الجزيرة:
2024-12-23@14:49:38 GMT

الحرب في غزة.. هل للقانون الإنساني من معنى؟

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

الحرب في غزة.. هل للقانون الإنساني من معنى؟

قرأت قبل أيام خبرًا عن إلقاء القبض على شخصٍ وإحالته للتحقيق؛ بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعيّ، يظهر فيه، وهو يطلق النار على حيوان. وذكر الخبر عقوبة مخالفي قانون الرفق بالحيوان، وأنّ وزارة البيئة، أعلنت في وقت سابق عن عقوبات لمن يقوم بتعذيب الحيوانات، أو إساءة معاملتها من خلال الضرب، أو التجويع، أو بأي أسلوب آخر يتنافى مع الإنسانية.

إنّ حقوق الحيوان بالطبع، هي قضية نبيلة، ومبدأ أخلاقي، يجب علينا جميعًا احترامُه، حتى إن العديد من البلدان لديها قوانين خاصّة لحماية الحيوانات، وتعزز الوعي العام بأهميّة حقوق الحيوان. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نضمن حسن المعاملة والرفق بالحيوان.

لكن ماذا عن الإنسان أعظم خلق الله وخليفته في الأرض؟

وأنا أقرأ الخبر، تذكّرت تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في الأيام الأولى للحرب على غزة: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام"، وأضاف: "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وَفقًا لذلك".

ليس من المقبول بأي حال من الأحوال استخدام لغة قمعية وتصريحات استفزازية من أجل تبرير العنف، على الرغم من أنّ كل المواثيق الدولية في العالم- بما فيها كيانه البغيض- تدعم القوانين المتعلقة بحقوق الحيوانات الأليفة والبرية، وتعتبر القسوة تجاهها جريمة يعاقب عليها القانون، ناهيك عن البشر.

سجن مفتوح

يُطلق على غزة البالغ عدد سكانها حوالي 2.3 مليون نسمة أكبر سجن مفتوح في العالم، وقد بقيت إسرائيل تحاصرهم جوًا وبرًا وبحرًا منذ أكثر من 17 عامًا. عانى سكان غزة خلال هذه السنوات بشكل كبير، وما زالوا يعانون، لا سيما هذه الأيام مع الحرب التي تشنّها دولة الاحتلال ضد السكان المدنيين؛ بهدف تدمير قطاع غزة بشكل كامل، وتهجير أهله.

مثل هذه الأوضاع لا يمكن أن يتحمّلها أحد، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه. ورغم ذلك تبرر معظم حكومات الدول الغربية، دعمها غير المحدود دولةَ الاحتلال، وتقوم بتبرير جرائمها ضدّ الإنسانية من قتل للمدنيين، وفرض الحصار الشامل على قطاع غزة، وتعرض المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات لهجمات عشوائية وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود وغيرها من وسائل التدمير.

كما تتجاهل هذه الحكومات تمامًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تحظر- في المادة الثالثة من الباب الأول الخاص بالأحكام العامة- أيَّ اعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن والاعتداء على الكرامة الشخصيّة.

فصل عنصري

يعتبر البعض إسرائيل "دولة فصل عنصري"، ولكن هذا المصطلح ليس كافيًا لوصف طبيعة الصهاينة؛ لأن "الفصل العنصري" يشير إلى التمييز العنصري الذي يقوم على أساس العِرق أو اللون.

وهذا المصطلح يأتي في الأصل من سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والتي استخدمها المستعمرون البيض ضد غالبية السكان الأصليين أصحاب الأرض السود في البلاد. حيث يعتقدون أن عرقهم متفوق على الأجناس الأخرى، إذ ينبغي ألا يتمتعوا بالحقوق نفسها التي يتمتعون بها.

ومن أجل الحفاظ على سلطتهم منعت هذه الأقليةُ السودَ من شراء الأراضي خارج المناطق التي أُجبروا على العيش فيها، كما تمّ منعهم من استخدام وسائل النقل العام، وارتياد النوادي والمحلات التجارية نفسها. وقد وصل الجنون العنصري إلى حد تقسيم الحدائق العامة والأرصفة والحمامات.

يعتبر الفصل العنصري ظاهرة معادية للإنسانية وقيمها، لكن بالمقارنة مع الصهيونية، فإنَّ معدل الجريمة فيها أقل. علاوة على ذلك فإن النظام القائم على الفصل العنصري لا ينكر إنسانية الأجناس الأخرى، بل يؤكد على تفوق عرقه مقارنة بالأجناس الأخرى، أما الكيان الصهيوني فيؤمن بأنّ الربّ قد اختارهم دون جميع الشعوب على وجه الأرض؛ ليكونوا شعبه الخاص المختار، وبالتالي لا ينظرون إلى الأجناس الأخرى كبشر، بل باعتبارهم مخلوقين لخدمتهم.

قلوب قاسية

العديد من الأطفال الأبرياء ينزفون حتى الموت في غزة. وبدلًا من أن تشاهد الأمهات أطفالهنّ وهم يلعبون ويكبَرون، أمام أعينهنّ، يضطررن إلى نثر التراب على أجسادهم في مشهد من شأنه أن يدمي القلوب، إلا قلوب الصهاينة ومؤيديهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة.

ولعلّ الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل- التي قام بها مواطنون في مختلف دول العالم، بمن في ذلك عدد كبير من اليهود المناهضين للصهيونية؛ لإنهاء الحرب الدموية في غزة- تشهد على ذروة الكراهية العالمية ضد النظام الصهيوني ومؤيديه.

لقد رأينا الأمم الواعية في جميع أنحاء العالم تنهض غاضبة مما يحدث لأطفال غزة، وتطالب بوقف هذه المهزلة الدموية. وهذا يعني أن الضمير الواعي لا يتحمّل مثل هذه الجرائم الشنيعة. ولا شك أن البشر المحبين للحرية، سيحاربون حتمًا الطغيان والظلم، ويتمردون على الطغاة.

وسيأتي حتمًا اليوم الذي سيُحاسب فيه قادة الدول الذين دعموا جرائم الحرب- التي ارتكبها هذا النظام الاستعماري، والذين تلطخت أيديهم بدماء نساء وأطفال غزة الأبرياء- على جرائمهم الشنيعة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الفصل العنصری

إقرأ أيضاً:

حصاد 2024.. عام حروب وفوضى وانتخابات وأسعار جنونية

بغداد اليوم - متابعة

فيما يلملم عام 2024 أوراقه الأخيرة استعداداً للرحيل، تاركاً خلفه حروباً وصراعات وارتفاعاً جنونياً في الأسعار، يبدأ العالم في ترقب عام جديد لربما يكون أفضل حالا ويجلب معه أحوالا أفضل للبشر في أنحاء الكرة الأرضية.

ارتفاع الأسعار الجنوني

فقد تراجع التضخم في معظم الاقتصادات في أنحاء العالم في عام 2024، لكن الناخبين لم يعبأوا بذلك.

فقد أغضبهم الارتفاع الهائل في أسعار كل شيء من البيض إلى الطاقة على مدى السنوات القليلة الماضية، فعاقبوا الأحزاب الحاكمة كلما حانت لهم الفرصة. ولا يزال تأثير التضخم مستمرا، وتحملت الأحزاب الحاكمة اللوم في انتخابات تلو الأخرى.

عودة ترامب للبيت الأبيض

وفي الولايات المتحدة، ساعد ارتفاع التكاليف دونالد ترامب على الفوز بولاية ثانية كرئيس بعد أربع سنوات من هزيمته أمام جو بايدن وخروجه من البيت الأبيض ليردد بعدها أن الانتخابات جرى التلاعب بها.

وفشل أنصاره في محاولتهم لقلب هزيمة ترامب باقتحام مبنى الكونغرس الأميركي في السادس من يناير 2021. وهذا العام، رفعوا أصواتهم في صناديق الاقتراع، مما أدى إلى ظهور قيادة أميركية جديدة من المرجح أن تختبر المؤسسات الديمقراطية في الداخل والعلاقات في الخارج.

كما أدت المشاعر المعادية للسلطات، والتي نشأت بسبب التضخم، إلى تنصيب حكومات جديدة في بريطانيا وبوتسوانا والبرتغال وبنما.

"أحكام عرفية" وانتخابات حول العالم

كما أوصل الناخبون في كوريا الجنوبية المعارضة إلى البرلمان الذي شكلت فيه أغلبية، وهو ما كبح جماح الرئيس يون سوك يول. وفي أوائل ديسمبر، فرض الرئيس الأحكام العرفية، وهي الخطوة التي سرعان ما أبطلها البرلمان.

انتخابات حول العالم.. واستمرار بوتين

كما هزت الانتخابات فرنسا وألمانيا واليابان والهند.

مكان واحد لم يحدث فيه أي تغيير: روسيا، حيث أعيد انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا بحصوله على 88% من الأصوات، وهو رقم قياسي في روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي.

الحرب الروسية الأوكرانية

وواصلت موسكو حربها ضد أوكرانيا، وحققت مكاسب ملحوظة على الأرض. والسؤال الكبير هو: ما التأثير الذي قد تخلفه عودة ترامب إلى البيت الأبيض على الصراع؟

ووعد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحرب في يوم واحد. ويخشى كثيرون في أوكرانيا وأماكن أخرى في أوروبا أن يعني ذلك الانحياز إلى بوتين والإبقاء على الوضع الراهن.

اشتعال الشرق الأوسط

وفي الشرق الأوسط، واصلت إسرائيل حربها على قطاع غزة وامتدت الحرب إلى لبنان، حيث خلفت وراءها جماعة حزب الله المدعومة من إيران في حالة من الدمار والفوضى بعد اغتيال أمينها العام حسن نصرالله. ونفس الشيء مع حركة حماس التي فقدت قيادييها إسماعيل هنية ويحيى السنوار.

كما شهد العام المواجهات المباشرة بين إسرائيل وإيران.

وفي سوريا، أطاحت مجموعة من جماعات المعارضة المسلحة المنسقة على نحو جيد ببشار الأسد، وهي تسعى الآن إلى إدارة البلاد، بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني – سابقا).

نفوذ الذكاء الاصطناعي ينمو

وفي عالم الأعمال، كافحت الشركات في مختلف أنحاء العالم بشأن كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي.

ويمكن تلخيص هيمنة شركات التكنولوجيا بالنسبة للمستثمرين في هذه الحقيقة البسيطة: سبع شركات تكنولوجيا، أو ما يسمى بالشركات السبع المدهشة، تمثل الآن أكثر من ثلث القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد اند بورز 500.

إضافة إلى ذلك، فإن إيلون ماسك، الذي يملك إحدى هذه الشركات، وهي شركة تسلا، هو مستشار وداعم مالي للرئيس المنتخب ترامب.

وإذا نظرنا إلى المستقبل، فإن هذا المزيج من سحر التكنولوجيا والقوة السياسية قد يحدد ملامح عام 2025.

 

 

مقالات مشابهة

  • حصاد 2024.. عام حروب وفوضى وانتخابات وأسعار جنونية
  • أصوات لا تعرفها تصدرها الإبل والخيول.. ما معنى الحَنِينَ؟
  • خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي
  • متى تلامس النكبة «العربية» ضمير الإنسانية؟!
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
  • السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • الحرب بالنقاط
  • الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية