3 خلافات بين نتنياهو وبايدن.. غزة تدفع شريكي الحرب نحو صدام
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
تضع الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة علاقات التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة على "مسار تصادمي" لثلاثة أسباب هي استمرار الخسائر الهائلة بين الفلسطينيين، واحتمال تهجير السكان قسرا، والخلاف بشأن مستقبل القطاع، وفقا لدانيال برومبرج في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت حتى مساء الاثنين 19 ألفا و453 شهيدا، و52 ألفا و268 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وأزمة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية.
وقال برومبرج، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تشك في وعد رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو بالقيام بكل ما يلزم "لتدمير" (حركة) حماس، لكن من المرجح أن يكون المسؤولون الأمريكيون قد خلصوا إلى أن إسرائيل غير قادرة على مواصلة حملتها دون قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين".
وتابع: "ومع تزايد خطر المرض والمجاعة، مع نزوح (أكثر من 1.9 مليون فلسطيني من) سكان غزة (حوالي 2.4 مليون) إلى الجنوب، بحثا يكاد يكون ميئوسا منه عن الأمان، تتزايد احتمالات حدوث أزمة كبرى في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم واشنطن لتل أبيب أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى أن كثيرين باتوا يعتبرون الولايات المتحدة شريكا في "جرائم الحرب" الإسرائيلية في غزة، التي يحاصرها الاحتلال منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
وأضاف برومبرج أنه "في حين أشاد القادة الإسرائيليون بحق النقض الذي استخدمته واشنطن ضد مشروع قرار في مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، فإنهم يعلمون أن إدارة بايدن تدعم نهجا سياسيا ودبلوماسيا أوسع (حل الدولتين) ترفضه الحكومة الإسرائيلية الحالية، كما أعلن نتنياهو".
اقرأ أيضاً
الصحة في غزة: أكثر من 19 ألف شهيد و52 ألف مصاب منذ بداية الحرب
تهجير محتمل
وعلى الرغم من "عناق بايدن لنتنياهو، الزعيم الذي لا يحبه كثيرا، أشار المسؤولون الأمريكيون، بمَن فيهم الرئيس، إلى نوع من التناقض المشوش عندما يتعلق الأمر بالضغط على إسرائيل للحد من ضراوة القصف على غزة"، وفقا لبرومبرج.
وقال إنه من خلال تشكيل حكومة حرب مكونة من خمسة أعضاء، بينهم زعيما المعارضة بيني غانتس وجادي آيزنكوت، حصر نتنياهو عملية صنع القرار في مجموعة صغيرة، ما قد يسمح له بالبقاء على قيد الحياة ليوم أو أسبوع أو ربما أشهر.
وتتصاعد توقعات داخل إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بعد الحرب بشأن الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية أمام "حماس"، ستكتب نهاية نتنياهو السياسية، وهو أطول رئيس وزراء بقاء في السلطة منذ إقامة دولة الاحتلال في عام 1948 على أراضٍ محتلة.
برومبرج استدرك: وعلى الرغم من تشكيل حكومة الحرب المصغرة، إلا أن هذا "لم يمنع الأعضاء المتطرفين في الحكومة الأكبر من إطلاق دعوات لطرد (تهجير) الفلسطينيين من غزة (لاسيما إلى سيناء المصرية المجاورة).
وأردف أن "المتحدث باسم نتنياهو نفى أن يكون لدى إسرائيل أي نوايا من هذا القبيل، ولكن في ضوء إحجام حكومة الحرب عن معالجة مسألة "اليوم التالي" (مستقبل غزة بعد الحرب)، ونزوح فلسطينيين من منازلهم، أعرب المسؤولون العرب عن مخاوف متزايدة من أن إسرائيل تسعى إلى نكبة جديدة".
ومضى قائلا إن "تحذير نائبة الرئيس (الأمريكي) كامالا هاريس من أن الولايات المتحدة لن تتسامح "تحت أي ظرف من الظروف" مع النقل القسري للفلسطينيين من غزة، يشير إلى أن إدارة بايدن تشاطرها هذه المخاوف".
اقرأ أيضاً
أكسيوس: بايدن يقترح على عباس تفعيل قوة أمن محلية لإدارة غزة
مستقبل غزة
وعلى خلفية العمليات الإسرائيلية البرية المتوسعة في شمال وجنوب غزة، وفقا لبرومبرج، تحاول إدارة بايدن حشد الدعم الإقليمي لخطة تهدف إلى وضع غزة بعد الحرب تحت سيطرة السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها".
واستدرك: وعلى الرغم من أن هذا الجهد يمثل خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو الهدف الذي أيده بايدن مرارا خلال الأسابيع الماضية، إلا أن نتنياهو رفض بشكل قاطع أي فكرة لوضع غزة تحت إشراف السلطة الفلسطينية".
وأعلن نتنياهو مرارا عن اعتزامه الاحتفاظ بسيطرة أمنية على غزة، بل وصرح بأنه لا يستبعد أن يشن عملية عسكرية ضد القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
واستطرد برومبرج: "وعلى الرغم من التطمينات الصريحة بشأن الدعم الأمريكي القوي للحملة العسكرية، إلا أن فشل نتنياهو في توضيح الهدف النهائي للحرب يغذي المخاوف في إسرائيل من أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسيران على مسار تصادمي".
ويُصر نتنياهو على استمرار الحرب، على أمل الاحتفاظ بالسلطة بعدها، من خلال إنهاء حكم "حماس" المستمر لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين منذ عقود وتدافع عن الفلسطينيين.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1140 إسرائيليا وأسرت قرابة 240 بادلت حوالي 110 منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني.
اقرأ أيضاً
هجمات إسرائيل تجبر 85% من سكان غزة على النزوح داخليا
المصدر | دانيال برومبرج/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أسباب نتنياهو بايدن غزة حرب صدام حماس الولایات المتحدة على غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: سياسة الهروب إلى الأمام
للمرة الرابعة طيلة ثمانية أعوام، يمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام القضاء بتهم فساد واستغلال للسلطة، وسط حرب مفتوحة تشنها قواته على فلسطين المحتلة وسورية ولبنان وإيران واليمن، وخلاف في الداخل الإسرائيلي لم يحسم الموقف منه.
نتنياهو الذي أخفقت دولته البوليسية في صد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، وفشلت كل أجهزته الأمنية في التعامل المبكر مع ترتيبات العملية، تمكن من إدارة أزمة الخلاف الداخلي التي كادت تطيح به وانتصر على جميع معارضيه في رؤيته السياسية والدموية للحرب على غزة.
العديد من المتابعين للشأن السياسي كانوا يعتقدون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لن يكمل وظيفته بعد تعالي الأصوات التي تطالبه بالذهاب الفوري لإتمام صفقة مع «حماس» تتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، غير أن نتنياهو تمكن من تغيير الموجة لصالحه ومضى في الحرب.
لقد ساعده أن خصومه السياسيين ضعفاء وصوت المعارضة غير موحد، ما أتاح له المناورة السياسية بتبني مواقف متشددة تضمن له التحصن خلف قاعدته اليمينية المتطرفة، والمتعارف عليه أن نتنياهو حين يقع في أزمات داخلية أو خارجية يتبنى سياسة الهروب إلى الأمام.
في حربه مع خصومه في المعارضة وقت محاكماته بالفساد، لجأ نتنياهو إلى افتعال أزمات مع الفلسطينيين لحرف الأنظار عن مسار محاكمته، ونجح في ذلك وكسب الوقت لدعم تأييد معسكر اليمين المتطرف الذي ينتمي إليه.
كذلك حينما طالبته المعارضة بالاستقالة والاستجابة لمطالبها بشأن إخفاقات التعامل مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، تعمد الهروب إلى الأمام بصب الزيت على النار في غزة وشيطنتها، واعتبار الحرب ضدها حرب تحرر وطني وقومي وديني.
خلال محاكمته الأخيرة قبل أيام، خرج نتنياهو إلى وسائل الإعلام يعدد إنجازاته في تحقيق الأمن والهدوء على الجبهة الشمالية بعد إتمام الهدنة مع لبنان، وبطولاته في محور سورية وتوسيع المنطقة العازلة واستهداف معظم ترسانتها الحربية.
تحدث كثيراً عن ملامح الشرق الأوسط الجديد والسعي لترسيخه على أرض الواقع، بتحييد سورية والتركيز على إيران وفلسطين المحتلة. وقال: إن هذا التغيير مقبل لا محالة، وبالطبع هذه رسالة موجهة للداخل الإسرائيلي قبل الخارج.
هو يريد أن يقول للجمهور الإسرائيلي، إنه الوحيد القادر على تحقيق الإنجازات وجلب السلام الإستراتيجي للدولة العبرية، وأنه الأقدر عن غيره من السياسيين في التعامل مع الملفات الحسّاسة، وليس هناك أدنى شك أنه سيستخدم كل أسلحته ويقدم مسرحية ترجئ أو تفشل محاكمته.
بعد أن تمكن من تحييد جبهتَي لبنان وسورية، يبقى على نتنياهو أن يتعامل مع الملف الفلسطيني وهو الملف الأسخن والأهم لاعتبارات الجغرافيا والديموغرافيا وكذلك لاعتبارات سياسية تتعلق بموقعه في الحكومة الإسرائيلية.
الآن كل الحديث يدور حول هدنة وشيكة مع حركة «حماس»، دون الاستفاضة في تقديم تفاصيل بشأنها والعقبات التي يمكن أن تمنع تحقيقها. هنا سيحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية جلب هدنة على المقاس الذي يريده بالضبط.
هو لا يهمه كثيراً مصير الأسرى الإسرائيليين لأن التفكير فيهم سيحد من مناوراته السياسية، ولذلك يفضل «المطمطة» في العدوان على غزة حتى يسمع عن أفكار مقبولة من «حماس» ربما تسمح ببقاء إسرائيل في محورَي فيلادلفيا و»نتساريم».
الفكرة أن نتنياهو يرغب في المماطلة بالملف الفلسطيني حتى يبقى على قمة الهرم السياسي. من الجائز أن يذهب في هدنة مجهولة مع «حماس»، لكنه سيسعى إلى ختمها بالحصول على مكاسب سياسية إما في غزة أو عبر الضفة الغربية.
ثمة ما يسمى مبدأ المكافأة أو جائزة الترضية، وتقوم على أساس أن نتنياهو حينما لم يتمكن من تحقيق أهم أهدافه في قطاع غزة، يذهب إلى الضفة الغربية أو محور سورية ويحقق فيها إنجازات، حتى يقدمها هدية إلى شعبه ثمناً للسكوت عنه.
هذا ما يحدث بالضبط في الضفة الغربية من سياسات تسمين المستوطنات وسرقة ممتلكات الفلسطينيين وتدميرها وإحراقها، وممارسة كل أنواع الترهيب بهدف تحويل الضفة إلى حديقة إسرائيلية، وكل ذلك يأتي تحت العنوان الأكبر «بقاء نتنياهو في السلطة».
في سبيل بقائه بالسلطة، نتنياهو مستعد للتضحية بأقرب المقربين منه حتى يحتفظ بالكرسي. فعلها مع حلفائه وتخلى عن غالانت وزير حربه، وهو الآن ينتظر صديقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حتى يساعده في تجاوز المحن الداخلية والخارجية، وتحقيق مصلحة إسرائيل فوق أي مصلحة أخرى.
(الأيام الفلسطينية)