تتميّز سلطنة عمان بفرصها الاقتصادية والاستثمارية التي باتت محط أنظار المستثمرين الأجانب مما زاد من تدفق حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومع تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان وتحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد العماني الذي كان حافزا لاستقطاب المزيد من الاستثمارات المتنوعة، تتواصل الجهود الحكومية بوتيرة متسارعة للبحث عن شراكات اقتصادية واعدة في كل من الهند وسنغافورة تزامنا مع زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه، هذه الشراكات الاقتصادية الجديدة بين سلطنة عمان وكل من سنغافورة والهند تهدف إلى تنمية الاقتصاد العماني والارتقاء به إلى مستوى الاقتصادات الكبرى عالميا، إنها مرحلة جديدة من مراحل تطور الاقتصاد العماني ونموّه وتنميته عبر الدخول في شراكات اقتصادية واستثمارية جديدة مع الهند وسنغافورة وهما من أكبر الاقتصادات العالمية نموا وتطورا خلال السنوات الماضية، فهذه المرحلة الاقتصادية الجديدة التي تمر على الاقتصاد العماني يقودها جلالة السلطان المعظم -أعزه الله- بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين بفضل قيادته الحكيمة، فمنذ تسلّم جلالته -أعزه الله- مقاليد الحكم في البلاد منذ نحو 4 سنوات والاقتصاد العماني في تطور ونمو وازدهار فالسياسات المالية والنقدية المتخذة منذ أزمة انخفاض أسعار النفط والشلل الذي أصاب القطاعات الاقتصادية جراء تفشي فيروس كورونا 19 استطاعت المالية العامة للدولة أن تتخلص من عبء 5 مليارات ريال عماني من الديون وإعادة هيكلة ديون أخرى للتخلص من معضلة خدمة الدين وهناك جهود مباركة يقوم بها الجهاز الإداري للدولة لضبط الإنفاق الحكومي وتجويده ليصل بالدين العام إلى المستويات الآمنة التي حددتها حكومة سلطنة عمان وهي بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، فهذه الجهود المبذولة تستحق منا الشكر والتقدير على ما تحقق من إنجازات في القطاعات الاقتصادية التي تسهم في تقليل الاعتماد على مصدر واحد أو سلعة واحدة في الناتج المحلي الإجمالي، فنحن اليوم ننظر بكل ارتياح واطمئنان لما تقوم به الدبلوماسية الاقتصادية من جهود كبيرة للانفتاح على الاقتصادات الواعدة وجلب مزيد من الاستثمارات، فلا يكاد تمضي فترة إلا سمعنا من وسائل الإعلام الرسمية أخبارا بالتوقيع على اتفاقيات أو مذكرات تفاهم بهدف الحصول على شراكات اقتصادية واعدة تسهم ببناء اقتصادي قوي لا يتأثر بالصدمات الاقتصادية المفاجئة ويستقطب استثمارات كبيرة متنوعة قادرة على توطين بعض الصناعات في سلطنة عمان وقادرة على إيجاد فرص عمل للباحثين عن عمل وداعمة للقوة الشرائية ومحفّزة لبعض الصناعات الأخرى عبر الاستفادة من التكنولوجيا والتطور التقني التي تمتاز به هذه الاقتصادات الكبرى.
فتطور الاقتصاد عموما لا يمكن قياسه خلال فترة قصيرة ولكن نستطيع أن نختبر قوته ومتانته عند التعرض لصدمات اقتصادية خارجية سواء نتيجة عوامل مرتبطة بالاقتصاد وأثرت على الاقتصاد الكلي والجزئي أو بسبب عوامل خارجية أو غير مرتبطة بالاقتصاد سواء كانت صحية أو سياسية مثل ما حدث خلال تفشي جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، ولذلك في ظل عدم استقرار الاقتصاد العالمي بسبب الأحداث المتسارعة فإن البحث عن شراكات اقتصادية بات أمرا مهما خاصة مع كثرة الحديث عن بدء تكوّن نظام اقتصادي عالمي جديد سيكون لبعض الاقتصادات دور كبير في تكوينه واستدامته.
إن وجود بعض الشراكات الاقتصادية يعد مكسبا اقتصاديا ومجتمعيا للدول فمثلا الحصول على الاستثمارات يساعد على الاستفادة من التطور التقني لتوظيفه في الصناعات المحلية وكذلك توليد فرص عمل أكبر وكذلك تعزيز القوة الشرائية ودخول سلع ومنتجات منافسة لإيجاد تنافسية في السوق، وأرى انفتاح سلطنة عمان على الأسواق الآسيوية المتطورة سينعكس إيجابا على تنمية الاقتصاد العماني ومستوى الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة وأن سلطنة عمان قامت بجملة من التعديلات في القوانين التجارية والتسهيلات الاستثمارية إضافة إلى جهودها في تهيئة المناخ المناسب لجلب المزيد من الاستثمارات مثل تطوير البنى الأساسية في المناطق الاقتصادية المختلفة، ومع توقيع سلطنة عمان اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع جمهورية الهند وإنشاء الصندوق المشترك الثالث بحجم 300 مليون دولار الذي سيستثمر في قطاعات متنوعة تستهدف تعزيز محفظة الأجيال والمساهمة في تحقيق الاستدامة المالية مما يشير إلى عزم الدولتين للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب وإلى مستوى يحقق تطلعات شعبي البلدين الصديقين.
هناك العديد من الفوائد التي ستنعكس على اقتصادات سلطنة عمان وكل من جمهورية سنغافورة وجمهورية الهند، فالشركات الهندية ذات الكفاءة العالية في الإنتاجية والتوسع في كافة أنحاء العالم حظيت بقبول على حد ما في المنتجات والسلع مما زاد الطلب عليها وكذلك وجود القوى العاملة الهندية الماهرة في بعض المهن والوظائف يسهم في نقل هذه الخبرات إلى سلطنة عمان والاستفادة منها في تحسين وتطوير بيئة العمل وكذلك لتطوير القطاع الخاص وتنميته.
نسأل الله التوفيق والنجاح لكافة الجهود المبذولة في سبيل الارتقاء بعمان وأبنائها إلى مستوى طموحاتهم، حفظ الله جلالة السلطان المعظم وجعله ذخرا لعمان وأبنائها الكرام.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصاد العمانی شراکات اقتصادیة سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
أستاذ في الاقتصاد الزراعي: إضافة 4 ملايين فدان قصة نجاح جديدة للدولة
قال الدكتور أشرف كمال، أستاذ في الاقتصاد الزراعي ، إن إضافة 4 ملايين فدان إلى الرقعة الزراعية تكشف قصة نجاح الدولة، وتعكس جهود الدولة للنهوض بالقطاع.
زيادة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجيةوأضاف خلال مداخلة هاتفية على قناة «إكسترا نيوز»: «زيادة الرقعة الزراعية يعمل على زيادة درجة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، وتحقيق درجة أعلى من الأمن الغذائي للمواطنيين».
فرص واعدة في مجال التصديروأضاف أن مصر لها فرص واعدة في مجال تصدير الحاصلات الزراعية بشكل كبير، وقد كانت الصادرات الزراعية المصرية قصة نجاح خلال الثلاثة أعوام الماضية، حتى منذ جائحة كورونا، واحتلت مصر المرتبة الأولى في تصدير الموالح عالميًا، مشيرا إلى أن الصادرات الزراعية تجاوزت 7 ملايين طن بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار.