الحرب في غزة.. هل للقانون الإنساني من معنى؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
قرأت قبل أيام خبرًا عن إلقاء القبض على شخصٍ وإحالته للتحقيق؛ بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعيّ، يظهر فيه، وهو يطلق النار على حيوان. وذكر الخبر عقوبة مخالفي قانون الرفق بالحيوان، وأنّ وزارة البيئة، أعلنت في وقت سابق عن عقوبات لمن يقوم بتعذيب الحيوانات، أو إساءة معاملتها من خلال الضرب، أو التجويع، أو بأي أسلوب آخر يتنافى مع الإنسانية.
إنّ حقوق الحيوان بالطبع، هي قضية نبيلة، ومبدأ أخلاقي، يجب علينا جميعًا احترامُه، حتى إن العديد من البلدان لديها قوانين خاصّة لحماية الحيوانات، وتعزز الوعي العام بأهميّة حقوق الحيوان. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نضمن حسن المعاملة والرفق بالحيوان.
لكن ماذا عن الإنسان أعظم خلق الله وخليفته في الأرض؟
وأنا أقرأ الخبر، تذكّرت تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في الأيام الأولى للحرب على غزة: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام"، وأضاف: "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وَفقًا لذلك".
ليس من المقبول بأي حال من الأحوال استخدام لغة قمعية وتصريحات استفزازية من أجل تبرير العنف، على الرغم من أنّ كل المواثيق الدولية في العالم- بما فيها كيانه البغيض- تدعم القوانين المتعلقة بحقوق الحيوانات الأليفة والبرية، وتعتبر القسوة تجاهها جريمة يعاقب عليها القانون، ناهيك عن البشر.
سجن مفتوحيُطلق على غزة البالغ عدد سكانها حوالي 2.3 مليون نسمة أكبر سجن مفتوح في العالم، وقد بقيت إسرائيل تحاصرهم جوًا وبرًا وبحرًا منذ أكثر من 17 عامًا. عانى سكان غزة خلال هذه السنوات بشكل كبير، وما زالوا يعانون، لا سيما هذه الأيام مع الحرب التي تشنّها دولة الاحتلال ضد السكان المدنيين؛ بهدف تدمير قطاع غزة بشكل كامل، وتهجير أهله.
مثل هذه الأوضاع لا يمكن أن يتحمّلها أحد، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه. ورغم ذلك تبرر معظم حكومات الدول الغربية، دعمها غير المحدود دولةَ الاحتلال، وتقوم بتبرير جرائمها ضدّ الإنسانية من قتل للمدنيين، وفرض الحصار الشامل على قطاع غزة، وتعرض المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات لهجمات عشوائية وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود وغيرها من وسائل التدمير.
كما تتجاهل هذه الحكومات تمامًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تحظر- في المادة الثالثة من الباب الأول الخاص بالأحكام العامة- أيَّ اعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن والاعتداء على الكرامة الشخصيّة.
فصل عنصرييعتبر البعض إسرائيل "دولة فصل عنصري"، ولكن هذا المصطلح ليس كافيًا لوصف طبيعة الصهاينة؛ لأن "الفصل العنصري" يشير إلى التمييز العنصري الذي يقوم على أساس العِرق أو اللون.
وهذا المصطلح يأتي في الأصل من سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والتي استخدمها المستعمرون البيض ضد غالبية السكان الأصليين أصحاب الأرض السود في البلاد. حيث يعتقدون أن عرقهم متفوق على الأجناس الأخرى، إذ ينبغي ألا يتمتعوا بالحقوق نفسها التي يتمتعون بها.
ومن أجل الحفاظ على سلطتهم منعت هذه الأقليةُ السودَ من شراء الأراضي خارج المناطق التي أُجبروا على العيش فيها، كما تمّ منعهم من استخدام وسائل النقل العام، وارتياد النوادي والمحلات التجارية نفسها. وقد وصل الجنون العنصري إلى حد تقسيم الحدائق العامة والأرصفة والحمامات.
يعتبر الفصل العنصري ظاهرة معادية للإنسانية وقيمها، لكن بالمقارنة مع الصهيونية، فإنَّ معدل الجريمة فيها أقل. علاوة على ذلك فإن النظام القائم على الفصل العنصري لا ينكر إنسانية الأجناس الأخرى، بل يؤكد على تفوق عرقه مقارنة بالأجناس الأخرى، أما الكيان الصهيوني فيؤمن بأنّ الربّ قد اختارهم دون جميع الشعوب على وجه الأرض؛ ليكونوا شعبه الخاص المختار، وبالتالي لا ينظرون إلى الأجناس الأخرى كبشر، بل باعتبارهم مخلوقين لخدمتهم.
قلوب قاسيةالعديد من الأطفال الأبرياء ينزفون حتى الموت في غزة. وبدلًا من أن تشاهد الأمهات أطفالهنّ وهم يلعبون ويكبَرون، أمام أعينهنّ، يضطررن إلى نثر التراب على أجسادهم في مشهد من شأنه أن يدمي القلوب، إلا قلوب الصهاينة ومؤيديهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
ولعلّ الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل- التي قام بها مواطنون في مختلف دول العالم، بمن في ذلك عدد كبير من اليهود المناهضين للصهيونية؛ لإنهاء الحرب الدموية في غزة- تشهد على ذروة الكراهية العالمية ضد النظام الصهيوني ومؤيديه.
لقد رأينا الأمم الواعية في جميع أنحاء العالم تنهض غاضبة مما يحدث لأطفال غزة، وتطالب بوقف هذه المهزلة الدموية. وهذا يعني أن الضمير الواعي لا يتحمّل مثل هذه الجرائم الشنيعة. ولا شك أن البشر المحبين للحرية، سيحاربون حتمًا الطغيان والظلم، ويتمردون على الطغاة.
وسيأتي حتمًا اليوم الذي سيُحاسب فيه قادة الدول الذين دعموا جرائم الحرب- التي ارتكبها هذا النظام الاستعماري، والذين تلطخت أيديهم بدماء نساء وأطفال غزة الأبرياء- على جرائمهم الشنيعة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفصل العنصری
إقرأ أيضاً:
تأكيدا لموقف أُعلن من بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
سلمت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن ضمن صفقة التبادل واتفاق وقف إطلاق النار، شهادات تتضمن قرارات بالإفراج، وهو ما يعكس الموقف الذي أكدته كتائب القسام طوال شهور الإبادة بأن أسرى الاحتلال لن يفرج عنهم تحت النار وأن ذلك لن يتم سوى بقرار منها.
وبثت "كتائب القسام" مشاهد مصورة من تسليم الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ضمن المرحلة الأولى، وظهر فيها عملية تسليم هدايا تذكارية وقرارات إفراج.
وتأتي هذه الخطوة لتشابه ما كان حكرا على الاحتلال الإسرائيلي بإصدار شهادات إفراج للأسرى الفلسطينيين بعد عناء طويل ليتعمد إذلالهم بالإجراءات الإدارية أو القضائية طويلة الأمد.
وعن هذا علق الصحفي الفلسطيني صهيب العصا قائلا: "لهذه الورقة وقع كبير في نفوس الأسرى الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة؛ ينتظر الأسير شهورا وسنوات للحصول على ورقة من بضعة سطور بالعبرية عنوانها قرار إفراج".
"قرار الإفراج"
لهذه الورقة وقع كبير في نفوس الأسرى الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة؛ ينتظر الأسير شهورا وسنوات للحصول على ورقة من بضعة سطور بالعبرية عنوانها "قرار إفراج"
تهتم المقاومة بالتفاصيل وتسلم الأسرى الإسرائيليين "قرار الإفراج".. قرار من المقاومة pic.twitter.com/9R9clbUPJo — صُهيب العصا | SUHEIB ALASSA (@SuAlassa) January 19, 2025
وترمز ورقة الإفراج التي أصدرتها المقاومة إلى النهاية القانونية لفترة الأسر والتأكيد على أن مصير الأسرى بيد المقاومة وحدها وهو ما يعزز موقفها في ميدان المفاوضات بعد فشل الاحتلال طوال 15 شهرا من إنهاء ملف الأسرى الإسرائيليين.
وحظيت خطوة كتائب القسام بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، فقال حساب باسم اسم طارق: "القسام معطي الأسيرات شهادات تخرّج اللي فكر بالموضوع فنان اقسم بالله".
القسام معطي الأسيرات شهادات تخرّج
اللي فكر بالموضوع فنان اقسم بالله ???????????????? pic.twitter.com/LlLDjeC4Dh — طارق العرموطي (@tareq_alarmouti) January 19, 2025
وقال حساب أخر يحمل اسم محمود "الأسرى يبدو أنهم منحوهم شهادات بالشرف الذي نالوه وكذلك صور تذكارية".
الأسرى...
يبدو انهم منحوهم شهادات بالشرف الذي نالوه وكذلك صور تذكارية...
???? وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرًا رَشدًا… pic.twitter.com/dfow8QxLM8 — مَحْمُودْ سَالِمْ الْجِنْدِي (@DrMahmoudSalemE) January 19, 2025
أبو سمير عوامة: لو سمحتم هدوووء، أسيرات يوم السبت القادم عندهن امتحان فاينل ميداني، علشان يوخذن شهادة التخرج. pic.twitter.com/dlvfZ6KOGy — مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) January 20, 2025
فيما قالت بسمة: "طب وربنا اللي عمل الشهادات دي دماغه عاليه ومتكلفه.. شهادات تخريج الاسيرات حُسن سير وسلوك".
طب وربنا اللي عمل الشهادات دي دماغه عاليه ومتكلفه.. شهادات تخريج الاسيرات
حُسن سير وسلوك ????????✌️????#الاسيرات_الثلاث pic.twitter.com/D9BjBWgMvq — بسمه حمزه (@BsmhHmzh10734) January 19, 2025
وقال حساب يحمل اسم تامر: "صاحب الفكرة مطلوب للعالم، تخيل أنه بفضل تلك الفكرة، استطاع جذب جميع وسائل الإعلام العربية، والغربية، والعبرية إلى مشهد ابتسامة الأسيرات أثناء خروجهن من الأسر واستلامهن شهادات التخرج".
صاحب الفكرة مطلوب للعالم.
تخيل أنه بفضل تلك الفكرة، استطاع جذب جميع وسائل الإعلام العربية، والغربية، والعبرية إلى مشهد ابتسامة الأسيرات أثناء خروجهن من الأسر واستلامهن شهادات التخرج.
أضفى جاذبية جديدة ومثيرة للفيديو، ليكون مثالًا على التفكير خارج الصندوق pic.twitter.com/2dHWvQtwWC — Tamer | تامر (@tamerqdh) January 19, 2025
وتشمل الصفقة في مرحلتها الأولى تحرير 290 أسيرا من المحكومين بالمؤبد؛ وتضم أيضا جميع الأشبال والنساء وعددهم 95 شخصا، بينهم 87 أسيرة.
ويتألف الاتفاق من 3 مراحل، تبلغ مدة كل منها 42 يوما، وتشمل المرحلة الأولى الإفراج عن 33 إسرائيليا محتجزين في قطاع غزة من أصل 98، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، وذلك مقابل الإفراج بالمرحلة الأولى عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
وتتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق عودة الهدوء وتبادل المزيد من الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، دون الكشف بالمرحلة الراهنة عن الأعداد من الطرفين، بالإضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة.
وتركز المرحلة الثالثة من الاتفاق على إعادة إعمار قطاع غزة على مدى 3 إلى 5 أعوام، وتبادل جثث الموتى ورفاتهم الشهداء، وفتح جميع المعابر أمام حركة الأفراد والبضائع.