كانت إعادة انتخاب الرئيس المصري بعد الفتاح السيسي لفترة رئاسية جديدة تستمر 6 سنوات هي "الجزء السهل" بالنسبة له "لكن مصر على حافة الهاوية"، بحسب كلير باركر في تقرير بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post) ترجمه "الخليج الجديد".

كلير تابعت أن "نتيجة الانتخابات كانت محددة سلفا، لكن أنصار السيسي اعتبروها تفويضا واضحا لست سنوات أخرى من الحكم بقبضة حديدية، حتى بينما تواجه البلاد اقتصادا منهارا وحربا مشتعلة في الجوار"، في إشارة إلى حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

وأردفت: "أعلن مسؤولو الانتخابات يوم الاثنين حصول السيسي، الرجل القوي والجنرال السابق الذي صعد إلى السلطة بعد انقلاب عام 2013، على نحو 90% من الأصوات، فيما حصلت حفنة من المرشحين غير المعروفين الذين خاضوا الانتخابات ضده، ولم يشكل أي منهم تحديا ذا مصداقية، على حوالي 10% من الأصوات مجتمعين".

ووفقا لهيئة الانتخابات، بلغت نسبة المشاركة أعلى بقليل مما كانت عليه في عامي 2014 و2018، إذ سجلت أقل من 67%.

وأضافت كلير أن "السيسي حكم فترتين مدة كل منهما أربع سنوات، ومهد تعديل دستوري في عام 2019 الطريق أمامه للبقاء في منصبه حتى عام 2030، لكنه يرأس دولة مثقلة بالديون ومتعثرة اقتصاديا وتعيش بجوار صراع وحشي دون نهاية سهلة في الأفق".

وشددت على أن "المنافس الجدي الوحيد للسيسي، البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، لم يتمكن من جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لخوض الانتخابات، بعد منع أنصاره من عمل توكيلات".

واستطردت: كما "تم مضايقة و/ أو القبض على أفراد أسرة الطنطاوي وموظفي الحملة (الانتخابية)، ووجهت إليه الشهر الماضي اتهامات وصفتها جماعات حقوق الإنسان بأنها ذات دوافع سياسية".

اقرأ أيضاً

بعد فوز السيسي برئاسيات 2024.. ناشطون: مبروك على العسكر 6 سنوات جديدة من تخريب مصر

مال وتهديد

وبينما وصف العديد من المصريين خارج مراكز الاقتراع التصويت بأنه "واجب وطني"، فضل كثيرون البقاء في منازلهم، مستاءين من تراجع مستويات المعيشة وشعورهم بالعجز عن إحداث تغيير، كما زادت كلير.

وتابعت: "في بولاق الدكرور (بمحافظة الجيزة غرب القاهرة)، وهو حي منخفض الدخل يضم أزقة غير معبدة، اتكأ شاب (20 عاما) عاطل عن العمل على جدار، وقال إنه لا هو ولا أصدقاءه يعتزمون التصويت".

ومتحدثا بشرط عدم الكشف عن هويته حرصا على أمنه، أضاف أن السيسي "دمر البلاد تماما، وجعل الأمور صعبة للغاية.. مَن يذهبون للتصويت يذهبون للحصول على المال".

وشاهد مراسلو الصحيفة مجموعة من النساء يتجمعن حول رجل داخل أحد مراكز الاقتراع بوسط القاهرة ويسألن عن كيفية استرداد قسائمهن (أموال مقابل التصويت).

فيما قالت معلمة (40 عاما) في حلوان، إحدى الضواحي الجنوبية للقاهرة، إنها لم ترغب في التصويت، لكن صاحبة عملها أجبرت المعلمين في مدرستها العامة على ركوب الحافلات للذهاب إلى مراكز الاقتراع.

وأضافت أنه بعد أن أدلت بصوتها، أعطاهم مسؤولون محليون 200 جنيه، بينما مَن رفضوا التصويت قيل لهم إنه سيتم إبلاغ الإدارة التعليمية عنهم، وحرمانهم من الإجازة مدفوعة الأجر وخصم أجر ثلاثة أيام.

ومشيرةً إلى الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة والمخاوف من تهجير سكانها إلى سيناء المصرية المجاورة، اعتبرت نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن نسبة المشاركة المرتفعة هذه المرة تعكس على ما يبدو "مخاوف المصريين وغضب الشباب تجاه المجتمع الدولي".

اقرأ أيضاً

نيويورك تايمز: السيسي رئيس مصر لولاية ثالثة رغم سوء إدارته وتجاهله أزماتها 

تحديات صعبة

"ولكن إذا كان الفوز هو الجزء السهل، فإن السيسي يواجه تحديات صعبة، ويقول محللون إن هناك أولوية فورية تتمثل في إبقاء مصر خارج حرب غزة والحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل لعام 1979، وكل ذلك مع محاولة تهدئة القلق العام (بين المصريين) بشأن معاناة الفلسطينيين"، كما تابعت كلير.

وأردفت: "واقتصاد مصر، المعتمد بشكل كبير على السياحة، في أدنى مستوياته منذ عقود، متأثرا بوباء كورونا والحرب (الروسية) في أوكرانيا والآن القتال في غزة (مستمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، كما يشير محللون إلى مشاكل بنيوية خطيرة بجانب الإنفاق الحكومي المتهور".

ولفتت إلى أن "الحكومة اقترضت بكثافة لتمويل مشاريع البنية التحتية والبناء الضخمة، وبينها إنفاق 58 مليار دولار في الصحراء خارج القاهرة (لبناء "العاصمة الإدارية الجديدة"). ويستفيد الجيش، المنخرط بشكل كبير في الاقتصاد في عهد السيسي، من العديد من هذه المشاريع".

ويقول مصريون إن الطرق والجسور الجديدة خففت الازدحام في القاهرة الكبرى، التي يسكنها نحو ربع سكان مصر البالغ عددهم 105 ملايين نسمة.

واستدركت كلير: "لكن الدين الخارجي بلغ حوالي 165 مليار دولار، أي 40% من الناتج المحلي الإجمالي (...) وتواجه مصر مواعيد نهائية وشيكة لسداد ما لا يقل عن 42 مليار دولار للمقرضين العام المقبل.. ومصر هي الدولة الثانية الأكثر احتمالية للتخلف عن سداد ديونها، بعد أوكرانيا، وفقا لتصنيف لوكالة بلومبرج".

وبحسب تيموثي قلدس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، فإن "فترة رئاسة السيسي بأكملها كانت عبارة عن سلسلة من الأزمات الاقتصادية، وهي ليست مجرد صعوبات اقتصادية، بل إذلال، وبينما يحدث كل هذا، يراقب المصريون النظام وهو يثري نفسه".

وقالت كلير إن "معدل التضخم بلغ 34.6%، وهي النسبة مضاعفة تقريبا في المنتجات الغذائية. وفي ظل أزمة العملة الصعبة، يكتنز المصريون الدولارات أو يبيعونها في السوق السوداء (غير الرسمية)".

وتابعت: "وارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى عنان السماء، والفقر آخذ في الارتفاع. وفي حين تقدم برامج الرعاية الاجتماعية الدعم الأساسي للفقراء، فإن الطبقة المتوسطة تتأكل".

و"في شوارع القاهرة والبرامج الحوارية الشعبية، يهيمن سعر البصل وأزمة السكر المستمرة منذ أشهر على المحادثات. ويخشى الكثير من المصريين من التخفيض القادم لقيمة الجنيه، وهو ما يطالب به المقرضون الدوليون"، كما ختمت كلير.

اقرأ أيضاً

استراتيجية السيسي لتعزيز سلطته.. هكذا أضرت باقتصاد مصر

المصدر | كلير باركر/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: واشنطن بوست السيسي انتخابات مصر حافة الهاوية رئاسة

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأمريكية تقترب من النهاية.. ترامب وهاريس في صراع حاسم لجذب الناخبين

يقترب قطار الانتخابات الأمريكية من الوصول إلى محطته الفاصلة، ولا يزال الشك يسيطر على العديد من الناخبين في الولايات المتأرجحة حول من سيختارونه ليكون منصفًا لهم في القضايا المهمة، الجمهوري دونالد ترامب أم الديمقراطية كامالا هاريس.

الناخبون اتخذوا قرارهم وأدلى نصفهم بصوتهم مبكرًا

ووفقًا لتقرير أذاعته قناة «القاهرة الإخبارية»، أوضحت صحيفة «ديلي نيوز الأمريكية» أن جميع الناخبين تقريبًا اتخذوا قرارهم، بل وصوت نصفهم بالفعل مبكرًا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من الصعب، بل يكاد يكون من المستحيل، معرفة ما قد يدفع حفنة من الناخبين المتبقين في الولايات المتأرجحة للوقوف إلى جانب ترامب أو هاريس، أو اختيار البقاء في المنزل دون تصويت.

ونقلت «ديلي نيوز» عن خبراء قولهم إن التعليقات المثيرة للجدل من حملتي هاريس وترامب لم تفعل شيئًا لتحريك المياه الراكدة في عدة مناطق بالولايات البنفسجية.

كما أن ملف الاقتصاد يحتل مكانة رئيسية في أجندة أولويات الأمريكيين، ويمثل حسمًا في اختيار ساكن البيت الأبيض. وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة «بوليتيكو الأمريكية» عن أن التداعيات الاقتصادية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا سيما في فترة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، قد تؤثر بشكل واضح على انتخاب مرشحة الحزب كامالا هاريس، خاصة في ولايات بنسلفانيا وفلادلفيا.

وعود كثيرة لترامب وهاريس خلال حملاتهم الانتخابية

وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن العديد من وعود المرشح الجمهوري يصعب تنفيذها حال فوزه، حيث ستواجه خططه إما برفض من قبل المحكمة أو بمعارضة الديمقراطيين في الكونجرس.

وبحسب «واشنطن بوست»، يختلف الأمر مع هاريس، حيث رأت الصحيفة أنه يمكن لها تنفيذ بعض وعودها على أرض الواقع. 

مقالات مشابهة

  • الانتخابات الأمريكية تقترب من النهاية.. ترامب وهاريس في صراع حاسم لجذب الناخبين
  • مختار: لا ينبغي استمرار انقسام مجلس الدولة الذي يعد الواجهة السياسية للمنطقة الغربية
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. واشنطن بوست: تغييرات جذرية في حقوق العمال والنقابات حال فوز ترامب
  • "واشنطن بوست": الفلسطينيون والإسرائيليون يحدوهم أمل ضئيل في انتخابات الرئاسة الأمريكية
  • "واشنطن بوست": ارتفاع نسبة المشاركة في التصويت المبكر للانتخابات الأمريكية رغم "تشكك" (الجمهوريين) في نزاهته
  • واشنطن بوست: الناخبون أمام أسوأ خيارات في تاريخ الولايات المتحدة
  • واشنطن بوست: أمريكا تخشى محاولات التدخل الخارجي بعد الانتخابات
  • أصبحت على حافة الهاوية..منظمات أممية: الموت يهدد كل سكان غزة
  • مسؤولون أمميون: المنطقة بأكملها على حافة الهاوية والوضع بشمال قطاع غزة مروع
  • «واشنطن بوست»: إيران تجهز لرد عسكري على إسرائيل قبل الانتخابات الأمريكية