منذ فترة قرأت مقالاً للكاتبة الأمريكية إرما بومبيك Erma Bombeck بعنوان: لم يكن أبي يفعل شيئًا، فلماذا افتقدته؟!
جاء فيه: في الصغر فكرت أن الأب مثل مصباح الثلاجة موجود في كل بيت ولا يعرف أحد ماذا يفعل حين يغلق باب الثلاجة!!
كان أبي يغادر البيت كل صباح، ثم يبدو سعيدًا برؤيتنا حين يعود في المساء، كان مشغولاً دائمًا، يقطع الأغصان المتشابكة أمام المنزل لنتمكن من الدخول والخروج، ويتعرض للكثير من وخز الأشواك دون شكوى، يفتح غطاء (برطمان المخلل) دون مشقة رغم عجز الجميع عن ذلك!! يشد حبال الغسيل المرتخية لتتمكن أمي من استخدامها، يضع الزيت على عجلات مزلاجي لأستطيع التزلج بسرعة وسهولة.
لقد ركض بجوار دراجتي ما يقرب من ألف كيلومتر على الأقل حتى تعلمت قيادتها والسيطرة عليها بمفردي، كما قام بالتوقيع مرارًا على شهاداتي الدراسية، والتقط لي عددًا لا يحصى من الصور، ولم يظهر في واحدة منها.
حينما يمرض أحدنا كان يهرع فورًا لإحضار الدواء، لكنه حينما يجرح وجهه أثناء حلاقة ذقنه لا يجد اهتمامًا، ولا يقبله أحد لمواساته.
في يوم أعددت له الشاي عبارة عن ماء مذاب به سكر دون شاي، وبالرغم من ذلك بدا مرتاحًا جدًّا في مقعده وهو يخبرني أن الشاي لذيذ المذاق.
كان يستطيع النزول بمفرده إلى القبو!! وكنت أخاف من آباء كل أصحابي ولا أخاف من أبي.
أثناء لهوي، كنت أعطي الدمية الأم مهام كثيرة، ولم أكن أعرف ماذا يفعل الدمية الأب، فأجعله يقول: أنا ذاهب للعمل، ثم أقذف به تحت السرير.
في التاسعة من عمري لم ينهض أبي ليذهب إلى العمل، ونقل إلى المستشفى ولم يعد!! فأسرعت إلى حجرتي باحثة تحت السرير عن الدمية الأب، ونفضت عنه الغبار، ووضعته على الفراش.
لم أكن أتصور أن ذهابه سيؤلمني إلى هذا الحد، ومازال يؤلمني جدًّا حتى الآن، وأفتقده.
تأثرت كثيرًا بهذا المقال، ورغم نشره منذ سنوات بعيدة إلا أنه مازال صالحًا للنشر خاصة في ظل هشاشة العلاقات الأسرية الناتجة عن ظروف العصر التكنولوجي، ونظرة الأبناء إلى ما يبذله الأب من جهد وتعب باعتباره سلوكًا نمطيًا عاديًّا، فلا يقدرونه حق التقدير إلا حينما يصبحون بدورهم آباء، أو حينما يرحل الأب فينتبهون لما فقدوه بغيابه.
لعل المقال يكون جرس تنبيه، ودعوة إلى تكريم الأب، وتقديره قبل فوات الأوان.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الاحتفال بعيد رئيس الملائكة ميخائيل بالعاشر من رمضان
احتفلت كنيستا السيدة العذراء مريم، ورئيس الملائكة ميخائيل للأقباط الكاثوليك، بالعاشر من رمضان، بعيد رئيس الملائكة ميخائيل، وسبقها الرياضة الروحية لشعب المسيح بعنوان: "الفضائل الإلهية: الإيمان والرجاء والمحبة".
دار اليوم الأول من الرياضة الروحية حول "الإيمان"، من خلال عظة الأب عمانوئيل محروس، راعي كنيسة العائلة المقدسة، بكوم غريب، بسوهاج، كما أقيمت صلوات رفع البخور مع الأب چيروم نصير، راعي كنيسة السيدة العذراء أم النور، بالقطنة والأغانة، بسوهاج.
وفي اليوم، ألقى العظة الروحية الأب چوڤانِّي قاصد خير، راعي كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل، بالعاشر من رمضان، عن الرجاء، شارحًا رسالة قداسة البابا فرنسيس ليوبيل الرجاء "الرجاء لا يخيِّب".
كذلك، قدم الأب الأب چوزيف زكريا، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم، بالعاشر من رمضان تأملًا روحيًا للحاضرين بعنوان "المحبة وكيف نعيش ثمارها مع الإيمان والرجاء".
واختتمت الرياضة الروحية بالقداس الإلهي، احتفالًا بعيد رئيس الملائكة ميخائيل، بكنيسته للأقباط الكاثوليك، بالعاشر من رمضان بمشاركة الأب چوفاني قاصد خير، والأب چوزيف زكريا، وبحضور شعب الكنيستين.
وفي ختام الحفل، شكر الآباء شعب الكنيسة، وبالأخص الشباب، لمساهتمهم في قيام هذا المحفل، بل وأيضًا، لمساهمتهم في تلبية احتياجات الكنيسة.