في ظلال #طوفان_الأقصى “37”
يجمعون التبرعات لإسرائيل فمن يمد يد العون لفلسطين
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
وكأن جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في حاجةٍ إلى مساعداتٍ ماليةٍ ومعوناتٍ غذائية ووجباتٍ ساخنةٍ وسريعة، وسكاكر وحلويات، ووسائل ترفيهٍ وأجهزة تسليةٍ، وملابس وأحذية، وسترات وخوذ، حتى سارعت كبريات الشركات الدولية الأمريكية والغربية إلى تقديم كل ما يلزم جنود الاحتلال وما لا يلزمهم، في أوضح تضامنٍ مع الكيان في عدوانه على قطاع غزة، وتأييدٍ صارخٍ لغاراته الوحشية على سكانه.
وبذا يكونون معه شركاء في هذه الجريمة، ويتحملون مثله وربما أكثر المسؤولية عن هذا العدوان، إذ لولا تأييد حكوماتهم وغطائها السياسي للحكومة الإسرائيلية لما أقدمت على شن هذه الحرب القذرة، فقد أظهرت عملية طوفان الأقصى أنهم ضعفاء في القتال وحدهم، وجبناء في مواجهة عناصر المقاومة، وأعجز ما يكونون بمفردهم على نيل الظفر وتحقيق النصر.
الدعم المقصود هنا ليس الدعم السياسي والعسكري والمالي الذي تغدق به الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، وتقدمه بسخاءٍ كبيرٍ وبصورةٍ علنيةٍ ومكشوفة، رغم علمهم جميعاً أن الحكومة الإسرائيلية تستخدمه في قصف الشعب الفلسطيني وقتلهم في خيامهم ومراكز إيوائهم، وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومساجدهم وأسواقهم ومدارسهم وجامعاتهم ومؤسساتهم، وكل شيءٍ آخر يتعلق بصمودهم وثباتهم على أرضهم، ويحافظ على بقائهم فيها.
إنما قصدت الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه الشركات والمؤسسات الغربية، وكذلك الشخصيات الإعلامية والثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية، الذين يتنافسون فيما بينهم في تقديم مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي، كتعبيرٍ عن تضامنهم مع الكيان الصهيوني ومساندتهم له، وتأييدهم له في حربه الهمجية على الفلسطينيين عموماً وسكان قطاع غزة على وجه الخصوص، وبالتالي مشاركتهم إياه العمليات الحربية العدوانية، وتحملهم معه كامل المسؤولية عن هذه الجرائم والمذابح وحروب الإبادة التي ينفذها جيش الاحتلال بدعمهم وتأييدهم.
فهذه شركة برسيل للمنظفات الصناعية تضع على غلاف غزة مئات الغسلات الكهربائية، مع مسحوق الغسيل ومولدات الطاقة اللازمة، والمجففات الكهربائية، لتمكين جنود وضباط جيش الاحتلال من غسيل ثيابهم وبزاتهم العسكرية وتجفيفها.
وأعلنت شركة ماكدونالدز تقديم آلاف الوجبات السريعة المجانية لجنود وضباط جيش الاحتلال في الميدان وغلاف قطاع غزة، وللمصابين والجرحى في المستشفيات، وعرضت حسوماتٍ كبيرة لكل العسكريين وعائلاتهم الذين يتناولون وجبات ماكدونالدز في صالاتها ومطاعمها.
إلا أن شركتي البيتزا الأمريكية الشهيرة “بيتزا هت”، و”بابا جونز”، قررتا أن يقدما لجيش الاحتلال مجاناً كل ما يطلبه من عروض البيتزا، ولم تحددا الكمية التي تبرعتا بها، بل جعل إداراتها سقفها حاجة الجنود والضباط ومراكز الخدمة العسكرية والشرطية في كل أنحاء الكيان الصهيوني.
أما شركات العصائر والكوكا كولا فقد تباروا في تقديم المشروبات الباردة والبرادات الخفيفة لجنود الاحتلال، وفي الوقت نفسه قاموا بالتبرع بملايين الدولارات لمؤسسات إسرائيلية مختلفة، ومنها مؤسسات استيطانية تقوم بقضم الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها وطرد أهلها منها.
لا أحاول هنا استعراض كل الشركات التي تتنافس في تقديم الخدمات المجانية لجيش العدو ومؤسساته، لأنها للأسف مؤسسات وشركات كثيرة، وهي لا تخجل مما تقوم به وتقدمه، بل تستعرض خدماتها وتنشر صور جنود الاحتلال وهم يتناولون وجباتها، أو يشربون مشروباتها، ويتناولون سكاكرها وحلوياتها، أو يلبسون ثيابها وأحذيتها، ويعرضون الصور لمزيدٍ من الدعم والتشجيع.
التبرعات لا تقتصر على شركات الطعام والمشروبات والحلويات والسكاكر، بل تتعداها إلى شركات الملابس والأحذية من مختلف الماركات العالمية، التي تحرص على أن يلبس جنود الاحتلال من إنتاج شركاتها، ويضعون شاراتها ويظهرون ماركاتها، وهي تقدمها لهم بالمجان، ويقوم مندوبون عنها بتسليمها إلى المراكز العسكرية الإسرائيلية.
كما لا يقتصر دعم الشركات الغربية للكيان الصهيوني على الخدمات المادية فقط، بل تلجأ الشركات والأشخاص، والمؤسسات الإعلامية والنوادي الرياضية، والبنوك وبيوت المال، وشركات الإنتاج الفني والعمل السينمائي، إلى رفع الأعلام الإسرائيلية، وصور جنوده في الميدان، وتعرض رسائل الإشادة والتأييد، وكلمات المساندة والمواساة لجنود جيش العدو وعائلاته، إذ تتضامن معهم، وتدعو إلى دعمهم نفسياً ومعنوياً، وتطالب بمواساتهم والتخفيف عنهم وتقدير معاناتهم.
ليت أنظمتنا العربية والإسلامية، وشركاتنا وهيئاتنا، ومصانعنا ومعاملنا، وإعلامنا وأعلامنا، يتعلمون من هذا الغرب الفاسد الظالم، المنحرف الضال، الذي يؤيد الظلم ويساند الباطل، فتقف مع حقنا وتؤيد قضيتنا، وتنصر الشعب الفلسطيني، وتقدم له كل أسباب البقاء وعوامل الوجود والثبات.
ويا ليتها تحارب من يحاصره، وتعاقب من يخنقه، وتفتح أمامه كل الحدود، وتزيل من أمامه كل الموانع والسدود، وتدخل كل ما يحتاج إليه من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، وكل شيءٍ آخر يلزمه ليثبت ويبقى، ويصمد ويقاوم، فالفلسطيني هو المحتاج للدعم، والعربي والمسلم هو المكلف بالواجب، وهو المسؤول عن العجز والتقصير، والمحاسب أمام الله عز وجل وأجيال الأمة عن الضعف والخذلان.
بيروت في 18/12/2023
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى جنود الاحتلال جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
“عقلنا أبطأ مما نعتقد”.. دراسة تكشف الحد الأقصى لسرعة الدماغ البشري!
يمانيون../
في اكتشاف مثير، تمكن العلماء من تحديد الحد الأقصى لسرعة معالجة الدماغ للأفكار البشرية، مما يفسر قدرتنا المحدودة على التركيز على فكرة واحدة فقط في كل لحظة.
ورغم أن الحواس البشرية، كالعينين والأذنين والجلد والأنف، تجمع بيانات من البيئة المحيطة بسرعة تصل إلى مليار بت في الثانية، إلا أن الدماغ يعالج هذه الإشارات بسرعة لا تتجاوز 10 بتات في الثانية فقط، وهو معدل أبطأ بملايين المرات من سرعة المدخلات.
على سبيل المقارنة، يعادل هذا الأداء العقلي سرعة اتصال “واي فاي” ضعيف جداً مقارنة بالسرعات الحديثة التي قد تصل إلى 50 مليون بت في الثانية.
شبكة عصبية هائلة.. وأداء بطيء
على الرغم من أن الدماغ يحتوي على أكثر من 85 مليار خلية عصبية، يشارك ثلثها في التفكير المعقد داخل القشرة الدماغية، إلا أن العلماء وجدوا أن سرعة معالجة الأفكار البشرية تبقى محدودة للغاية.
ووفقاً للدراسة التي نشرتها مجلة Neuron، يقول ماركوس ميستر، أحد مؤلفي البحث:
“في كل لحظة، نستخلص فقط 10 بتات من بين التريليون التي تستقبلها حواسنا. نستخدم هذه البتات العشرة لنشكل تصورنا عن العالم واتخاذ القرارات، مما يثير التساؤل: كيف يفلتر الدماغ كل هذه المعلومات؟”
لماذا لا نستطيع التفكير في أكثر من فكرة واحدة؟
توضح الدراسة أن الخلايا العصبية الفردية قادرة على معالجة المعلومات بسرعة أكبر، إلا أن الدماغ البشري يعمل بآلية تجعلنا نركز على تسلسل واحد من الأفكار فقط.
على سبيل المثال، لاعب الشطرنج لا يمكنه التفكير في عدة تحركات ممكنة دفعة واحدة، بل يتابع سيناريو واحداً في كل مرة.
هل البشر مبرمجون على البطء؟
يعتقد الباحثون أن هذا البطء العقلي قد يكون إرثاً بيولوجياً من أقدم الكائنات التي كانت تستخدم أدمغتها للملاحة فقط، مثل التحرك نحو الطعام أو الهروب من المفترسات.
الآلات قد تسبقنا!
في حين أن سرعة معالجة الدماغ قد تكون كافية للبقاء في بيئة طبيعية تتغير ببطء، إلا أن التطور السريع للتكنولوجيا قد يجعل الآلات تتفوق على البشر.
ويحذر العلماء من أن البشر قد يجدون أنفسهم عاجزين عن مواكبة الآلات الذكية، تماماً مثل الحلزونات التي لا يمكنها التكيف مع الطرق السريعة.
مستقبل العقل البشري في عالم سريع
تثير نتائج هذه الدراسة تساؤلات عميقة حول مستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة، وكيف يمكن للبشر التكيف مع عالم تكنولوجي يتسارع يوماً بعد يوم.
هل سنحتاج إلى تقنيات تعزز من سرعة معالجة أدمغتنا؟ أم أننا سنعتمد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي لتعويض هذا البطء الطبيعي؟
إنها أسئلة تضعنا أمام مفترق طرق في علاقة البشر بالتكنولوجيا المتقدمة.