هذا ما منحته الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل عندما سارعت في الحادي عشر من الشهر الجاري باستخدام "الفيتو" ضد مشروع القرار الذي طرح في مجلس الأمن وكان يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة بعد أن أودت حرب إسرائيل المستعرة منذ السابع من أكتوبر الماضي بأرواح 19 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من خمسين ألفا.
الولايات المتحدة هي التي أعانت إسرائيل من أجل أن تتمكن في النهاية من تحقيق ما تريده. تبع ذلك نجاح أمريكا في حسم الموقف في الكونجرس ليجري الإقرار ببيع نحو 14 ألف قذيفة دبابات لإسرائيل بشكل عاجل. وعوضا عن هذا أكد المسؤولون الأمريكيون عدم وجود خطط لفرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل أو النظر في حجب بعضها. وظهرت صفقة السلاح وكأنها نسخة جديدة من هيروشيما ولكن بدون النووي، فكما أرغمت هيروشيما اليابان على الاستسلام في يوم من الأيام فإن إسرائيل اليوم سترغم غزة على الاستسلام. ولا شك أن "إدارة بايدن" تدرك مدى خطورة الأوضاع في غزة، ولكنها لا تخجل حين يتعلق الأمر بمصالحها وأهدافها، ليأتى تبريرها القبيح بأن وقف الحرب سيزرع بذور حرب جديدة، ولهذا فهي حريصة على أن تنجح إسرائيل في مهمتها وتتمكن من إبادة الشعب الفلسطيني وتدمير مقدراته.
الغريب أن الولايات المتحدة التي منحت إسرائيل رخصة الإبادة الجماعية والتدمير الكامل للبنى التحتية، تقوم بالتغطية على جرمها عندما تحث إسرائيل على بذل الجهود لحماية المدنيين الفلسطينيين. ولا أدرى كيف يتم ذلك إذا كان القصف يتم لاجتثاث كل المباني والمرافق. كما أن الفلسطينيين إذا لم يموتوا بالقصف سيموتون بسبب معاناتهم من البرد والجوع وتدهور الأوضاع في غزة التي تحولت إلى ركام مع شح الغذاء والماء والدواء، فضلا عن مطاردة إسرائيل لهم على غرار ما حدث في " خانيونس" جنوبي غزة عندما اجتاحت الدبابات الإسرائيلية المدينة واضطر مئات الآلاف من سكانها إلى اللجوء إلى الملاجئ بعد مطالبة إسرائيل لهم بالانتقال إلى منطقة أخرى. وانتقدت منظمات الإغاثة الدولية الخطوة نظرا لصغر المنطقة وكونها لا تضم إلا عددا قليلا من الأبنية، وليس لها بنية تحتية يمكنها أن توفر الاحتياجات الإنسانية الأساسية لهؤلاء الفلسطينيين. كما بادرت منظمة "الأونروا" فحذرت من أن بقية قطاع غزة باتت على شفا انهيار كامل للنظام المدنى بالنظر إلى الدخول المحدود للمساعدات الإنسانية.
الوضع كارثي في غزة، وهو ما حدا بمسؤول الاتحاد الأوروبي إلى أن يقول: "ما تشهده غزة اليوم من دمار أفظع بكثير مما حدث فى الحرب العالمية الثانية". وتظل الولايات المتحدة هي المدانة فيما آلت إليه الأمور، فهي التي فتحت المجال أمام الكيان الصهيوني ليمضي في ارتكاب جرائم الحرب التي أودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين. ولهذا يتعين اليوم أن تحال الولايات المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبتها على جريمة القرن التي شجعت إسرائيل على ارتكابها عبر "الفيتو" الذي استخدمته ضد وقف إطلاق النار، لتكون جريمة مكتملة الأركان ضد الشعب الفلسطيني. وليس هذا هو الفيتو الأول، فلقد اعتادت أمريكا على استخدامه حين يتعلق الأمر بقرارات لا تتفق واستراتيجيتها ومصالح حلفائها. وبذلك تكون قد أكدت أنها المسؤول الأول عن الجرائم التي ترتكبها حليفتها إسرائيل في المنطقة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
روسيا تستخدم الفيتو ضد قرار يدعو لوقف إطلاق النار بالسودان
استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو)، اليوم الاثنين، لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية بالسودان وحماية المدنيين من النزاع الذي يمزق البلاد منذ أبريل/نيسان 2023.
وكان مشروع القرار يدعو الأطراف إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية والالتزام بحسن نيّة بحوار من شأنه أن يسمح بالمضي قدما نحو خفض التصعيد بهدف الاتفاق على وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني بشكل عاجل".
وناقش مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أعدته كل من بريطانيا وسيراليون دعا الأطراف إلى "وقف الأعمال العدائية على الفور والانخراط، بحسن نية، في حوار للاتفاق على خطوات لتهدئة الصراع بهدف الاتفاق بشكل عاجل على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني".
كما دعا الطرفين إلى "التنفيذ الكامل للالتزامات التي تم التعهد بها عام 2023 لحماية المدنيين، ووقف ومنع العنف الجنسي المرتبط بالصراع، والسماح بوصول إنساني سريع وآمن ومن دون عوائق إلى السودان وفي جميع أنحائه".
ودعا مشروع القرار أيضا الدول الأعضاء إلى تجنب أي "تدخل خارجي يثير الصراع وعدم الاستقرار ويحث جميع الأطراف على احترام الحظر المفروض على نقل الأسلحة إلى دارفور".
وطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش النظر في نظام محتمل "للمراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار".
واندلع صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023 قبل انتقال مزمع إلى الحكم المدني، مما أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشرد أكثر من 11 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 3 ملايين فروا من البلاد، وفقا لأرقام الأمم المتحدة التي ذكرت أن 26 مليون شخص في السودان يواجهون نقصا حادا في الغذاء.