هل يفعلها الرئيس البرهان ؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
الضجة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أحدثتها مشاركة #السودان في القمة الطارئة رقم (41) لرؤساء الإيغاد والبيان الذي صدر في أعقاب تلك القمة، ينبغي أن تتحول إلى فعل إيجابي، خاصة من قِبل مَن بيدهم الأمر في بلادنا.
من المعروف أن أية معركة كالتي يخوضها شعبنا وجيشه الباسل منذ ثمانية أشهر، هي معركة لها أربع جبهات رئيسية، لا يقل دور أية واحدة من هذه الجبهات عن الأخرى، لكن السلطة القائمة في إدارتها للمعركة الحالية، ركزت على جبهة واحدة ولم تول الأخريات ما تستحقه من إهتمام ورعاية، ونحن الآن ندفع ثمن ذلك الخلل أو الإهمال !!
كان تركيز السلطة القائمة على المعركة في الميدان العسكري، وقد أبلت في ذلك بلاءً حسناً، وإن جاز القول أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، لكن السلطة أهملت الجبهة الداخلية ممثلة في وحدة الصف الوطني، ولم تول جبهتي الدبلوماسية والإعلام، وهما جبهتان صنوان للأولى، ما تستحقان من إهتمام، إذ لم تُسَخّر لهما ما يمكن تسخيره من دعم مادي وبشري وسياسي، وكانت النتيجة عجزاً على هاتين الجبهتين تحديداً أسهم بشكل مباشر وغير مباشر في أن تؤول أوضاعنا إلى ما آلت إليه.
الذي حدث في جيبوتي يوم السبت الماضي يمكن تلخيصه في جملة واحدة مفادها، أن العدو المحارب حشد آلته السياسية، وأعمل آليات “العلاقات العامة” التي اعتاد عليها، بغرض إحداث التأثير الذي يرغب فيه على مخرجات القمة، في حين كانت استعداداتنا للتنبؤ بذلك ومجابهته دون المستوى المطلوب، والعبرة دائماً بالنتائج.
ليس من المرجح أن تتدارك منظمة الإيغاد خطأها المتمثل في تدليس البيان الختامي، وإن لم تفعل فهي بلا شك حكمت على نفسها بفقدان الأهلية التي تمكنها من تبني عملية تسهيل المسار السياسي للفرقاء السودانيين، وفي هذه الحالة على السلطة القائمة أن تنظر في خياراتها الأخرى، وهي متوفرة ولكن تحتاج إلى إرادة سياسية لإنفاذها.
إحدى نقاط ضعفنا هي عدم وجود جهاز تنفيذي كفؤ يدير الشأن المدني وقت الخرب، ولتلافي ذلك بإمكان السيد رئيس مجلس السيادة أن يكلف أحد الخبراء السودانيين، وما أكثرهم، بأن يشكل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية، لتتولى إدارة الملفات التنفيذية في المجالات الدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية وغيرها من شؤون الحياة، ويتفرغ رئيس المجلس ومجلسه لأمور السيادة بما في ذلك ملفات إدارة الحرب وإحلال السلام.
ونقطة ضعفنا الثانية هي أن السلطة القائمة تركت ملف الحوار السوداني السوداني للقوى الخارجية، فتحولت هذه من مُسهّل ومراقب إلى فاعل أصيل، ولوضع الأمور في نصابها بإمكان السيد رئيس مجلس السيادة أن يكلف نائبه، أو أي عضو من أعضاء المجلس، بترؤس لجنة مفوضة لإطلاق دعوة مفتوحة لكل القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وحركات “الكفاح المسلح” – دون استثناء – كي تلتقي في إحدى مدن السودان بغرض التشاور حول مآلات الأوضاع الراهنة وكيفية إحلال السلام الشامل، ورسم سيناريوهات إدارة الفترة الإنتقالية والتأسيس للتحول الديمقراطي المنشود مستقبلاً.
إذا فعل السيد رئيس مجلس السيادة ذلك سيكون، وبشكل تلقائي، قد سحب البساط من تحت أقدام القوى الخارجية بمختلف مسمياتها، ومن تحت أقدام القوى السياسية السودانية التي أضحت ظهيراً للتمرد وألعوبة في يد القوى الخارجية، تعتاش من فتات موائدها مثلما يتكسب آخرون من إستمرار الحرب وتوسيع رقعتها، وسيكون قد وضع جميع الأطراف السودانية أمام مسؤوليتها التاريخية، وجعل من #الحوار_السوداني السوداني إسماً على مسمى. فهل يفعلها الرئيس #البرهان ؟
العبيد أحمد مروح
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الرئيس المقبل… خطوات دولية تحدّد مسار المرحلة
تعمل القوى السياسية في لبنان على فهم الواقع الاقليمي والدولي بشكل سريع قبل موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحددة في التاسع من كانون الثاني المقبل، إذ إنّ فهم هذا الواقع يسهّل على هذه القوى اتخاذ موقفها من هذه الانتخابات، ولعلّ هذا الموقف لا يرتبط باسم الرئيس وحسب، بل بأصل نجاح جلسة الانتخاب وإيصال مرشّح ما الى قصر بعبدا.
من الواضح أن الموقف الدولي سيكون هو اللاعب الأساس في إنجاز الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أن الطرف الداخلي الذي كان من دون أدنى شكّ يُعطي ثقلاً للداخل اللبناني لجهة موقعه كلاعب إقليمي، تراجع دوره في المرحلة الحالية في ظلّ التطورات الاخيرة المرتبطة بالحرب الاسرائيلية على لبنان وبسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
لذلك فإن الرغبة الدولية هي التي تحدد ما إذا كان هناك سعي حقيقي للوصول الى انتخاب رئيس، لأنّ انجاز الملف الرئاسي ستكون له عدّة تبعات:
أولاً استقرار الواقع الامني في لبنان، وثانياً العلاقات الاقليمية والعلاقة مع النظام الجديد في سوريا. وعليه فإنّ القرار بإيصال رئيس للجمهورية من قِبل القوى الدولية سيكون مرتبطاً بكل هذه العوامل وبسؤال من جزئيتين؛ هل هناك رغبة جدية في إرساء الاستقرار في لبنان، أم رغبة في ربط المنطقة بمسار النظام الجديد في سوريا وعبره.
أمّا الجزء الآخر من السؤال فيتركّز حول طبيعة وشكل التعامل مع "حزب الله" في المرحلة المُقبلة، وما إذا كان هناك قرار بالتصادم معه أم بتسيير الامور في الساحة اللبنانية. الإجابة على هذا السؤال تحدّد اسم الرئيس الذي سيدفع باتجاه احدى النقطتين، وعليه فإن قبول "الحزب" أو رفضه لمرشح ما سيوحي بالتوجّه الدولي أيضاً.
لعلّ الاستحقاق الرئاسي في لبنان لا يشكّل أصل التطورات ولا يحدّد حتى مسار الأحداث، لكنّه ترجمة وانعكاس لكل هذه الملفات في الساحتين الاقليمية والدولية ورغبة الدول المعنية بلبنان بالمسار الذي يُراد لهذا البلد خلال هذا التدحرج الكبير للتطورات الاقليمية سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو حتى على المستوى الاقتصادي. المصدر: خاص "لبنان 24"