هل تستخدم الرياض ترسانتها الدبلوماسية لإعادة صياغة القضية الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
قالت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير، الاثنين، إن لدى السعودية أدوات في ترسانتها الدبلوماسية إذا استخدمتها بشكل صحيح، ستكون لها كلمة في تشكيل مستقبل القضية الفلسطينية.
ولفتت المجلة إلى أن النفط لم يعد أداة فعالة في الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأوضحت المجلة أن الرياض تقود جهدا دبلوماسيا يهدف إلى توليد خطاب دولي يشكك في شرعية العدوان العسكري الإسرائيلي، والغطاء الدبلوماسي الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل.
وأشارت المجلة إلى أن النخب الحاكمة في السعودية لا ترفض حجة الدفاع عن النفس الإسرائيلية فحسب، بل إنها تتجه أيضا إلى الهجوم الدبلوماسي. ويرأس وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لجنة دبلوماسية مفوضة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للقيام بجولة في عواصم دولية مختلفة والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وكانت المحطة الأولى للجنة في بكين ثم موسكو. وتوضح المجلة أن هذه كانت إشارة واضحة لواشنطن بأن السعودية لديها خيارات أخرى في هذا العالم متعدد الأقطاب الذي يتطور باستمرار.
بالإضافة إلى ذلك، ترى المجلة أن وجود اللجنة في الأمم المتحدة والمقترحات المستمرة من المجموعة العربية الإسلامية تهدف إلى مواصلة الضغط الدبلوماسي على الولايات المتحدة، من خلال تسليط الضوء عليها كعائق يقف أمام وقف إطلاق النار.
ويستخدم السعوديون أيضاً أداة دبلوماسية مهملة، وهي الصمت، كما أوضحت المجلة، مشيرة إلى أن رفضهم الصريح لأي نقاش سياسي قبل وقف إطلاق النار يولد أيضًا ضغوطًا من خلال عدم السماح لإسرائيل بأفق سياسي واضح بعد الحملة الانتخابية. وكما قال وزير الخارجية السعودي الشهر الماضي: "ما هو المستقبل الذي يمكن الحديث عنه عندما يتم تدمير غزة؟".
وترى المجلة أن لدى النخب الحاكمة في السعودية سببا آخر لتجنب أي نقاش حول مستقبل غزة، وهو أنهم يعتقدون أن طرح هذه الفكرة لن يساعد في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ويمكن اعتباره تواطؤا أو اشتراكا في إعطاء الحملة الإسرائيلية الحالية شرعية.
التطبيع كأداة ضغط في يد السعوديةوقال المحلل السياسي السعودي، محمد الفراج، لموقع "الحرة" إن "السعودية أبدت للأميركيين بشكل واضح رغبتها في إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن، بالإضافة إلي الالتزام بحل الدولتين وفق خطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق ذلك، هذا في حال أرادوا استكمال عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وأضاف أن "استمرار الحرب مع زيادة الموت والدمار في غزة كل يوم جميعها أمور تزيد من الغضب الشعبي تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، كما تصعب فرص التطبيع".
وتابع أنه "يوجد حالة من الشحن والانقسام، خاصة بين الشباب السعودي، تجاه ما تفعله إسرائيل في غزة، وهذا بالطبع يزيد من التطرف بين الشباب، ويعرقل بشكل عام ما تريد المملكة التركيز عليه وهو رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوضع البلاد على الخريطة العالمية، من التعليم إلى البنية التحتية إلى تمكين المرأة".
وتابع الفراج "يوجد اتفاق ضمني في الأوساط السياسية السعودية بشأن عدم مقدرة إسرائيل على القضاء على حماس إلى الأبد، فضلا عن عدم وجود خطة واضحة لمستقبل غزة، وبالتي فإن استمرار الحرب والخسائر بهذه الطريقة يزيد من تعقيد الأمور بين المملكة وإسرائيل".
وتحدث الخبير السعودي عن استخدام السعودية لورقة الضغط المتمثلة في التطبيع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وحل الدولتين، قائلا إن "هاذين المطلبين تبنتهما أخيرا الولايات المتحدة من خلال مطالبة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بينيامين نتانياهو، بإقالة حكومته اليمنية المتطرف وإنهاء الحرب وحل الدولتين".
ووفقا لـ"فورين بوليسي"، لدى كل من إسرائيل والولايات المتحدة أسبابهما الخاصة من أجل التطبيع. وبالنسبة لواشنطن، وخاصة بايدن، فإن كونه الوسيط في مثل هذه الصفقة الكبرى من شأنه أن يعزز إرثه في التاريخ ويوفر نقطة حوار دبلوماسية ضرورية للحملة الانتخابية لعام 2024.
أما بالنسبة لنتانياهو، فذكرت المجلة أن اعتراف السعودية، راعية الحرمين الشريفين، بإسرائيل سيكون بمثابة نصر استراتيجي. وإذا وافقت المملكة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فلن يكون هناك الكثير للضغط على حكومة نتنياهو، أو أي حكومة إسرائيلية مستقبلية، لضمان تنازلات كبيرة وتسهيل تسوية سياسية تتعلق بالفلسطينيين.
إعادة إعمار غزةتتمتع الرياض بنفوذ حقيقي عندما يتعلق الأمر بالتمويل، بحسب المجلة التي أوضحت أن إسرائيل لن تتمكن إسرائيل أبدًا من مجاراة القدرة المالية للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وأوضحت أن إسرائيل تعاني أزمة اقتصادية حاليا، ووفقاً لتقرير حديث لبنك إسرائيل، فإنها تخسر 600 مليون دولار أسبوعياً خلال هذه الحملة. كما توقع البنك المركزي الإسرائيلي أن تكاليف الحرب من عام 2023 إلى عام 2025 ستصل إلى حوالي 53 مليار دولار.
وهذا على وجه التحديد ما يمنح السعوديين ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية النفوذ، إذ ترى المجلة أنه يمكن استخدام أي جهود لإعادة الإعمار لدفع إسرائيل نحو عملية سلام حقيقية.
لكن الخبير السياسي السعودي، صالح الشهري، قال لموقع "الحرة" إن "السعوديين لم يعارضوا تقديم الدعم المالي للفلسطينيين، ولقد قدموا قدراً كبيراً من ذلك على مدى العقود الماضية، ولا يبدو أن هذا الدعم سوف يتوقف قريباً. لكنه أضاف أنه في الوقت نفسه، لن تقوم المملكة بإعادة بناء غزة المدمرة من أجل الأمن الإسرائيلي، خاصة أن إسرائيل كانت الطرف الذي نفذ التدمير".
وتابع أنه "توجد مناقشات حاليا في إسرائيل وواشنطن بأن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ستدفع فاتورة الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، لكن هذا لن يحدث".
واستكمل: "وفقاً لتسريب للصحافة الإسرائيلية، فقد ورد أن نتنياهو قال أمام لجنة برلمانية في 11 ديسمبر إن "الخطوة الأولى في غزة ستكون هزيمة حماس. بعد ذلك، أعتقد أن الإمارات السعودية ستدعمان إعادة تأهيل القطاع".
ولخص الشهري وجهة النظر السعودية، قائلا إنه "بدون تقديم إسرائيل خطوات واضحة في سبيل السلام، وعلى رأسها إيقاف الحرب، والقيام بتغيير جوهري في شكل الحكومة، ومناقشة مستقبل غزة وخيار حل الدولتين، لن يكون هناك مساعدة سعودية".
لكن الشهري يرى أنه "نظراً لطبيعة هذا الصراع وتعقيده، لا يوجد زعيم واحد أو دولة واحدة يمكنها تولي المسؤولية، بل يجب تكاتف القادة في المنطقة الذين يمكنهم التأثير على الوضع باستخدام نفوذ كل منهم في عملية متجانسة ومنسقة. ومن غير المرجح أن نفترض أن الرياض ستتولى زمام الأمور، على الرغم من السياسة الخارجية القوية التي تنتهجها المملكة في الآونة الأخيرة".
وقال الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، ديفيد بولوك، لموقع "الحرة" إن "الحرب في غزة وضعت ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في موقف صعب، على الأقل على المدى القصير".
وأضاف أن " بن سلمان يرغب في الاستقرار الإقليمي، الأمر الذي من شأنه أن يسهل عليه متابعة هدفه المتمثل في تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على صادرات النفط، لكن تفاقم العنف في غزة والتهديد الإسرائيلي المستمر بتصعيد أوسع نطاقا شكل ضغوطًا متزايدة عليه في الداخل والخارج، حيث يدعو القادة الأميركيون والأوروبيون السعودية إلى القيام بدور قيادي في غزة ما بعد حماس، بينما تحث المجموعات الإقليمية والمحلية الرياض على دعم الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية في الوقت الحالي".
لكن بولوك يرى أن "السعودية لا تملك القدرة ولا الرغبة في نشر قوات على الأرض في غزة ما بعد الحرب أو تمويل إعادة إعمار غزة على نطاق واسع. كما أنها لم تظهر أي استعداد لاستخدام الأدوات المتاحة لها، مثل قدرتها على خفض إنتاج النفط أو صادراته للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة".
وأوضح أنه "رغم أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي غير مطروح على الطاولة في الوقت الحالي، إلا أن الحوافز التي دفعت السعودية إلى التفكير في الاعتراف بإسرائيل لم تختف. ولا يمكن تحقيق أهداف محمد بن سلمان الاقتصادية الطموحة للمملكة إلا في شرق أوسط مستقر وفي ظل علاقات قوية مع الولايات المتحدة. وسوف تشكل هذه الأجندة طويلة المدى مسار عمله في الصراع الحالي".
وأشار إلى أن "أي خطوة إيجابية ستقدمها السعودية حاليا بالنسبة لإسرائيل ستكون مرهونة ليست فقط بتسوية القضية الفلسطينية، بل بتحقيق مزيد من المكاسب التي كانت تسعى إليها قبل الحرب، وعلى رأسها البرنامج النووي السعودي".
وقال إن "تزويد الولايات المتحدة للرياض بالخبرات والتقنيات اللازمة لإنتاج طاقة نووية هو مطلب سعودي رئيسي مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن هذا الطلب يشكل معضلة كبيرة بالنسبة لواشنطن ولإسرائيل، وبالتأكيد ستسعى السعودية لتحقيق هذا المكسب مقابل التدخل لإعادة الإعمار".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة المجلة أن بن سلمان فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان: القضية الفلسطينية تتطلب إرادة صادقة وفعلًا مؤثرًا
◄ موقف عربي وإسلامي موحَّد في "قمَّة الرياض" لوقف العدوان الإسرائيلي
◄ البيان الختامي يطالب مجلس الأمن بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية
◄ ضرورة حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الأمم المتحدة
◄ عُمان: يجب العمل على فتح ممرات بلا قيود لإيصال الإغاثة لسكان غزة
◄ محمد بن سلمان: نرفض الاعتداءات الإسرائيلية في غزة ولبنان
◄عباس: نطالب مجلس الأمن بتنفيذ قراره بوقف الحرب
◄ أبومازن: نطالب بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان خلال عام واحد
◄ السيسي: سنقف ضد جميع المخططات التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية
◄ عبدالله الثاني: لا يُمكن تبرير الفشل العالمي في وقف العدوان على غزة
◄ أردوغان: حل القضية الفلسطينية يكون بإقامة دولة مستقلة
◄ الأسد: نحتاج إلى استبدال الوسائل والأدوات المُجرَّبة مرارًا وغير المجدية
◄أبوالغيط: اتساع دائرة الصراع يُعرّض مستقبل المنطقة للخطر
◄ ماليزيا: يجب اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ منطقة الشرق الأوسط والنظام العالمي
الرؤية- غرفة الأخبار
عقدت، الإثنين، أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض، برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك لبحث تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
ولقد أشارت مسودة البيان الختامي إلى ضرورة حشد الدعم الدولي لانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة عضواً كامل العضوية، وتجميد مشاركة إسرائيل في الأمم المتحدة، فضلاً عن التحذير من خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، وتوسع رقعة العدوان الذي جاوز العام على قطاع غزة وامتد ليشمل الجمهورية اللبنانية.
وأدان مشروع المسودة ما يتكشف من جرائم مروعة وصادمة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة في سياق جريمة الإبادة الجماعية، بما فيها المقابر الجماعية وجريمة التعذيب والإعدام الميداني، والإخفاء القسري والنهب، فضلاًعن التطهير العرقي خاصة في شمال قطاع غزة عبر الأسابيع الماضية، ومطالبة مجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة وذات مصداقية للتحقيق في هذه الجرائم، واتخاذ خطوات جدية لمنع طمس الأدلة والبراهين لمساءلة ومحاسبة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
كما أدانت المسودة العدوان الإسرائيلي المتمادي والمتواصل على لبنان وانتهاك سيادته وحرمة أراضيه، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك بفاعلية لإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي.
وأكّد البيان الختامي للقمّة العربية والإسلامية غير العادية بالرياض على مركزية القضية الفلسطينية والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وحذر البيان من خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، ومن توسع رقعة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة الذي تجاوز العام، وامتد إلى الجمهورية اللبنانية، كما حذر من انتهاك سيادة جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، في ظل غياب التدابير الحاسمة من الأمم المتحدة وبتخاذل من الشرعية الدولية.
وطالب البيان مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار يُلزم إسرائيل بوقف السياسات غير القانونية التي تُهدد الأمن والسلم في المنطقة، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس الشريف، وإدانة قيام أي طرف بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ودعا البيان الأطراف الدولية الفاعلة إلى إطلاق خطة محددة الخطوات والتوقيت برعاية دولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، والتأكيد على أنّ السلام العادل والشامل لا يمكن تحقيقه دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية على حدود عام 1967.
كما دعا البيان الختامي إلى مواصلة تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك مواجهة أزمة النازحين ليتمكنوا من العودة إلى مناطقهم وتأمين مقومات العيش الكريم لهم.