تقدمت "قوات الدعم السريع" التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ ثمانية أشهر، في مدينة ود مدني، مركز ولاية الجزيرة، جنوب العاصمة الخرطوم، فيما قال مصدر قيادي في "الدعم السريع" لـ"الشرق"، الاثنين، إنهم يسيطرون "جزئياً" على هذه المدينة الاستراتيجية، وما زالت تتعامل مع بعض "الجيوب"، على حد وصفه.

وشهد محيط ود مدني، وهي المدينة الأكبر بعد الخرطوم، معارك عنيفة في الأيام الأخيرة، قبل أن تعلن قوات الدعم السريع سيطرتها على الأجزاء الشمالية والشرقية من المدينة الواقعة على بعد نحو 190 كيلومتراً جنوبي العاصمة السودانية.



ومع احتدام القتال، اضطر عشرات الآلاف من المدنيين للفرار جنوباً باتجاه مدينتي سنار وسنجة، وغرباً باتجاه قرى في مشروع الجزيرة الزراعي. وحذرت منظمات دولية وعواصم غربية من آثار إنسانية كارثية نتيجة المعارك في وسط السودان.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، الاثنين، إن ما بين 250 ألفاً إلى 300 ألف شخص فروا من ولاية الجزيرة، منذ 15 ديسمبر، نتيجة الاشتباكات بين "قوات الدعم السريع" والجيش السوداني.

وألقت هذه التطورات بظلالها على احتمالات التسوية التي تقودها الوساطة السعودية الأميركية في منبر جدة من جانب، وجهود منظمة "إيقاد" من جانب آخر، بعد ارتفاع سقف التفاؤل في الشارع السوداني في أعقاب قمة جيبوتي التي انتهت بالتزام من قبل الطرفين المتحاربين بالموافقة على لقاء بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد "الدعم السريع" الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي".

قمة جيبوتي.. ماذا بعد؟
أقرت قمة جيبوتي وقف الحرب بين القوات المسلحة، لكن البيان الختامي أثار خلافات بين "إيقاد" ووزارة الخارجية السودانية، التي أعلنت عن تحفظها على مسودة البيان الختامي.

وفي الثالث من ديسمبر الجاري، فشلت مفاوضات منبر جدة في التوصل إلى اتفاق بين الجيش و"الدعم السريع"، بل تم تعليق التفاوض لمزيد من التشاور بين قادة الطرفين.

وفتحت هذه التطورات الباب أمام العديد من الأسئلة حول مساعي وقف الحرب، واحتمالات توسع دائرة القتال.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"الشرق" عن اجتماع سيعقد الأسبوع المقبل بين وزراء خارجية دول "إيقاد"، لمناقشة تعيين مبعوث خاص للمنظمة إلى السودان.

وأشارت المصادر إلى توافق بشأن ترشيح وزراء خارجية ثلاث دول من أجل اختيار مبعوث، هي جنوب السودان وجيبوتي وإثيوبيا.

وأكدت المصادر الدبلوماسية الإفريقية لـ"الشرق"، أن "إيقاد" لم تتخل عن مقترحها بعقد لقاء بين البرهان وحميدتي، مشيرة إلى أن مشاورات وترتيبات تجري في هذا السياق، بانتظار خطابين مكتوبين من قائدي الجيش والدعم السريع.
وعلمت "الشرق" أن موعد ومكان هذا اللقاء لم يحددا بعد.

تحفظات سودانية متواصلة
وفي خلفية هذه الجهود الإفريقية، تبرز تحفظات السودان على البيان الختامي لقمة جيبوتي، ما يشيع نوعاً من البرود تجاه مساعي "إيقاد".

وقال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق لـ"الشرق"، إن "إيقاد لم تتعاط مع تحفظات بلاده على البيان الختامي"، مشيراً إلى أن البيان "لا يعبر عما دار فيها، ولا يهم السودان، في شيء ولا علاقة له به". وشدد على أن ما جرى "مخالف لما يحدث عادة في مثل هذه القمم".

من ناحيته، جدد الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي، في حديثه لـ"الشرق"، التزام قواته بما تم الاتفاق عليه في قمة إيغاد بجيبوتي. وقال قرشي لـ"الشرق" إن الدعم السريع "ملتزمة بلقاء حميدتي- البرهان".

آفاق الحل التفاوضي
ويعول مسؤولون سابقون وسياسيون وقسم من الشارع السوداني، على التفاوض سبيلاً لحل الأزمة المستفحلة.

ويرى عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق محمد الفكي سليمان، في حديثه لـ"الشرق"، أن "دائرة الصراع تتسع في عدد من المدن، وفي ظل رغبة الحسم العسكري المتزايدة لا أحد يحفل بالآلام الكبيرة التي يدفع ثمنها المدنيون وحدهم من دمهم ومعاشهم وأمنهم".

وحول تحفظات البرهان على بيان قمة جيبوتي الختامي، قال الفكي إنها "غير مفهومة، ولم يقلها صراحة، وكان من الأفضل أن يفصح عنها ولاسيما أن القمة الطارئة جاءت بطلب منه، الأمر الذي سيجعل غيابه عن لقاء حميدتي غير مبرر، ولا سيما أنه لم يرفضه في وقته".

ولفت إلى أن "موقفاً جديداً كهذا برفض لقاء قائد الدعم السريع، سيخلق ضغوطات سياسية أكبر عليه"، معتبراً أنه "لا نهاية للحرب إلا على طاولة التفاوض".

وأضاف: "اليوم أفضل للوطن من الغد، لأن استمرار الحرب خلافاً لتدمير مقدرات البلاد، وهو ثمن باهظ، فإن الانقسام المجتمعي في تفاقم وهو الشرخ الذي سيؤدي إلى تفكك البلاد ما لم نتدارك هذا الأمر".

فرصة أخيرة؟
من جهته، قال القيادي في "قوى الحرية والتغيير" إبراهيم الميرغني لـ"الشرق"، إن "الفرصة كانت سانحة لتفادي هذه الحرب قبل اندلاعها في 15 أبريل، وفق الأسس التي تم التوافق حولها بين قيادتي الجيش والدعم السريع والقوى السياسية والمدنية".

وأشار إلى أن "الفرص لاحت ثانية بعد اشتعال الحرب في الأيام والأسابيع الأولى وبداية منبر جدة"، لكن "من أشعلوا الحرب كانت لديهم مخططات أخرى وفق حسابات خاطئة، وخُيل لهم إمكانية حسمها عسكرياً، وهكذا أخذت الحرب في التمدد، وخرجت عن السيطرة تماماً، للأسف ما تزال عقلية الحسم المستحيل تسيطر على المشهد".

ذكرت مصادر مطلعة لـ"الشرق" أنه تم التوصل لاتفاق مبدئي في قمة جيبوتي لتوسعة الآلية الرباعية الخاصة برعاية المباحثات بين أطراف الصراع في السودان.

وأضاف الميرغني أن التعنت "انعكس سلباً على منبر جدة، وأدى إلى التنصل من اتفاق إجراءات بناء الثقة"، و"مع تعثر مفاوضات جدة، لاحت في الأفق فرصة أخرى بالتزام واضح لا يقبل التأويل من قيادتي الجيش والدعم السريع أمام المجتمعين الدولي والإقليمي، بتعهدات واضحة لا تقبل الشك حول ثلاث نقاط، هي وقف النار غير المشروط واللقاء المباشر بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع، والقبول بعملية سياسية تقود لمرحلة انتقالية بقيادة مدنية".

وعبّر الميرغني عن أسفه على البيان الذي صدر من الخارجية السودانية، حاملاً "تنصلاً واضحاً يناقض كل ما تم التعهد به بحجج واهية لا معنى لها سوى إجهاض هذه الفرصة الأخيرة"، على حد وصفه.

وعلى النقيض من ذلك، رأى مصدر دبلوماسي مقرب من جميع الأطراف في حديثه لـ"الشرق"، أن إمكانية عودة الطرفين لمنبر جدة لاستئناف التفاوض "ممكنة جداً، بل وشيكة"، وذلك بسبب أن "الجيش والدعم السريع أحرزا بعض التقدم في العديد من الملفات، منها الملف الإنساني وبعض القضايا العسكرية".

لكن هذا الدبلوماسي جزم بأن لقاء البرهان حميدتي "لن يتم في القريب العاجل"، لأن "المسافات مازالت بعيدة بين جميع الأطراف".
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش والدعم السریع قوات الدعم السریع البیان الختامی قمة جیبوتی منبر جدة إلى أن

إقرأ أيضاً:

لا تكتفي بنهب ذهبه.. الامارات تنهب “آثار السودان” ايضاً (صور)

 

 

الجديد برس|

 

كشف تحقيق حصري لمنصة “دارك بوكس” في تطبيق اكس ، أساليب نهب الإمارات لذهب وآثار وثروات السودان الوطنية، عبر سلسلة مروعة من السرقات والتهريب والنهب المنظم، تمتد من متاحف ومناجم السودان إلى مدارج الطائرات في أبوظبي.

وقالت المنصة بانها “تحتفظ بصور أقمار صناعية حصرية، ووثائق مسرّبة، وشهادات شهود عيان”.

 

وتطرق التحقيق الى طرق وأساليب النهب المنظم للذهب والآثار من قبل قوات الدعم السريع المدعومة إماراتياً بشكل علني، واشار التحقيق ” ان قوات الدعم السريع نفذت نهباً ممنهجًا لمناجم الذهب والمراكز الجيولوجية والمتاحف الوطنية في السودان.

ووثّقت صور الأقمار الصناعية قوافل شاحناتهم وهي تنقل موارد ثمينة غرباً نحو الطائرات الإماراتية المنتظرة.

 

وقالت المنصة أن “هناك صور حصرية تظهر قوافل قوات الدعم السريع تغادر مستودع المتحف القومي السوداني ومقر هيئة البحوث الجيولوجية متجهة نحو الحدود السودانية”.

وأكد التحقيق ، أن من بين المسروقات  كنوز وقطع أثرية لا تُقدّر بثمن،مثل نيزك المناصير، سرق من هيئة البحوث الجيولوجية وتماثيل وعملات نوبية نادرة وصناديق كاملة من آثار غير مسجلة من دارفور والخرطوم ومخطوطات قبطية وقطع أثرية من الممالك المسيحية السودانية، كُلها نُقلت بشاحنات عسكرية إلى مهابط طائرات خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

 

الجدير بالذكر ، أن بعض القطع ظهرت بالفعل على مواقع تجارية مثل eBay وعلى الشبكة السرية للبيع تحت بيانات مزورة.

 

وحدد التحقيق، أن مسارات التهريب تبدأ من أم درمان إلى أبو ظبي عبر طريق أم درمان، حيث تتوجه الشاحنات إلى الحدود مع تشاد ويستقبلها عملاء مرتبطون بالإمارات، وبعد ان يتم شحنها لتعبر حدود تشاد مع ليبيا يتم تحميلها على طائرات خاصة إماراتية باتجاه أبو ظبي “ليتم مقايضة الذهب والآثار مقابل أسلحة وتقنيات متقدمة عبر حسابات شركة الجنيد التابعة لقائد ميليشات الدعم السريع ، دقلو”.

 

ويؤكد التحقيق أن الصور الحصرية التي حصلت عليها المنصة، تُظهر شحنات ذهب موسومة كمجرد “عينات معدنية” نُقلت عبر خطوط شحن إماراتية.

 

وأشار التحقيق، أن محرك الحرب الحقيقي هو استنزاف ذهب السودان، إذ تمر أكثر من 90٪ من صادرات الذهب عبر الإمارات. وبمجرد وصوله يُذاب ويُعاد تصنيعه في شكل مجوهرات أو سبائك تُمحى أصوله ويُباع عالمياً أو يُضاف للاحتياطي الوطني الإماراتي، مقابل طائرات مسيّرة وأسلحة وأدوات تجسس ظهرت في هجمات قوات الدعم السريع الأخيرة بدارفور.

 

واضافت منصة “دارك بوكس” بانها تأكدت من أرقام تسلسلية وعلامات مصنّعين على الأسلحة التي استخدمتها قوات الدعم السريع—وتبين أن الكثير منها مصدره شركات إماراتية وأوروبية شرقية، تم نقلها عبر خطوط الإمداد الإماراتية.

 

وتقول المنصة “هذا ليس مجرد نهب، بل نهب ترعاه دولة ويغذي الإبادة الجماعية.”مع استمرار صمت العالم رغم وجود الأدلة، كما انه لم يتم فرض عقوبات على شركات الأسلحة الإماراتية، ولم تجرى تحقيقات من منظمات التراث التابعة للأمم المتحدة، ولم يصدر استنكار عالمي لنهب المتاحف والآثار.

 

وفي غضون ذلك، لا تزال منصات دولية مثل eBay تغص بقطع أثرية يُعتقد أنها منهوبة من السودان.

 

وقد استخدمت أبو ظبي نهب الآثار والكنوز وتهريب الذهب لتمويل الحروب في اليمن وليبيا، والآن في السودان، ومن خلال حسابات شبكة الجُنيد ” التابعة لقائد ميليشات الدعم السريع ، دقلو”، وبنوك الظل، وخطوط الشحن العسكري، تدير الإمارات عملية نهب بمليارات الدولارات بعيداً عن رقابة العالم.

 

واختتم التحقيق، بأن السودان يُنهب على مرأى من الجميع تراثه وثرواته ومستقبله يُعرضون للبيع لتغذية طموحات إمبراطورية إقليمية، وأن الإمارات ليست طرفاً محايداً بل إنها مستفيدة من الحرب، ناهبة للأمم، وشريان حياة لمليشيات ترتكب إبادة جماعية.

مقالات مشابهة

  • اشتباكات بين الجيش و الدعم السريع داخل مدينة النهود غربي السودان
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في "النهود" جنوبي السودان
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • لا تكتفي بنهب ذهبه.. الامارات تنهب “آثار السودان” ايضاً (صور)
  • في بيان أصدرته: “الدعم السريع” تمنح الجيش والمشتركة فرصة الخروج الآمن من الفاشر
  • عاجل | مصدر عسكري بالجيش السوداني للجزيرة: ارتفاع عدد الجنود القتلى في قصف مليشيا الدعم السريع بمدينة كوستي إلى 11
  • هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
  • تحقيقات اممية بسبب صواريخ إماراتية يستخدمها “الدعم السريع” بالسودان
  • الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر