لبنان ٢٤:
2024-12-27@06:48:49 GMT
المغتربون الآتون إلى لبنان لتمضية فترة الأعياد مقاومون
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
على وقع ما يصل إلينا من أخبار عن قطاع غزة وما يتعرّض له أهله من مجازر، فضلًا عن صدى العمليات التي يقوم بها "حزب الله" على امتداد جبهات المواجهة والاعتداءات الإسرائيلية المترافقة مع تهديدات يومية بـ "غزغزة" لبنان (نسبة إلى غزة)، نقترب ببطء ثقيل نحو عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة. إنها ازدواجية لا مثيل لها في المعايير بين معاناة أهل القرى الحدودية، الذين اضطروا لترك منازلهم إلى مناطق أكثر أمانًا وهدوءًا، وبين الذين يعيشون حياة شبه طبيعية من الناحية الأمنية في المدن والقرى البعيدة نسبيًا عن أصوات الصواريخ التي تستهدف أكثر من منطقة جنوبية.
في الجنوب يسقط يوميًا شهداء لـ "حزب الله" وآخرون إعلاميون ومدنيون. في المدن والقرى البعيدة تضجّ الحياة وعجقة الطرقات استعدادًا للاحتفال بالأعياد. ويُحكى أن ثمن بطاقة بعض السهرات ليلة رأس السنة في بعض المطاعم المشهورة وصل إلى حدود الـ 1000 دولار أميركي للشخص الواحد، أي ما يوازي ضعف راتب العسكري أو الموظف في القطاع العام. وعلى رغم أجواء الحذر من احتمال إدخال لبنان في حرب لا يريدها، بل يرفضها بشدّة، فإن ما يقارب الـ 300 ألف لبناني يعملون في دول الخليج بدأوا يصلون تباعًا إلى الربوع اللبنانية لتمضية عطلة الأعياد بين الأهل والأقارب والأصحاب. فعلى هؤلاء الآتين إلى لبنان، ومعهم "فريش دولار"، يعّول أصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهي لالتقاط أنفاسهم بعد فترة ركود، وبعد صيف شهد إقبال ما يقارب مليوني مغترب لبناني كان لهم الفضل في إنعاش الحركة الاقتصادية، وقد ضخّوا في الأسواق ما يقارب عشرة مليار دولار.
فلو اكتفى لبنان بمساندة أهل القطاع معنويًا كما يفعل الآخرون، ولو لم يضطّر "حزب الله" على إشعال الحدود "دعمًا واسنادًا لشعبنا الصاد في غزة" وإلهاءً للعدو، لكان قصد لبنان أكثر بكثير من 300 ألف مغترب. هي جدلية قائمة في البلد بين من يؤيد حتى العظم ما يقوم به "حزب الله" في الجنوب، وهو أقل الايمان، تجاه ما يتعرّض له الفلسطينيون من مذابح متواصلة على أيدي العدو، وبين من يطالب بتحييد لبنان عن هذا الصراع والاكتفاء بدعم أهل غزة والضفة الغربية معنويًا، ورفع الصوت في كل المحافل الدولية والعربية انتصارًا لحق الشعب الفلسطيني بأن يعيش في دولة لها كيانها المستقل بحرية وكرامة وازدهار وبحبوحة.
فمن قرّر من هؤلاء اللبنانيين الذين يعملون في الخارج أن يأتوا إلى بلدهم لتمضية فترة الأعياد في ربوعه وفي أفيائه يثبتون أنهم "مقاومون" بطريقة مختلفة عن المفهوم المتعارف عليه عمومًا. إنهم أكثر من فدائيين. هم مؤمنون بأن وطنهم هو على حقّ، وما دام هناك من يطالب بحقّه فلن يموت هذا الحق. فمن حقّ اللبنانيين أن يعيشوا بسلام وهدوء واستقرار. من حقّهم أيضًا أن يعيشوا بكرامة وعزة نفس. هم مرة جديدة يثبتون أن تعّلقهم بأرضهم وحبّهم لها يفوق أي اعتبار آخر.
كان في استطاعة هؤلاء اللبنانيين أن يقصدوا أي مكان في العالم لتمضية عطلة الأعياد، لكنهم فضّلوا أن يقضوها مع الأهل والأقارب والأصحاب، حيث الدفء، وحيث كل شيء يذّكرهم بأن لهم ماضيًا وذكريات، وحيث سيكون لهم ولأولادهم مستقبل.
من يعود إلى لبنان من الذين قست عليهم الظروف واضطروا على مغادرته ينتابهم شعور لا يمكن وصفه بأي كلام. وهو شعور لا يعرفه إلا الذين يعيشون بعيدًا عن وطنهم لألف سبب وسبب. إنه مزيج من الحنين المجبول بحبّ غير مقولب بأجندات مستوردة مواعيدها وغير المتطابقة مع المواعيد اللبنانية.
هو عيد الميلاد محطّة فرح لا تخلو من صلاة عن أرواح من لن يكونوا جزءًا من هذه الفرحة، التي تبقى ناقصة بغياب من كانوا هم العيد ورمزه وبهجته. وعلى رغم كل هذا سيعيّد اللبنانيون، وستكون ذكريات الزمن الجميل محورًا أساسيًا لرمزية العيد. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
تعمل أوساط ديبلوماسية على بناء مرحلة جديدة من التعاطي مع الساحة اللبنانية تقوم على عدّة ثوابت خصوصاً بعد الحرب الكبرى على لبنان والتي برأي غالبية القوى الدولية والاقليمية أضعفت "حزب الله" وفرضت عليه انفتاحاً على مستويات جديدة من التفاهمات.اولى هذه الثوابت التي يتعاطى على اساسها المجتمع الدولي مع الساحة اللبنانية هي مسألة الاستقرار، إذ من الواضح أن قرار إرساء الاستقرار بات عابراً لكل الدول، ولبنان يبدو حتى هذه اللحظة خطاً أحمر لا مجال لخلق أي نوع من أنواع الفوضى فيه سواء كانت أمنية أو سياسية. لذلك نرى اهتماماً واضحاً بالملف الرئاسي وسرعة إنجازه بمعزل عن التفاصيل وتمايز هذه الدولة عن تلك، الا أن القرار حاسم بضرورة الاستقرار ولا عودة عنه.
الثابتة الثانية هي عدم الذهاب مجدداً الى أي تصعيد عسكري مع اسرائيل أقلّه في السنوات المقبلة، وهذا الأمر يحتاج الى جهد ديبلوماسي ودولي مضاعف ليس مع لبنان فقط وإنما أيضاً مع إسرائيل، لذلك من المتوقّع أن تلتزم اسرائيل بمترتّبات تطبيق القرار 1701 بعد انتهاء مهلة الستين يوماً وأن تتوقف بالتالي كل خروقاتها الحاصلة.
ترى مصادر سياسية مطّلعة أن عودة الحرب الاسرائيلية على لبنان سواء بهجوم من "حزب الله" أو بذرائع من اسرائيل لم يعد وارداً على الإطلاق، إذ ثمة ارادة سياسية دولية لوقف الحرب نهائيًا في لبنان على ان ينسحب الأمر كذلك على غزة لاحقا. وتضيف المصادر أن مسألة وقف إطلاق النار في لبنان ليست مرتبطة بالقرار الدولي وحسب وإنما أيضاً بواقع يؤشر الى استحالة اندلاع الحرب من جديد، حيث أن العدوّ الاسرائيلي لم يعد يملك أي ذرائع أو مبررات امام المجتمع الدولي الذي اعتبر في مرحلة فائتة أن عدوان اسرائيل هو دفاع عن النفس ضدّ هجوم "حزب الله".
ولفتت المصادر إلى أنه لا مصلحة لدى "الحزب" بشنّ أي ضربات مباغتة على اسرائيل سيما بعد عودة الاهالي الى مناطقهم وقراهم وبدء مسار الإعمار، اضافة الى ذلك فإن الحرب على غزّة قد شارفت على نهايتها ما يؤكد اكثر عدم اندلاع الحرب مجددا.
وبالعودة الى الثوابت، فإنّ الاميركيين لا يبدون رغبة بإقصاء "حزب الله" عن المشهد السياسي اللبناني، لأنّ هذا الإقصاء من شأنه أن يولّد نوعاً من الغضب داخل الحزب وقاعدته الشعبية قد ينتج عنه ردود فعل ومسارات لا مصلحة لأحد بها، ولعلّ الظروف اليوم تشكّل فرصة ملائمة لتجنب هذه المسارات وإقناع "الحزب" بالتركيز على الداخل اللبناني وتعزيز حضوره في المشهد السياسي.
وتعتقد المصادر أن كل هذه التفاصيل التي يمكن البناء عليها مرهونة بتطورات الساحة السورية التي ليست مضبوطة من أي طرف اقليمي ودولي على الاطلاق، وأن كل الاحتمالات في الداخل السوري لا تزال مفتوحة ولا يمكن بشكل أو بآخر تحديد طبيعة المسار في المرحلة المقبلة والنتائج الخارجة عنه، لذلك فإن الحراك السوري ونتائجه وتردداته سيكون لها دور كبير في تحديد واقع الساحة اللبنانية.
المصدر: خاص لبنان24