وقد يَقصُرُ حبلُ الصبرِ و يَنضُبُ معينُ التفاؤل لكن يبقى الأملُ
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
{ وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ }
و هنالك أمور أخرى كثيرة/عديدة من صنع بني الإنسان تقود إلى المصآئب و الدمار و اليأس و جميع النهايات المحزنة و الأليمة ، و لكن لا بد من التفآؤل و التمسك بالأمل.
الدولة المستقرة الآمنة يديرها العقلآء و الحكمآء و القادة الذين يُحتَذَىَٰ بهم ، و الذين لديهم العلم و المعرفة و الكفآءات و الخبرات و الصفات اللازمة/الضرورية التي تؤهلهم و تعينهم على تحديد الأهداف و صياغة الأطر و المواثيق التي تأكد سيادة الدولة و القانون و العدالة و تضمن المؤسسية التي تثبت الأمن و الإستقرار مما يتيح إعداد و تنفيذ الخطط و المشاريع الإنمآئية...
و في غياب العقلآء و الحكمآء و القادة تأتي جماعات الجهلآء و السفهآء و الأرزقية و الطفيلية و القتلة و اللصوص لتملأ الفراغ و تتقدم الصفوف ، و في هذه الأثنآء تضيع الحقيقة و المسئولية ، و تحتدم الصراعات حول السلطة و التكالب على المكاسب و ينتشر الفساد ، و تنشأ الخلافات و النزاعات ، و ينشب الإقتتال ، و تشتعل الحروبات ، و يحدث الدمار و الخراب و النزوح وصولاً إلى حالة الفوضى و اللادولة ، و حينئذ يتسيد الموقف جماعات القتلة الذين يمتلكون السلاح و المتعطشون دوماً إلى التسلط و الفتك و سفك الدمآء...
و بعد نشوب الحروب و إنتشار القتل و النهب و السلب و الخوف و الرعب و النزوح ، تبدأ الجموع الخآئفة و المرعوبة و النازحة و الذين من دونهم تنادي بوقف القتال و تسأل/تستجدي/تبحث عن حلول و طرق للخروج من المأزق ، و لكن دون جدوى ، ففي حالات الكوارث و الفوضى و اللادولة ، و في غياب القيادات العاقلة الحكيمة و الدولة و القانون و البيئة التي تتيح الحوار و النقاش ، تتضآءل أو في الحقيقة تنعدم فرص التوافق و إمكانية الوصول إلى مخرجات أو حلول مرضية ، أو ربما تصبح مستحيلة تماماً...
و لكل حال/حدث ذروة و قمة ، و البقآء في القمة له نهاية حتى و لو طال الزمن ، و كما للقمة جهة صعود فلها أيضاً منحدر هبوط ، و تحت الكثير من القمم توجد هاويات سحيقة ، و هنالك العديد من الحالات المرصودة للسقوط من القمم...
و من بعد بلوغ القتل و النهب و التدمير و الخراب المدى النهآئي/القمة ، و مع تناقص أعداد الضحايا و غنآئم الحرب و الأنفال تأتي مراحل: الإنهاك و الإرهاق و ملل و ضجر المقاتلين جرآء إنعدام المعارك و القتل و تناقص المكاسب و العآئد المالي ، و ذلك في تزامن مع فتور حماس التمويل القادم من ورآء الحدود ، و حينئد يطفو ما كان مخفياً من الخلافات إلى السطح ، و يبدأ الصراع بين أمرآء الحروب و المقاتلين على القيادة و السلطة و حول ما تبقى من فتات الغنآئم و الأنفال...
و ما يجري حالياً في بلاد السودان هو حالة الفوضى و اللادولة السآئدة التي أحدثتها جماعات الكيزان الطامعة إلى إستعادة السلطة و مليشيات الجنجويد المتفلتة و المتعطشة إلى القتل و النهب و السلب ، و قد بلغت مساوئ/فظاعات/إنتهاكات مليشيات الجنجويد ذروتها/قمتها ، و هي و جماعات الكيزان لا محالة في طريقهم إلى النهايات المنطقية من حيث الإنحدار و السقوط إلى الهاوية ، و عقب ذلك سوف تنشأ فراغات و عدة إحتمالات ، و جميعها ممكنة و قابلة للحدوث و بدرجات متفاوتة:
١- حدوث المعجزات الخارقة:
و هذه أمور تفوق مقدرات البشر ، بما فيهم الشعوب السودانية ، بحسبان أنها مشيئات إلهية خالصة و خارج نطاق إختيارات البشر و إراداتهم ، و ليس هنالك من الدلالات ما تشير أو تبشر إلى أن بلاد السودان و الشعوب السودانية موعودة بحدوث شيء من هذا القبيل:
{ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ }
[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٥٣]
{ لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ }
[سُورَةُ الرَّعۡدِ: ١١]
و على الرغم من الإيمان الراسخ بالله و العلم بأنه سبحانه و تعالى لطيفٌ بعباده و خبيرٌ و قادرٌ و غالبٌ على أمره ، إلا أن الله ما شافوهو بالعين لكن عرفوهو بالعقل...
٢- ظهور القيادات و الزعامات الوطنية:
و يعني ذلك تقدم جماعات العقلآء و الحكمآء و القادة إلى الصفوف الأمامية بغرض الفعل و إحداث التغيير ، لكن شواهد الأحوال تشير إلى أن هذه الجماعات تكون غير ذات فعالية في غياب القوة الرادعة التي تضمن الأمن و الإستقرار و سيادة حكم القانون و العدالة ، و معلومٌ أن بلاد السودان و الشعوب السودانية تعاني نقص حآد في هذا النوعية من الجماعات و كذلك ندرة عظيمة في القوة:
الجيش خَرَبُوا الكيزان...
الكيزان أخوان شيطان...
و لو كان هنالك عقلآء و حكمآء و قادة و جيش وطني حقيقي قوي لما كان هذا الوضع المزري و المحزن ، و لما كان إنعدام الأمن و الفوضى و اللادولة ، و لما كان هذا المقال...
٣- فرض الحلول الخارجية عن طريق التدخل الأجنبي بالقوة:
و لن يكون التدخل الأجنبي من أجل خدمة مصالح الشعوب السودانية ، و هو حتماً ليس من أجل طيبة (سذاجة) و كرم و أمانة الزول السوداني ، أو عيونه العسلية اللون!!! ، أو طوله البالغ ستة قدم و ستة بوصات!!! ، أو عيد ميلاده المميز الذي يصادف الأول من يناير من كل عام و الذي يتوافق مع ذكرى عيد إستقلال جمهورية السودان المجيد!!!...
و من المؤكد أن يتعارض التدخل الأجنبي مع المصالح السودانية ، فالتدخل يقدم لحماية و رعاية المصالح الأجنبية و في مقدمتها السيطرة و الإستفادة من الموارد الهآئلة التي تذخر بها بلاد السودان ، و إن حدث التدخل الأجنبي فسوف يؤدي حتماً إلى الإحتمال الأخير ، و هو تشظي بلاد السودان إلى دويلات صغيرة ، و ما أسهل التحكم في دويلات و أمارات الموز...
٤- التشظي إلى دويلات:
و يبدوا أن هذا الإحتمال هو ما تسعى إليه العديد من الجهات ، خصوصاً إذا علمنا أن بلاد السودان و الشعوب السودانية كما حلاوة دِربِس متعددة الألوان و الأذواق و الأعراق و الأجناس و متفرقة الأهوآء و الأهداف و الرؤى ، و قلوبها شتى و لا يجمعها سوى عشق الغنآء و الإختلاف على و في و حول كل شيء...
٥- توهج جذوة الثورة السودانية من جديد:
فما زال الأملُ كبيراً و معقوداً في الثوار يُكَضِّبُون الشِّينَة ، يتقدمون الصفوف ، و يملئون الفراغات و عيون جميع الشعوب السودانية ، و يرفعون عالياً الرؤوس و الهامات...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التدخل الأجنبی بلاد السودان ما کان
إقرأ أيضاً:
البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها
زار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاهرة اليوم (الأثنين) وسط جملة من التحديات المحلية والإقليمية، مايؤكد ضرورة تنسيق الرؤى بين البلدين وضرورة توحيدها، لمجابهة أي عواصف عكسية قد تعكر صفو أمن واستقرار المنطقة.
العلاقات الثنائية
الرئيس السيسي استقبل الفريق البرهان بمطار القاهرة، وعقد الطرفان جلسة مباحثات مشتركة بقصر الاتحادية، واستعرضت المباحثات، آفاق التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بينهما والإرتقاء بها، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.
مواقف مصر
من جانبه عبر الفريق البرهان عن تقديره لمستوى العلاقات السودانية المصرية، والتي وصفها باالإستراتيجية، مبيناً أنها علاقات تاريخية راسخة وذات خصوصية. مؤكداً حرصه على تعزيزها وتطويرها لخدمة مصالح الشعبين، وتحقيق التعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين، مشيدا بمواقف مصر وقيادتها الحكيمة، الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، ودعمها لمؤسسات الدولة السودانية، ووقوفها بجانب الشعب السوداني، وحرصها على سلامة وأمن وإستقرار السودان وسيادته، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تضطلع به القيادة المصرية تجاه قضايا المنطقة.
دعم الإعمار
من جهته جدد الرئيس السيسي موقف مصر الداعم والثابت تجاه قضايا السودان ، مؤكداً وقوف بلاده مع مؤسسات الدولة السودانية ، وسعيها الدائم لتحقيق الأمن والاستقرار ووحدة الأراضي السودانية ، ودعم عملية إعادة الإعمار والبناء في السودان، مشيداً بمستوي التعاون المشترك بين البلدين ، مؤكداً حرصه على توطيد وتمتين روابط الإخوة ودعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي، بما يحقق تطلعات الشعبين، معرباً عن إعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان من علاقات استراتيجية قوية على المستويين الرسمي والشعبي.
مشروعات مشتركة
وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، بجانب مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين. فضلاً عن الإستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.
التطورات الميدانية
كما تطرقت المباحثات أيضاً للتطورات الميدانية الأخيرة في السودان، والتقدم الميداني الذي حققته القوات المسلحة السودانية باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب، وشهدت المباحثات كذلك، تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الإرتباط الوثيق للأمن القومي لكلا البلدين، وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين.
ضرورة التشاور
تأتي الزيارة في وقت دقيق ومفصلي يمر به السودان، وبدعوة من الرئيس السيسي، مايؤكد متانة العلاقة بين البلدين، وتجديد المواقف المصرية الثابتة تجاه السودان، والتنسيق العالي بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، إضافة إلى رمزية استقبال الرئيس السيسي للفريق البرهان بالمطار، مايؤكد اعتراف مصر بشكل عملي للحكومة الشرعية بالسودان، وتنسحب هذه الرسالة أيضاً على مليشيا الدعم السريع وأعوانها، بأن مصر لا يمكن أن تعترف بأي حكومة في السودان سوى الحكومة الشرعية في بورتسودان، أيضا الزيارة تأتي بعد انتصارات كبيرة للجيش السوداني على أرض الميدان، وانحسار المليشيا في أماكن بسيطة في دارفور، إلا أنها مازالت تمارس سياسية الأرض المحروقة، برد فعل انتقامي للهزائم الكبيرة التي تكبدتها في الميدان، وتدميرها للمنشآت المدنية والبنى التحتية بالبلاد، وضرب وقتل المواطنين العزل بطريقة وحشية، مايستدعي ضرورة التشاور مع مصر واطلاعها بآخر مستجدات الأوضاع في السودان… فماهي دلالات زيارة البرهان للقاهرة في هذا التوقيت، وماهي الرسائل التي ترسلها، ومآلات التنسيق العالي بين البلدين.
مشاكل الجالية
وكشف مصدر دبلوماسي سوداني أن مباحثات الرئيسين السيسي والبرهان، تطرقت إلى مشاكل الجالية السودانية في مصر في التعليم والإقامات والتأشيرات. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ “المحقق” إن الجانب السوداني طرح هذه المشاكل على الجانب المصري، مضيفا أن هناك تعاون كبير من الجانب المصري في هذه الملفات، مبينا أنه كانت هناك توجيهات من الرئيس السيسي بتذليل أي عقبات أمام السودانين بمصر، وكذلك استمرار الرعاية المصرية للوجود السوداني بها، وقال إن هناك أيضا تسهيلات كبيرة من الجانب المصري للسودانيين العائدين من مصر، بعدم تكليفهم أي غرامات من انتهاء الإقامات أو من الدخول إلى مصر عن طريق التهريب.
توقيت مهم
من جهته أكد مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول إدارة السودان وجنوب السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى أن زيارة البرهان للقاهرة تأتي في توقيت مهم، بعد أن أحرز الجيش السوداني إنتصارات كبيرة على أرض المعركة. وقال عيسى لـ “المحقق” إن الجيش السوداني بعد تحريره لمدن وسط وشرق السودان، بدأ يتوجه إلى دارفور، بعد التطورات الأخيرة بها من هجوم المليشيا على معسكرات النزوح في زمزم وأبوشوك وغيرها، إضافة إلى هجمات الدعم السريع على المنشآت الحيوية والبنى التحتية ومحطات الكهرباء، مؤكدا أن مصر هي الداعم الأول للدولة السودانية والقوات المسلحة، وقال إن الزيارة مهمة لنقاش هذه التطورات المتسارعة بالسودان مع الجانب المصري الذي يدعم الحفاظ على أمن واستقرار السودان بقوة.
الدعم المصري
وأوضح عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم أن هناك مشروعات مصرية بالسودان يمكن استئنافها بعد الحرب، وبعد انتفاء خطر المليشيا، وقال إن من هذه المشروعات مشروع إعادة تطوير ميناء وادي حلفا، والربط الكهربائي، وزيادته من 70 ميجاوات حتى 300 ميجاوات، وكذلك المدينة الصناعية، وعدد من المشروعات الزراعية، إضافة إلى إعادة إعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب، بإعادة تأهيل جسر شمبات بالخرطوم وغيره من المشروعات، مشدداً على الدعم المصري الكامل للسودان في هذه الفترة الحرجة، وقال إن مصر تدعم السودان سياسيا وتنمويا ودبلوماسيا وفي المحافل الدولية.
رسالة عملية
ولفت عيسى إلى أن أهمية الزيارة تأتي من منطلق الدعم المصري وإلى دراسة بداية مرحلة إعادة الإعمار في السودان، منوها إلى أن استقبال البرهان في هذا التوقيت وهذه الطريقة، يؤكد موقف مصر من الشرعية في السودان، وقال إنها رسالة مصرية بطريقة عملية بأن مصر لن تعترف بأي حكومة أخرى في السودان، وأنها تعترف فقط بمجلس السيادة والحكومة في بورتسودان، مشيرا إلى تطابق الرؤى بين البلدين في ملف المياه، وقضايا القرن الأفريقي، وقال إن مصر والسودان لديهما رؤية مشتركة وتنسيق عال في هذين الملفين باعتبارهما من الملفات المشتركة والمهمة والتي تهم الأمن القومي بهما.
عنوان الزيارة
بدوره وضع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني الدكتور خالد التيجاني عنوانين لزيارة البرهان للقاهرة. وقال التيجاني لـ “المحقق” إن العنوان الأول هو تتويج للموقف المصري الحاسم في الوقوف إلى جانب السودان والحفاظ على مؤسساته، مضيفاً أنه موقف تفوقت فيه مصر ولعبت دورا كبيرا في تثبيت شرعية الدولة السودانية والحفاظ عليه، وتابع أنه كان موقفا استراتيجيا يعبر عن الوعي المصري بمدى الارتباط العضوي بين الأمن القومي والاستراتيجي للبلدين، لافتا إلى أن الموقف المصري أثبت أنه غير متعلق بنظام بعينه بل أنه مبنى على رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلدين.
أجندة مستقبلية
ورأى التيجاني أن العنوان الثاني للزيارة هو أن هذه الوقفة المصرية القوية ساعدت على صمود الدولة السودانية وتعزيز قدراتها سياسيا ودبلوماسيا، واستعادة الجيش السوداني لزمام المبادرة في الحرب وأخذ خطوات كبيرة في عملية الحسم العسكري، وقال إن دعوة السيسي للبرهان تخاطب أجندة مستقبلية، وإن هذا تأكيد على أن الدولة السودانية استردت عافيتها، وترتب أوضاعها الآن مع الأخذ الإعتبار التحديات التي فرضتها الحرب، مضيفا أنه يتطلب من السودان الآن إعادة النظر في مفهوم الأمن القومي، بعد أن وجد نفسه وحيدا في هذه الحرب، باستثناء مصر التي دعمته على كل المستويات، مشددا على ضرورة التأكيد أن العلاقة مع مصر ذات خصوصية وأن لديها مؤشرات حيوية، مشيرا إلى جملة من المحاولات للتقارب بين البلدين كانت تتأثر بطبيعة الأنظمة السياسية في السودان، وقال أنه الآن جاء الوقت أن تبرمج هذه العلاقات إلى واقع عملي.
المسؤولية الأكبر
وأكد التيجاني أن مصر عملت مايليها في هذا الجانب، وأن على السودان أن يبني على هذه الشراكة، وعلى ارتباط الأمن القومي بالبلدين، مضيفا يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية على كافة المستويات وعلى مستويات أعلى، وتابع أن الزيارة لذلك وضعت لبنات لمخاطبة أجندة مستقبلية، ورأى ضرورة ترتيب المواقف السودانية وفقا للمصالح الحقيقية من إعادة إعمار وشراكات اقتصادية، وقال إن الجانب السوداني يتحمل المسؤولية الأكبر من أجل تعزيز هذه العلاقات في الفترة المقبلة، مضيفا أن مصر لديها قدرات وامكانات كبيرة يمكن أن تساعد السودان بطاقات جديدة وتكامل اقتصادي حقيقي يعود بالمصلحة لشعبي البلدين.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتساب