نحو بناء علاقة زوجية قوية..!
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لا شك في أن الزواج من أهم عوامل الاستقرار الاجتماعي؛ لأنه بواسطته يتم بناء الأسرة، وما تضمه من أطفال، وهو ما يعني نمو أجيال تتمتع بالصحة الجسدية والنفسية، لكن مؤسسة الزواج، تواجه تحديات كبيرة، تهدد استقراره، واستمراره، مثل انقطاع التواصل بين الزوج والزوجة، ويتمثل في عدم المشاركة في التفاصيل التي تهم كل واحد منهما، والتركيز فقط على المواضيع العامة، وهذا مع مرور الوقت يسبب فراغاً وفجوة بينهما.
ومع وجود قضايا ملحة مثل الضغوط المالية، قد يحدث اختلاف حول الأولويات، أو تعريف الضروريات، وهذه تفاقم الهوة وتزيدها، فيحدث الخصام والتباين، ويزيد مع وجود قضايا أخرى تتعلق بإدارة المنزل والزيارات الاجتماعية، ورحلات الترفيه، وضغوط العمل، وغيرها الكثير، ومن هنا يحدث خلل في الاحترام، ويتدنى تبادل التقدير بين الطرفين.ولا يمكن المرور على تلك الخلافات والتباينات، والادعاء بأنها ستنتهي من تلقاء نفسها، كما يرى وينصح البعض، بل على العكس، ستنمو وتتزايد يوماً وراء الآخر.لذا يمكن التغلب على تلك التحديات والصعوبات والمشاكل التي تواجه الزواج، من خلال التفاهم، وبناء صلات من الود والاحترام، والاتفاق على تأسيس قاعدة حياتية، تتعلق بالتفاهم والحوار بينهما. ويمكن للزوج أو الزوجة، الحصول على الدعم والمشورة من خلال المختصين في مجال العلاقات الأسرية والزوجية، أو من خلال ورش العمل والتدريب التي تستهدف تطوير مهارات إدارة الحياة الزوجية، والتغلب على الصعوبات والضغوط، وتجنب الآراء والتوجيهات التي نسمعها دون مصدر موثق، أو دون مرجعية علمية، التي تبث على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قد تفتقر للموضوعية، والمهنية.
ويبقى التفكير الإيجابي، والتركيز على كل ما يجمع وجهات النظر، ويعزز تماسك الأسرة، وأن يقدر كل طرف الآخر، ويدعم أفكاره، ويشجعه على التطور والتقدم.العلاقة الزوجية مهمة جداً لأي مجتمع؛ لأنها مساهمة في بنائه وتماسكه، لذا على كلٍّ من الزوج والزوجة المحافظة على أواصر التعاون والاحترام، وتنمية التواصل وتعزيز الأسرة بالاستقرار والمعرفة، ومنح مساحة واسعة من التفهم والتقدير؛ لأن الحياة الزوجية ليست عابرة، أو تتعلق بفترة زمنية محددة، هي رحلة العمر. ويفترض، بالزوج والزوجة، فهم هذا الجانب، وبالتالي منح مسببات السعادة المجال للتواجد، وإعطاء هذه العلاقة الوثيقة ما تستحق من الهدوء والتفهم والنمو والثبات والقوة.
شيماء المرزوقي – صحيفة الخليج
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
توشك المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس أن تصل إلى ذروتها بإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ورغم أن جانب دولة الاحتلال غير مأمون بناء على التجارب التاريخية وبناء على تجارب مفاوضات الحرب الحالية، لكن المؤشرات والتسريبات التي رشحت خلال الأيام الماضية والمشهد العام في المنطقة والمزاج الأمريكي كلها تشير إلى أن إسرائيل مضطرة هذه المرة إلى التوقيع قبل بدء الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب.
إن هذه الخطوة كان يمكن أن تحدث منذ أكثر من عام لولا تعطش رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة للدماء ولولا الأحقاد التي تستعر في نفوسهم ضد الشعب الفلسطيني، ولو حدثت في ذلك الوقت لكان يمكن لآلاف الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحرب أن يكونوا من بين الذين سيفرحون بالقرار وهم يعودون إلى قراهم المدمرة ليبحثوا عما تبقى من ذكرياتهم وألعابهم وبعض طفولتهم.
لكن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء لا يفهمون معنى الطفولة ولا قدسيتها حتى خلال الحرب ومن باب أولى لا يفهمون معنى أن تعود الأمهات الثكلى بأطفالهن فلا يجدن حتى قميصا فيه رائحة طفلها قد يخفف بعض حزنها أو يوقف دموع عينها المبيضة من الحزن والبكاء.
من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالنصر رغم كل الخسائر التي منوا بها: خسائر في الأرواح التي قد تصل الآن بعد أن تتلاشى أدخنة الحرب إلى نحو 50 ألف شهيد وأكثر من 200 ألف جريح وبنية أساسية مهدمة بالكامل وغياب كامل لكل مظاهر الحياة الإنسانية وانعدام كامل للمواد الغذائية والطبية.. وشعور النصر مصدره القدرة على البقاء رغم الإبادة التي عملت عليها قوات الاحتلال، الإبادة المدعومة بأعتى الأسلحة الغربية التي جربها العدو خلال مدة تصل إلى 18 شهرا.
في مقابل هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن الموازين في المنطقة قد تغيرت بالكامل خلال هذه الحرب، والمنطقة في اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار ليست هي المنطقة التي كانت عليها قبل يوم 7 أكتوبر.
وإذا كانت إسرائيل قد صفَّت الكثير من خصومها في هذه الحرب وفككت محور المقاومة وأثخنت الكثير من جبهاته وآخرها الجبهة السورية إلا أنها كشفت عن ضعفها في المواجهات المباغتة، وفضحت أسطورة أجهزتها الأمنية وقبتها الحديدية.
وفي مقابل ذلك فإن حركة حماس رغم ما تعرضت له من خسائر فادحة في رجالها وقياداتها الميدانية إلا أنها أثبتت في الوقت نفسه أنها منظمة بشكل دقيق ومعقد وأنها قادرة على الصمود وتجديد نفسها وتقديم قيادات جديدة.
والأمر نفسه مع حزب الله ومع إيران التي دفعتها هذه الحرب إلى دخول مواجهة مباشرة لأول مرة في تاريخها مع إسرائيل، ولا شك أن تلك المواجهات كشفت لإيران نفسها عن مواطن الضعف في منظوماتها كما كشف مواطن القوة.
ورغم أن بعض الخبراء يرون أن حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله يمكنهم تجديد قوتهم خلال المرحلة القادمة إلا أن الأمر يبدو مختلفا في سوريا التي يظهر أنها خرجت من المحور تماما سواء كان ذلك على المستوى الأيديولوجي أو حتى مستوى العمل الميداني واللوجستي.
وأمام هذا الأمر وتبعا لهذه التحولات ما ظهر منها وما بطن فإن الموازين في المنطقة تغيرت بالكامل، ولا يبدو أن ذلك ذاهب لصالح القضية الفلسطينية في بعدها التاريخي أو في جوهر ما تبحث عنه وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة ولو على حدود 5 يونيو 1967.
لكن هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي أو تنتهي نصرة القضية الفلسطينية من الشعوب الحرة المؤمنة بالقضية، بل ستزهر في كل مكان في فلسطين أشكال جديدة من المقاومة والندوب الذي أحدثتها الحرب في أجساد الفلسطينيين وفي أرواحهم، ستبقى تغلي وستكون بذورا لمواجهات أخرى أكثر ضراوة وأكثر قوة وإصرارا على النصر.