ترددت مؤخرا تصريحات كثيرة للإسرائيليين حول الخطط التي لا تملكها تل أبيب لليوم التالي للحرب على قطاع غزة. وتنوعت ما بين مخطط نقل وتهجير الغزيين والدعوات إلى إحلال المستوطنين مكانهم في القطاع، في توجه يعكس طرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال إن «إسرائيل ستتولى لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية هناك».


وفي الوقت الذي تواصل فيه الحركات الاستيطانية بلورة خطة حول مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب والبدء بالمشروع الاستيطاني فيه، يحرص نتنياهو على تأكيد رفضه عودة السلطة الفلسطينية للحكم في غزة، لكنه يرفض أيضا تقديم أي رؤية بديلة وعلنية باستثناء تكرار تصريحه وتجديد التزامه بفرض سيطرة أمنية كاملة على القطاع.
وفي غياب اليقين بأن الساعة الرملية السياسية لن توقف إسرائيل قبل تدمير البنية التحتية العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خلُص تقدير موقف صادر عن معهد «يروشاليم» الإسرائيلي للإستراتيجية والأمن، إلى أنه على تل أبيب التحرك بسرعة «لاحتلال غزة من أجل التفاوض ووضع شروطها بشأن اليوم التالي بعد الحرب».
ويعتقد رئيس المعهد أفرايم عنبار أنه يتعين على إسرائيل أن تركز على تحقيق مصالحها الأمنية المتلخصة في الحفاظ على حرية العمل العسكري في غزة، وإنشاء مناطق عازلة واسعة فيها تحت سيطرتها.
ويوصي عنبار بتجنب الصدام مع الإدارة الأمريكية بكل ما يتعلق بمستقبل غزة، ويرى أن على تل أبيب أن تحاول التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن، وتدعم المطلب الأمريكي بإعادة هيكلة وتجديد السلطة الفلسطينية وإعادتها إلى غزة.
ويقترح على إسرائيل السعي إلى تقليل وجود القوات الدولية قدر الإمكان في القطاع لتجنب التوترات مع واشنطن والدول المشاركة في القوة الدولية.
ويرى عنبار أن وجود السلطة الفلسطينية في القطاع أفضل من وجود قوات دولية، كون ذلك يسمح بحرية العمل العسكري للجيش الإسرائيلي في غزة على غرار نموذج التنسيق الأمني في الضفة الغربية.
أمنيا، يقول عنبار إن الفراغ الحكومي في غزة لا ينبغي أن يزعج تل أبيب، لأنه يسمح بالدخول إلى القطاع والخروج منه حسب الحاجة، كما لن تكون هناك معارضة فعالة لإنشاء المناطق العازلة على طول الشريط الأمني.
يأتي تقدير الموقف هذا، في وقت توشك فيه الساعة الرملية للحرب على النفاد، ويحلم عدة مئات من المستوطنين بملء الفراغ الذي تسبب به النزوح القسري للغزيين عن منازلهم وأراضيهم تحديدا في شمالي القطاع جراء آلة الحرب الإسرائيلية.
في الواقع، يقول الصحفي الاستقصائي جور مجيدو «للمستوطنين رؤية واضحة للمستقبل، سيعيشون في غزة، وسيتولى الجيش الإسرائيلي حراستهم»، حسب تقديره.
تعكس هذه الرؤية التصور الذي عبّرت عنه الخطة «المسيحانية» التي تعتمد على معتقدات دينية يهودية وتوراتية، وبلورتها الحركات الاستيطانية الداعية إلى الاستيطان وفرض أمر واقع في قطاع غزة، وذلك في سياق مشروع «أرض إسرائيل الكبرى»، بحسب ما استعرضه الصحفي مجيدو في تقرير بصحيفة «ذا ماركر».
لا تكتفي الرؤية الاستيطانية المشمولة بهذه الخطة، يقول مجيدو «بالعودة إلى عهد التجمع الاستيطاني غوش قطيف، فهناك عنصران رئيسيان يجعلان الأمر مختلفا مقارنة بالوضع عشية خطة فك الارتباط في عام 2005».
وفق رؤية هذه الحركات، أولا، سيستوطن اليهود في جميع أنحاء القطاع وبين السكان الفلسطينيين مثل الضفة والقدس، وليس فقط داخل حدود المستوطنات التي تم التخلي عنها في القطاع بموجب خطة فك الارتباط، وثانيا، يقول مجيدو «ستسعى إسرائيل جاهدة إلى استغلال الوضع الجديد في غزة لجعلها نظيفة من الغربيين، بالمعنى الحرفي للكلمة».
تقضي الخطة بإعادة توطين المستوطنين في قطاع غزة وليس فقط عند المناطق الحدودية، بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية وحالة القتال لإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية من القطاع والتنقل إلى أوروبا، وتهدف لتكوين ما سموها «أرض إسرائيل» خالية من العرب.
ويأتي تنفيذها، على غرار ما فرضته الحركات الاستيطانية من وقائع على الأرض في الضفة والقدس المحتلتين منذ اتفاقية أوسلو، لإسكان قرابة مليون مستوطن ووضع اليد على الأراضي ومحاصرة الفلسطينيين وتركيزهم على أقل بقعة من الأرض، لدفعهم على الهجرة القسرية.
وشارك المئات من نشطاء الحركات الاستيطانية وأحزاب اليمين المتطرف من تحالف «الصهيونية الدينية»، بزعامة بتسلئيل سموتريتش، وحزب «عظمة يهودية» برئاسة إيتمار بن غفير، قبل أيام في فعاليات مؤتمر بعنوان «التحضير العملي للاستيطان في قطاع غزة»، وعُقد بالنقب الغربي.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن إحدى المشاركات في جلسات المؤتمر قولها إن حلمها هو «العيش بجوار كنيس الحاخام إسرائيل نجارا الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ17، وهو موقع لم يعد موجودا، ولكن موقعه التقريبي يقع في قلب مدينة غزة»، حسب زعمها.
وعلقت دانييلا فايس، من قادة الحركات الاستيطانية في الضفة والقدس، على ذلك بالقول «لا يمكن فعل أي شيء في غزة باستثناء الاستيطان اليهودي في القطاع بأكمله»، وفق تعبيرها.
وأضافت فايس «من رون ديرمر؟ من تساحي هنغبي؟ الوزير ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي هما عضوان في الفريق الذي شكله نتنياهو لصياغة توصيات اليوم التالي للحرب على غزة، والتي لم يثبت بعد أنها أكثر من مجرد وسيلة لإضاعة الوقت وتهدئة الضغط الأمريكي».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطاع غزة السلطة الفلسطينية بنيامين نتنياهو إسرائيل فی القطاع قطاع غزة تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

مخاوف إسرائيلية من اشتعال الضفة وضغط على الأردن بسبب المقاومة

دأبت المحافل الأمنية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على زيادة تحذيراتها مما وصفته "تصاعد التهديدات" القادمة من الضفة الغربية وعلى الحدود مع الأردن، ولهذا الغرض يجتمع المجلس الوزاري الأمني "الكابينت"، بشكل غير عادي لبحث ومناقشة هذه التطورات.

ويأتي الاجتماع في ضوء تزايد المعلومات الاستخبارية القادمة من الميدان، ولتقييم مدى دقة الرد المطلوب على السيناريوهات المتعددة في الضفة الغربية.

ونقل المراسل العسكري لموقع "واللا" أمير بوخبوط ، عن أوساط أمنية قولها: إنه "على خلفية الأضرار الجسيمة التي لحقت بحزب الله، وسقوط نظام الأسد، وانسحاب القوات الموالية لإيران من سوريا، لاسيما الحرس الثوري، تشهد الضفة الغربية والحدود مع الأردن محاولات على مدار الساعة من خلال المال والتحريض وتهريب الأسلحة، إلى تعزيز حالات المقاومة الفلسطينية فيها".


وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "التحريض الإسرائيلي ضد المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية وصل حدّ تحريض الأردن عليها في محاولة لتعزيز تواجده الأمني على الحدود المشتركة، لمنع تهريب المزيد من الأسلحة والوسائل القتالية عبرها، بزعم أن الأغلبية الفلسطينية في المملكة يمكن أن تثور في أي لحظة، خاصة بعد نجاح الثوار السوريين بإسقاط نظام الأسد، ولا أحد يعرف ما إذا كانت الحدود السورية الأردنية ستكون مستقرة أمنيا".

وأشار أنه "منذ سنوات، تحاول تنظيمات الجهاد العالمي التغلغل في قلب الأردن، وتم إيقافها من قبل مجموعة من الأجهزة الاستخباراتية عبر عمليات اعتقال، وتحقيقات واسعة النطاق، وإذا لزم الأمر، شن هجمات على طول الحدود السورية، فيما يحاول الإيرانيون والعناصر السنية استغلال الأجواء التي تشهدها المنطقة لتكثيف أعمال التحريض، خاصة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، من أجل إثارة انتفاضة شعبية".

وزعم أن "ما يحدث في الأردن ومحيطه يشكل مصدر قلق كبير ليس فقط لإسرائيل التي لديها حدود مشتركة طويلة جدا معه، ويعيش قربها ملايين الفلسطينيين، ولكن أيضاً للغرب الذي يدعم المملكة بقوة، ويهتم باستقرارها، لأن تقاطع المصالح، وعدم الاستقرار الإقليمي قد يؤدي لتصعيد واسع في أراضي الضفة الغربية وغور الأردن".

ونقل عن أحد المصادر الأمنية للاحتلال أنه "في أعقاب الأحداث في سوريا، تقوم إيران ومكاتب حماس في الخارج بتمويل وتوجيه المقاومة في الضفة الغربية، عبر تنفيذ هجمات مسلحة ضد المستوطنين والجنود، وهو ما حذر منه جهاز الشاباك منذ مدة، ووضع ذلك على طاولة القيادة السياسية، مما دفع بالوزير يسرائيل كاتس لإصدار تعليماته بتعزيز فرقة دائرة الرقابة الداخلية حول المستوطنات وعلى طول خط التماس مع الأردن بثماني سرايا مقاتلة، مع توقع بموافقة المستوى السياسي على تعزيزات إضافية للقوات".


وتوقع أنه "إذا حدث انخفاض في مستوى التوتر في الساحة الشمالية وغزة، فقد يشن الجيش عمليات كبيرة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة الغربية لمواجهة البنية التحتية لحماس، والقضاء على المسلحين، فيما ذكر مسؤولون في القيادة الوسطى للجيش أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية شرعت بعمليات غير عادية للغاية باستخدام القوة والذخيرة الحية في عدد من المواقع ضد المقاومة، مع التركيز على مخيم جنين".

مقالات مشابهة

  • إدانة إسلامية لقرار الاحتلال التوسّع في الاستيطان بالجولان.. العدوان الإسرائيلي يبيد 10 % من سكان قطاع غزة
  • الاحتلال: الحوثيون أطلقوا 6 صواريخ باليستية و5 مسيرات نحو إسرائيل منذ نوفمبر
  • مخاوف إسرائيلية من اشتعال الضفة وضغط على الأردن بسبب المقاومة
  • الخارجية: خطط إسرائيل بالجولان استمرار للاستيلاء على أراض عربية
  • من الضفّة وغزّة إلى الجولان.. مخططات إسرائيلية لا تنتهي!
  • هآرتس: حرب بين المستوطنين حول كعكة الاستيطان بالضفة
  • إقامة 14 بؤرة استيطانية إسرائيلية جنوبي الخليل منذ السابع من أكتوبر
  • استشهاد 39 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
  • عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي على غزة وتوقعات إسرائيلية بتحول الضفة لجبهة قتال رئيسية
  • مجلة إسرائيلية: المستوطنون يتطلعون للاستيلاء على مناطق بسوريا ولبنان