#باب_السياسة #الموصد في #غزة – د. #منذر_الحوارات
بالحرب نشأت وعلى الحرب تعيش، هذا هو واقع الحال بالنسبة لإسرائيل فمنذ اليوم الأول لنشأتها وقبل ذلك بكثير كان طريقها الوحيد إلى الوجود هو السلاح والإرهاب وقتل الخصوم ومحاولة تدميرهم وتهجيرهم، وهذا يتكرر بعد الحدث العظيم في السابع من أكتوبر، والذي زعزع ثقة الدولة ببقائها وزعزع قناعتها بأن كل خططها السابقة في تدجين الفلسطينيين وزرع روح الاستسلام فيهم قد باءت جميعها بالفشل الذريع، لذلك كان قرارهم حاسماً بأنهم أمام خطر وجودي لا يحتمل التردد في مواجهة الخيارات المعقدة وكانت تتلخص إستراتيجيا بضرورة استعادة الهيبة وقوة الردع اللتين خسرتهما في لحظات.
هذا الطموح والهدف الكبير والذي لُخص في ثلاثة محاور رئيسة أولها القضاء على حماس والثاني تحرير الرهائن والثالث إيقاف الخطر القادم من غزة، لكن دون هذه الأهداف عقبات تكاد تكون مستحيلة، في مقدمتها قوة حماس المتمثلة في مقدرتها السحرية على الاختفاء من أمام أعين الأعداء مما يعطيها فرصة ذهبية للهجوم من مسافة صفر والاختفاء عن الأعين بسرعة البرق تحت الأرض بشبكة معقدة من الأنفاق المتشابكة، العقبة الكأداء الثانية هي ردع المدينة حيث كانت غزة القطاع والمدينة لغزاً محيراً لصناع القرار العسكري في دولة الاحتلال، فقد كانت أقبيتها وحواريها وتركيبتها السكانية المتعاضدة عنصر ردع كبيرا لقوات الاحتلال، لهذا السبب رأينا قوات الاحتلال الجوية تقوم بحملة تدمير لكل شيء يمت بصلة للحياة في المدينة، وطبقت فيها ما يعرف بطريقة جز العشب أملاً منها في أن تتخلص من الحاضنة الاجتماعية لحماس وتجعلها تثور عليها أو تهاجر خارج القطاع، وبالتالي تخسر حماس هذا العنصر، وهذا لم يحدث وليس من الواضح أنه سيحدث إذ أبدى الغزيون صموداً منقطع النظير، أما العقبة المهمة الأخرى فهي الرهائن المحتجزون لدى حماس، صحيح أن نتنياهو حاول التخلص من هذه الورقة بيد حماس باستخدام بروتوكول هنيبال، لكن وجود رهائن مزدوجي الجنسية حال دون رغبته هذه، إذ سرعان ما عادت هذه الورقة واحدة من أهم المؤثرات في اتخاذ القرارات العسكرية، وأصبحت مصدر أرق لحكومة الحرب الإسرائيلية.
لا تستطيع دولة الاحتلال الادعاء بعد شهرين ونصف من التدمير أنها حققت أيا من أهدافها المعلنة، رغم أنها تُصر صباح مساء أن الحرب مستمرة حتى تحقيق تلك الأهداف التي تأبى التحقق وحتى الهدف المخفي حيناً والمعلن أحياناً بتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم لا يتحقق ولا يبدو أنه قابل للتحقيق بسبب مقدرة الغزيين المذهلة على فهم الأهداف الإستراتيجية لعدوهم، ورغم أن إسرائيل تتمتع بغطاء عسكري وسياسي كامل من قبل الولايات المتحدة والعالم الغربي، بينما حماس في العراء السياسي، بل تخلى عنها محورها الذي اعتمدت عليه سابقاً، وهي الآن لا تعتمد على شيء سوى قدرتها على البقاء في ساحة المعركة ومناجزة العدو بينما كل الغطاءات السياسية أصبحت خاوية بلا قيمة، هذا الوضع يجعل حماس تستميت في الدفاع عن حقها في البقاء كفصيل فلسطيني يقاتل لأجل حرية شعبه لا كمنظمة إرهابية كما تريد إسرائيل وأميركا لصق هذه التهمة بها.
لكن الملفت للنظر والمثير للدهشة أنه برغم فشل القوة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها على الأرض، إلا أن نتنياهو يتصرف ويضع الشروط كمنتصر بدون مبرر واضح، اللهم إلا إذا اعتبر أن تدمير مدينة وقتل سكانها، وجلهم من الأطفال والنساء، وتهجيرهم انتصار، يكون فعلاً من هذا المنظور قد حقق انتصاراً مؤزراً وهذه شيم الجبناء، لقد عاد من جديد يرفض كل الحلول السابقة وينكر على الفلسطينيين حقهم السيادي في إقامة دولتهم ويرفض بملء فيه حل الدولتين ويتنصل من أوسلو وكل الاتفاقات السابقة، لقد قرر فجأة أن يعيد عجلة التاريخ إلى الوراء خمسة وثلاثين عاما، إلى الحكم المباشر للفلسطينيين وربما يعيده عقله المصاب بلوثة الحكم إلى صيغة الأرض الخالية كي يبرر لنفسه البقاء السياسي، فالبحث عن انتصار وإن كان وهمياً جعله يوصد كل الأبواب المؤدية إلى الحلول، ويحاول بكل وسيلة إطالة أمد الحرب بل ولا ضير من توسيعها إذا كان بالمستطاع، لأن كل يوم حرب إضافي هو يوم للبقاء، وكل قطرة دم فلسطينية هي أكسير لحياته السياسية، وكل بيت مهدم وشارع مكسر ومستشفى مدمّر هي الشرايين التي تمده بطاقة البقاء، لأن هذه كلها هي الوسائل التي تضخ الشعبية وتفتح طريق البقاء لأي سياسي إسرائيلي، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أن كل هذا الصلف الإسرائيلي في طريقه للانكسار، وهذا الأمر ليس ببعيد.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يعترف بعدم استطاعته السيطرة على قطاع غزة
اعترف الجيش الإسرائيلي للمحكمة العليا، بعدم قدرته السيطرة بشكل فعال في قطاع غزة ، وأنه ولم يتم القضاء على قدرات حركة حماس السلطوية.
ونقل موقع "واللا" العبري اليوم الأربعاء، عن رسالة الجيش الإسرائيلي التي قدمتها النيابة العامة إلى المحكمة العليا، في نهاية الأسبوع الماضي، أن عديد القوات وطبيعة عمليات الجيش الإسرائيلي لا يسمح بترسيخ سيطرة فعالة في قطاع غزة.
وأضاف النيابة العامة باسم الجيش أنه لم يتم القضاء بالكامل على قدرات حماس في ممارسة صلاحيات سلطوية.. "في النقطة الزمنية الحالية أيضا، الجيش الإسرائيلي لا يسيطر بشكل فعال في قطاع غزة، وقدرات حماس على ممارسة صلاحيات سلطوية، رغم استهدافها نتيجة الإنجازات العملياتية لقوات الجيش الإسرائيلي، إلا أنه لم يتم القضاء عليها كليا".
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، أمس، أنه "حققنا نتائج رائعة نحو هدفنا الرئيسي - أن حماس لن تسيطر على غزة. نحن نقضي على قدراتهم العسكرية بطريقة مدهشة، والآن ننتقل إلى استهداف قدراتهم السلطوية، وما زالت هناك خطوات قادمة. حماس لن تكون في غزة".
اقرأ أيضا/ الرئاسة الفلسطينية: نرفض تماما إنشاء منطقة عازلة لتوزيع المساعدات في غـزة
وجاء في رسالة الجيش أنه "على إثر مؤشرات بأن حماس تستغل دخول البضائع من أجل تعزيز نفسها اقتصاديا وعسكريا، تقرر عدم السماح حاليا باستمرار إدخال بضائع من جانب تجار من القطاع الخاص في قطاع غزة. وإلى جانب ذلك، تتواصل الجهود من أجل التوصل إلى حل والمساعدة في إدخال مساعدات إنسانية كبيرة بقدر الإمكان بواسطة دول ومنظمات إغاثة دولية تعمل في القطاع".
من جانبه، زعم وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، خلال مقابلة أجراها معه موقع "واينت" الإلكتروني، اليوم، أن "هذه حرب صحيحة أيضا للاقتصاد، لأنه في نهاية الأمر سيجلب القضاء على أعدائنا أمنا والأمن سيؤدي إلى اقتصاد قوي".
وقال عضو كابينيت الحرب السابق، عضو الكنيست غادي آيزنكوت، خلال مؤتمر تعقده صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، إن "خطة الحرب تشوشت بشكل كبير جدا، لأنه يجلس في الغرفة (أي الحكومة) أشخاص لا يريدون رؤية نهاية الحرب. هل يريدون إعادة المخطوفين بالاستناد إلى مفاهيم نتنياهو الآنية، أو خطة نتنياهو؟ في الخلاصة، هدف الحرب بشأن إعادة المخطوفين هو فشل ذريع يقع على كاهل أي أحد جلس في الكابينيت، وأتحمل المسؤولية عندما كنت في الكابينيت، وعلى نتنياهو الذي لم يفعل شيئا أن يعيدهم".
وتابع آيزنكون أنه "من الناحية الفعلية يسعون إلى أن يكون الجيش الإسرائيلي مسؤولا عن توزيع المساعدات، ولإقامة حكم عسكري، وهكذا ستكون المسؤولية المطلقة على دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي، وهذه خطوة أخرى لثلة لا تعرف تحمل المسؤولية".
المصدر : عرب 48