اتّهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، حكومة الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام تجويع المدنيين أسلوبا للحرب في قطاع غزة المحتل، معتبرة أنّ ذلك يشكّل جريمة حرب.

وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، اليوم الاثنين 18 ديسمبر، أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنّه يجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين في قطاع غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.

وأشار البيان إلى أنّ مسؤولين إسرائيليين كبارا، منهم وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، أدلوا بتصريحات علنيّة أعربوا فيها عن نيّتهم حرمان المدنيين في غزة من الغذاء، والمياه، والوقود، وأنّ هذه التصريحات تعكسها العمليّات البريةّ للجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى تصريحات علنيّة لمسؤولين إسرائيليين آخرين بأنّ المساعدات الإنسانية لغزة ستكون مشروطة إما بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس بشكل غير قانوني وإما بتدمير الحركة. التجويع سياسة إسرائيلية ممنهجة.

وصرّح مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش عمر شاكر: “لأكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حثّ عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيّدوها وتعكس نيّة تجويع المدنيين أسلوبا من أساليب الحرب”، مطالبا زعماء العالم رفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة هذه، ذات الآثار المدمّرة على سكان غزة.

وقالت المنظمة إنّها قابلت 11 فلسطينيا نازحا في غزة بين 24 نوفمبر و4 ديسمبر ووصفوا الصعوبات الشديدة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية.

“في جنوب غزة، اشتكى الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات من ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدّى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة”. 

من جانبه أفاد “برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة” في 6 ديسمبر أنّ 9 من كل 10 أسر في شمال قطاع غزة وأسرتين من كل 3 في جنوب غزة، أمضوا يوما كاملا وليلة كاملة على الأقل دون طعام. وحذّر برنامج الأغذية العالمي، في 17 نوفمبر، من “احتمال مباشر” للموت جوعا، مسلّطا الضوء على أنّ إمدادات الغذاء والمياه كانت معدومة عمليا.

 وفي 3 ديسمبر، أبلغ عن “تهديد كبير بالمجاعة”، ما يشير إلى أنّ النظام الغذائي في غزة كان على وشك الانهيار. فقد أعلن، في 6 ديسمبر، أنّ 48٪ من الأسر في شمال غزة و38٪ من النازحين في جنوب غزة مرّوا بـ”مستويات حادة من الجوع”.

التجويع جريمة حرب يجرّمها القانون الدولي

وأشار بيان منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أنّ القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تحظر تجويع المدنيين وهو أسلوب من أساليب الحرب. وينص “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” على أنّ تجويع المدنيين عمدا “بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمّد عرقلة الإمدادات الغوثية” هو جريمة حرب.

ولا يتطلّب القصد الإجرامي اعتراف المهاجم، ولكن يمكن أيضا استنتاجه من مجمل ملابسات الحملة العسكرية.

واعتبرت المنظمة الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فضلا عن إغلاقه المستمر منذ 16 عاما، يرقيان إلى مصاف العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وهو جريمة حرب، مطالبة إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة في غزة بموجب “اتفاقية جنيف الرابعة”، بضمان حصول السكان المدنيين على الغذاء والإمدادات الطبية.

وطالبت هيومن رايتس الحكومات المعنية بالضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات، داعية الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها إلى تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما يستمر جيشها بارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين مع الإفلات من العقاب.

وقال عمر شاكر: “تضاعف الحكومة الإسرائيلية عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع سلاحَ الحرب. الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلّب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي”.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: تجویع المدنیین هیومن رایتس رایتس ووتش جریمة حرب قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

غزة بين فكي التجويع والحصار.. إسرائيل في قفص الاتهام بمحكمة العدل الدولية

في تطور قانوني ودبلوماسي جديد يعكس تصاعد الغضب الدولي من الوضع الإنساني في قطاع غزة، شهدت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات استماع اتهمت خلالها كل من الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، إسرائيل، بانتهاك صريح للقانون الدولي من خلال منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، الجلسات تأتي في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يعيشها القطاع، حيث يواجه أكثر من 2.3 مليون فلسطيني خطر المجاعة، وسط حصار مشدد واستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، ما دفع المجتمع الدولي إلى مساءلة إسرائيل قانونياً عن التزاماتها كقوة احتلال.

منع المساعدات وتجويع المدنيين

اتهم السفير الفلسطيني لدى محكمة العدل الدولية، عمار حجازي، إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية "كسلاح حرب"، بعد أكثر من خمسين يومًا على فرضها حصاراً شاملاً على غزة ومنع دخول الإمدادات. وقال في شهادته أمام المحكمة إنّ "جميع المخابز المدعومة من الأمم المتحدة قد أُجبرت على الإغلاق"، فيما يفتقر تسعة من كل عشرة فلسطينيين إلى مياه شرب آمنة، مؤكداً أن "منشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية أصبحت فارغة". من جانبها، شددت المستشارة القانونية للأمم المتحدة، إلينور هامرخولد، على أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها للسكان المدنيين.

وترتكز القضية الحالية على رأي استشاري طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، يدعو المحكمة إلى تحديد الالتزامات القانونية لإسرائيل حيال تسهيل وصول المساعدات التي ترسلها منظمات دولية ودول ثالثة. وفي الوقت الذي لا تعتبر فيه الآراء الاستشارية ملزمة قانونياً، فإنها تحمل وزناً سياسياً وقانونياً كبيراً على الساحة الدولية.

ورفضت إسرائيل المشاركة في جلسات المحكمة، واعتبر وزير خارجيتها جدعون ساعر أن القضية جزء من حملة "اضطهاد ممنهجة لتجريد إسرائيل من الشرعية"، مهاجماً الأمم المتحدة ووكالة الأونروا، التي منعتها إسرائيل من العمل بعد اتهامات طالت بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر. في المقابل، أكد المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، أن إسرائيل ملزمة بتوفير الخدمات أو السماح بها للسكان الواقعين تحت الاحتلال، بما يشمل السماح للوكالة بمواصلة مهامها الإنسانية.

على الأرض، تتدهور الأوضاع بشكل كارثي. فقد حذر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، من ارتفاع أعمال النهب بسبب نقص السلع، مشيراً إلى حوادث نهب شاحنات ومستودعات في غزة. وسجلت المنظمات الإنسانية نحو عشرة آلاف حالة سوء تغذية حاد لدى الأطفال منذ بداية العام. كما أعلن الدفاع المدني في غزة توقف 8 من أصل 12 مركبة إطفاء وإنقاذ بسبب نفاد الوقود، ما يهدد حياة مئات الآلاف من السكان.

تصاعدت الأصوات الدولية 

وفي سياق متصل، تشهد العاصمة المصرية القاهرة جهوداً لإحياء وقف إطلاق النار، إذ يلتقي رئيس المخابرات العامة المصرية، حسن رشاد، وفداً إسرائيلياً رفيعاً بعد لقاء سابق مع وفد من حركة حماس. سياسياً، تصاعدت الأصوات الدولية المطالِبة بوقف الانتهاكات، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السماح بدخول الغذاء والدواء.

كما طالبت فرنسا وألمانيا وبريطانيا بإتاحة وصول المساعدات دون عوائق، فيما دعت باريس صراحة إلى "وقف المجزرة الجارية في غزة".

وعلى المستوى الإقليمي، حذر المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، بيير كرينبول، من انفجار "جحيم جديد" في غزة مع تجدّد الحرب، مؤكداً أن القطاع يعاني من "الموت والجوع والحرمان والكرامة المهدورة". وسجلت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، مقتل 71 شخصاً وإصابة 153 آخرين خلال 24 ساعة، ليصل عدد الضحايا منذ 7 أكتوبر إلى أكثر من 52 ألف قتيل و117 ألف جريح.

من جهة أخرى، شهدت لندن لقاءات بين رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى ونظيره البريطاني كير ستارمر، تم خلالها توقيع اتفاقات لتعزيز العلاقات ورفعها إلى "شراكة استراتيجية"، كما أعلنت بريطانيا عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتقديم دعم إنساني وتنموي بقيمة 101 مليون جنيه إسترليني للأراضي الفلسطينية.

وتشكل جلسات محكمة العدل الدولية محطة مفصلية في مسار محاسبة إسرائيل دولياً، وتعكس تحولاً في الخطاب الدولي تجاه الجرائم المرتكبة في غزة. وبينما تتكثف التحركات السياسية والدبلوماسية، يبقى مصير أكثر من مليوني فلسطيني معلقاً على قدرة المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حاسم يجبر إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي وإنهاء الحصار، وفتح المجال أمام المساعدات التي تمثل شريان حياة لشعب يواجه المجاعة والموت يومياً.

وفي هذا السياق، شدد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، على أن محكمة العدل الدولية تنظر في قضية ذات أبعاد إنسانية وقانونية خطيرة، تتمثل في نفاد المساعدات ومنع الأونروا من ممارسة مهامها الإنسانية، مؤكداً أن هذا المنع يأتي في وقت يعاني فيه أكثر من 2.2 مليون فلسطيني من أوضاع معيشية كارثية في القطاع المحاصر.

وأوضاف الرقب في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن رأي المحكمة "استشاري وغير ملزم من الناحية القانونية"، إلا أنه يحمل أهمية كبيرة على الصعيد السياسي والرمزي، إذ يكشف بوضوح الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك يفضح الدول التي تساندها في تلك الانتهاكات، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي من المقرر أن تترافع أمام المحكمة للدفاع عن إسرائيل، في موقف يعكس "الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال بكل مكوناته".

وأضاف أن قرارات المحكمة، وإن لم تكن مُلزِمة من الناحية القانونية، فإنها تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتُظهر للرأي العام العالمي حجم الجرائم المرتكبة ليس فقط بحق الفلسطينيين، بل أيضًا بحق المؤسسات الدولية الإنسانية التي تسعى لتقديم العون والمساعدة، وفي مقدمتها وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة.

كما أشار الرقب إلى أن المحكمة كانت قد أجلت البت في الطلب المُقدم من جنوب أفريقيا بشأن القضية إلى مطلع العام القادم، مؤكدًا أن الفتوى المرتقبة من المحكمة ستعود في نهاية المطاف إلى مجلس الأمن الدولي. 
وأعرب عن أمله في أن يفضي ذلك إلى اتخاذ موقف حاسم من قبل المجلس، يتمثل في رفض استمرار إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة، ما لم تلتزم بالمعايير الدولية وتسمح بعمل المنظمات الإنسانية بحرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويمثل استمرار منع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومنع عمل الأونروا والمنظمات الدولية، تحديًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وللأعراف الدولية التي تحكم عمل المنظمات الإغاثية.

وبينما تتابع محكمة العدل الدولية هذه القضايا وتصدر آراءها، فإن أعين العالم تتجه إلى مجلس الأمن لمعرفة ما إذا كان سيتحرك باتجاه اتخاذ قرارات تضمن الحد الأدنى من الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، وإلزام الاحتلال الإسرائيلي باحترام القانون الدولي، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي يدفع ثمنها الأبرياء في غزة.

طباعة شارك غزة العدل الدولية قطاع غزة الأونروا محكمة العدل الدولية

مقالات مشابهة

  • تجويع المدنيين وتدمير مصادر الغذاء في قطاع غزة .. الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الغذاء كسلاح حرب في تنفيذ جريمة إبادة جماعية
  • ورقة قانونية.. الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب في غزة
  • الحوثي : عمليات غزة ضربة موجعة لاسرائيل.. والمجتمع الدولي شريك في جريمة التجويع
  • رايتس ووتش: إعادة هيكلة الخارجية الأميركية تهدد حقوق الإنسان عالميا
  • تصريحات البرهان حول «اللساتك» تثير غضب ثوار ديسمبر في السودان
  • غزة بين فكي التجويع والحصار.. إسرائيل في قفص الاتهام بمحكمة العدل الدولية
  • محمود حميدة: بيع نيجاتيف الأفلام جريمة مثل تهريب الآثار.. والذكاء الاصطناعي خيارنا للبقاء
  • حماس تطالب بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء جريمة التجويع الممنهج في غزة
  • عقب قصف مركز إيواء.. هيومن رايتس: الهجمات المتعمدة على المدنيين في اليمن هي جرائم حرب
  • المجد فقط لشهداء ديسمبر في الأعالي يا برهان