا يمكن تجاهل أهميتها في استمرار وديمومة هذا الكيان، فقد شنت إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا العدوان الثلاثي على مصر بعيد إعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس في العام 1956، واحتلت سيناء وسواحلها على البحر الأحمر شرقي مصر. وفي عام 1967 احتل اليهود قناة السويس وسيطروا على حركة الملاحة الدولية منها وإليها.
لكنهم اضطروا للتخلي عن هذا المكسب الكبير بعد حرب أكتوبر 1973، إذ كان عليهم الانسحاب من القناة وتوقيع اتفاق الهدنة 1974، ثم ما لبثوا أن ثبتوا قواعد جديدة في معاهدة السلام مع مصر 1979، التي اعتبرت قناة السويس ممرا دوليا يحق لإسرائيل وسفنها الحركة فيه كسائر دول العالم.
وقد ساعدت هذه التطورات على تنشيط ميناء أم الرشراش، الذي يعتمد عليه الكيان في تبادل السلع مع أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا، كما كان هذا الميناء لوحده يستقبل نصف احتياجات إسرائيل من النفط، الذي كان يأتي من الموانئ الإيرانية في عهد الشاه قبل الثورة الإسلامية 1979، مرورا بباب والمندب والبحر الأحمر.
لقد ظهرت عدة متغيرات دولية دفعت بهذا الكيان إلى التفكير جنوبا، حيث باب المندب، خاصة بعد انسحاب بريطانيا من عدن 1967، ثم عندما قامت مصر مع دولتي اليمن الجنوبية والشمالية آنذاك بإغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الدولية المتجهة إلى إسرائيل بالتزامن مع حرب 1973.
اليوم وبعد نصف القرن على المواجهة العربية مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، يعيش الكيان مأزقا حقيقيا بعد أن دخلت اليمن معركة طوفان الأقصى وقلبت الموازين بشكل كان خارج كل الحسابات.
أحكمت القوات المسلحة اليمنية حصارها البحري بعمليات عسكرية نوعية أدت إلى إغلاق ميناء إيلات في بضعة أشهر، وخروجه عن الخدمة كليا، مع إعلان إفلاسه، ما ترك تأثيرا مباشرا على الاقتصاد القومي للكيان الغاصب، وتكبيده خسائر باهظة.
على أن الأخطر بالنسبة لهذا الكيان أن طموحاته وسياساته التوسعية باتت في مهب الريح، فجبهة اليمن المساندة لغزة 2023-2024 يتعاظم دورها وفاعليتها، لدرجة أن قوات صنعاء الباسلة اشتبكت مع القوات الأمريكية البريطانية التي هرعت إلى البحر الأحمر دفاعا عن هذه العصابات الإجرامية التي لم تكف عن جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
وباعتراف الخبراء والمحللين في الغرب وفي داخل الكيان نفسه، فإن المعركة مع اليمن دخلت طورا تصاعديا، أشد تأثيرا وأكثر تعقيدا، فلم يتمكن تحالف ” حارس الازدهار ” من كبح جماح اليمن، وباتت البحرية الأمريكية بحاملات طائراتها تلوذ بالفرار في مشهديه مفاجئة وغير مسبوقة، ومتكررة أيضاً.
فوق ذلك يدرك هذا الكيان أن المعركة مع اليمن مفتوحة على كل الاحتمالات، وليس من سبيل لإيقافها أو التخفيف من حدتها، إلا بإيقاف العدوان على غزة ورفع الحصار عن أهلها وشعبها.
25-12-2024