ألكسندر عون يكتب: لمحات تاريخية.. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. الفرع «الماركسى» للنضال ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي منظمة من اليسار الفلسطيني، مزيجًا بين جوهرها "الماركسي اللينيني" في السبعينيات والفكر الناصري القومي العربي وأيضا النضال ضد إسرائيل. وقد صمم مؤسسها جورج حبش حركة هجينة تتكيف مع الظروف المتغيرة من خلال إعادة تمركزها على الساحة الإقليمية.
لا ينفصل تاريخ جبهة التحرير الفلسطينية عن تاريخ مؤسسها جورج حبش (١٩٢٦-٢٠٠٨).
معارضة مستمرة لياسر عرفات
وقام مع أحمد جبريل، من الطائفة السنية، ونايف حواتمة، من الروم الكاثوليك، بتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيروت عام ١٩٦٧ وتقدم الحركة نفسها على أنها ماركسية وتتبع نفس الأيديولوجية التي تتبعها حركات التحرير الأخرى، مع التركيز على الكفاح المسلح. وتحت قيادة جورج حبش، طورت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خطابًا اشتراكيًا يحتضن ثورة المجتمع بأكمله، بدءًا من مخيمات اللاجئين والسكان العرب وحتى المجتمع الإسرائيلي. ومع ذلك، أحدث العنصر الماركسي انقسامًا مع المؤسسين الآخرين في عام ١٩٦٩. وسرعان ما رسخت الحركة نفسها في المجال السياسي والنشاط الفلسطيني.
ويرتبط تاريخ الجبهة الشعبية أيضًا بتاريخ حركة فتح التي يتزعمها ياسر عرفات.. لقد تعارضت المجموعتان باستمرار حول طريقة العمل والأيديولوجية التي يجب أن تتبناها من أجل فرض نفسيهما على المشهد الاجتماعي والسياسيى. ومنذ البداية، وصفت الجبهة الشعبية قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بأنها "برجوازية ورجعية"، وبالتالي دعت إلى تغيير السلطة داخلها؛ لكن جورج حبش حاول التأثير على سياسة منظمة التحرير الفلسطينية وتعاون معها حسب ما يمليه الوضع. وبعد الهزيمة العربية عام ١٩٦٧، استقرت الجماعات الفلسطينية في الأردن. وبينما يحاول عرفات إقامة علاقات دبلوماسية وتأمين تحالفات عسكرية لإرسال الأسلحة، فإن الحركات الماركسية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة حبش والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بزعامة حواتمة مسئولة عن تنفيذ هجمات، في إسرائيل أو في الخارج، بما في ذلك ضد الدول العربية وتعتبر مؤيدة للغرب حيث أدت تصرفات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الأردن إلى "أيلول الأسود" عام ١٩٧٠، لأن الحركة هي التي خططت للمحاولة المزدوجة لاغتيال العاهل الأردني الملك حسين، والتي أدت إلى القمع الرهيب للفلسطينيين ونفيهم إلى لبنان وأجبر هذا الحدث عرفات على وضع حد لتمويل منظمة التحرير الفلسطينية من قبل عدة دول عربية ولذلك، في هذا السياق تم طلاق المجموعتين الفلسطينيتين.
حزب يقترب من الإسلاميين
وتستمر الخلافات بين عرفات وحبش مع مرور الوقت إضافة إلى أن أساليب العمل والاستراتيجية والتحالفات أو التقاربات المختلفة (مع مصر أو الأردن، تعكس اختلافات عميقة، في فلسطين والأردن ولبنان على وجه الخصوص. وفي أعقاب الهجمات وعمليات الاختطاف التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يدين لبنان الحركة خوفًا من الانتقام الإسرائيلي. وفي هذه الأثناء استنكر التعاون مع الحكومات العربية، وأطلق شعاراته الشهيرة: "الطريق إلى تل أبيب يمر عبر عمان وبيروت". واتخذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مقرًا لها لبعض الوقت في دمشق وطرابلس وبغداد، لكن أفعالها جعلت الدفاع عنها أقل فأقل. وفي الحقيقة، عارض حبش بشدة أي تسوية مع العدو أو حتى أي تفاوض في هذا الاتجاه. وانسحب من المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٧٤، وشكل في العام نفسه «جبهة الرفض» ضد ياسر عرفات.
وشاركت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العديد من الأعمال ضد المصالح الغربية والإسرائيلية في جميع أنحاء العالم. واتهمت إسرائيل حركة حبش برعاية الهجوم على مطار اللد بتل أبيب، عام ١٩٧٢ (ستة وعشرون قتيلًا)، وبأنها أمرت بالهجوم ضد ركاب شركة العال في أورلي عام ١٩٧٨ (قتل اثنان، أحدهما ضابط شرطة فرنسي)، ثم الهجوم على المعبد اليهودي في شارع كوبرنيك في باريس عام ١٩٨٠ (قتيلان وسبعون جريحًا). ولا يزال أشهر عمل عسكري للحركة هو ما حدث عام ١٩٧٦ عندما تم اختطاف رحلة الخطوط الجوية الفرنسية بين تل أبيب وباريس بمساعدة الخلايا الثورية القريبة من "عصابة بادر". ثم تم احتجاز حوالي ٢٤٠ شخصًا كرهائن في أوغندا. وقادت القوات الخاصة الإسرائيلية غارة عنتيبي لتحريرهم. وقتل شقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي يوناتان نتنياهو خلال القتال. وفي أوروبا، لم تخف العديد من الجماعات المتطرفة اليسارية المسئولة عن عدة هجمات في ألمانيا دعمها للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باسم النضال ضد الإمبريالية.
انضم حبش إلى معارضة عرفات بشكل دائم بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣. بالنسبة له، فإن هذه الاتفاقيات أدت إلى تهميش اللاجئين الفلسطينيين، بحسب زعمه. ورغم استقالته عام ٢٠٠٠، ظلت الحركة تنشط في غزة والضفة الغربية على المستوى العسكري من خلال كتائب أبو علي مصطفى، التي سميت على اسم أمينها العام الذي قتلته إسرائيل عام ٢٠٠١.
وحتى لو فقدت الجبهة الشعبية نفوذها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، فإنها تظل حركة معارضة ضد حركة فتح التي يتزعمها محمود عباس. ونظرًا للأسلمة المتفشية للحركات الفلسطينية، تكيفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع الوضع الجيوسياسي الجديد من خلال الاقتراب من حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وكلهم لديهم وصاية من سوريا وإيران.
ألكسندر عون: صحفى فرنسى لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يقدم لنا لمحة تاريخية عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومؤسسها جورج حبش.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فلسطين اليسار الفلسطيني إسرائيل الجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین منظمة التحریر الفلسطینیة عام ١٩٦٧
إقرأ أيضاً:
الهيئة الدولية لدعم فلسطين: إسرائيل ليس لديها صلاحيات للتحكم في مصير «الأونروا»
قال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، إنّ الاحتلال الإسرائيلي ليس لديه صلاحيات في التحكم بمصير «الأونروا»، واصفا الأمر بـ«المهزلة»، موضحا أن دولة الاحتلال مثل باقي دول العالم ويجب أن تكون ملتزمة بقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف «عبد العاطي»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ إسرائيل عليها الالتزام بالاتفاقات الدولية، لكن لم تفعل ذلك طوال فترة الصراع، مشيرا إلى أن هذا يعود للدعم الأمريكي المساند لإسرائيل، والنفاق الغربي الذي وصل حد الشراكة من قبل بعض الدول الاستعمارية، وظهر ذلك في حرب الإبادة الجماعية.
وتابع: «يجب أن يستمر عمل وكالة الأونروا وأن يُستدام عملها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، لكن رأت إسرائيل وأمريكا أن بقاء الوكالة هو شاهد على النكبة، ويعزز صمود الفلسطينيين، بالتالي بدأت محاولات شيطانتها واتهامها بالإرهاب».
ولفت إلى أنّ الأونروا تعتبر الشريان الرئيسي لتدفق المساعدات الأساسية وتوزيعها في قطاع غزة، إذ لعبت دورا كبيرا لتكون صديقة للشعب الفلسطيني.