عربي21:
2024-10-05@11:20:30 GMT

فلسطين: شعارات العرب وواقعية الغرب

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

تكشف حرب الإبادة التي يشنها الكيان على الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة عن واقع مرّ وصارخ في التناقض بين غرب رسمي وواقعي في مواقفه والسياسة التي يطبقها، وعالم عربي رسمي غارق في غالبيته في النفاق.

وتستمر حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول الجارية، وهي حرب الإبادة التي يمارسها الاستعمار الإسرائيلي من جهة، وحرب التحرير التي يمارسها الفلسطينيون من جهة أخرى منذ أكثر من شهرين.

ورغم الدمار، تدرك جميع الأطراف أنها حرب تشكل منعطفا لسنوات طويلة مقبلة، ولهذا هناك إصرار على تحقيق الانتصار من هذا الطرف أو ذاك. وكلما استمرت هذه الحرب، تكشف عن واقعية الغرب الرسمي، الذي نعني به غالبية غرب المؤسسات الحاكمة وليس غرب الرأي العام المختلف في مواقفه. هذا الغرب الرسمي الذي لا يردد مثل الببغاء كلمات -شعارات من دون الوعي العميق بها، بل يتبنى شعارات منذ الماضي بتطبيقها. وارتباطا بهذا، تبنى الغرب ومنذ بداية القرن العشرين ضرورة إقامة دولة خاصة باليهود في الشرق الأوسط، في فلسطين. وعمل على مدار الزمن على تجسيد هذا التعهد، لاسيما وأن الغرب كان هو القوة الاستعمارية في العالم العربي، وأساسا فرنسا وبريطانيا. وأشرف الغرب على إنشاء الكيان الصهيوني، وحرص على تعزيز مكانته بفضل عاملين وهما: تمكينه من كل أسباب القوة والتفوق على جيرانه بفضل جعله يحقق الأمن القومي، نظرا للقوة العسكرية التي يتمتع بها، حتى يتفادى الهزيمة في أي مواجهة، وثانيا، مهما قام بخرق القوانين الدولية، فهذا الغرب الرسمي يحمي الكيان من أي عقوبات باستغلال ثغرات قانون الأمم المتحدة القائم على عدم توازن القوى والموازين في العالم حاليا.

وعند كل محطة تاريخية، خاصة الحروب، يبرز التزام الغرب الرسمي بتعهداته تجاه إسرائيل، وهو ما نعيشه في وقتنا الراهن بشكل جلي وبشع، بعد طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر. وهكذا، عارض الغرب كل عمليات وقف إطلاق النار، أو فرض الهدنة الإنسانية، وإن تمت هذه الهدنة فيجب أن تكون بعيدا عن قوانين الأمم المتحدة، بل اتفاقيات تتوسط فيها دول حتى لا يتم فيها منح هذه المنظمة الدولية أي دور مستقبلي في حل النزاع. كما حرص على تزويد جيش الكيان بمختلف العتاد العسكري، خاصة القذائف، وتزعمت واشنطن هذا التوجه، ومنها إرسال أكثر من 200 طائرة محملة بالسلاح إلى إسرائيل والدعم الاستخباراتي، وكأن الكيان يخوض حربا ضد دولة ذات قوة عسكرية ضخمة، بل وصل الأمر برئيس حكومة بريطانيا ريتشي سوناك، أن انتقل الى إسرائيل على متن طائرة عسكرية محملة بالسلاح، في سابقة مثيرة للتساؤل. وبين الفينة والأخرى، يصدر عن عاصمة من العواصم المحورية في الغرب مثل، باريس وواشنطن ولندن تصريحات تتضمن انتقادات جد ملطفة ضد همجية الكيان، لكن هذه التصريحات، التي تبهر سياسيين وإعلاميين عرب، ويعتقدون بحدوث تغير في نوايا الغرب الرسمي، هي مجرد أداء مسرحي لمحاولة إنقاذ ماء الوجه أمام هذا الدعم اللامشروط للكيان، خاصة بعد ارتفاع أصوات جزء مهم من الرأي العام الغربي المنددة بحرب الإبادة. في المقابل، تعمل معظم الأنظمة العربية على إظهار حسن السلوك أمام الغرب الرسمي، فهي عاجزة عن تبني مواقف سياسة شجاعة لدعم الفلسطينيين. ولا تجرؤ على التفكير في دعم عسكري للفلسطينيين، كما يفعل الغرب مع إسرائيل، علما أنه في الماضي ما بين الأربعينيات وحتى أوائل الستينيات، كان العرب يفتخرون بدعم دول عربية كانت تحت الاستعمار بالسلاح والدعم السياسي. والمثير للشفقة، أن وصل الأمر الآن بأنظمة غارقة في التطبيع مع الصهاينة إلى معارضة مواقف سياسية تدين كيان الاحتلال، ومواقف بعضها في القمة العربية – الإسلامية الأخيرة، التي انعقدت في العربية السعودية مثال حي على ذلك.

إن التناقض الصارخ، يتجلى في كيف يعمل الغرب من دون ضجيج الشعارات، لا يتحدث عن تاريخ مشترك ولا عن لغة مشتركة ولا تقاليد عريقة، بل اتخذ موقفا واضحا وهو دعم إسرائيل، بينما الأنظمة العربية أنتجت حول الوحدة العربية والمصير المشترك بلاغات قد تفيد في تشييد جسر بين الكرة الأرضية والقمر، لكن عند لحظة الشدة تتوارى غالبية هذه الأنظمة، بل تصبح طابورا خامسا لصالح الكيان. في اللغة العربية الفرق بين الغرب والعرب نقطة واحدة، لكن في الواقع السياسي، يتحول الفرق الى سنوات ضوئية، بين التزام الدفاع عن المواقف في حالة تأييد الغرب لإسرائيل، والتملق واسترضاء الغرب، بل حتى إسرائيل على حساب الفلسطينيين في حالة بعض الأنظمة العربية. لا ننسى هذه المعادلة، إسرائيل مشروع استعماري للغرب، وهذا الأخير بدفاعه عن الكيان، فهو يدافع عن الاستعمار مباشرة، وعن حرب الإبادة وعن ضرب القانون الدولي، بينما فلسطين قضية تحرير، ومواجهة للاحتلال، لكن غالبية الأنظمة العربية، والكثير منها كان حتى الأمس القريب تحت الاستعمار، لا يستطيع الانتقال من ترديد شعارات الوحدة والتحرر إلى أرض الواقع. على ضوء هذا، يجب على الرأي العام الفلسطيني وقواه الحية، المطالبة بإبعاد من يعمل من الأنظمة العربية طابورا خامسا لإسرائيل عن التحدث باسم القضية الفلسطينية. وفي المقابل، الرهان على ائتلاف دولي مكون من أنظمة ودول ذات شرف وطني حقيقي مثل بوليفيا وكولومبيا والصين وجنوب افريقيا التي أبانت عن مواقف مشرفة ضد حرب الإبادة هذه.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلي إسرائيل غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة حرب الإبادة

إقرأ أيضاً:

ناشطون يهاجمون مقر جامعة الدول العربية في تونس احتجاجا على موقفها من الحرب على فلسطين ولبنان

هاجم ناشطون تونسيون الأربعاء مكاتب جامعة الدول العربية في جهة البحيرة بالعاصمة تونس، وكتبوا شعارات على جدرانها، معبرين عن امتعاضهم واحتجاجهم على موقفها الصامت تجاه الحرب على فلسطين ولبنان.

اعلان

وقال وائل نوّار، وهو أحد المحتجين، ليورونيوز "إنّه هو وعدد من الناشطين في المجتمع المدني التونسي نظموا حركة احتجاجية ضدّ جامعة الدول العربية استهدفت مكاتبها في تونس العاصمة وذلك رفضا لصمتها تجاه العدوان على فلسطين ولبنان"

وأضاف "أنّ الدول العربية تغلق الحدود وتحاصر فلسطين ولبنان ثم تمارس سياسة النعامة" "وقال أيضا "لقد كتبنا على الجدران تحيا فلسطين، ونعرب عن قلقنا ."

جامعة الدول العربية بتونس تعرب عن قلقها

Posted by Wael Naouar on Wednesday, October 2, 2024

وقد توجّه عدد من الناشطين يوم الأربعاء إلى جهة البحيرة التي هي من الأحياء الراقية في العاصمة تونس، حيث تقع مكاتب جامعة الدول العربية، ورفعوا شعارات لنصرة فلسطين ولبنان، ثمّ كتبوا على جدران الواجهة الأمامية لمكاتب الجامعة "نعرب عن قلقنا"، في إشارة إلى مواقف الدول العربية، وهو "نوع من السخرية والتهكم" كما يقول وائل نوار.

كما كتبوا "فلسطين حرّة"، وألقوا القمامة أمام مقر الجامعة العربية في تونس، فيما تدخّل أعوان الحماية محاولين صدّهم.

Relatedشاهد: جلسة لجامعة الدول العربية لبحث التطورات في السودانفيديو: سوريا تحضر أول اجتماع لها بجامعة الدول العربية منذ 2011جامعة الدول العربية تجتمع في القاهرة لحسم عودة سوريا وبحث الإستقرار في السودان

مع الإشارة إلى أنّ هؤلاء الناشطين يقول وائل نوّار نظموا" قرابة 300 تحرك احتجاجي مثل اقتحام مراكز ثقافية وعروض يحضرها سفراء وسياسيون، "حيث نقاطعهم ونرفع علم فلسطين تعبيرا منا عن رفض الحرب على أهلنا في غزّة ولبنان".

وقد بدا الناشط وائل نوار في مقطع فيديو وهو يكتب بلون أحمر على جدران مركز تونس لجامعة الدول العربية مخاطبا أعوان الحماية بأنّ الجامعة "أصبحت أضحوكة".

المصادر الإضافية • أب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الموت يلاحق الغزيين.. الضفة تشييع فلسطينيا من غزة قتل في الغارة الإيرانية على إسرائيل مأساة في لبنان.. شحّ في معدات الدفاع المدني وعمليات الإنقاذ ما زالت مستمرة تحت النيران التونسيون يرفضون مناخ الاستبداد الذي يفرضه الرئيس سعيّد قبل الانتخابات الرئاسية جامعة الدول العربية تونس لبنان فلسطين اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الأمم المتحدة تحذر: كارثة إنسانية في الشرق الأوسط قد تشعل موجة لجوء جديدة نحو أوروبا يعرض الآن Next "أوكرانيا قريبة جدا من الانضمام إلى الناتو".. رئيس حلف شمال الأطسلي الجديد يزور كييف يعرض الآن Next قتلى وجرحى إثر اندلاع حريق بمستشفى في تايوان جراء إعصار كراثون يعرض الآن Next قواعد أكثر صرامة بشأن الهجرة وضرائب أعلى.. ما أهم النقاط في خطة رئيس الوزراء الفرنسي السياسية؟ يعرض الآن Next ألوان من شتى بقاع العالم تزين شوارع شنغهاي في مهرجانها السياحي السنوي الخامس والثلاثين اعلانالاكثر قراءة الأردن يعيد مشهد نيسان ويعترض صواريخ إيران وهي بطريقها إلى إسرائيل.. "موقف مبدئي للمملكة"

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها
  • مقررة أممية تطالب الجامعات بـ مراجعة السياسات القمعية التي تستهدف التضامن مع فلسطين
  • خامنئي: هدف امريكا تصدير الطاقة منطقة عبر إسرائيل الى الغرب
  • فرحة عارمة في العواصم العربية بعملية ‘الوعد الصادق 2’ ضد الكيان الصهيوني
  • ناشطون يهاجمون مقر جامعة الدول العربية في تونس احتجاجا على موقفها من الحرب على فلسطين ولبنان
  • «الكتاب العرب» يدعو الاتحادات العربية لاجتماع بشان الأحداث فى المنطقة
  • ما هي مواصفات الصواريخ الإيرانية التي استهدفت الكيان الصهيوني؟
  • إسرائيل غُده سرطانية لخدمة مصالح الاستعمار
  • ”استحلفكم بالله هذا شكل صاروخ”؟.. الإعلامي الحربي ”محمد العرب” يعلق على صواريخ إيران التي ضربت اسرائيل!
  • تركيا بعد فلسطين ولبنان.. «أردوغان» يحذر الكيان الصهيوني من عواقب التوغل البري (تفاصيل)