لندن-راي اليوم يعقد المغرب اجتماعات مع الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع المقبل لبحث اتفاقيات وبروتوكولات جديدة بشأن الصيد البحري، في وقت تنتهي الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين منذ أربع سنوات في 18 يوليو/ تموز الجاري. وسيصبح بمقدور المغرب تعديل بعض البنود في الاتفاقيات التي يجب أن تراعي مصالح المواطن المغربي في المقام الأول، في حين أن السابقة كانت توفر مكاسب أكبر للجانب الأوروبي.
وقال خبيران مغربيان إن الرباط تعمل ضمن المراجعات المرتقبة للاتفاقيات مع الجانب الأوروبي على مراعاة المصالح المغربية في المقام الأول. ودخلت اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وبروتوكول التنفيذ المرتبط بها حيز التنفيذ في 18 يوليو 2019، وتسمح لـ128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي من إسبانيا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا وهولندا وإيرلندا وإيطاليا والمملكة المتحدة بالصيد في المياه المغربية. وتنتهي الصلاحية القانونية للبروتوكول في 18 يوليو الجاري؛ وهو ما دفع لويس بلاناس، وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، إلى مطالبة الاتحاد الأوروبي بتفعيل إجراءات الدعم لمساعدة أسطولها. وأكد وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، أن المغرب سيقرر بشأن مستقبل التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري على ضوء التقييم الذي ستقوم به الحكومة. تأكيد رسمي وأوضح بوريطة – خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الوزاري الثالث للدول الأفريقية الأطلسية – أن “اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تزال سارية المفعول. ولفت بوريطة إلى أن “هناك تفكيرًا جاريًا داخل الحكومة المغربية يأخذ ثلاثة معايير في الاعتبار”. الاعتبار الأول “ذو طبيعة نظرية”، مشددًا على أن مغرب اليوم، وفقًا للرؤية والسياسة الخارجية اللتين رسمهما العاهل المغربي الملك محمد السادس، يعطي الأولوية لشراكات “ذات قيمة مضافة أكثر وضوحًا”. وبشأن مراجعة البروتوكولات مع الجانب الأوروبي قال الخبير المغربي، محمد عطا الله، إن الاتفاقيات الموقعة سابقا لا تأخذ بعين الاعتبار متطلبات المواطن المغربي وأمنه الغذائي. وأضاف في حديثه مع “سبوتنيك” أن المغرب يزخر بموارد سمكية هائلة بحكم وجود بحرين (ضفة على البحر الأبيض المتوسط وضفة على المحيط الأطلسي) بما يمثل أكثر من 3500 كيلوميتر من السواحل. وأشار إلى أن أثمان السمك في الأسواق الداخلية مرتفعة جدا بالنسبة للمواطن المغربي المتوسط، في ظل الاتفاقيات الحالية. مراجعة مهمة بشأن مراجعة الاتفاقيات مع الجانب الأوروبي وما يمكن للمغرب العمل عليه ضمن الاتفاقيات الجديدة، أشار عطا الله إلى أنه “على الإدارة المغربية إيجاد الحلول في اتفاقياتها مع الدول الأخرى في أوروبا أو آسيا لأخد كميات محددة، وأنواع محددة من الأسماك وفي الأوقات المحددة من السنة حتى يحافظ المغرب على ثروته السمكية، ويضمن للسوق المحلية الكمية، والتنوع من الأسماك المتواجدة في مياهه”. من ناحيته، قال الخبير المغربي في شؤون البيئة، محمد بنعبو، إن انتهاء الاتفاقيات بين الجانبين دائما تتطلب الجلوس على طاولة المفاوضات للنظر في تقييم الآليات. تطوير نقاط الضعف وأضاف في حديثه مع “سبوتنيك” أن الهدف من الجلوس على الطاولة هو الوقوف عند نقاط الاستفادة للجانبين، وتطوير نقاط الضعف، لتصبح الشراكة أكثر نجاعة للطرفين، وكذلك العمل على وضع آليات وخطط للحفاظ على الثروة السمكية. وفق بنعبو فإن المغرب منخرط وملتزم بالاتفاقيات الخاصة بالحفاظ على الثروات السمكية. ولفت إلى أن الاجتماعات المرتقبة تعمل على تحسين وضعية البروتوكولات بين البلدين، لتصبح ضمن آلية (رابح-رابح)، وتحقق نتائج إيجابية للجانب المغربي ضمن الاستراتيجيات والآليات التي حددها المغرب، وتعلي مصالحه في المقام الأول في الاتفاقيات والشراكات التي تعقد”. وفي سبتمبر/ أيلول 2021، قضت المحكمة العدل الأوروبية بإيقاف سريان الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والتي تشمل منتجات زراعية وسمكية. وتسمح هذه الاتفاقية السارية حالياً لنحو 128 سفينة أوروبية بدخول المياه المغربية على المحيط الأطلسي لصيد جزء من الفائض المتاح مقابل تعويض مالي يناهز 208 ملايين يورو (2.3 مليارات درهم) لمدة أربع سنوات؛ كما تلزم الاتحاد بالمساهمة في تمويل حكامة الصيد البحري وتنميته محليا، وفق “هسبريس”. وبحسب الاتفاقية، يتم العمل بنظام الحصص عندما يتعلق الأمر بالصيد الساحلي، إذ تصل الحصة إلى مائة ألف طن في السنة لبعض أنواع السمك، ويشترط إركاب البحارة المغاربة على متن سفن الاتحاد الأوروبي (ما بين 2 إلى 6 بحارة للسفينة)، وتفريغ نسبة من الكميات التي تصطادها في الموانئ المغربية بين 25 و30 في المئة.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الاتحاد الأوروبی
الصید البحری
إلى أن
إقرأ أيضاً:
المفوضية الأوربية تنشر خارطة المملكة المغربية كاملة بصحرائها على بوابتها الرسمية
زنقة 20. الرباط
لفت تقرير حديث صادر عن المديرية العامة للشؤون البحرية والصيد البحري (DG MARE) التابعة للمفوضية الأوروبية بشأن أداء قطاع الصيد البحري لعام 2022 الأنظار، ليس بسبب أرقامه، بل بسبب الخريطة المرفقة التي تمثل المملكة المغربية.
تُظهر الخريطة، المرفقة ضمن التقرير، المغرب موحداً، ممتداً من حدوده الشمالية إلى مدينة الكويرة جنوباً، دون أي خطوط فاصلة أو تظليل أو تعليقات توحي بوجود تقسيم ترابي.
وتتناقض هذه الصورة مع الحذر المعتاد للمؤسسات الأوروبية في التعامل مع هذا الموضوع الحساس، بالنظر إلى التداعيات الدبلوماسية المرتبطة بقضية الصحراء المغربية.
إن غياب التمييز أو التحفظ في خريطة DG MARE، والتي تعكس ببساطة الواقع الإداري للمملكة المغربية على الأرض، اعتبره بعض المراقبين مؤشراً على تحول محتمل في موقف المفوضية الأوروبية.
ويأتي هذا النشر في سياق تحوّل تدريجي في تمثيل خريطة المغرب داخل الوثائق الرسمية لعدد من القوى الغربية.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، أُجريت تعديلات حديثة على الخرائط الرسمية شملت دمج الأقاليم الجنوبية بدون فواصل، وهو ما يُفسَّر على نطاق واسع بأنه دعم قوي للسيادة المغربية على المنطقة.
ورغم أن خريطة DG MARE لا تصدر عن هيئة دبلوماسية، إلا أن دلالتها لا يمكن تجاهلها، إذ أن الخيارات البصرية في العلاقات الدولية نادراً ما تكون بريئة.
أما من حيث مضمون التقرير، فقد أشار إلى الأداء الجيد لقطاع الصيد البحري المغربي خلال عام 2022، حيث بلغت الكميات المصطادة نحو 1.6 مليون طن، بزيادة قدرها 11٪ مقارنة بعام 2021، ويُعزى هذا النمو أساساً إلى وفرة سمك السردين الأوروبي، الذي ارتفعت كمياته بنسبة 25٪.
كما تطرق التقرير إلى قطاع تربية الأحياء المائية في المغرب، الذي لا يزال متواضعاً من حيث الحجم (2300 طن)، لكنه يتميز بقيمة مرتفعة للأنواع المستزرعة، حيث تمثل محار المحيط الهادئ(Crassostrea gigas)، وثعبان الماء الأوروبي (Anguilla anguilla)، وأسماك البلطي النيلي (Oreochromis niloticus) ما نسبته 87٪ من الإنتاج.
وقد تم نشر هذه المعطيات، إلى جانب الخريطة المعنية، على الحساب الرسمي لـ @EU_MARE على منصة “إكس” (تويترسابقاً). ورغم غياب أي تعليق رسمي حول مسألة الحدود أو التمثيل الترابي، فإن هذا الصمت، بدلاً من أن يقلل من أهميته، يعزّز دلالته.
ففي الوقت الذي يمكن أن يتسم فيه الخطاب الدبلوماسي بالغموض، تأتي الخرائط لتعبّر بشكل مباشر عن موقف واضح. ومن خلال إظهار المغرب ككيان إداري موحد، فإن الاتحاد الأوروبي، بقصد أو بغير قصد، يعتمد موقفاً أقل التباساً من مواقفه السابقة.