اتجاهات استراتيجية في عام 2023
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
اتجاهات مستقبلية
اتجاهات استراتيجية في عام 2023
سادت عدة اتجاهات استراتيجية العام 2023 أو تبلورت فيه، وسوف تستمر معنا في العام الجديد، ولكن ربما تتغير صيرورة و/أو توجهات بعضها. وتتعلق هذه الاتجاهات بالتغير في النظام الدولي وعملياته الرئيسية، من صراعٍ وتكاملٍ.
والواقع أنّ العالم يشهد منذ سنوات إعادة تشكيل للنظام الدولي أحادي القطبية الذّي تبلور منذ انتهاء الحرب الباردة في أواخر ثمانينيات القرن المنصرم، بدأت بتحوله من طبيعته الأحادية الجامدة إلى الطبيعة الأحادية المرنة عقب الأزمة الاقتصادية العالمية (2008-2009).
وثمة اتفاق واسع بين الخبراء والممارسين على أنّ النظام الدولي الراهن يتجه إلى التعددية؛ أي أن يكون متعدد الأقطاب، وأن الولايات المتحدة والصين سوف يكونان في مقدمة هذه الأقطاب. بيد أنهم يختلفون فيما بينهم على تحديد الأقطاب الأخرى، بين روسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، وربما الهند والبرازيل. وهناك طائفة أخرى من الخبراء والباحثين يشيرون إلى أن النظام الدولي الجديد سيكون ثلاثي القطبية؛ أي الولايات المتحدة، والصين، والاتحاد الأوروبي. وهذا الاتجاه نحو التعددية القطبية، أيًّا كان توصيفه فسوف يتعزز في عام 2024.
وقد شهد عام 2023، مثل غيره من الأعوام، تدافعًا بين قوى الصراع وقوى التكامل، وسوف يستمر هذا التدافع في العام الجديد، ولكن يُرجح أن يكون لقوى الصراع اليد العليا، خاصة في ظل اختبار النظام الدولي مرحلة انتقالية عسيرة من نمطٍ قطبي إلى آخر، وفي ظل تخندق قوى التكامل في إطار صراعي بين الشمال العالمي والجنوب العالمي.
ففي العام المنصرم، لاحظنا زيادةً كبيرة في عدد الصراعات الدولية وتصاعدًا لافتًا في مستواها. علاوة على ذلك، تكتسب الصراعات طابعًا ممتدًا وتأخذ اتجاهًا استنزافيًا. فالحرب الروسية-الأوكرانية، التي يراها كثير من الخبراء والمحللين أحد تجليات الحرب الباردة بين روسيا والغرب، اقتربت من العامين، ولا يوجد أفق قريب لانتهائها، وتحولت إلى صراع شبه متجمّد وحرب استنزاف؛ حيث لا يستطيع أيٌّ من الطرفين تحقيق اختراق برغم استمرار القتال.
وبرغم تفاوت نمط الصراع الدولي ومستواه بين الصين والولايات المتحدة، ولاسيما في منطقة الإندوباسيفيك، خلال العام المنصرم من فترةٍ إلى أخرى، فمن المتوقع أن يستمر الصراع بينهما، وربما يتحول -كما حذر محللون من قبل- إلى حربٍ باردة جديدة. ويُعزى ذلك إلى تكثيف الولايات المتحدة وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، واستمرار المناورات العسكرية الأمريكية مع تايوان ودول أخرى حليفة في المنطقة، في مقابل مساعي الصين الحثيثة لتعزيز مكانتها الدولية.
ولا تتسع هذه المساحة لاستعراض كل حالات الصراع الدولي أو حتى أبرزها، بيد أنّ العام المنتهي لم ينقضِ دون أن يشهد انفجار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في “حرب غزة”، وأنْ يضع بذورًا لاحتمال تجدد الصراع بين الهند وباكستان؛ حيث ألغت الأخيرة الحكم الذاتي “المحدود” لولاية جامو وكشمير، إضافة إلى تغذية الصراع المخيف في بحر الصين الجنوبي.
وبالنسبة لاتجاه التكامل، فقد شهد العام المنصرم جهودًا تكاملية، لكنْ، حكَمَها، بصفة عامة، الانقسامُ بين الجنوب والشمال. فقد انتظم منتدى التعاون الدولي الثالث لمبادرة الحزام والطريق لبحث مدى التقدم في مشروعات المبادرة الصينية بعد عشر سنوات من إطلاقها، وطُرحت مبادرة منافِسة في قمة العشرين بنيودلهي، وهي الممر الاقتصادي الدولي من الهند إلى أوروبا، عبر الشرق الأوسط. كما تم توسيع تجمع بريكس، الذي يُقدَّم على أنه تكتل للجنوب الشرقي في مواجهة الشمال الغربي؛ ليكون قادرًا على تشييد نظام اقتصادي دولي جديد، وتأسيس عالم متعدد الأقطاب. وبين ذلك، تواترت المحاولات الروسية والصينية لتجميع دول الجنوب العالمي تحت قيادتيهما لمواجهة المحاولات الأمريكية والغربية المماثلة.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
3 اتفاقيات استراتيجية لدعم شبكة السكك الحديدية بين سلطنة عمان ودولة الإمارات
احتفلت حفيت للقطارات، اليوم ، بفندق راديسون بلو صحار بالتوقيع على 3 اتفاقيات، وهي اتفاقية تجارية طويلة الأمد مع شركة إمستيل لنقل وتصدير المواد الخام من سلطنة عُمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى عقدين رئيسيين مع كبرى الشركات العالمية، وهما شركة لارسون وتوبرو (L&T)، وشركة باور تشاينا لتصميم وبناء مرافق السكك الحديدية في سلطنة عُمان، ومع المجموعة الوطنية الصينية المحدودة للسكك الحديدية (CRRC) لتوريد أسطول عربات الشحن.
وتُعد هذه الاتفاقيات خطوة مهمة في تنفيذ مشروع الربط بالسكك الحديدية بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وستُسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة النقل الفعّال والمستدام في المنطقة، مما يضمن تسهيل مرور حركة البضائع ذات السعة العالية، إضافة إلى تحقيق كفاءة لوجستية متكاملة تدعم النمو الاقتصادي المستدام في البلدين، وذلك في إطار التزامها المستمر بتطوير شبكة سكك حديدية عالمية المستوى تسهم في تعزيز التجارة الإقليمية وسلاسل الإمداد.
وأكد المهندس عبدالرحمن بن سالم الحاتمي، نائب رئيس مجلس إدارة حفيت للقطارات والرئيس التنفيذي لمجموعة أسياد، أن توقيع هذه الاتفاقيات يأتي استكمالًا لبقية الأعمال المرتبطة بمشروع السكك الحديدية الطموح، وتعزيز إمكانياته الفنية والتجارية، والربط الفعّال بين الصناعات والمنتجات المحلية والأسواق الإقليمية، كما تهدف الاتفاقيات إلى تعزيز الربط اللوجستي بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهي خطوة مهمة نحو تعزيز كفاءة وتنافسية الشبكة اللوجستية المتكاملة، مما يسهم بشكل فعّال في دفع النمو الاقتصادي وإيجاد الفرص التجارية في كلا البلدين الشقيقين.
من جانبه، قال سعادة المهندس سعيد غمران الرميثي، الرئيس التنفيذي لمجموعة إمستيل: "تمثل هذه الاتفاقية محطة رئيسية في مسيرة أعمال إمستيل، حيث تضمن إمدادات موثوقة ومستدامة للمواد الخام اللازمة لوحدة إنتاج الأسمنت لدينا، كما تعكس التزامنا الراسخ بالاستدامة والتميز التشغيلي، وتعزز من علاقات التعاون الاقتصادي المتنامية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان، ومن خلال توظيف الموارد والبنية الأساسية الإقليمية بكفاءة، تؤكد هذه الشراكة قدرتنا المشتركة على دفع عجلة النمو الصناعي وترسيخ أسس واعدة لمستقبل أكثر استدامة وازدهارًا".
وقالت المهندسة مشاعل بنت سالم البحرية، مديرة التصميم المدني بحفيت للقطارات: "المشروع يعد الأول من نوعه في المنطقة كأول سكة حديد تربط بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان، تحديدًا من مدينة أبوظبي إلى مدينة صحار، وللمشروع بعدٌ استراتيجي قوي جدًا، خاصة أنه سيسهم بشكل كبير في تكامل المنظومة اللوجستية في البلدين، كما سيسهل المشروع نقل البضائع والركاب".
وأضافت البحرية: "تم سابقًا توقيع اتفاقيات تمويل مع مختلف البنوك المحلية والإقليمية والدولية، وتم الانتهاء من التوقيع على مناقصات الأعمال المدنية، إضافة إلى مناقصات أنظمة التحكم والاتصالات، ومناقصة توريد القاطرات، واليوم، نكمل توقيع آخر العقود المتبقية لإكمال هذا المشروع، ومن ضمن هذه العقود عقد تصميم وإنشاء المرافق، إضافة إلى توريد قاطرات شحن البضائع، كما تم الاحتفال بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية لتعزيز الملاءة التجارية لهذا المشروع المهم، وتمكينه من رفد الاقتصاد الوطني في البلدين".
اتفاقية تجارية مع "إمستيل"
وتجسد اتفاقية الشروط الرئيسية الموقعة بين حفيت للقطارات وشركة إمستيل، إحدى الشركات الرائدة في تصنيع الحديد ومواد البناء، تحقيق المستهدفات الطموحة لـ"رؤية عُمان 2040" والاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات "مشروع 300 مليار"، لتلبية الطلب المتزايد في الأسواق المحلية والإقليمية على المواد الأولية عالية الجودة.
كما تمثل هذه الاتفاقية الشراكة القوية والتعاون الاقتصادي المتنامي لضمان نقل الحجر الجيري والصخر الأحمر من سلطنة عمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بحجم كمي يقدر بـ4.2 مليون طن سنويًا تمتد لمدة 15 عامًا قابلة للتمديد، وتدعم هذه الشراكة استدامة سلاسل الإمداد وتقليل مخاطرها وتحقيق النمو الصناعي مع الالتزام بالمسؤولية البيئية.
كما يشمل العقد الموقع بين حفيت للقطارات وشركتي "لارسون وتوبرو" وشركة "باور تشاينا" تصميم وبناء مرافق السكك الحديدية في البريمي وصحار، حيث سيتم تصميم هذه المرافق اللوجستية لتتعامل بكفاءة عالية وفق أفضل معايير الخدمة في مناولة مختلف الشحنات، كالمواد السائبة والحاويات والشحنات غير المعبأة، كما سيتم تجهيز محطة صحار لتقديم خدمات الصيانة والإصلاح للقطارات وعربات الشحن، مما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية طويلة المدى، والربط اللوجستي الفعّال بين مراكز التصنيع والأسواق العالمية.
ويهدف العقد الموقع بين حفيت للقطارات والمجموعة الوطنية الصينية المحدودة للسكك الحديدية (CRRC) إلى تصميم وتوريد أسطول من عربات الشحن عالية الأداء، لتمكين حركة الشحن لمختلف أنواع البضائع والحاويات عبر شبكة حفيت للقطارات، وتعكس هذه الشراكة الالتزام بالابتكار والتميز والتطوير المستدام في قطاع النقل بالسكك الحديدية.
وتأتي هذه العقود استكمالًا لبرنامج تطوير شبكة السكك الحديدية التي تربط بين سلطنة عمان ودولة الإمارات، حيث قامت حفيت للقطارات سابقًا بالإعلان عن ترسية مجموعة من العقود الرئيسية تشمل عقود الأعمال المدنية، وعقد أعمال الأنظمة والإشارة والتحكم، وعقد توريد أسطول القاطرات، وعقد مقيّم السلامة المستقل، تماشيًا مع التقدم المستمر في تنفيذ مختلف مكونات المشروع.
وتُسهم هذه الاتفاقيات الاستراتيجية في تحقيق رؤية حفيت للقطارات لبناء شبكة سكك حديدية متكاملة في المنطقة، وتعزز التجارة عبر الحدود، وتدعم التنمية الاقتصادية من خلال الاستثمار في البنية الأساسية الحديثة والعربات المتطورة، مما يضع حفيت للقطارات الأساس لقطاع لوجستي أكثر كفاءة ومرونة في المنطقة.