ما إن انتهت جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، على وقع "تصفيق" نواب "القوات اللبنانية"، حتى بدأت الاحتفالات بـ"الانتصار" وفق توصيف قوى المعارضة، و"القوات" على رأسها، بعدما اعتبرت نفسها "أم الصبي"، وخاضت في سبيل إنجاز التمديد بالصيغة التي أقرّ فيها، "حربًا وجودية"، خصوصًا في مواجهة رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي صُنّف "مهزومًا" في النتيجة.


 
صحيح أنّ العديد من نواب "القوات" حاولوا إعطاء بعد "وطني" للتمديد، رافضين تبنّي مقولة "الانتصار الذاتي" بعد انتهاء الجلسة، إلا أن الصحيح أيضًا أنّ المحسوبين على "القوات" لم يتأخّروا في "المفاخرة" بالإنجاز الذي تحقّق، ولا سيما أنّه جنّب البلاد أزمة "فراغ" قد تُدخِل المؤسسة العسكرية في "المجهول" بكلّ ما للكلمة من معنى، معتبرين أنّه ما كان من الممكن الوصول إليه لولا إصرار "القوات" وعنادها، إن جاز التعبير.
 
أكثر من ذلك، أوحت بعض الوقائع أنّ احتفال "القوات" بـ"الانتصار" لم تقتصر على ما تحقّق من تمديد لعون، بل ذهبت لحدّ "البناء" على مشهد الجلسة التشريعية، من أجل "الرهان" على مشهد مماثل في جلسة أخرى تخصَّص لانتخاب رئيس الجمهورية، لكن هل ما تحقّق يعتبَر فعلاً "انتصارًا صافيًا" لـ"القوات"؟ وما هي العوامل الموضوعية التي أوصلت إليه؟ ولماذا يعتبر البعض أنّ رئيس مجلس النواب كان "الرابح الأكبر"، لا "القوات"؟!
 
حسابات ربح "القوات"
 
بالنسبة إلى المحسوبين على "القوات اللبنانية"، فإنّ حسابات الربح تمنحها "الامتياز" في معركة "استحقاق" قيادة الجيش، فالتمديد لعون كان مطلبها منذ اليوم الأول وتحقّق في نهاية المطاف، مع خاسر وحيد هو رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي ارتكب من "الخطايا" في هذه المعركة ما قد يجعله "مهزومًا" على المدى الطويل، خصوصًا بعد هجومه غير المسبوق على قائد الجيش، وضمنًا على المؤسسة العسكرية برمّتها.
 
تضع "القوات" في حسابات الربح أيضًا، أنها لم تخرق مبدأ "عدم التشريع بغياب رئيس الجمهورية"، رغم مشاركتها في جلسة تشريعية كاملة المواصفات، حيث تقول إنّها "امتنعت" عن التشريع في كلّ البنود التي طرحت على جدول الأعمال، واكتفت بتأمين النصاب بانتظار طرح موضوع التمديد، انطلاقًا من أنّ "المصلحة الوطنية العليا" تغلّبت على المبدأ، ولو أنّ مثل هذا المنطق قد لا يبدو مقنِعًا لكثيرين، في المعارضة أولاً.
 
وليس خافيًا على أحد أنّ خروج "حزب الله" ودخول نواب المعارضة إلى الجلسة في اللحظة الأخيرة، شكّل نقطة إيجابية بالنسبة إلى "القوات"، التي لم تظهر على أنها خرقت وحدها "الإجماع" على رفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، خصوصًا بعد محاولات للحديث عن "تمايز كتائبي" لن يتأخّر النائب سامي الجميل في توظيفه لصالحه، في استعادة لفصول "التنافس الشعبوي" بين الحزبين، والذي لا يزال قائمًا بشكل أو بآخر.
 
كيف تحقق التمديد؟
 
لكن، بعيدًا عن مفاخرة "القوات" بانتصارها، والذي يعتبره البعض مُبالَغًا به، يتحدّث العارفون عن سلسلة عوامل "موضوعية" أسهمت في تحقيق "غاية" التمديد بمعزل عمّن كان فعلاً "أم الصبي"، ومن بين هذه العوامل بلا شكّ الموقف المسيحي العام، الذي مثّله بشكل أساسي البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي لعب دورًا "محفّزًا" في هذا الإطار، بعد سلسلة من العظات التي ركّز فيها على وجوب التمديد لعون، وعدم المسّ باستقرار المؤسسة العسكرية.
 
ويندرج في الخانة نفسها الموقف الدوليّ المؤيد للتمديد، رفضًا لإدخال الجيش في متاهات "فوضى" غير محسوبة، والذي عبّر عنه الموفدون الدوليون الذين تناوبوا على زيارة لبنان في الآونة الأخيرة، كما يندرج أيضًا الظرف الاستثنائي والدقيق، في ظلّ الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وانعكاساتها في جنوب لبنان، وهو ظرف دفع كثيرين لتأييد التمديد، على الرغم من موقف "مبدئي" قد لا يكون مؤيّدًا لمثل هذه الخطوة.
 
لكن، قبل كلّ ذلك، ثمّة من يعتبر أنّ موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وصفه البعض بـ"الرابح الأكبر"، بعد انتزاعه اعترافًا من الجميع بـ"تشريع الضرورة"، كان الأساس في تحقيق "غاية" التمديد، وكذلك موقف "حزب الله"، الذي لا يشكّ أحد في أن "موافقته الضمنية" كانت "خريطة الطريق" للتمديد، بمعزل عن "تكتيكه" خروجه من القاعة في اللحظة الأخيرة، من باب "رفع العتب" مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل.
 
هكذا، قد يكون من المُبالَغ به الحديث عن "ربحٍ صافٍ" حقّقته "القوات اللبنانية" في ملف التمديد لقائد الجيش، ولو أنّه يُسجَّل لها أنّها نجحت في "اللعبة الإعلامية" من خلال الضغط الذي مارسته طيلة المرحلة الماضية. لكنّ الأكيد أن التمديد ما كان ليتحقّق لو لم تتضافر سلسلة من المعطيات التي كرّسته أمرًا واقعًا، ومن بينها موافقة "حزب الله" الضمنية، بمعزل عن مصلحة "القوات" من مثل هذه المقاربة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لبنان يُطالب بالتجديد لـ اليونيفيل من دون أيّ تعديلات والفصل السابع لن يمرّ!

كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": تُحاول الولايات المتحدة الأميركية قبل مطالبة الحكومة اللبنانية من مجلس الأمن الدولي التجديد لولاية قوّات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان (منذ العام 1978) سنة إضافية، في أواخر آب من كلّ عام، الإستفادة من هذا التمديد الذي يُفترض أنّه "روتيني"، لإدخال تعديلات عليه تصبّ في مصلحة اسرائيل . وكان قد أثير الجدل خلال السنة الماضية، حول التعديلات التي فُرضت لأول مرّة على قرار التمديد في السنة التي سبقتها (أي في العام 2022)، وتقضي بـ "منح "اليونيفيل" حقّ القيام بمهامها بصورة مستقلّة، وتسيير الدوريات المُعلن وغير المُعلن عنها دون مؤازرة أو إبلاغ الجيش اللبناني". وقد رفض لبنان هذه التعديلات لا سيما صلاحية تحرّك "اليونيفيل" من دون مواكبة الجيش اللبناني أو التنسيق معه، على ما كان معتمداً في السنوات السابقة.
ويكتسي قرار التمديد لليونيفيل هذا العام، أهمية إضافية، بحسب أوساط ديبلوماسية مطّلعة، سيما وأنّه يأتي في ظلّ المواجهات العسكرية الدائرة منذ 8 تشرين الأول الفائت بين حزب الله وإسرائيل عند الجبهة الجنوبية. وكانت هذه الأخيرة قد طالبت، على لسان الولايات المتحدة بضرورة توسيع نطاق عمل "اليونيفيل" لكي يتسنّى لها الدخول الى المناطق التي يتواجد فيها "حزب الله" عسكرياً بهدف معرفة الأماكن التي يُخبّىء فيها أسلحته، ومواقع عناصره وما الى ذلك... واليوم مع تغيّر الوضع الأمني على الأرض، تتساءل عمّا يُمكن أن تُطالب به أميركا لتحقيق مطالب إسرائيل.في الوقت الذي يجد فيه البعض أنّ التمديد للقوّة الدولية سيمرّ مرور الكرام في أواخر آب المقبل من دون أي مشاكل أو خلافات تُذكر، رغم حساسية الوضع على الحدود، والسعي الدولي والعربي للبحث عن حلّ ديبلوماسي يُعيد اليها الأمن والإستقرار الدوليين.
غير أنّ الأوساط نفسها، تجد العكس، مشيرة الى أنّه صحيح أنّ الولايات المتحدة لا يُمكنها اليوم الخوض في سجالات حول التمديد لليونيفيل، بعد أن بدأت حملتها الإنتخابية الرئاسية، غير أنّ قرار التمديد لا يزال يستحوذ على اهتمامها. فقد بحث كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة الى باريس مع المسؤولين الفرنسيين ولا سيما مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. ومن المعروف أنّ فرنسا هي التي تخط غالباً، مسودة مشروع قرار التمديد لليونيفيل، وهي التي تفعل هذه السنة أيضاً. وقد باتت المسودة الأولى على قاب قوسين من مناقشتها مع الدول الأعضاء لإدخال ما يلزم عليها من تعديلات توصّلاً الى الصيغة النهائية. وقد بدأت فرنسا بالعمل عليها منذ نحو الشهرين، كما قامت بالتنسيق مع الخارجية اللبنانية بشأنها تلافياً لحصول أي مفاجآت أو خلافات. على أن تُحيل مشروع القرار الى مجلس الأمن الدولي في آب المقبل للتصويت عليه في جلسة تُعقد في أواخره.
يُخشى بأن تُطالب إسرائيل وبعض الدول الحليفة لها بإدراج قرار التمديد لليونيفيل تحت الفصل السابع. غير أنّ اعتماد "الفصل السابع" يتطلّب موافقة الدول العظمى، أي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهو ليس بالأمر السهل في ظلّ وقوف روسيا والصين الى جانب لبنان ضدّ الدول الأخرى، من خلال استخدام حقّ النقض "الفيتو". وتقول بأنّ بعض الدول قد تقترح أن يكون التجديد للقوّات الدولية لستة أشهر بدلاً من سنة إضافية تنتهي في 31 آب من العام 2025، وذلك لوضع إطار جديد لعملها في الجنوب، في حال استمرت المعارك خلال هذه الفترة، أو بهدف إنهاء مهامها، واستبدال وجودها بانتشار عناصر الجيش اللبناني بعدد أكبر في المنطقة الجنوبية. علماً بأنّ دول عدّة قد وافقت على تقديم الدعم للجيش اللبناني، لكن يصعب التخلّي عن وجود "اليونيفيل" في جنوب لبنان خلال هذه المدّة الوجيزة.
ومن هنا، سعى هوكشتاين خلال زياراته الأخيرة الى لبنان والمنطقة والتي شملت فرنسا أيضاً، وفق الأوساط الديبلوماسية، الى إنجاز إتفاق ما يُعيد نوعاً من الهدوء الى المنطقة الحدودية، والعودة الى "قواعد الإشتباك" المتفق عليها ضمناً وعدم خرقها من خلال التصعيد أو توسيع الحرب. كذلك على إرساء التوافق على تعديل هذه القواعد بهدف الوصول الى وقف دائم لإطلاق النار عند الجبهة الجنوبية، مع إعطاء بعض الضمانات لكلّ من الطرفين. لكن هذا الإتفاق لم يبصر النور حتى الآن، رغم الحديث عن أنّه "أُنجز". لهذا فإنّ هذا الشهر سيشهد مقترحات عدّة من قبل الدول الأعضاء، تتفاوت بحسب ما سيحصل عند الجبهة الجنوبية خلال هذه الفترة.

مقالات مشابهة

  • أروى جودة: لم أتدخل في سيناريو "حرب نفسية".. ومهنة التمثيل ترهقنا جسديًا وفكريًا (حوار)
  • أوقاف أسوان تحتفل بالعام الهجري الجديد
  • الجيش الصومالي يستعيد السيطرة على منطقة مهمة في محافظة جوبا السفلى
  • ضرورة التغيير الكامل
  • “وعدنا بالانتصار وقادنا للهزيمة”.. تعليقات إسرائيلية على فشل نتنياهو بغزة
  • تذمر الجيش والرغبة الكيزانية!!
  • لبنان يُطالب بالتجديد لـ اليونيفيل من دون أيّ تعديلات والفصل السابع لن يمرّ!
  • القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجري الجديد 1446هــ
  • القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجرى الجديد 1446هــ
  • القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجري الجديد