نمط بعيون الأطفال يكشف إذا كانوا مصابين بالتوحد
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لفحص مرض التوحد والتحقق من مدى خطورة الحالة باستخدام صورة لشبكية العين للشخص المعني، وفقا لبحث جديد نشره موقع "ساينس أليرت".
واضطراب طيف التوحد عبارة عن حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي، وفق موقع "مايو كلينك".
ويتضمن الاضطراب أنماط محدودة ومتكررة من السلوك، ويشير مصطلح "الطيف" في عبارة اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة كبيرة من الأعراض ومستويات الشدة.
وقد ربطت "دراسات سابقة" التغيرات في أعصاب الشبكية مع اضطرابات هياكل الدماغ ومنها اضطراب طيف التوحد.
وتشير الأدلة إلى أن العين هي في الواقع نافذة على الدماغ، من خلال الترابط بين الجهاز العصبي المركزي.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية الجديدة: "الأفراد المصابون باضطراب طيف التوحد لديهم تغيرات هيكلية في شبكية العين من المحتمل أن تعكس تغيرات في الدماغ، بما في ذلك تشوهات المسار البصري من خلال الاتصالات الجنينية والتشريحية".
في هذه الدراسة، أراد فريق من كلية الطب بجامعة يونسي في كوريا الجنوبية، معرفة ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف اضطراب طيف التوحد في أنماط شبكية العين.
وتم تدريب النموذج على الصور حيث تم إخبار الذكاء الاصطناعي ما إذا كان الشخص مصابا بالتوحد أم لا.
بعد ذلك، طُلب من الذكاء الاصطناعي تحليل شبكية العين لـ 958 طفلا ومراهقا بمتوسط عمر 7.8 عامًا بشكل عام، وتم تشخيص إصابة نصفهم بالتوحد.
وتمكنت أنظمة الذكاء الاصطناعي من الحصول على درجة ممتازة في تحديد أولئك الذين يعانون من التوحد وأولئك الذين لا يعانون منه.
لم يكن الذكاء الاصطناعي جيدا في التنبؤ بحدة الأعراض من خلال صور شبكية العين، فقد كان دقيقا بنسبة تتراوح بين 48 إلى 66 بالمائة فقط من الوقت.
وكتب الباحثون: "لا يزال هذا السؤال غير مستكشف لأن أصغر فئة عمرية في عينتنا كانت أربع سنوات".
وقد تظهر تغيرات الشبكية لدى الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد حتى قبل "نضوج شبكية العين"، وفق البحث.
ويبدأ اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة ويتسبب في نهاية المطاف في حدوث مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي.
وغالبا ما تظهر أعراض التوحد على الأطفال في غضون السنة الأولى.
ويحدث النمو بصورة طبيعية على ما يبدو بالنسبة لعدد قليل من الأطفال في السنة الأولى، ثم يمرون بفترة من الارتداد بين الشهرين الثامن عشر والرابع والعشرين من العمر عندما تظهر عليهم أعراض التوحد، حسب "مايو كلينك".
وفي دراسة نشرت العام الماضي، تمكن الباحثون من ربط استجابة شبكية العين للضوء بحالات اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، واضطراب طيف التوحد، وهو مثال آخر لكيفية عمل العيون كنوع من المرآة لنشاط دماغ الفرد.
وتشير نتائج البحث الجديد إلى أن صور شبكية العين قد تكون "طريقة موضوعية لفحص مرض التوحد وربما شدة الأعراض".
يُعتقد أن حوالي واحد من كل 36 شخصا مصاب بالتوحد، استنادا إلى معدل الانتشار بين الأطفال في سن الثامنة، وفق "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها".
في حين لا يوجد علاج لاضطراب طيف التوحد، إلا أن العلاج المكثف المبكر قد يؤدي إلى إحداث فارق كبير في حياة العديد من الأطفال.
وإدراك التشخيص في أقرب وقت ممكن يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في فهم الشباب لأنفسهم وشق طريقهم عبر العالم.
وتشير أستاذ الطب النفسي بجامعة مونتريال، لوران موترون، إلى أن معظم الأشخاص المصابين بالتوحد "يتفوقون في المهام السمعية مثل تمييز درجات الصوت والكشف عن الهياكل البصرية والتلاعب العقلي بالأشكال المعقدة ثلاثية الأبعاد"، وفق تقرير لصحيفة "التلغراف".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: اضطراب طیف التوحد الذکاء الاصطناعی شبکیة العین
إقرأ أيضاً:
نظرية أوركسترا الحمل المعرفي: دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعلم
تشهد العملية التعليمية في الآونة الأخيرة تطورات هائلة وسريعة وغير مسبوقة، وهو ما أَذِن بظهور ما يعرف بـ"أوركسترا الحمل المعرفي"، وهي طريقة مُثلى تستخدم الذكاء الاصطناعي وتستفيد منه في تطوير عملية التعلم. وهذه الطريقة مُستقاة من نظرية الحمل المعرفي للباحث سويلر عام 1988، وقد أثبتت فاعليتها في التكيف مع احتياجات الطلاب، وهو ما لم يكن مُتصوَّرا في بيئات التعلم التقليدية السابقة.
تنتج نظرية الحمل المعرفي من تكامل منهجي دقيق ومتطور بين علم الأعصاب وعلم النفس المعرفي والتعلم الآلي، وتنقسم الأحمال العقلية إلى ثلاثة أنواع:
- الحمل الجوهري: وهو الجهد الذي يبذله المتعلم لفهم مادة صعبة بطبيعتها.
- الحمل الخارجي: وهو الجهد الزائد الناتج عن أسلوب شرح معقد أو تصميم تعليمي غير مناسب.
- الحمل الملائم: وهو الجهد المفيد الذي يبذله المتعلم ليبني عقله المخططات الذهنية الواضحة وينظم المعلومات.
وتتبع هذه النظرية نهجا ديناميكيا يتحكم جيدا في تلك الأحمال ويراقبها ويحسِّنها باستمرار، وذلك من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
لقد كان للذكاء الاصطناعي دور هائل في تمكين التطبيقات الحديثة لنظرية الحمل المعرفي من استخدام مجموعة رائعة من تقنيات المراقبة البيومترية لتقييم الحالة المعرفية للطالب في الوقت الفعلي، على سبيل المثال:
- أنظمة تتبع حركة العين: إذا اتسعت حدقة العين أكثر من 5.5 ملم، فهذا دليل على إرهاق ذهني وإجهاد معرفي مفرط، وعليه؛ يستجيب الذكاء الاصطناعي مباشرة ويتدخل تلقائيا.
- خوارزميات التعرف إلى الوجه: إذا قطب الطالب جبينه، مما يشير إلى ارتباكه، يتدخل النظام ويقدم شروحا أيسر وأوضح.
- تحليل سرعة الكتابة وأنماط ضغطات المفاتيح: إذا أبدى الطالب ترددا أو تباطؤا، تُقدَّم تلميحات في الوقت المناسب أو يُعدَّل المسار التعليمي بما يناسبه.
ويكون عمل هذه الأنظمة باعتمادها على تقنيات التعلم الآلي، على سبيل المثال:
- تواصل خوارزميات التعلم المعزز عملها باستمرار لتصل بالطالب إلى أن يكون منتبها وعلى درجة عالية من التركيز، دون أن يشعر بالإرهاق.
- تولّد شبكات المحوّلات (Transformer networks) شروحات مصمَّمة خصوصا لسد فجوات المعرفة عند كل طالب. وقد تم ضبطها بدقة بناء على سجلات التعلم الفردية.
ولم يكن هذا التطور التكنولوجي بعيدا عن الواقع أو حبرا على ورق، وإنما أثبتت فعليا دراسات من جامعة سيدني عام 2023 أن هذه الأنظمة تزيد من سرعة التعلم بنسبة 31 في المئة مقارنة بالأنظمة التقليدية، كما أبلغت منصات التعلم عبر الإنترنت عام 2024 عن انخفاض معدل انسحاب الطلاب من الدورات بنسبة 40 في المئة.
وأمامنا تطبيق واقعي في فنلندا، يُظهر مدى فعالية نظرية تنظيم الحمل المعرفي؛ حيث يعمل برنامج رياضيات تكيفي على أجهزة لوحية مزودة بتغذية لمسية، مهمته تعديل صعوبة المسائل تلقائيا حسب أداء الطالب، وهو ما كان له بالغ الأثر في تقليص فجوات التحصيل بنسبة 37 في المئة خلال عامين فقط.
وفي الجامعات، استخدمت منصة "Neurostudy" عصابات رأس لقياس نشاط الدماغ، فإذا شعر الطالب بالإرهاق الذهني، وأظهر النظام إشارة على حمل معرفي زائد، تتوقف المحاضرة تلقائيا. وقد أدّى ذلك إلى تضاعف عدد الطلاب الذين يُكملون محاضراتهم، وبلغ رضاهم عن النظام نسبة 92 في المئة.
وعلى الرغم من هذه النجاحات المتتالية، تظل هناك تحديات تواجه تطبيقات "CLO" جارٍ العمل على معالجتها مثل:
- فيما يتعلق بالخصوصية: بمعالجة البيانات على الجهاز نفسه دون تخزينها خارجيا.
- فيما يتعلق بالتكلفة: بالاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام تطبيقات منخفضة التكلفة مثل "EyeLearn" التي تعمل بكاميرا الهاتف الأمامية، وتحقق دقة عالية تقدر بـ85 في المئة من دقة أداء الأنظمة الأخرى الأغلى.
- فيما يتعلق بالتحيُّز الثقافي: تُدرَّب الأنظمة على بيانات تشمل أكثر من 50 جنسية وعِرقا لتجنُّب الانحياز في تحليل تعابير الوجه.
يَعِد "CLO" بمستقبل مليء بتطبيقات أكثر تطورا. فبحلول عام 2025، يُتوقَّع أن توفر عصابات الرأس "EEG" غير الغازية دقَّة غير مسبوقة في قياس الحمل المعرفي.
- في غضون العقد المقبل، قد تُمكَّن واجهات الدماغ والحاسوب من المراقبة العصبية المباشرة.
- يُصبح الذكاء الاصطناعي أكثر وعيا بالعاطفة، وقادرا على التمييز بين الإرهاق الضار والتحدي المفيد.
تمثل "CLO" ثورة تعليمية حقيقية بسبب نهجها الاستباقي لتحسين التعلم على العكس من الأنظمة التقليدية التي تنتظر الطالب أن يُخطئ حتى تتدخل. تتميز "أوركسترا الحمل المعرفي" بأنها تتنبأ بالمشكلة وتمنعها قبل أن تحدث، فضلا عن قدرتها اللا محدودة على التكيف؛ لذا لمست المدارس ما لها من فوائد كبيرة، على رأسها:
- تقليل الحاجة إلى الدروس الخصوصية.
- تحسين أداء الطلاب.
وهو ما أثمر عوائد على الاستثمار من 2 إلى 3 أضعاف ما كانت عليه من قبل.
ومع استمرار التعليم في تحوله الرقمي، تسعى أوركسترا الحمل المعرفي إلى إحداث نقلة نوعية في مفاهيم التعلم الشخصي والتعلم الفعَّال، حتى ترقى به إلى أعلى مستويات التعلم.