انتهت الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وسط مؤشرات وتوقعات واضحة بفوز الرئيس السيسي بفترة جديدة فى الحكم، فماذا يريد المصريون من رئيسهم فى السنوات الست المقبلة؟
بلا شك سيكون أمام الرئيس فى ولايته الجديدة مهمة أساسية هى إنعاش الاقتصاد المصرى ليعبر أزماته بأفكار جديدة وسياسات نقدية ومالية تضمن تحقيق درجة من السيولة الضرورية للعملات الأجنبية التى ما زالت تحدد مدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها فى التوقيتات الصحيحة.
على مستوى بناء الإنسان يأمل أهل مصر فى سنواتهم المقبلة أن يزداد اهتمام الدولة بهذا الملف المهم وبمحددات بناء الشخصية المصرية لنشهد تطويرًا فى أداء الوزارات التى تضطلع بتلك المهمة كالتعليم والصحة والثقافة والشباب والأوقاف والإعلام. نحتاج الى طفرة فكرية تعيد لمصر تميزها وريادتها فى تلك المجالات لنقدم للأجيال الشابة فكرًا وفنا وتعليما وخطابا دينيا وإعلاميا يتواكب مع العصر والانفتاح التكنولوجي ويكون جاذبا للعقول المتطورة التى يتميز بها شبابنا اليوم.
على المستوى السياسي يأمل المصريون فى حراك سياسي حزبي قائم على التعدد وتنوع المدارس الفكرية وحرية الرأى، وتقديم أهل الخبرة والرؤية على أهل المال ليكون لدينا حياة سياسية صحية لا غنى عنها لاستمرار مسيرة هذا الوطن، ولجذب الشباب نحو المشاركة الفعالة فى بناء دولتهم وزيادة الاهتمام بقضاياهم المهمة، نريد من الرئيس شكلًا جديدًا للعمل السياسي والحزبي حتى لو استلزم الأمر وجود أحزاب جديدة، أو خلق آلية فعالة تضمن حدوث الاندماج لكثير من الأحزاب الصغيرة معًا فى شكل أحزاب لها ثقل وانتشار على الأرض بعد سنوات عشناها مع عدد كبير من الأحزاب لا يعرف المواطن أغلب أسمائها.
ملفات كثيرة ستكون على مكتب الرئيس فى ولايته الجديدة حتى نشهد معه بداية سنوات الحصاد لما بناه المصريون طوال عشر سنوات ماضية بالعرق والصبر، من أجل دولة قوية متماسكة، وشعب يتمتع بالمقومات المهمة للحياة، وتكافل بين طبقات المجتمع، وثراء فكرى يأخذ الجميع نحو هوية مصرية راسخة لاسبيل سوى إعادة تنشيطها حتى يسير المصرى فى أى بلد أجنبي فيعرف الجميع أنه مصري قادم من أرض الحضارة والتاريخ (مصر)..
على بركة الله ولتمضِ السفينة إلى بر الأمان، فهذا هو قدرنا، وهذه هى مصر التى جاءت ثم جاء التاريخ.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
موازين القوى فى طريق التغيير
لا شك أن العالم أدرك يقينًا كذب واستبداد وتسلط وحقارة الدول الكبرى التى تحكم وتتحكم فى العالم، ازداد الوعى العالمى وتجلت أمام الجميع حقيقة الذئاب التى تنهش، والمتآمرون الذين انتهكوا كافة القوانين الدولية والإنسانية من أجل أن يعيشوا وحدهم فى الأرض.
ولكن هل يظل العالم كما هو تحكمه قوى الشر والظلام، مدعو الديمقراطية وحقوق الإنسان؟، بالطبع لا، العالم سيتغير خلال سنوات وموازين القوى ستتغير وكم من إمبراطوريات وممالك عظيمة سقطت وأصبحت ماض يذكرها التاريخ فقط.
المشهد العالمى الآن غامض وإن كنا على يقين أن للظلم نهاية، وأن كثيرين سيخرجون من عباءة الشيطان الذى نصب من نفسه شرطيًا على العالم فخطط وأفسد وارتكب مذابح تحت زعم محاربة الإرهاب، سيتكتلون ضده حتى يحرقونه كما أحرق ودمر دولًا وشعوبًا وسيذهب إلى مذبلة التاريخ.
المتابع لما يدور فى العالم يدرك أن تغيير موازين القوى قادم لا محالة، ولنضرب أمثلة صغيرة ببعض الأحداث التى قد تبرهن على هذا التغيير، فقد أجريت منذ أيام انتخابات برلمانية فى اليابان وجورجيا وجاءت النتائج عكس كل التوقعات لتثبت أن الكتلة الشرقية سوف تجذب مزيدًا من المؤيدين وسيكون لها شأن آخر خلال السنوات المقبلة.
فى اليابان لقى الحزب الليبرالى الديمقراطى الحاكم، القابع فى السلطة منذ سنوات خسارة كبيرة، حيث حصل على أقل من 18% من الأصوات، والسبب سخط شعبى نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، وضعف الين، والتضخم، المثير أن من فاز هو الحزب الدستورى المعارض
والذى ينتمى للوسط ويميل للصين وهذا يشير إلى بدء تغير قواعد اللعبة فى اليابان.
وفى جورجيا شكلت نتائج الانتخابات البرلمانية ضربة قوية للجورجيين المؤيدين للغرب، الذين اعتبروا الانتخابات اختيارًا بين الحزب الحاكم الذى يوطد علاقاته مع روسيا والمعارضة التى كانت تأمل فى تسريع التكامل مع الاتحاد الأوروبى، فقد حصل حزب الحلم الجورجى الحاكم الموالى لروسيا على أكثر من 54%، ورفضت المعارضة الاعتراف بالهزيمة، بل ورفضتها رئيسة جورجيا سالوميه زورابيشفيلى الفرنسية التى تخلت عن جنسيتها، ولم تكتف بالرفض بل دعت الشعب للتظاهر رفضًا لنتيجة الانتخابات معرضة بلدها لخطر الفوضى.
وبالطبع نتيجة الانتخابات فى اليابان وجورجيا ليست فى صالح أمريكا التى تعد اليابان إحدى أذرعتها وسط النمور الأسيوية، وعلى الـطرف الآخر يشكل خروج جورجيا من الاتحاد الأوروبى خطرًا على الكتلة، فربما تقدمت دولًا أخرى بطلبات للخروج من هذا التكتل كل حسب مصالحه، وما زال خروج بريطانيا من التجمع شبحًا يهدد هذا التحالف بالانهيار.
علمنا التاريخ أنه لا شىء يستمر مهما كانت قوته وجبروته، كما أن كل فترة تظهر قوى تحكم وتسيطر وتختفى بعد سنوات من الظلم والطغيان، وأعتقد أنه آن الأوان لهذه القوى المتغطرسة الشريرة التى تعادى الإنسانية أن تذهب إلى غير رجعة.
حفظ الله مصر من كل سوء
[email protected]