في ذكراها الخامسة وقف الحرب ومنع تمددها

تاج السر عثمان بابو

1

تهل علينا الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر التي تتزامن مع الذكرى 68 للاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955، والبلاد تشهد حربا ضروسا بين الجيش والدعم السريع صنيعة الفلول التي أدت لنزوح الملايين ومقتل الآلاف وتدمير البنية التحتية للبلاد، وخلفت مآسٍ إنسانية كما هو الحال في التهديد بالمجاعة ونقص الدواء والعلاج وإغلاق المدارس والجامعات، واحتلال المنازل والمرافق العامة من الجنجويد والجيش ونهب محتوياتها، إضافة للخطر من إطالة أمد الحرب وتمددها لتشمل ولايات جديدة بعد الخرطوم ودارفور وكردفان، كما حدث في ولاية الجزيرة الأيام الماضية التي اندلعت فيها المواجهات وأدت لنزوح الآلاف من القتال الجاري في شرق مدينة مدني، وأثرت على المدينة وجهود الإغاثة، مما أدى لوقفها في الولاية، مما يتطلب مواصلة إعاثة وحماية النازحين، علما بأن ولاية الجزيرة استقبلت حسب الأمم المتحدة حوالي نصف مليون نازح، وأقام حوالي 86 ألف منهم في مدني، وفر منهم بعد القتال حوالي 15 ألف شخص خلال يومين، حسب الأمم المتحدة، هذا فضلاً عن خطورة تمدد الحرب لتصل ولايات القضارف وسنار وكسلا وبورتسودان المكتظة بالنازحين من داخل وخارج البلاد.

كل ذلك يفرض ضرورة تكثيف الجهود في الداخل لوقف الحرب، ومنع إطالة أمدها مما يهدد بالمزيد من الدمار والنزوح والمآسي الإنسانية التي خلفتها الحرب من أمراض ونقص في الغذاء والدواء والوقود وانقطاع خدمات الماء والكهرباء، وحالات التطهير العرقي والإبادة الجماعية في غرب دارفور، وحالات الاغتصاب والعنف الجنسي والاعتقالات وحالات التعذيب للمعتقلين بواسطة الجنجويد والجيش، كما بلغ عدد النازحين 6.8 مليون شخص داخل وخارج البلاد، وعدد القتلى أكثر من 12 ألف شخص، فضلاً عن خطورة تقسيم البلاد، وتمدد الحرب للبلدان المجاورة بحكم التداخل القبلي.

2

كما أوضحنا سابقاً لم تكن ثورة ديسمبر حدثاً عفوياً، بل كانت تحولاً نوعياً لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الإنقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاماً التي عبرت عنها الهبات والإضرابات والمظاهرات، والاعتصامات التي واجهها النظام بإطلاق الرصاص الحي مما أدى إلى مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام، والآلاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات، والشهداء في حروب الإبادة في الجنوب حتى تم انفصاله، إضافة لقمع المرأة التي لعبت دوراً كبيراً في مقاومة نظام الإنقاذ الذي استهدفها، وفي جرائم الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لوقف الحرب واستكمال مهام الثورة.

3

كما جاءت ثورة ديسمبر رغم خصوصيتها على خطى تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م وتجربة انتفاضة مارس- ابريل 1985 في السودان التي أوضحت أن الثورة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية التي تتلخص في:

– الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع بأسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم.

– تفاقم الصراع داخل النظام الحاكم الذي يشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي إلى الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة، وتشل أجهزة القمع عن أداء وظائفها في القهر، وأجهزة التضليل الأيديولوجي للجماهير.

– وأخيراً، وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتى النصر.

4

طرحت ثورة ديسمبر شعارات الحركة الوطنية والجماهيرية التي رفعتها بعد انفجارها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وثورة اكتوبر 1964 كما في:

– الحرية والديمقراطية والحياة المعيشة الكريمة، وتوفير حق العمل للعاطلين.

– العدالة والسلام ووقف الحرب والسيادة الوطنية.

– استعادة أموال وممتلكات شعب السودان المنهوبة.

– محاسبة الفاسدين الذين دمروا البلاد ومشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية.

– قومية الخدمة المدنية والنظامية، وعودة المفصولين من الخدمة المدنية والنظامية.

– حل المليشيات (الكيزان والجنجويد، وجيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد.

وغير ذلك من الأهداف التي تم التوقيع عليها في ميثاق قوى الحرية والتغيير الموقع عليه في يناير 2019 الذي تم الانقلاب علية بالتوقيع على “الوثيقة الدستورية” المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر وقننت الجنجويد دستورياً، وحتى “الوثيقة الدستورية” كما أوضحنا سابقاً تم الانقلاب عليها، كما في التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب، وأخيراً تم إطلاق رصاصة الرحمة عليها بتدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، وجاء الاتفاق الإطارى بتدخل إقليمي ودولي، الذي أدى للصراع بين الجيش والدعم السريع حول مدة دمجه في الجيش، وأشعل نيران الحرب الجارية حالياً، التي تتطلب مواصلة المقاومة الجماهيرية لوقفها ومنع تمددها وإطالة أمدها، واسترداد الثورة في ذكراها الخامسة.

alsirbabo@yahoo.co.uk

الوسومالاعتصامات الجيش الحرب الدعم السريع السودان العسكر النيل الأزرق تاج السر عثمان بابو ثورة ديسمبر كردفان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاعتصامات الجيش الحرب الدعم السريع السودان العسكر النيل الأزرق ثورة ديسمبر كردفان ثورة دیسمبر

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • معرض الكتاب يتخطى الثلاثة ملايين ونصف زائر خلال ثمانية أيام
  • بالفيديو .. من هو عاطف نجيب ابن خالة الأسد الذي تسبب باشتعال الثورة السورية؟
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • ثورة الكرامة.. ثورة مائة الف شهيد
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • غرسوا بذور الحرب منذ سنوات، ويستعدون لجني ثمارها!
  • تطورات الأحداث والطريق لوقف الحرب والديمقراطية
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة