تضع الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة علاقات التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة على "مسار تصادمي" لثلاثة أسباب هي استمرار الخسائر الهائلة بين الفلسطينيين، واحتمال تهجير السكان قسرا، والخلاف بشأن مستقبل القطاع، وفقا لدانيال برومبرج في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت حتى مساء الاثنين 19 ألفا و453 شهيدا، و52 ألفا و268 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وأزمة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية.

وقال برومبرج، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تشك في وعد رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو بالقيام بكل ما يلزم "لتدمير" (حركة) حماس، لكن من المرجح أن يكون المسؤولون الأمريكيون قد خلصوا إلى أن إسرائيل غير قادرة على مواصلة حملتها دون قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين".

وتابع: "ومع تزايد خطر المرض والمجاعة، مع نزوح (أكثر من 1.9 مليون فلسطيني من) سكان غزة (حوالي 2.4 مليون) إلى الجنوب، بحثا يكاد يكون ميئوسا منه عن الأمان، تتزايد احتمالات حدوث أزمة كبرى في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

ومنذ اندلاع الحرب، تقدم واشنطن لتل أبيب أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى أن كثيرين باتوا يعتبرون الولايات المتحدة شريكا في "جرائم الحرب" الإسرائيلية في غزة، التي يحاصرها الاحتلال منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

وأضاف برومبرج أنه "في حين أشاد القادة الإسرائيليون بحق النقض الذي استخدمته واشنطن ضد مشروع قرار في مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، فإنهم يعلمون أن إدارة بايدن تدعم نهجا سياسيا ودبلوماسيا أوسع (حل الدولتين) ترفضه الحكومة الإسرائيلية الحالية، كما أعلن نتنياهو".

اقرأ أيضاً

الصحة في غزة: أكثر من 19 ألف شهيد و52 ألف مصاب منذ بداية الحرب

تهجير محتمل

وعلى الرغم من "عناق بايدن لنتنياهو، الزعيم الذي لا يحبه كثيرا، أشار المسؤولون الأمريكيون، بمَن فيهم الرئيس، إلى نوع من التناقض المشوش عندما يتعلق الأمر بالضغط على إسرائيل للحد من ضراوة القصف على غزة"، وفقا لبرومبرج.

وقال إنه من خلال تشكيل حكومة حرب مكونة من خمسة أعضاء، بينهم زعيما المعارضة بيني غانتس وجادي آيزنكوت، حصر نتنياهو عملية صنع القرار في مجموعة صغيرة، ما قد يسمح له بالبقاء على قيد الحياة ليوم أو أسبوع أو ربما أشهر.

وتتصاعد توقعات داخل إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بعد الحرب بشأن الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية أمام "حماس"، ستكتب نهاية نتنياهو السياسية، وهو أطول رئيس وزراء بقاء في السلطة منذ إقامة دولة الاحتلال في عام 1948 على أراضٍ محتلة.

برومبرج استدرك: وعلى الرغم من تشكيل حكومة الحرب المصغرة، إلا أن هذا "لم يمنع الأعضاء المتطرفين في الحكومة الأكبر من إطلاق دعوات لطرد (تهجير) الفلسطينيين من غزة (لاسيما إلى سيناء المصرية المجاورة).

وأردف أن "المتحدث باسم نتنياهو نفى أن يكون لدى إسرائيل أي نوايا من هذا القبيل، ولكن في ضوء إحجام حكومة الحرب عن معالجة مسألة "اليوم التالي" (مستقبل غزة بعد الحرب)، ونزوح فلسطينيين من منازلهم، أعرب المسؤولون العرب عن مخاوف متزايدة من أن إسرائيل تسعى إلى نكبة جديدة".

ومضى قائلا إن "تحذير نائبة الرئيس (الأمريكي) كامالا هاريس من أن الولايات المتحدة لن تتسامح "تحت أي ظرف من الظروف" مع النقل القسري للفلسطينيين من غزة، يشير إلى أن إدارة بايدن تشاطرها هذه المخاوف".

اقرأ أيضاً

أكسيوس: بايدن يقترح على عباس تفعيل قوة أمن محلية لإدارة غزة

مستقبل غزة

وعلى خلفية العمليات الإسرائيلية البرية المتوسعة في شمال وجنوب غزة، وفقا لبرومبرج، تحاول إدارة بايدن حشد الدعم الإقليمي لخطة تهدف إلى وضع غزة بعد الحرب تحت سيطرة السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها".

واستدرك: وعلى الرغم من أن هذا الجهد يمثل خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو الهدف الذي أيده بايدن مرارا خلال الأسابيع الماضية، إلا أن نتنياهو رفض بشكل قاطع أي فكرة لوضع غزة تحت إشراف السلطة الفلسطينية".

وأعلن نتنياهو مرارا عن اعتزامه الاحتفاظ بسيطرة أمنية على غزة، بل وصرح بأنه لا يستبعد أن يشن عملية عسكرية ضد القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

واستطرد برومبرج: "وعلى الرغم من التطمينات الصريحة بشأن الدعم الأمريكي القوي للحملة العسكرية، إلا أن فشل نتنياهو في توضيح الهدف النهائي للحرب يغذي المخاوف في إسرائيل من أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسيران على مسار تصادمي".

ويُصر نتنياهو على استمرار الحرب، على أمل الاحتفاظ بالسلطة بعدها، من خلال إنهاء حكم "حماس" المستمر لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين منذ عقود وتدافع عن الفلسطينيين.

وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1140 إسرائيليا وأسرت قرابة 240 بادلت حوالي 110 منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني.

اقرأ أيضاً

هجمات إسرائيل تجبر 85% من سكان غزة على النزوح داخليا

المصدر | دانيال برومبرج/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أسباب نتنياهو بايدن غزة حرب صدام حماس الولایات المتحدة على غزة

إقرأ أيضاً:

"فاينانشيال تايمز": إسرائيل تستعد لاختبار نموذج تجريبي لإدارة غزة بعد الحرب لا يشمل حماس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن إسرائيل تستعد لاختبار نموذج تجريبي لإدارة قطاع غزة المنكوب من جراء عدوانها المتواصل في مرحلة ما بعد الحرب، من خلال إنشاء سلسلة من الاحتمالات التي لا تشمل جميعها على أي وجود لسلطة حركة حماس، في حين قُوبل الأمر بالشك من جانب العديد من الأشخاص الذين اطلعوا على هذه الخطط.


ونقلت الصحيفة- في مستهل المقال الذي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف- عن ستة أشخاص مُطلعين على الخطة قولهم: إن إسرائيل ستكشف قريبًا عن إطلاق المخطط التجريبي لما أسمته بـ "الجيوب الإنسانية"، وهو نموذج لما تتخيل إسرائيل أنه سيعقب الحرب في أحياء العطاطرة وبيت حانون وبيت لاهيا بشمال غزة.


وأضافت الصحيفة، أن ثمة تشككات واسعة النطاق تدور حول جدوى وفعالية تطبيق هذا المخطط التجريبي الذي ترفضه حماس وقياداتها بشدة فضلًا عن تفاقم الخلافات الداخلية في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تفاصيله في حين وصفه أحد الأشخاص المُطلعين بأنه مشروع "خيالي".


وبموجب هذا المخطط، سيقوم الجيش الإسرائيلي بنقل المساعدات من معبر (إيريز) الغربي القريب إلى فلسطينيين محليين يتم تفتيشهم بدقة ليقوموا بتوزيع المساعدات وتوسيع مسئولياتهم تدريجيًا لتولي الحكم المدني في المنطقة في حين ستتولى القوات الإسرائيلية، على الأقل في مرحلة أولية، ضمان الأمن.


وفي حالة نجاح هذا المخطط، ستقوم إسرائيل بعد ذلك بتوسيع "الجيوب الإنسانية" وهو نموذج لما تتخيله تل أبيب بعد الحرب جنوبا إلى أجزاء أخرى من غزة، كوسيلة لتحل محل حكم حماس بعد ما يقرب من عقدين على توليها حكم القطاع، وقال أحد الأشخاص المطلعين على التفكير الإسرائيلي- في تصريح خاص للصحيفة- إن الخطة يُنظر إليها أيضا على أنها وسيلة لممارسة الضغط على حماس للرد على تعثر المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مقابل المحتجزين.


وبحسب الصحيفة، فإن هذه المبادرة الإسرائيلية الأخيرة تأتي بعد أشهر من الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو لصياغة نظام بديل موثوق به لحكم غزة ما بعد الحرب، لكن شخصين آخرين اطلعا على الخطة قالا إنها مجرد نسخة جديدة من محاولات إسرائيلية سابقة أحبطتها حماس بحكم الأمر الواقع.


ونقلت الصحيفة عن بيان لحركة (حماس)، /الثلاثاء/ الماضي، أنها لن تسمح لأي طرف "بالتدخل" في مستقبل قطاع غزة، وأنها "ستقطع أي يد للاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول العبث بمصير ومستقبل شعبنا".


كما نقلت الصحيفة عن شخص آخر مطلع على خطط غزة ما بعد الحرب قوله إن المحاولات الإسرائيلية لتحديد الفلسطينيين المحليين الذين يمكنهم إدارة غزة بدلًا من حماس مستمرة منذ نوفمبر الماضي، دون أي نجاح كبير.. وأضاف الشخص، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الخطة الجديدة هي مجرد تكرار لما تم اقتراحه في السابق، وأن إسرائيل ترغب من خلالها في أن تقوم الدول العربية والمجتمع الدولي بضمان إنجاحها، وأن يقوم السكان المحليون في غزة بإدارة القطاع".


وأوضحت الصحيفة، أن إحدى العقبات الرئيسية تتمثل في رفض نتنياهو المستمر لأي دور للسلطة الفلسطينية المعتدلة في غزة، والتي تمارس حكمًا ذاتيًا محدودًا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وطردتها حماس بعنف من غزة في عام 2007. كما يرفض نتنياهو بشكل قاطع أي مسار مستقبلي إلى الدولة الفلسطينية.


وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تولى منصبه لفترة طويلة هذا الموقف في الأسابيع الأخيرة، قائلا: لست مستعدا لإقامة دولة فلسطينية هناك في غزة ولست مستعدًا لتسليمها إلى السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، يواصل نتنياهو وكبار مساعديه الإصرار على أن الحكومات العربية ستلعب دورًا رئيسيًا في أي ترتيبات في فترة ما بعد الحرب، سواء من خلال توفير الدعم الدبلوماسي أو التمويل أو حتى قوات حفظ السلام.
 

مقالات مشابهة

  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • إسرائيل تنتقل للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة.. وكبار الجنرالات يطالبون بالتوقف
  • نتنياهو يشدّد على رفض الاستسلام لالرياح الانهزامية ووجوب تحقيق أهداف الحرب
  • حرب غزة.. إسرائيل تنتقل للمرحلة الثالثة ونتنياهو يوافق على مشاركة السلطة في إدارة القطاع
  • إسرائيل بصدد إنشاء "فقاعات" إنسانية
  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة
  • تفاصيل خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة
  • "فاينانشيال تايمز": إسرائيل تستعد لاختبار نموذج تجريبي لإدارة غزة بعد الحرب لا يشمل حماس
  • بن غفير يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو إذا توقفت الحرب ضد حماس ويكشف سبب عدم خدمته في جيش إسرائيل
  • نتنياهو: موقف إسرائيل ثابت بشأن صفقة الرهائن المدعومة من بايدن