رئيس استخبارات صهيوني سابق: أي صورة انتصار لن تمحو عار 7 أكتوبر .. والحل الأمثل سياسي
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
سرايا - يحذّر رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، الجنرال في الاحتياط تامير هايمان أن الحرب على غزة ستطول، وأن أيّ نتيجة لن تمحو عار السابع من أكتوبر، مشدداً على أن تعزيز الأمن القومي الصهيوني لن يتحقق إلا بتسوية سياسية طويلة الأمد.
في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية، يقول هايمان إن الضغط العسكري على كتائب “حماس” الثلاث الأخيرة في شمال القطاع مستمر، وإن هذا الواقع يخلق تعقيداً عالياً، إذ إن الجيش الصهيوني موجود في قلب منطقة مكتظة، يوجد فيها “مخربون”، ومدنيون، ومخطوفون.
ويقول محذّراً إن إخضاع جميع كتائب الألوية الشمالية لـ “حماس” في غزة على مشارف الانتهاء، لكن “تطهير المكان” سيستمر وقتاً طويلاً.
ويمضي في تحذيراته: “علينا أن ندرك أن المعارك التي تتم وجهاً لوجه، هي معارك يتضاءل فيها التفوق النسبي للجيش الصهيوني في مواجهة “حماس”، على الرغم من الشجاعة الكبيرة التي يبديها مقاتلونا، والتي يثبتون فيها كفاءتهم كمقاتلين. ليس علينا تسريع هذه الخطوة، لا مكان لمقاتلي “حماس” كي يهربوا إليه. إذا تصرفنا بصورة صحيحة إزاء الولايات المتحدة، فسنحصل على كل الوقت الذي نحتاج إليه. لقد استغرقت الولايات المتحدة نفسها ثلاثة أعوام للتوصل إلى إنجاز مماثل في مواجهة “داعش” في الرقة”. زاعماً أن الجانب الأمريكي يدرك ذلك جيداً، كما أن الضغط الأمريكي الهادف إلى نقل الحرب من مرحلة القتال المكثف إلى المرحلة التالية، لا علاقة له بمدينة غزة (حيث استطاع الجيش فعلاً احتلال أغلبية المدينة)، ولذا، فلا معنى للتنقل بين المراحل.
ويضيف: “في إمكاننا مواصلة العمل، كما عملنا في بداية المعركة، بصورة بطيئة ومكثفة، وبواسطة استخدام النيران المكثفة، وغيرها من الوسائل. في بقية المواقع في القطاع، التحول إلى أسلوب آخر مطلوب، ليس فقط إرضاءً للأمريكيين. علينا أن نُخضع كتائب أُخرى، لكن نظراً إلى الظروف الجديدة: فإن كثافة السكان المدنيين في منطقة مكتظة، ووجود المخطوفين، على ما يبدو تحت الأرض، يتطلبان منا العمل ببطء ودقة أكثر. ولذا فإن التحول في اتجاه طرق عمل أُخرى ينسجم مع ما تلمّح الولايات المتحدة إليه، بشأن رؤيتها للمرحلة المقبلة”.
ويرى هايمان أن خلاصة القول هي أنه لن تتمكن صور النصر جميعها من محو الإحباط والإهانة الناجمَين عن الكارثة التي وقعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويتابع: “لقد اتضح أن تركيع “حماس” لن يغيّر المشاعر الصعبة، وأثمان الحرب تثقل كاهلنا أكثر. ومع ذلك، علينا الاعتراف بأن هذا هو كل ما يمكن للجيش "الإسرائيلي" تقديمه في مجال النصر العسكري. الحقيقة البسيطة تقول إن تغيير الوضع من أساسه، ممكن فقط من خلال العمل السياسي، الذي يستغل الإنجاز العسكري بهدف تغيير الواقع الأمني”.
كما يرى أنه على الجيش "الإسرائيلي" أن يضمن أن “حماس” لن تشكّل بعد تهديداً أمنياً، وأن يستعيد الكرامة المفقودة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، لكن هذا نفسه لن يعيد لنا أمننا القومي.
ويقول إن التسويات السياسية الطويلة الأمد هي ما يضمن ذلك، وإن "الإسرائيليين" لا يهتمون بذلك بصورة كافية، لافتاً إلى أنه في الانتقال من مرحلة القتال العنيف إلى مرحلة القتال المستمر، لا بد للفعل السياسي من أن يتصدر. وعن ذلك يضيف: “نحن بحاجة إلى عمل مشترك من لجان الوزارات التالية: الخارجية، القضاء، والداخلية، والأمن الداخلي، والمالية، والاقتصاد، وتناسي سفاسف السياسات الداخلية، والانشغال بالعمل السياسي الحقيقي”.
ويتوقع هايمان أن تكون هذه الحرب طويلة، ويقول إنه كما لا أحد يتذكر ما هو التاريخ الفعلي لانتصار حملة “السور الواقي”، فلن يتذكر أحد في المستقبل تاريخ تحقيق النصر في حرب “السيوف الحديدية”.
ويتابع: “سنقوم بالتنقّل بين المراحل، ونغيّر الوتائر، وندخل في روتين العمل الحربي، وفي نهاية المطاف، لن يعود هناك وجود لـ “حماس” كتنظيم “إرهابي” يسيطر على قطاع غزة”.
في التزامن، تتواصل عملية توجيه الانتقادات الإسرائيلية لإدارة الحرب، ويرى المعلق السياسي في إذاعة الجيش رازي بركائي أن “استعادة المخطوفين من غزة هي الهدف الأول، والأهم لأن ذلك ينطوي على قيمة إنسانية وأمنية عليا، حتى بثمن وقف الحرب لفترة طويلة، خاصة أنها تتيح لقوات الجيش مستقبلاً مهاجمة الأنفاق بقوة دون تردد ودون حذر. انتهكنا الاتفاق غير المكتوب بين الدولة ومواطنيها. قتل المخطوفين الثلاثة دليل على صحة ذلك”.
ويؤكد النائب السابق، الباحث، والضابط في الاحتياط عوفر شيلح، في حديث للقناة 13 العبرية، أن “استمرار القتال في الطريقة الحالية لن يؤدي لتحقيق أهداف الحرب، لا تدمير “حماس” ولا استعادة المخطوفين”.
ويعلل شيلح رؤيته هذه بشكل مثابر، منذ أسابيع، بالقول: “هذا ليس فقط بسبب تراجع أو فقدان غطاء الشرعية الدولية، بل لأنه يخطئ من يعتقد أن الجيش، بما تبقى من وقت، قادر على التنقل من مكان لمكان، وقتل هذا “المخرّب” أو ذاك، وتدمير فتحة نفق هنا ونفق هناك. هذا غير ممكن، ويضاف لذلك الكلفة الباهظة للحرب. هذا لن يتحقق، وكل تاريخ الحروب الإسرائيلية يؤكد هذه الخلاصة”.
وينسجم شيلح مع تلخيصات صهيونية متزايدة تشكّك بجدوى واحتمالات الحرب على غزة، لأنها لا تحدّد أهدافاً واقعية واضحة ويمكن تحقيقها، لا تكتفي بشعار “تدمير حماس”، ما يفاقم بالتالي حالة التململ الداخلي، ورفع منسوب استياء "الإسرائيليين" من أداء حكومتهم وجيشهم، وهذا ما كشف عنه استطلاع للرأي نشرته القناة 12 العبرية، ليلة أمس، علاوة على تعمق أزمة الثقة بنتنياهو شخصياً، الذي يبحث عن إطالة أمد الحرب لحسابات شخصية غريبة، كما يتجلى في انشغاله الآن بالبحث عن اسم ديني للحرب (سفر التكوين الاسم المقترح)، في محاولة لتهويش اليهود والحفاظ على تأييدهم لحرب مفتوحة على غزة.
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. القسام تطلق رشقة صاروخية اتجاه الاراضي المحتلة إهداء لأرواح شهداء الضفة الغربيةإقرأ أيضاً : ليبرمان: الحرب وسيلة نتنياهو للبقاء في السلطةإقرأ أيضاً : خبير عسكري صهيوني واصفًا المعارك البرية: "قتلوا دبابتهم قبل أن تصطادها حماس"
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
سلام: التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من عسكري إلى سياسي
أكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام أن إدارة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب "ستعيد فور تسلم مهامها، تحريك ملف السلام في الشرق الأوسط، ومن ضمن أولوياته السعي لتوقيع اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل"، مرحبا بـ"عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض".
وأشار لـ"أندبندنت عربية"، الى أن "معالم الخطة الأميركية للملف اللبناني بعد انتهاء الحرب، تتألف من ثلاث نقاط تشمل: انتخاب رئيس للجمهورية ليفاوض على الاتفاقات الدولية وتشكيل حكومة جديدة، وتحصين الجيش ودعمه عسكريا وأمنيا وإعادة انتظام العمل القضائي في البلاد".
ولفت الى أن "هناك تفاهمات دولية بدأت تظهر ملامحها، بين واشنطن وطهران تحديدا، حول تموضع "حزب الله" في الداخل اللبناني"، موضحا أن "التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من حزب عسكري إلى حزب سياسي".
وعن الجهود الدولية لوقف الحرب في لبنان، كشف سلام أنه خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية واشنطن، عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أميركيين ومستشاري الرئيس ترامب، وقال: "ما لمسناه في واشنطن نية حقيقية لدى الإدارة المقبلة لدعم استقرار لبنان. فقد أكد مستشارو ترامب، بمن فيهم مسعد بولس، أن لبنان سيكون ضمن أولوياتهم".
أضاف: "فريق الرئيس الجمهوري ينظر إلى لبنان كجزء من استراتيجية إقليمية أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. والإدارة الأميركية الجديدة ترى أن بلادنا يمكن أن تكون نموذجا للاستقرار إذا تم التعامل معه بجدية".
وأعرب عن تفاؤله بـ"إمكانية أن يشهد عام 2025 بداية جديدة للبنان رغم التحديات"، وقال: "مع تغيير الإدارة الأميركية، ووجود دعم دولي وإقليمي واضح، يمكن أن يكون عام 2025 نقطة تحول إيجابية. ولكن النجاح يعتمد على قدرتنا كلبنانيين على اتخاذ قرارات حكيمة ومسؤولة".
وتطرق وزير الاقتصاد الى موضوع الخسائر الاقتصادية نتيجة الحرب التي شهدها لبنان لعام وشهرين تقريبا، فأشار الى أن "البلد يحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات ليتعافى من الحرب التي أعادته 10 سنوات إلى الوراء".
وقال: "ان حجم الأضرار التي لحقت بلبنان نتيجة الحرب المستمرة، تجاوزت كل التوقعات. ان الأرقام التي كشف عنها البنك الدولي، وقدرت الخسائر بنحو 10 مليارات دولار، لا تمثل سوى جزء من الصورة الكاملة. نحن نعتقد أن الخسائر الفعلية، بما في ذلك الأضرار المباشرة وغير المباشرة، تتراوح بين 15 و20 مليار دولار".
أضاف: "هذه الأرقام تشمل الدمار في البنى التحتية، وتضرر القطاعات الاقتصادية الكبرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية الخطرة. نحن نتحدث عن نزوح أكثر من مليون شخص، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. فقط خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد أكثر من 400 ألف شخص وظائفهم، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية".
وتابع: "هذه الأرقام مرشحة للارتفاع في ظل استمرار النزاع، مما يجعل الحاجة إلى وقف إطلاق النار أمرا ملحا. كل يوم يمر في ظل الحرب يعيدنا سنوات إلى الوراء، ويزيد من الأعباء التي ستواجهها أي جهود لإعادة الإعمار".
وعن تداعيات الحرب على الأوضاع الاجتماعية، أوضح أن "الأزمة الحالية أضافت أعباء جديدة إلى وضع اقتصادي كان يعاني الانهيار أصلا".
وقال: "نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية. النزوح الجماعي والبطالة المتزايدة جعلا من الصعب على اللبنانيين تأمين حاجاتهم الأساسية. حتى القطاع الصحي يواجه ضغوطا هائلة في ظل نقص الموارد".
اضاف: "الأزمة الاقتصادية الراهنة تعني أن لبنان لا يستطيع تحمل مزيد من الحروب أو النزاعات. نحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى خطة طوارئ لتخفيف العبء عن الجميع".
وأعلن أن "الحكومة تعمل على إنشاء منصة إلكترونية للتواصل مع القطاع الخاص لتقييم الأضرار ودعم المؤسسات المتضررة". وقال: "هذه المنصة ستتيح لنا جمع البيانات اللازمة لتقديم صورة شاملة عن حجم الأضرار، مما يسهل عملية جذب الدعم الدولي".
وعن خطط إعادة الإعمار، أكد سلام أن "المجتمع الدولي مستعد لدعم لبنان، شريطة التزامه بالإصلاحات الضرورية". وقال: "لقد ناقشنا في واشنطن إمكانية إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار، تشارك فيه كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول العربية. والفكرة هي توجيه المساعدات بصورة شفافة لضمان استخدامها في مشاريع تنموية حقيقية".
ولفت الى أن "إحدى الخطط التي يعمل عليها تشمل إعادة تشغيل مطار القليعات في الشمال، كجزء من مشروع أوسع لتحسين البنى التحتية وتعزيز النشاط الاقتصادي".
وانتقد "بشدة ممارسات بعض التجار الذين استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة"، مشددا على أن "ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة ليس مبررا بالكامل بظروف السوق العالمية، فهناك استغلال واضح من قبل بعض تجار الأزمات الذين يضاعفون معاناة المواطنين".
وأكد سلام أن "وزارة الاقتصاد تعمل على تكثيف الرقابة ومعاقبة المخالفين"، وقال: "التكنولوجيا تلعب دورا مهما في تحسين أدوات الرقابة، وما نحتاج إليه الآن هو نظام رقابي أكثر كفاءة، لضمان عدالة الأسعار وحماية المستهلك".
وأقر بوجود "تحديات كبيرة تعرقل اتخاذ القرارات اللازمة لإنقاذ لبنان"، وقال: "لبنان يعيش حال انقسام سياسي حاد، تجعل من الصعب تحقيق توافق داخلي حول القضايا المصيرية. ولكن مع ذلك، نحن في حاجة إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة".
وفي ما يتعلق بدور "حزب الله" في المفاوضات، قال: "الحزب يلعب دورا محوريا في المشهد الحالي، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنه أحد الأطراف الرئيسة في النزاع الحالي. لذا، فإن أي حلول يجب أن تأخذ في الاعتبار موقفه وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية تصب في مصلحة لبنان ككل".
اضاف: "ان التحدي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة توافقية تضمن الحفاظ على سيادة لبنان مع الالتزام بالقرارات الدولية، مثل القرار 1701. هذا يتطلب حوارا داخليا صادقا وإرادة سياسية قوية".
وعن المنطقة ومستقبلها، أكد سلام "أهمية رؤية السعودية 2030 وتأثيرها الإقليمي على مستقبل الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان"، معتبرا أنها "ليست مجرد خطة اقتصادية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في المنطقة، إذ تمثل مشروعا طموحا يعكس نهجا جديدا في إدارة العلاقات الإقليمية، وأن لبنان لديه فرصة حقيقية لأن يكون جزءا من هذه الرؤية إذا أحسن إدارة قراراته الداخلية".
وأكد أن "الرؤية السعودية تعتمد على تحقيق نزاعات صفر في المنطقة كشرط أساسي لتحفيز التنمية الاقتصادية، وأن هذا المسار يشمل جميع الدول العربية، بما فيها لبنان، الذي يمكن أن يستفيد بصورة كبيرة إذا انضم إلى هذا القطار، إذ تشمل رؤية 2030 أيضا توفير بيئة سياسية مستقرة تخدم جميع شعوب المنطقة".
ورأى أن "لبنان لديه موقع استراتيجي يجعله بوابة بين الشرق والغرب، والأمر يتطلب منه القيام بخطوات إصلاحية واضحة أبرزها الالتزام بالقرارات الدولية، والعمل على إزالة التوترات الداخلية والخارجية المتصلة به".
وخلص الى أن "لبنان أمام خيارين: أولهما الانضمام إلى رؤية 2030 والاستفادة من الاستقرار الإقليمي، أو البقاء رهينة النزاعات والفوضى. لبنان أمام فرصة تاريخية للخروج من أزمته، لكن الوقت ينفد والمطلوب الآن قرارات شجاعة من الجميع، وتغليب مصلحة الوطن على الحسابات الضيقة".