الجزيرة:
2024-11-16@02:22:38 GMT

الحرب في غزة.. هل للقانون الإنساني من معنى؟

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

الحرب في غزة.. هل للقانون الإنساني من معنى؟

قرأت قبل أيام خبرًا عن إلقاء القبض على شخصٍ وإحالته للتحقيق؛ بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعيّ، يظهر فيه، وهو يطلق النار على حيوان. وذكر الخبر عقوبة مخالفي قانون الرفق بالحيوان، وأنّ وزارة البيئة، أعلنت في وقت سابق عن عقوبات لمن يقوم بتعذيب الحيوانات، أو إساءة معاملتها من خلال الضرب، أو التجويع، أو بأي أسلوب آخر يتنافى مع الإنسانية.

إنّ حقوق الحيوان بالطبع، هي قضية نبيلة، ومبدأ أخلاقي، يجب علينا جميعًا احترامُه، حتى إن العديد من البلدان لديها قوانين خاصّة لحماية الحيوانات، وتعزز الوعي العام بأهميّة حقوق الحيوان. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نضمن حسن المعاملة والرفق بالحيوان.

لكن ماذا عن الإنسان أعظم خلق الله وخليفته في الأرض؟

وأنا أقرأ الخبر، تذكّرت تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في الأيام الأولى للحرب على غزة: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام"، وأضاف: "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وَفقًا لذلك".

ليس من المقبول بأي حال من الأحوال استخدام لغة قمعية وتصريحات استفزازية من أجل تبرير العنف، على الرغم من أنّ كل المواثيق الدولية في العالم- بما فيها كيانه البغيض- تدعم القوانين المتعلقة بحقوق الحيوانات الأليفة والبرية، وتعتبر القسوة تجاهها جريمة يعاقب عليها القانون، ناهيك عن البشر.

سجن مفتوح

يُطلق على غزة البالغ عدد سكانها حوالي 2.3 مليون نسمة أكبر سجن مفتوح في العالم، وقد بقيت إسرائيل تحاصرهم جوًا وبرًا وبحرًا منذ أكثر من 17 عامًا. عانى سكان غزة خلال هذه السنوات بشكل كبير، وما زالوا يعانون، لا سيما هذه الأيام مع الحرب التي تشنّها دولة الاحتلال ضد السكان المدنيين؛ بهدف تدمير قطاع غزة بشكل كامل، وتهجير أهله.

مثل هذه الأوضاع لا يمكن أن يتحمّلها أحد، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه. ورغم ذلك تبرر معظم حكومات الدول الغربية، دعمها غير المحدود دولةَ الاحتلال، وتقوم بتبرير جرائمها ضدّ الإنسانية من قتل للمدنيين، وفرض الحصار الشامل على قطاع غزة، وتعرض المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات لهجمات عشوائية وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود وغيرها من وسائل التدمير.

كما تتجاهل هذه الحكومات تمامًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تحظر- في المادة الثالثة من الباب الأول الخاص بالأحكام العامة- أيَّ اعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن والاعتداء على الكرامة الشخصيّة.

فصل عنصري

يعتبر البعض إسرائيل "دولة فصل عنصري"، ولكن هذا المصطلح ليس كافيًا لوصف طبيعة الصهاينة؛ لأن "الفصل العنصري" يشير إلى التمييز العنصري الذي يقوم على أساس العِرق أو اللون.

وهذا المصطلح يأتي في الأصل من سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والتي استخدمها المستعمرون البيض ضد غالبية السكان الأصليين أصحاب الأرض السود في البلاد. حيث يعتقدون أن عرقهم متفوق على الأجناس الأخرى، إذ ينبغي ألا يتمتعوا بالحقوق نفسها التي يتمتعون بها.

ومن أجل الحفاظ على سلطتهم منعت هذه الأقليةُ السودَ من شراء الأراضي خارج المناطق التي أُجبروا على العيش فيها، كما تمّ منعهم من استخدام وسائل النقل العام، وارتياد النوادي والمحلات التجارية نفسها. وقد وصل الجنون العنصري إلى حد تقسيم الحدائق العامة والأرصفة والحمامات.

يعتبر الفصل العنصري ظاهرة معادية للإنسانية وقيمها، لكن بالمقارنة مع الصهيونية، فإنَّ معدل الجريمة فيها أقل. علاوة على ذلك فإن النظام القائم على الفصل العنصري لا ينكر إنسانية الأجناس الأخرى، بل يؤكد على تفوق عرقه مقارنة بالأجناس الأخرى، أما الكيان الصهيوني فيؤمن بأنّ الربّ قد اختارهم دون جميع الشعوب على وجه الأرض؛ ليكونوا شعبه الخاص المختار، وبالتالي لا ينظرون إلى الأجناس الأخرى كبشر، بل باعتبارهم مخلوقين لخدمتهم.

قلوب قاسية

العديد من الأطفال الأبرياء ينزفون حتى الموت في غزة. وبدلًا من أن تشاهد الأمهات أطفالهنّ وهم يلعبون ويكبَرون، أمام أعينهنّ، يضطررن إلى نثر التراب على أجسادهم في مشهد من شأنه أن يدمي القلوب، إلا قلوب الصهاينة ومؤيديهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة.

ولعلّ الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل- التي قام بها مواطنون في مختلف دول العالم، بمن في ذلك عدد كبير من اليهود المناهضين للصهيونية؛ لإنهاء الحرب الدموية في غزة- تشهد على ذروة الكراهية العالمية ضد النظام الصهيوني ومؤيديه.

لقد رأينا الأمم الواعية في جميع أنحاء العالم تنهض غاضبة مما يحدث لأطفال غزة، وتطالب بوقف هذه المهزلة الدموية. وهذا يعني أن الضمير الواعي لا يتحمّل مثل هذه الجرائم الشنيعة. ولا شك أن البشر المحبين للحرية، سيحاربون حتمًا الطغيان والظلم، ويتمردون على الطغاة.

وسيأتي حتمًا اليوم الذي سيُحاسب فيه قادة الدول الذين دعموا جرائم الحرب- التي ارتكبها هذا النظام الاستعماري، والذين تلطخت أيديهم بدماء نساء وأطفال غزة الأبرياء- على جرائمهم الشنيعة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الفصل العنصری

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» تكشف معنى «مقام الإحسان» وكيفية الوصول إليه.. ماذا قال عنه النبي؟

أجابت دار الإفتاء عن سؤال يستفسر عن معنى مقام الإحسان وكيفية الوصول إليه، مؤكدة أن أغلب الفقهاء أنَّ يتحدَّثون عن بدايات الدخول في مقام الإحسان الذي هو مرتبة أعلى من الإسلام والإيمان، إذ أن الإسلام يشمل الإيمانَ والإحسانَ.

نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات الإحسان

واستشهدت دار الإفتاء بقول حارثة رضي الله عنه: «أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا»، إنما هو تعبيرٌ عن بداية الدخول في مقام الإحسان؛ ذلك أنَّ نهاياتِ مقام الإيمان هي بدايات الإحسان، وقوله: «مُؤْمِنًا حَقًّا» إيذانٌ باستكمال الإيمان ومن ثم بداية الطريق إلى الإحسان.

توضيح مقام الإحسان

وأوضحت دار الإفتاء في توضيح مقام الإحسان: «هنا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستيقن من وصوله إلى تلك المرتبة العُليا من الإيمان، فسأله عن حقيقة إيمانه، وعندما أجابه بالدلائل التي تدل على الوصول إلى تلك الدرجة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عرفت فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ».

مقام الإحسان في الدين

وتابعت: «أنَّ الإيمان قد تمكَّنَ منه ووصل منه إلى القلب، فكان مستعدًّا وقابلًا للارتفاع إلى درجة الإحسان، وهذه المقامات الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان يشملُها اسمُ الدِّين؛ فمن استقام عَلَى الإسلام إلى موته عصمه الإسلام من الخلود فِي النار، وإن دخلها بذنوبه، ومن استقام عَلَى الإحسان إلى الموت وَصَلَ إلى الله عز وجل؛ قَالَ تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26]، وَقَدْ فسّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الزيادة بالنَّظر إلى وجه الله».

مقالات مشابهة

  • محمد بن شمباس: الاتحاد الإفريقي يدين الجرائم الوحشية التي ارتكـبها الدعم السريع في الجنينة وولاية الجزيرة وغيرها
  • مزور: النفايات التي ننتجها غير كافية للصناعة و العالم كيضارب عليها
  • «الإفتاء» تكشف معنى «مقام الإحسان» وكيفية الوصول إليه.. ماذا قال عنه النبي؟
  • على شماله، يجلس “صديق موية”، القيادي بحزب الأمة القومي، ورئيس إدارة جنجويد الجزيرة، باسط كرشه بالوصيد
  • مسؤول برئاسة النيابة العامة: جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة تخضع للقانون الجنائي
  • الدكتور الربيعة: العمل الإنساني يعاني من تنامي الأزمات ونقص التمويل وصعوبة الوصول للفئات المستهدفة
  • أحمد حسين: الحرب الإعلامية التي تمارسها الميليشيا عن تحركاتها في الأطراف الشرقية لمدينة الفاشر محاولة “
  • تامر أمين: القاهرة السينمائي انطلق قبل أن تعرف دولا كثيرة معنى السينما
  • من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين
  • والي الجزيرة يشدد علي ضرورة رصد الخلايا النائمة التي تتعاون مع المليشيا المتمردة