قالت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير، الاثنين، إن لدى السعودية أدوات في ترسانتها الدبلوماسية إذا استخدمتها بشكل صحيح، ستكون لها كلمة في تشكيل مستقبل القضية الفلسطينية.

ولفتت المجلة إلى أن النفط لم يعد أداة فعالة في الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأوضحت المجلة أن الرياض تقود جهدا دبلوماسيا يهدف إلى توليد خطاب دولي يشكك في شرعية العدوان العسكري الإسرائيلي، والغطاء الدبلوماسي الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل.

وأشارت المجلة إلى أن النخب الحاكمة في السعودية لا ترفض حجة الدفاع عن النفس الإسرائيلية فحسب، بل إنها تتجه أيضا إلى الهجوم الدبلوماسي. ويرأس وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لجنة دبلوماسية مفوضة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للقيام بجولة في عواصم دولية مختلفة والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وكانت المحطة الأولى للجنة في بكين ثم موسكو. وتوضح المجلة أن هذه كانت إشارة واضحة لواشنطن بأن السعودية لديها خيارات أخرى في هذا العالم متعدد الأقطاب الذي يتطور باستمرار.

بالإضافة إلى ذلك، ترى المجلة أن وجود اللجنة في الأمم المتحدة والمقترحات المستمرة من المجموعة العربية الإسلامية تهدف إلى مواصلة الضغط الدبلوماسي على الولايات المتحدة، من خلال تسليط الضوء عليها كعائق يقف أمام وقف إطلاق النار.

ويستخدم السعوديون أيضاً أداة دبلوماسية مهملة، وهي الصمت، كما أوضحت المجلة، مشيرة إلى أن رفضهم الصريح لأي نقاش سياسي قبل وقف إطلاق النار يولد أيضًا ضغوطًا من خلال عدم السماح لإسرائيل بأفق سياسي واضح بعد الحملة الانتخابية. وكما قال وزير الخارجية السعودي الشهر الماضي: "ما هو المستقبل الذي يمكن الحديث عنه عندما يتم تدمير غزة؟".

وترى المجلة أن لدى النخب الحاكمة في السعودية سببا آخر لتجنب أي نقاش حول مستقبل غزة، وهو أنهم يعتقدون أن طرح هذه الفكرة لن يساعد في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ويمكن اعتباره تواطؤا أو اشتراكا في إعطاء الحملة الإسرائيلية الحالية شرعية.

التطبيع كأداة ضغط في يد السعودية

وقال المحلل السياسي السعودي، محمد الفراج، لموقع "الحرة" إن "السعودية أبدت للأميركيين بشكل واضح رغبتها في إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن، بالإضافة إلي الالتزام بحل الدولتين وفق خطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق ذلك، هذا في حال أرادوا استكمال عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وأضاف أن "استمرار الحرب مع زيادة الموت والدمار في غزة كل يوم جميعها أمور تزيد من الغضب الشعبي تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، كما تصعب فرص التطبيع".

وتابع أنه "يوجد حالة من الشحن والانقسام، خاصة بين الشباب السعودي، تجاه ما تفعله إسرائيل في غزة، وهذا بالطبع يزيد من التطرف بين الشباب، ويعرقل بشكل عام ما تريد المملكة التركيز عليه وهو رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوضع البلاد على الخريطة العالمية، من التعليم إلى البنية التحتية إلى تمكين المرأة".

وتابع الفراج "يوجد اتفاق ضمني في الأوساط السياسية السعودية بشأن عدم مقدرة إسرائيل على القضاء على حماس إلى الأبد، فضلا عن عدم وجود خطة واضحة لمستقبل غزة، وبالتي فإن استمرار الحرب والخسائر بهذه الطريقة يزيد من تعقيد الأمور بين المملكة وإسرائيل".

وتحدث الخبير السعودي عن استخدام السعودية لورقة الضغط المتمثلة في التطبيع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وحل الدولتين، قائلا إن "هاذين المطلبين تبنتهما أخيرا الولايات المتحدة من خلال مطالبة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بينيامين نتانياهو، بإقالة حكومته اليمنية المتطرف وإنهاء الحرب وحل الدولتين".

ووفقا لـ"فورين بوليسي"، لدى كل من إسرائيل والولايات المتحدة أسبابهما الخاصة من أجل التطبيع. وبالنسبة لواشنطن، وخاصة بايدن، فإن كونه الوسيط في مثل هذه الصفقة الكبرى من شأنه أن يعزز إرثه في التاريخ ويوفر نقطة حوار دبلوماسية ضرورية للحملة الانتخابية لعام 2024.

أما بالنسبة لنتانياهو، فذكرت المجلة أن اعتراف السعودية، راعية الحرمين الشريفين، بإسرائيل سيكون بمثابة نصر استراتيجي. وإذا وافقت المملكة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فلن يكون هناك الكثير للضغط على حكومة نتنياهو، أو أي حكومة إسرائيلية مستقبلية، لضمان تنازلات كبيرة وتسهيل تسوية سياسية تتعلق بالفلسطينيين.

إعادة إعمار غزة

تتمتع الرياض بنفوذ حقيقي عندما يتعلق الأمر بالتمويل، بحسب المجلة التي أوضحت أن إسرائيل لن تتمكن إسرائيل أبدًا من مجاراة القدرة المالية للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وأوضحت أن إسرائيل تعاني أزمة اقتصادية حاليا، ووفقاً لتقرير حديث لبنك إسرائيل، فإنها تخسر 600 مليون دولار أسبوعياً خلال هذه الحملة. كما توقع البنك المركزي الإسرائيلي أن تكاليف الحرب من عام 2023 إلى عام 2025 ستصل إلى حوالي 53 مليار دولار.

وهذا على وجه التحديد ما يمنح السعوديين ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية النفوذ، إذ ترى المجلة أنه يمكن استخدام أي جهود لإعادة الإعمار لدفع إسرائيل نحو عملية سلام حقيقية.

لكن الخبير السياسي السعودي، صالح الشهري، قال لموقع "الحرة" إن "السعوديين لم يعارضوا تقديم الدعم المالي للفلسطينيين، ولقد قدموا قدراً كبيراً من ذلك على مدى العقود الماضية، ولا يبدو أن هذا الدعم سوف يتوقف قريباً. لكنه أضاف أنه في الوقت نفسه، لن تقوم المملكة بإعادة بناء غزة المدمرة من أجل الأمن الإسرائيلي، خاصة أن إسرائيل كانت الطرف الذي نفذ التدمير".

وتابع أنه "توجد مناقشات حاليا في إسرائيل وواشنطن بأن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ستدفع فاتورة الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، لكن هذا لن يحدث".

واستكمل: "وفقاً لتسريب للصحافة الإسرائيلية، فقد ورد أن نتنياهو قال أمام لجنة برلمانية في 11 ديسمبر إن "الخطوة الأولى في غزة ستكون هزيمة حماس. بعد ذلك، أعتقد أن الإمارات السعودية ستدعمان إعادة تأهيل القطاع".

ولخص الشهري وجهة النظر السعودية، قائلا إنه "بدون تقديم إسرائيل خطوات واضحة في سبيل السلام، وعلى رأسها إيقاف الحرب، والقيام بتغيير جوهري في شكل الحكومة، ومناقشة مستقبل غزة وخيار حل الدولتين، لن يكون هناك مساعدة سعودية".

لكن الشهري يرى أنه "نظراً لطبيعة هذا الصراع وتعقيده، لا يوجد زعيم واحد أو دولة واحدة يمكنها تولي المسؤولية، بل يجب تكاتف القادة في المنطقة الذين يمكنهم التأثير على الوضع باستخدام نفوذ كل منهم في عملية متجانسة ومنسقة. ومن غير المرجح أن نفترض أن الرياض ستتولى زمام الأمور، على الرغم من السياسة الخارجية القوية التي تنتهجها المملكة في الآونة الأخيرة".

وقال الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، ديفيد بولوك، لموقع "الحرة" إن "الحرب في غزة وضعت ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في موقف صعب، على الأقل على المدى القصير".

وأضاف أن " بن سلمان يرغب في الاستقرار الإقليمي، الأمر الذي من شأنه أن يسهل عليه متابعة هدفه المتمثل في تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على صادرات النفط، لكن تفاقم العنف في غزة والتهديد الإسرائيلي المستمر بتصعيد أوسع نطاقا شكل ضغوطًا متزايدة عليه في الداخل والخارج، حيث يدعو القادة الأميركيون والأوروبيون السعودية إلى القيام بدور قيادي في غزة ما بعد حماس، بينما تحث المجموعات الإقليمية والمحلية الرياض على دعم الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية في الوقت الحالي".

لكن بولوك يرى أن "السعودية لا تملك القدرة ولا الرغبة في نشر قوات على الأرض في غزة ما بعد الحرب أو تمويل إعادة إعمار غزة على نطاق واسع. كما أنها لم تظهر أي استعداد لاستخدام الأدوات المتاحة لها، مثل قدرتها على خفض إنتاج النفط أو صادراته للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة".

وأوضح أنه "رغم أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي غير مطروح على الطاولة في الوقت الحالي، إلا أن الحوافز التي دفعت السعودية إلى التفكير في الاعتراف بإسرائيل لم تختف. ولا يمكن تحقيق أهداف محمد بن سلمان الاقتصادية الطموحة للمملكة إلا في شرق أوسط مستقر وفي ظل علاقات قوية مع الولايات المتحدة. وسوف تشكل هذه الأجندة طويلة المدى مسار عمله في الصراع الحالي".

وأشار إلى أن "أي خطوة إيجابية ستقدمها السعودية حاليا بالنسبة لإسرائيل ستكون مرهونة ليست فقط بتسوية القضية الفلسطينية، بل بتحقيق مزيد من المكاسب التي كانت تسعى إليها قبل الحرب، وعلى رأسها البرنامج النووي السعودي".

وقال إن "تزويد الولايات المتحدة للرياض بالخبرات والتقنيات اللازمة لإنتاج طاقة نووية هو مطلب سعودي رئيسي مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن هذا الطلب يشكل معضلة كبيرة بالنسبة لواشنطن ولإسرائيل، وبالتأكيد ستسعى السعودية لتحقيق هذا المكسب مقابل التدخل لإعادة الإعمار".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة المجلة أن بن سلمان فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

برسالة إلى البرهان.. أول زيارة لمسؤول سعودي منذ اندلاع القتال بالسودان

وصل نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الاثنين، إلى مدينة بورتسودان، في أول زيارة لمسؤول سعودي إلى السودان، منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل 2023.

ووصل الخريجي إلى المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، التي اتخذتها قادة الجيش السوداني، عاصمة إدارية بعد اندلاع الحرب، في زيارة تستغرق يوما واحدا.

وأفاد مراسل الحرة بأن الوزير السعودي سيجري مباحثات مع مسؤولين سودانيين، على رأسهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، تتعلق بعلاقات البلدين وتطورات الأزمة.

ونقل المراسل عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "الوفد السعودي يحمل رسالة خطية من الديوان الملكي السعودي إلى البرهان".

ولم تكشف المصادر عن فحوى وتفاصيل الرسالة.

وكان في استقبال الوزير السعودي بمطار مدينة بورتسودان، وزير الخارجية السوداني حسين عوض، وعدد من المسؤولين السودانيين.

ومع تفجُّر المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، طرحت السعودية، مبادرة لإيقاف الحرب، إذ وقع الطرفان في 11 مايو 2023، بمدينة جدة، اتفاقا ينص على "حماية المدنيين، والامتناع عن استخدام المرافق العامة والخاصة لأغراض عسكرية".

لكن لم يتم تنفيذ الاتفاق، إذ يتهم كل طرف الآخر بعدم التنفيذ. في حين فشلت دعوات ومطالبات دولية وإقليمية في إعادة الطرفين إلى منبر جدة.

وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير مؤكدة، فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى 150 ألفا، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

كذلك، سجل السودان قرابة 10 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • ماذا لو تورطت السعودية في عدوان جديد على اليمن؟
  • برسالة إلى البرهان.. أول زيارة لمسؤول سعودي منذ اندلاع القتال بالسودان
  • الحوثي يهدد السعودية: سنقابل البنوك بالبنوك ومطار الرياض بمطار صنعاء
  • عبد الملك الحوثي يهدد السعودية بإغلاق مطار الرياض والبنوك (شاهد)
  • عمرو موسى: إسرائيل تريد القضاء على الشعب الفلسطيني وتريد من يساعدها بذلك
  • حذرته من “السيناريو الكابوس”.. مجلة “ذا أتلانتيك” لنتنياهو: لا نصر عسكري تحققه في لبنان
  • عمرو موسى: مصر تتبنى القضية الفلسطينية منذ بدايتها.. وأمريكا تستطيع ردع إسرائيل
  • السجن أصبح مقبرة..؟
  • القضية الفلسطينية في ضوء الانتخابات البريطانية
  • هل يعود العرب الى لبنان بعد الحل؟