نابلس قلب فلسطين.. تاريخ حافل من المقاومة والصمود ضد الاحتلال.. عقدان من الاعتداءات الإسرائيلية على «دمشق الصغرى».. وبسام الشكعة أيقونة النضال فى المدينة
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لم يكن العدوان الإسرائيلى مقتصرا على قطاع غزة، وإنما طالت شرارته مدن الضفة الغربية خاصة ثالوث المقاومة الفلسطينية فيها جنين وطولكرم، بالإضافة إلى نابلس الواقعة شمال الضفة الغربية، وهى قلب فلسطين، إذ تقع على مفترق الطرق الرئيسية التى تربط شمال فلسطين بجنوبها وشرقها بغربها.
دمشق الصغرى
وتلقب مدينة نابلس بـ"دمشق الصغرى" بحسب وصف بعض الرحالة العرب، للتشابه مع دمشق بمعالمها ومناخها ومياهها وينابيعها وجبالها وفاكهتها وخضارها وحتى فى لهجتها وكثير من عاداتها وتقاليدها، وهى أكثر مدن فلسطين شبهًا وارتباطًا بدمشق وسورية منذ فجر التاريخ، حيث كان تجارها يصدرون الصابون والمنتجات المحلية الأخرى إلى دمشق ويعودون بالأقمشة والتوابل، إضافة إلى ذلك، يعود أصل العديد من عائلات نابلس إلى مناطق فى سورية حاليًا.
وازداد ارتباط مدينة نابلس بسوريا فى عام ١٩١٥ حينما، دشن خط سكك حديد الحجاز الممتد من دمشق إلى المدينة المنورة.
مدينة بين جبلين
وتتميز جغرافية نابلس بأنها تنحصر بين جبلين، هما جبل عيبال شمالًا، وجبل جرزيم جنوبًا، وبينهما وادٍ يمتد نحو الغرب، إلى جانب وجود العشرات من عيون المياه التى تزيد جمال وبهاء المدينة.
وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني، فإن تاريخ مدينة نابلس يعود إلى ٤٥٠٠ قبل الميلاد، وهى مدينة كنعانية قديمة ظهرت خلال عصور ما قبل التاريخ، سماها الكنعانيون شكيم أى النجد، أو الأرض المرتفعة، ويعتقد بأن شكيم الكنعانية هى قرية بلاطة الحديثة التى تقع على بعد كيلو متر ونصف شرقى مدينة نابلس.
وفى العصر الإسلامي، فتح العرب المسلمون على يد القائد عمرو بن العاص المنطقة، وحكم المدينة كل من الأمويين والعباسيين والفاطميين والسلجوقيين حتى عام (١٠٩٩م)، عندما احتلّها الصليبيون ومكثوا فيها حتى جاء صلاح الدين الأيوبى الذى حاربهم وانتصر عليهم عام (١١٨٧) بعد الميلاد، ولا تزال آثار هذه الفترات القديمة تظهر فى عمارة المدينة.
نابلس عاصمة الشام
وفى فترة حكم المماليك (١٢٦٠-١٥١٦)، كانت نابلس مدينة مهمة حيث أنشىء فيها الكثير من الجوامع والأبنية العامة، وتم إعادة بنائها وترميمها، وفى سنة (١٥١٧) أصبحت المدينة تحت الحكم العثماني، وكانت عاصمة بلاد الشام، وعلى الرغم من المتغيرات التاريخية التى مرت بها المدينة واستمرار النزاعات على الحكم فيها، شيدت الكثير من الأبنية الرائعة التى أكسبت مركز المدينة التاريخى شكله الجمالى المعماري.
عاصمة فلسطين الاقتصادية
توصف نابلس بأنها عاصمة فلسطين الاقتصادية، وتعتبر المركز التجارى والصناعى الرئيس فى فلسطين إضافةً إلى ذلك، وهبها موقعها الجغرافى المميز وأمطارها الغزيرة أهمية كمركز لإنتاج وتبادل المنتجات الزراعية.
وتشتهر المدينة بصناعة الصابون والمصنوعات اليدوية والأثاث والبلاط، وفيها مصانع النسيج ودباغة الجلود، كما توجد على تخوم نابلس سوق لتبادل البضائع الحية، كالمواشى وسوق الخضار المركزية للضفة الغربية.
تضم نابلس الإدارات العامة لكبريات الشركات الفلسطينية، مثل: شركة الاتصالات الفلسطينية وشركة فلسطين للتنمية والاستثمار PADICO، وفيها مقر بورصة نابلس المعروفة رسميًا بسوق فلسطين للأوراق المالية، كانت نابلس مركزًا للإدارات الإقليمية للمصارف الفلسطينية والعربية الموجودة فى الضفة الغربية قبل أن يتم نقل معظمها إلى رام الله مع تأسيس السلطة الفلسطينية هناك، وفيها غرفة تجارة أسست عام ١٩٤٣.
ووفقا لتعداد ٢٠١٧ فإن نابلس يقطن فيها ٣٨٨.٣٢١ نسمة، موزعين على مساحة تبلغ ٢٨.٦ كم²، مما يعطيها كثافة سكانية تبلغ ٥٤٠ نسمة لكل كم².
انتفاضة الأقصى
خلال الانتفاضة الثانية أو "انتفاضة الأقصى" التى اندلعت فى أكتوبر من عام ٢٠٠٠ كانت نابلس هى أكثر المدن الفلسطينية التى تعرضت لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، وتسبب ذلك الحصار المستمر فى تدهور مكانة المدينة الاقتصادية، وانتشرت البطالة بشكل كبير مما دفع أبناء نابلس للهجرة إلى رام الله ومدن أخرى.
انتفاضة الأقصىودائما ما تستهدف إسرائيل مدينة نابلس، وبعد انتفاضة الأقصى بعامين، شن جيش الاحتلال عديدًا من العمليات العسكرية داخل المدينة ومن أشهرها عملية الدرع الواقية عام ٢٠٠٢، وذلك نتيجة وردًا على عدد الاستشهاديين الذين خرجوا منها.
وكانت نابلس أكثر المدن الفلسطينية تضررًا من الناحية الاقتصادية إذ خسرت أكثر من ٢٦٣٠ منشأة من أصل ١٧٫١٦٧ منشأة أو ما نسبته ١٥٪، وهذه أعلى نسبة سجلت فى فلسطين.
نابلس تاريخ طويل من العدوان
وبعد عشرين عاما من هذه العملية عاد الاحتلال مجددا للعدوان على مدينة نابلس، فى إطار عملية "كاسر الأمواج" التى أطلقها العام الماضى ٢٠٢٢ وشن خلالها عدوانا على الضفة الغربية وعلى امتداد جدار الفصل العنصري، بزعم الحد من عمليات المقاومة الفلسطينية، ما أدى لاستشهاد أكثر من ١٠٠ فلسطينى فى الضفة الغربية.
وشهدت المدينة سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية خلال العام الجاري، بدأها الاحتلال باغتيال قواته الخاصة الشهداء الثلاثة "أدهم مبروكة، محمد الدخيل، وأشرف مبسلط" فى ٨ فبراير الماضى غرب المدينة، وفى ٢٤ يوليو أقدمت قوات الاحتلال على اغتيال الشابين محمد العزيزى وعبد الرحمن صبح فى أحد المنازل بحارة الياسمينة بالبلدة القديمة، فيما نجا إبراهيم النابلسى من الاغتيال، وأصيب تسعة آخرون.
وفى التاسع من أغسطس الماضى اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلى الشابين إبراهيم النابلسى وإسلام صبوح بعد حصار استمر لعدة ساعات لمنزل يتحصنان بداخله بالبلدة القديمة، فيما استشهد الفتى الفلسطينى حسين جمال طه وأصيب ٦٩ آخرين جراء المواجهات.
وتعيد ما تشهده محافظة نابلس منذ بداية العام، تاريخا طويلا من الاقتحامات والاغتيالات التى شهدتها خلال العقدين الماضيين.
مقاومة مستمرة
وبحسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية فإن تاريخ مدينة نابلس، يزخر بمحطات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ففى نهاية يوليو ٢٠٠١، عاشت المدينة أكبر عمليات الاغتيال فى الانتفاضة الثانية، طالت جمال سليم وجمال منصور.
وفى أبريل من عام ٢٠٠٢ شهدت نابلس اجتياحا من قوات الاحتلال التى واجهت مقاومة شديدة، وكى يتمكن جيش الاحتلال من النيل من المقاومين هدم المبانى لتوسيع الشوارع والأزقة كى تمر دباباته، ويقدر عدد المنازل المهدمة كليًا بـ ٢٦٠ منزلا؛ وبلغ عدد الشهداء ٧٥.
وفى يونيو من عام ٢٠٠٢ أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلى على عدوانه "الضغط الخانق"، والذى استهدف نابلس ومخيمات اللاجئين المحيطة بها (بلاطة بشكل أساسي) وكذلك القرى (بيت فوريك بشكل أساسي).
وبدأ الاحتلال عدوانه باغتيال ٦ من أعضاء كتائب شهداء الأقصى، وعضو فى حركة الجهاد الإسلامي، وبعدها نفذ الجيش اجتياحات شبه يومية، حيث قصف المناطق السكنية، واستهدف المقاومين، وأجرى عمليات تفتيش للمنازل، واستمر العدوان حتى ١٩ أغسطس.
ودأب الاحتلال الإسرائيلى خلال العقدين الماضيين على اجتياح نابلس وقتل المقاومين فيها فى عدد من العمليات وأبرزها عدوان "المياه الراكدة" الذى استمر ستة أشهر من نهاية عام ٢٠٠٣ حتى منتصف ٢٠٠٤.
وفى يوليو من عام ٢٠٠٦ شنت إسرائيل عملية كبرى فى نابلس، حيث أرسل الاحتلال قواته مع ٥٠ عربة مدرعة وفرض حصارا على مبنى المحافظة، ومجمّع السلطة الفلسطينية، وثلاثة مبانٍ لقوات الأمن، والسجن المركزي، وعلى مدى يومين، قصفت قوات الاحتلال المبانى وجرفتها، وجرى تبادل إطلاق النار مع مسلحين فلسطينيين، ورماة حجارة، وقبل أن تنسحب، دمرت بشكل كامل على الأقل ٦ مبان أخرى تعود للسلطة الفلسطينية.
وفى فبراير من العام التالى ٢٠٠٧ شن الاحتلال عدوانا جديدا على نابلس أطلق عليه "الشتاء الساخن" فرض خلاله حصارا على المدينة.
وفى يناير ٢٠٠٨، بدأ الاحتلال عدوانا واسعا لمدة ثلاثة أيام فى المدينة ومخيم عين بيت الماء للاجئين المجاور، وفرضت حظر التجول على مدار الساعة، وأرست ما لا يقل عن ٧٠ عربة مدرعة وجرافة، واحتلت المنازل لاتخاذها مراكز للمراقبة، واشتعلت المواجهات.
أشهر مناضلى نابلس.. بسام الشكعة
وحينما نتحدث عن نضال ومقاومة مدينة نابلس فلابد أن نتذكر المناضل الفلسطينى بسام الشكعة، وهو أشهر مناضلى مدينة نابلس، حيث انضم لصفوف المقاومة الفلسطينية فى عام ١٩٤٨ كان عمره آنذاك ١٨ عاما، والتحق بصفوف جيش الإنقاذ الفلسطينى لمقاومة العصابات الصهيونية.
وأصبح "الشكعة" رئيسا لبلدية نابلس على رأس قائمة وطنية عام ١٩٧٦ عن طريق الانتخاب، وشكل مع آخرين من ممثلى المؤسسات الشعبية والأحزاب التى نشطت فى الأراضى المحتلة لجنة التوجيه الوطنى التى لعبت دورًا رائدًا فى توجيه مقاومة الاستيطان وممارسات الاحتلال.
المناضل الفلسطينى بسام الشكعةوبعدما أصبح مناحم بيجن على رأس السلطة فى إسرائيل، كان أحد أهدافه هو إبعاد بسام الشكعة إلى خارج فلسطين؛ لكن ردود الأفعال الغاضبة من الشعب الفلسطينى أفشلت المخطط الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل لم تيأس وحاولت اغتياله فى الثانى من يونيو من عام ١٩٨٠ بتدبير من "التنظيم الإرهابى الصهيونى السري"؛ الذى وضع عبوة ناسفة فى سيارته تسببت فى بتر قدميه، وأشعلت محاولة اغتياله مع كريم خلف رئيس بلدية رام الله وإبراهيم الطويل رئيس بلدية البيرة شرارة انتفاضة استمرت بضعة أشهر عمت مختلف المدن الفلسطينية، وقد علق الشكعة على هذا التفجير قائلا: "أنا الآن تجذرت بالأرض وأقرب للأرض أكثر".
وبعد عامين من محاولة اغتياله الفاشلة، حاصرته قوات الاحتلال فى منزله وقررت إقالته مع رؤساء البلديات المنتخبين، واستمر الحصار لمدة خمس سنوات ومنعت أى زيارات له. وأجرى "الشكعة" حوارا لشبكة "سى إن إن" قال فيه: "إن استطاعوا قطع أقدامى فلن يستطيعوا قطع نضالي؛ وأراد لى الصهاينة أن أموت ولكن الله منحنى الحياة لكى أكمل رسالتى فى الدفاع عن فلسطين عربية حرة، كل فلسطين، وحق كل عربى أن يدافع عن فلسطين لأنها قضية الشعب العربى والأمة العربية، وهى قضية قومية عربية"، وقد توفى الشكعة فى ٢٢ يونيو ٢٠١٩، مخلفًا إرثا وطنيًا يُعتد به.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الضفة الغربیة قوات الاحتلال مدینة نابلس من عام
إقرأ أيضاً:
وصفت بـالنوعية.. تصاعد التحذيرات الإسرائيلية من كمائن المقاومة بغزة
القدس المحتلة- يشهد الجيش الإسرائيلي انخراطا متزايدا في عملياته العسكرية داخل مدينة رفح، في ظل تصاعد ملحوظ لحدة المواجهات ووتيرة النيران داخل ما يعرف بـ"المنطقة الأمنية".
هذا التصعيد أثار قلقا متزايدا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خاصة مع تكرار الكمائن والهجمات التي تنفذها فصائل المقاومة ضد القوات المتوغلة، وبات يشكل تهديدا متناميا للجنود والآليات العسكرية في الميدان.
في خضم هذه التطورات، برزت توترات داخلية بين القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي وسلاح الجو، على خلفية الارتفاع المتواصل في أعداد ضحايا المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون جراء الغارات الجوية.
فهذه الغارات، رغم كثافتها، لم تحقق نجاحا ملموسا في استهداف عناصر المقاومة، مما أثار انتقادات داخلية بشأن فاعلية هذا النهج، وزاد من الضغط على القيادة العسكرية لتغيير تكتيكاتها.
شهدت الأيام الأخيرة حوادث خطرة تمثلت في هجمات مركزة على الجنود والآليات، كان أبرزها في المنطقة العازلة المستحدثة شمال قطاع غزة، إذ أسفرت عن مقتل جنديين وإصابة 8 آخرين، مما أعاد إلى الواجهة تساؤلات بشأن نجاعة خطط الانتشار والمواقع العسكرية.
إعلانورغم أن المنطقة العازلة كان يفترض أن تمثل خط دفاع يحد من هجمات المقاومة، فإن الوقائع الميدانية أظهرت وجود ثغرات خطرة فيها، جعلت من القوات الإسرائيلية المتمركزة أهدافا سهلة.
ويقدر محللون عسكريون أن فصائل المقاومة الفلسطينية قد تكثف من عملياتها النوعية في المرحلة المقبلة، مستفيدة من معرفتها الجيدة بالميدان وقدرتها على تنفيذ كمائن مفاجئة، مما يصعب على الجيش الإسرائيلي فرض سيطرته الكاملة رغم تفوقه التكنولوجي والجوي.
ويضيف هؤلاء أن الجيش يعاني فجوة استخباراتية واضحة، في ظل عدم قدرته على تحديد مواقع المقاومة بدقة، مما يفسر كثافة الضربات الجوية التي لا تحقق أهدافا إستراتيجية حاسمة.
وتضع هذه التطورات الجيش الإسرائيلي أمام معضلة أمنية وتكتيكية، بين تصعيد العمليات لتقويض قدرات المقاومة، وبين المخاوف من الغرق في حرب استنزاف طويلة الأمد داخل بيئة معادية لا تمنحه أي تفوق على الأرض.
تحذيرات أمنية
واستعرض محلل الشؤون العسكرية في الموقع الإلكتروني "والا" أمير بوحبوط، تحذيرات الجيش الإسرائيلي المتزايدة من تصاعد وتيرة كمائن المقاومة، في وقت تقدر فيه الجهات الأمنية أن حركة حماس تستعد لتوسيع رقعة القتال داخل قطاع غزة.
وفقا للمحلل العسكري، ترصد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تغيرا واضحا في أنماط القتال لدى حماس، حيث باتت تعتمد تكتيكات جديدة تتسم بالجرأة والمباغتة، مما يزيد من صعوبة المواجهة في الميدان.
ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي عبّر عن قلقه من احتمال تكرار هجمات مشابهة لتلك التي وقعت مؤخرا، والتي أسفرت عن مقتل أحد الجنود في عملية مباغتة وصفت بـ"النوعية". ويعتقد أن حماس تسعى إلى تنفيذ مزيد من هذه العمليات لإرباك الخطوط الدفاعية وتعطيل خطط الجيش في القطاع.
ميدانيا، يقول بوحبوط "يكثف الجيش الإسرائيلي من استعداداته لمواجهة سيناريوهات تشمل إطلاق نار مضادا للدبابات، وعمليات قنص، وهجمات برية مباغتة".
إعلانوتظهر التطورات الأخيرة في غزة، حسب بوحبوط، أن حماس لم تفقد قدرتها على المبادرة، بل إنها تكيفت مع ظروف الميدان وتستعد لمرحلة أكثر تصعيدا.
في قراءة موازية، استعرض يوآف زيتون، المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، تصاعد التحديات الأمنية التي تواجه الجيش، مشيرا إلى أن الانشغال بالغارات على رفح سمح بتزايد الكمائن المسلحة في مناطق أخرى من القطاع.
ولفت إلى أن رئاسة هيئة الأركان بقيادة إيال زامير، أصدرت تعليمات للقوات بتجنب المواقع المعروفة باسم "القواعد العملياتية الأمامية"، خصوصا قرب الشجاعية وخان يونس.
في ظل هذه التطورات، دعت القيادة الجنوبية إلى توسيع المنطقة العازلة، التي يتراوح عرضها حاليا بين 700 و800 متر. غير أن التحدي الأكبر، حسب زيتون، يكمن في نقاط الضعف التي باتت مكشوفة فيما يقرب من 15 موقعا عسكريا ثابتا.
كما أوضح زيتون أن المقاومة قادرة على مراقبة نحو 15 موقعا عسكريا ثابتا رغم انتشار دبابات ووحدات احتياط مدربة، وعمليات استطلاع بالطائرات المسيرة.
وأشار إلى أن هذه المواقع تؤدي أيضا دورا نفسيا، إذ يفترض أن توفر شعورا بالأمان لسكان مستوطنات "غلاف غزة"، في انتظار عودتهم بعد صدمة عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أزمة ثقة
وفي خضم هذه التحديات الميدانية، كشف نداف إيال، المحلل السياسي في "يديعوت أحرونوت"، عن تصاعد حدة الخلاف بين القيادة الجنوبية وسلاح الجو، نتيجة الفشل المتكرر للغارات الجوية في إصابة أهدافها بدقة، وتسببها في سقوط مدنيين.
ويؤكد إيال أن جوهر التوتر يتمحور حول ما يعرف داخل الجيش بمصطلح "الأضرار الجانبية"، أي مقتل المدنيين جراء الغارات الجوية، مما يشكل خطرا على حياة الرهائن الإسرائيليين في غزة، ويهدد بجر الجيش إلى مأزق إستراتيجي معقد.
إعلانوبينما يفترض أن تستهدف الغارات عناصر المقاومة، يقول إيال فإن "تزايد الإصابات بين المدنيين يُعد إخفاقا إستراتيجيا له عواقب متعددة".
وأشار إلى أن هذه الخلافات تفاقمت مع عدم فتح تحقيقات كافية، مما أغضب قادة سلاح الجو الذين يعتبرون أنهم يتحملون نتائج قرارات لا يشاركون في صنعها.
وكان من المقرر عقد اجتماع يضم القائد يانيف عاسور وقائد سلاح الجو اللواء تومر بار، لكن تم تأجيله، ما اعتبره إيال مؤشرا على اقتراب الوضع من "أزمة ثقة" حقيقية.