أوكرانيا في 2023.. خلافات داخلية وعمليات مضادة مخيبة للآمال
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
كييف- لم تكن سنة 2023 بمجملها سهلة على أوكرانيا في ثاني سنوات الحرب الروسية المستمرة عليها منذ فبراير/شباط 2022 وعلى جبهات واسعة عدة، لكن السمة الأبرز لهذا العام كانت تعثر العمليات الأوكرانية المضادة التي حشدت لها كييف شهورا طويلة بمساعدة من تسميهم "الشركاء" الغربيين.
وبحجة تأخر المساعدات كما أكد مسؤولون، تأخر انطلاق هذه العمليات من الربيع -كما كان متوقعا- حتى أوائل يونيو/حزيران الماضي، ولم تستطع كييف استعادة إلا عشرات الكيلومترات المربعة في مواقع متفرقة من مقاطعتي دونيتسك وزاباروجيا جنوب شرق البلاد وهي -عمليا- مواقع لا تزال ساخنة رغم "التحرير" المعلن.
وهكذا، تبين أن الضجة التي أثارتها تلك العمليات قبل بدايتها كانت أكبر بكثير من أثرها على عكس عمليات العام الماضي، التي استعادت بموجبها كييف السيطرة شبه الكاملة على مئات الكيلومترات في مقاطعات خاركيف شرقا، وخيرسون وميكولايف جنوبا.
ومع ذلك، يرى إيفان ستوباك، الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل" والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، -في حديث مع الجزيرة نت- أن الإنجاز الأكبر الذي تحقق لبلاده يكمن في فشل كل محاولات روسيا الاستحواذ على أراض أوكرانية جديدة.
ويعتبر أن تحول روسيا إلى الدفاع وتقدمها مئات قليلة من الأمتار فقط لا يمكن أن يُحسب كنجاح لها، ولا أنْ يبرر حجم الخسائر التي لحقت بقواتها خلال هذه السنة.
وبحسب بيانات هيئة أركان القوات الأوكرانية، فإن موسكو خسرت نحو 235 ألف جندي خلال 2023، ليتجاوز الرقم حاجز 340 ألف جندي منذ بداية الحرب، لكن روسيا تنفي صحة هذه الأرقام وتشير في بياناتها إلى أرقام كبيرة تخص قتلى الجيش الأوكراني، تنفيها كييف.
ويبدو أن أوكرانيا استعاضت عن إخفاقاتها على الجبهات بتحول نحو قصف واسع ولافت لمواقع حساسة وحيوية في العمق الروسي خلال 2023، من بينها موسكو ومبنى الكرملين.
كما استمرت باستهداف طرق ومواقع لوجستية وقواعد عسكرية تسيطر عليها روسيا في "المقاطعات المحتلة"، بما فيها شبه جزيرة القرم، وخاصة قاعدة الأسطول البحري في سيفاستوبول.
ويقول الخبير إيفان ستوباك إن ذلك يضعف سيطرة موسكو على الأراضي الأوكرانية المحتلة شيئا فشيئا، ويمهد الطريق أمام تحريرها في المستقبل، حتى وإن كان بطيئا في حقيقة مجراه.
وعلى عكس السنة الماضية، تصدرت المُسيّرات الطائرة والمائية مشهد عمليات القصف والاستهداف بين الجانبين خلال 2023، وحلت بديلا من كم كبير من الصواريخ التي كانت تطلقها روسيا.
خلافات سياسية
يعود سبب ذلك -بحسب مراقبين كثر- إلى أن صواريخ موسكو المكلفة قلّت لديها، ولم تعد تصل بسهولة إلى أهدافها في كييف وغيرها من الأماكن، لا سيما بعد أن عززت أوكرانيا قدراتها بمنظومات دفاع جوية متطورة في 2023، أبرزها باتريوت الأميركية وآريس الألمانية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدفاعات الجوية التي وُفّرت لأوكرانيا منذ مطلع العام، حتى وإن كانت سلطاتها تطالب بالمزيد، ساهمت -إلى حد كبير- في حماية العاصمة ومدن رئيسية أخرى من القصف الصاروخي الناجح.
كما أنها أمّنت محطات الطاقة وشبكاتها، فلم تشهد البلاد انقطاعا يذكر للكهرباء على نطاق واسع، مثلما حدث في أواخر السنة الماضية.
وعلى خلفية الحرب وإخفاقاتها، تكشفت خلال النصف الثاني من 2023 خلافات كبيرة بين القيادة السياسية والعسكرية في أوكرانيا، خاصة بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي، ورئيس هيئة الأركان فاليري زالوجني.
سبب الخلافات، بحسب الخبير ستوباك، هو سوء التقدير والحسابات الإستراتيجية الخاطئة لمسار الحرب، ثم تبادل الاتهامات بين مؤسسات الرئاسة والدفاع التي كان من مؤشراتها إقالة وزير الدفاع، وحديث لا يتوقف عن حتمية إقالة زالوجني أيضا.
وتُضاف إلى ما سبق حقيقة تراجع الحماسة الأميركية الأوروبية في دعم أوكرانيا خلال النصف الثاني من 2023، وتوقعات بأن تتجه الأمور إلى الأسوأ في الفترة المقبلة.
يقول الخبير في مركز "رازومكوف" للدراسات الإستراتيجية، فاسيل بوروشين -للجزيرة نت- إن "حرب روسيا على أوكرانيا أتعبت اقتصاد الغرب أكثر في العام المنقضي، التي أصابت بلدانه الرئيسية خيبة أمل أيضا من تعثر عملياتنا المضادة".
ويضيف أنه "لا يمكن أن نتجاهل أيضا تحول الاهتمام الأميركي الأوروبي عن دعم كييف، نحو دعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة".
"انتعاش وإنجازات"
ورغم أن أنين اقتصاد أوكرانيا مستمر بسبب الحرب، واقترب عجز ميزانيتها من 40 مليار دولار في هذا العام بنحو نصف الميزانية، إلا أن حكومتها تتحدث عن "انتعاش وإنجازات" تحققت.
وقال رئيس الوزراء، دينيس شميهال، إن الناتج المحلي نما خلال 2023 بنسبة 3%، بعد أن هوى بنسبة قاربت 29% في السنة الماضية، وأشار إلى أن نسب التضخم تراجعت إلى حدود 8 و9% بعد أن وصلت إلى 26.6% في 2022.
وبالفعل، عززت العملة الوطنية "هريفنيا" قيمتها أمام الدولار، ليتراجع سعر صرفه من نحو 42 إلى حوالي 37.3 هريفنيا، لكن كثيرا من العامة يشككون بأرقام النمو والتضخم المعلنة، ويشكون تضاعف أسعار الخدمات الخاصة، وانتشار الغلاء في المحال والأسواق.
وأمام كل ما سبق، يفخر المسؤولون الأوكرانيون بزيارات ولقاءات واتصالات مكوكية مع القادة الأوروبيين انتهى بها العام، عنوانها بدء مفاوضات العضوية في الاتحاد الأوروبي.
ويؤكد المسؤولون أن الموقف الأوروبي وصل حد "الإجماع" على أهمية عضوية أوكرانيا بعد وفائها وتطبيقها كثيرا من الشروط والمعايير، بغض النظر عن ظروف الحرب، ومعارضة دولة المجر لهذا الأمر.
ويقول الخبير بوريشين، "يجب أن نعي أن قرار العضوية، سواء في الاتحاد الأوروبي أو حتى في حلف الناتو، سيكون سياسيا بالدرجة الأولى، مبنيا على حاجة الدول الأعضاء وحتى حجم استثمارها في دعم أوكرانيا الذي لم يكن قليلا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: خلال 2023
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا
أوكرانيا – صرح فلاديمير زيلينسكي خلال إفادة بثها التلفزيون الأوكراني، إنه واثق بأن فرنسا وبريطانيا ستكونان أول من يرسل قوات إلى أوكرانيا مشيرا إلى أن مسألة نشر القوات ستتوضح خلال شهر.
وقال زيلينسكي: “سيكون الجنود الفرنسيون، أنا واثق تماما، من بين الأوائل إذا ما تم إرسال قوات. الفرنسيون والبريطانيون. هم يطرحون هذه الفكرة اليوم كممثلين رئيسيين للقوات الأوروبية. متى وكم عددهم، لا يمكنني الجزم بذلك”.
وأضاف زيلينسكي: “نحتاج لشهر تقريبا لفهم البنية (البنية التحتية لتواجد القوات الأوروبية) بالكامل ونناقش الوجود البري والجوي والبحري وأيضا الدفاعات الجوية وكذلك بعض المسائل الحساسة الأخرى”، مشيرا إلى أن الممثلين العسكريين لأوكرانيا وبريطانيا وفرنسا سيلتقون أسبوعيا، كما أكد بأن شركاء كييف متفهمون لاحتياجات أوكرانيا والنقاط الحساسة والجغرافية والمناطق التي يحتاج فيها الأوكرانيون للدعم، حسب تعبيره.
كما وصف زيلينسكي اجتماع رؤساء أركان أوكرانيا وفرنسا وبريطانيا بأنه “بناء”، مؤكدا مشاركة دول أخرى دون أن يكشف عن أسمائها أو عددها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في أعقاب قمة باريس لـ”تحالف الراغبين” في 27 مارس الماضي أن عددا من أعضاء التحالف يخططون لإرسال “قوات ردع” إلى أوكرانيا. وأوضح الرئيس الفرنسي أن هذه المبادرة الفرنسية البريطانية لن تكون بديلا للقوات الأوكرانية، ولن تكون “قوات ردع” بمثابة قوات حفظ سلام، بل أن الهدف منها سيكون ردع روسيا، وسيتم نشرها في مواقع استراتيجية محددة مسبقا بالاتفاق مع الجانب الأوكراني. كما أشار ماكرون إلى أن المبادرة لا تحظى بموافقة الجميع، لكن تنفيذها لا يتطلب إجماعا.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 6 مارس الماضي أن روسيا لا ترى أي إمكانية للتوصل إلى حل وسط بشأن نشر “قوات حفظ سلام” أجنبية في أوكرانيا. وحذر لافروف من أن نشر قوات أجنبية سيجعل الدول الغربية غير راغبة في التفاوض على تسوية سلمية، لأن هذه القوات ستخلق “أمرا واقعا على الأرض”.
وفي العام الماضي، أفادت دائرة الصحافة في جهاز المخابرات الخارجية الروسي أن الغرب يعتزم نشر ما يسمى “قوة حفظ سلام” في أوكرانيا بقوة تصل إلى حوالي 100 ألف جندي لاستعادة القدرة القتالية لأوكرانيا. واعتبرت المخابرات الروسية أن ذلك سيشكل “احتلالا فعليا” لأوكرانيا.
بدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن نشر قوات حفظ السلام لا يمكن أن يتم إلا بموافقة أطراف النزاع، مشيرا إلى أن الحديث عن نشر مثل هذه القوات في أوكرانيا “سابق لأوانه”.
المصدر: RT