بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

{ وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ }
و هنالك أمور أخرى كثيرة/عديدة من صنع بني الإنسان تقود إلى المصآئب و الدمار و اليأس و جميع النهايات المحزنة و الأليمة ، و لكن لا بد من التفآؤل و التمسك بالأمل.

..

الدولة المستقرة الآمنة يديرها العقلآء و الحكمآء و القادة الذين يُحتَذَىَٰ بهم ، و الذين لديهم العلم و المعرفة و الكفآءات و الخبرات و الصفات اللازمة/الضرورية التي تؤهلهم و تعينهم على تحديد الأهداف و صياغة الأطر و المواثيق التي تأكد سيادة الدولة و القانون و العدالة و تضمن المؤسسية التي تثبت الأمن و الإستقرار مما يتيح إعداد و تنفيذ الخطط و المشاريع الإنمآئية...
و في غياب العقلآء و الحكمآء و القادة تأتي جماعات الجهلآء و السفهآء و الأرزقية و الطفيلية و القتلة و اللصوص لتملأ الفراغ و تتقدم الصفوف ، و في هذه الأثنآء تضيع الحقيقة و المسئولية ، و تحتدم الصراعات حول السلطة و التكالب على المكاسب و ينتشر الفساد ، و تنشأ الخلافات و النزاعات ، و ينشب الإقتتال ، و تشتعل الحروبات ، و يحدث الدمار و الخراب و النزوح وصولاً إلى حالة الفوضى و اللادولة ، و حينئذ يتسيد الموقف جماعات القتلة الذين يمتلكون السلاح و المتعطشون دوماً إلى التسلط و الفتك و سفك الدمآء...
و بعد نشوب الحروب و إنتشار القتل و النهب و السلب و الخوف و الرعب و النزوح ، تبدأ الجموع الخآئفة و المرعوبة و النازحة و الذين من دونهم تنادي بوقف القتال و تسأل/تستجدي/تبحث عن حلول و طرق للخروج من المأزق ، و لكن دون جدوى ، ففي حالات الكوارث و الفوضى و اللادولة ، و في غياب القيادات العاقلة الحكيمة و الدولة و القانون و البيئة التي تتيح الحوار و النقاش ، تتضآءل أو في الحقيقة تنعدم فرص التوافق و إمكانية الوصول إلى مخرجات أو حلول مرضية ، أو ربما تصبح مستحيلة تماماً...
و لكل حال/حدث ذروة و قمة ، و البقآء في القمة له نهاية حتى و لو طال الزمن ، و كما للقمة جهة صعود فلها أيضاً منحدر هبوط ، و تحت الكثير من القمم توجد هاويات سحيقة ، و هنالك العديد من الحالات المرصودة للسقوط من القمم...
و من بعد بلوغ القتل و النهب و التدمير و الخراب المدى النهآئي/القمة ، و مع تناقص أعداد الضحايا و غنآئم الحرب و الأنفال تأتي مراحل: الإنهاك و الإرهاق و ملل و ضجر المقاتلين جرآء إنعدام المعارك و القتل و تناقص المكاسب و العآئد المالي ، و ذلك في تزامن مع فتور حماس التمويل القادم من ورآء الحدود ، و حينئد يطفو ما كان مخفياً من الخلافات إلى السطح ، و يبدأ الصراع بين أمرآء الحروب و المقاتلين على القيادة و السلطة و حول ما تبقى من فتات الغنآئم و الأنفال...
و ما يجري حالياً في بلاد السودان هو حالة الفوضى و اللادولة السآئدة التي أحدثتها جماعات الكيزان الطامعة إلى إستعادة السلطة و مليشيات الجنجويد المتفلتة و المتعطشة إلى القتل و النهب و السلب ، و قد بلغت مساوئ/فظاعات/إنتهاكات مليشيات الجنجويد ذروتها/قمتها ، و هي و جماعات الكيزان لا محالة في طريقهم إلى النهايات المنطقية من حيث الإنحدار و السقوط إلى الهاوية ، و عقب ذلك سوف تنشأ فراغات و عدة إحتمالات ، و جميعها ممكنة و قابلة للحدوث و بدرجات متفاوتة:
١- حدوث المعجزات الخارقة:
و هذه أمور تفوق مقدرات البشر ، بما فيهم الشعوب السودانية ، بحسبان أنها مشيئات إلهية خالصة و خارج نطاق إختيارات البشر و إراداتهم ، و ليس هنالك من الدلالات ما تشير أو تبشر إلى أن بلاد السودان و الشعوب السودانية موعودة بحدوث شيء من هذا القبيل:
{ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ }
[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٥٣]
{ لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ }
[سُورَةُ الرَّعۡدِ: ١١]
و على الرغم من الإيمان الراسخ بالله و العلم بأنه سبحانه و تعالى لطيفٌ بعباده و خبيرٌ و قادرٌ و غالبٌ على أمره ، إلا أن الله ما شافوهو بالعين لكن عرفوهو بالعقل...
٢- ظهور القيادات و الزعامات الوطنية:
و يعني ذلك تقدم جماعات العقلآء و الحكمآء و القادة إلى الصفوف الأمامية بغرض الفعل و إحداث التغيير ، لكن شواهد الأحوال تشير إلى أن هذه الجماعات تكون غير ذات فعالية في غياب القوة الرادعة التي تضمن الأمن و الإستقرار و سيادة حكم القانون و العدالة ، و معلومٌ أن بلاد السودان و الشعوب السودانية تعاني نقص حآد في هذا النوعية من الجماعات و كذلك ندرة عظيمة في القوة:
الجيش خَرَبُوا الكيزان...
الكيزان أخوان شيطان...
و لو كان هنالك عقلآء و حكمآء و قادة و جيش وطني حقيقي قوي لما كان هذا الوضع المزري و المحزن ، و لما كان إنعدام الأمن و الفوضى و اللادولة ، و لما كان هذا المقال...
٣- فرض الحلول الخارجية عن طريق التدخل الأجنبي بالقوة:
و لن يكون التدخل الأجنبي من أجل خدمة مصالح الشعوب السودانية ، و هو حتماً ليس من أجل طيبة (سذاجة) و كرم و أمانة الزول السوداني ، أو عيونه العسلية اللون!!! ، أو طوله البالغ ستة قدم و ستة بوصات!!! ، أو عيد ميلاده المميز الذي يصادف الأول من يناير من كل عام و الذي يتوافق مع ذكرى عيد إستقلال جمهورية السودان المجيد!!!...
و من المؤكد أن يتعارض التدخل الأجنبي مع المصالح السودانية ، فالتدخل يقدم لحماية و رعاية المصالح الأجنبية و في مقدمتها السيطرة و الإستفادة من الموارد الهآئلة التي تذخر بها بلاد السودان ، و إن حدث التدخل الأجنبي فسوف يؤدي حتماً إلى الإحتمال الأخير ، و هو تشظي بلاد السودان إلى دويلات صغيرة ، و ما أسهل التحكم في دويلات و أمارات الموز...
٤- التشظي إلى دويلات:
و يبدوا أن هذا الإحتمال هو ما تسعى إليه العديد من الجهات ، خصوصاً إذا علمنا أن بلاد السودان و الشعوب السودانية كما حلاوة دِربِس متعددة الألوان و الأذواق و الأعراق و الأجناس و متفرقة الأهوآء و الأهداف و الرؤى ، و قلوبها شتى و لا يجمعها سوى عشق الغنآء و الإختلاف على و في و حول كل شيء...
٥- توهج جذوة الثورة السودانية من جديد:
فما زال الأملُ كبيراً و معقوداً في الثوار يُكَضِّبُون الشِّينَة ، يتقدمون الصفوف ، و يملئون الفراغات و عيون جميع الشعوب السودانية ، و يرفعون عالياً الرؤوس و الهامات...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التدخل الأجنبی بلاد السودان ما کان

إقرأ أيضاً:

القاهرة تستضيف مؤتمرا دوليا لبحث سبل وقف الحرب المستمرة في السودان

شهدت العاصمة المصرية القاهرة، السبت، افتتاح مؤتمر القوى السياسية السودانية تحت عنوان "معا لوقف الحرب في السودان" وسط مطالب مصرية رسمية بوقف "نزيف الدم"، جراء الصراع المتواصل منذ أكثر من عام.

وشارك في المؤتمر الدولي الذي يهدف لبحث وقف الحرب المستمرة في السودان، وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي.

وذكرت وزارة الخارجية المصري، في بيان، أن عبد العاطي "افتتح مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية والذي يعقد اليوم في القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة".

وشارك في المؤتمر "ممثلو تلك القوى والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان"، وفق البيان ذاته.


وفي كلمته الافتتاحية، أكد وزير الخارجية المصري  "خطورة الأزمة الراهنة التي يواجهها السودان الشقيق منذ ما يزيد عن عام كامل"، مشددا على أن "التداعيات الكارثية (للحرب في السودان) التي تتطلب الوقف الفوري والمستدام للعمليات العسكرية حفاظاً على مقدرات الشعب السوداني الشقيق ومؤسسات الدولة".

وأشار عبد العاطي، إلى أن وقف الحرب "يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة من كافة أطراف المجتمع الدولي، والتوصل لحل سياسي شامل يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السوداني".

وشدد على  أن "أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية وبتسهيل من المؤسسات الدولية والإقليمية".

وأوضح "استضافة مصر لهذا المؤتمر تعد استكمالاً لجهودها وفي إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيغاد".

من جهته، قال رئيس الوزراء السوداني السابق، ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية "تقدم" المشارك بالمؤتمر، عبدالله حمدوك، إن "مؤتمر القاهرة" ينعقد في توقيت مفصلي بالنسبة للدولة السودانية التي تواجه أزمة وجودية أودت بحياة الكثير من أبناء شعب السودان، حسب وكالة الأنباء المصرية.

وأضاف حمدوك أن المؤتمر "يعالج ثلاث قضايا رئيسية: الأولى تتعلق بوقف الحرب، والثانية تخص الأزمة الإنسانية التي تعد الأكبر في العالم اليوم، والثالثة والأخيرة والمهمة للغاية هي بحث العملية السياسية وأجندتها والمبادئ العملية الأساسية".

تجدر الإشارة إلى أن تقارير الأمم المتحدة، تفيد بأن حرب السودان جعلت نحو 25 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، بينهم حوالي 14 مليون طفل.


كما تشير تقديرات غير رسمية، إلى أن الأمن الغذائي بالسودان، يشهد أزمة لنحو 37 بالمئة من السكان، أي إن حوالي 17.7 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد، وفقا للأناضول.

ومنذ نيسان/ أبريل 2023، تدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ما تسبب في مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.

وفي شباط/ فبراير الماضي، أطلق الجيش السوداني مهمة عسكرية للقضاء على "الدعم السريع"، بعدما فشلت مفاوضات بينهما رعتها السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة خلال الفترة الماضية، بإحراز اختراق يقود إلى وقف الحرب التي دخلت شهرها الحادي عشر.

ولم تنجح مساع أفريقية تقودها "الهيئة الحكومية للتنمية شرق أفريقيا" (إيغاد)، بالجمع بين البرهان و"حميدتي"، تمهيدا لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات، وفقا لوكالة الأناضول.

مقالات مشابهة

  • القاهرة تستضيف مؤتمرا دوليا لبحث سبل وقف الحرب المستمرة في السودان
  • وزير الخارجية المصري: حل الأزمة السودانية يجب أن يكون بقيادة سودانية
  • مصائب الكيزان في بلاد السودان!
  • "نزوح وقتل".. وزير الخارجية يكشف عن تفاصيل الوضع في السودان
  • مؤتمر القاهرة ورأى لابد أن يقال
  • مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية: لحظة فارقة في تاريخ السودان
  • مصر ومؤتمر الأزمة السودانية.. 5 تحديات ملحّة تدفع للتحرك الفوري
  • السودان: رسائل إلى المجتمعين في القاهرة
  • أمريكا والدول الغربية ذات الوجهين: لا تستطيع فرض قبول الشعوب بها، ولا منع فرارهم منها شرقا
  • مؤتمر القاهرة.. تحرك حثيث لرأب الصدع في السودان