رسمياً.. بابا الفاتيكان يوافق على مباركة الأزواج المثليين
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
بغداد اليوم- متابعة
كشف وثيقة جديدة تشرح التغيير الجذري في سياسة الفاتيكان بعدما وافق البابا فرانسيس رسميا على السماح للقساوسة بمباركة الأزواج المثليين.
وتؤكد الوثيقة الوثيقة الصادرة عن مكتب العقائد بالفاتيكان، اليوم الاثنين (18 كانون الأول 2023)، أن الأشخاص الذين يسعون إلى محبة الله ورحمته لا يجب أن يخضعوا "لتحليل أخلاقي شامل"، حتى يتلقوا مباركة الكنيسة.
ورغم أن الوثيقة تشير إلى أن الزواج سر مقدس مدى الحياة بين رجل وامرأة، فإنها تؤكد أن طلبات الحصول على مثل هذه البركات لا ينبغي رفضها تماما.
وقدم الفاتيكان تعريفا شاملا لمصطلح "البركة" في الكتاب المقدس، لافتا إلى أن الأشخاص الذين يبحثون عن علاقة مع الله ويبحثون عن محبته ورحمته لا ينبغي أن يخضعوا "لتحليل أخلاقي شامل" كشرط مسبق للحصول عليها.
واعتبرت الوثيقة أن "البركة تمنح الناس وسيلة لزيادة ثقتهم في الرب، وطلبها يعبر عن الانفتاح على السمو والرحمة والقرب من الله في آلاف الظروف القاسية في الحياة، إنها بذرة الروح القدس التي يجب رعايتها لا إعاقتها".
ويأتي إصدار الوثيقة، بعد يوم من مباركة قس في كنيسة بروتستانتية بإنكلترا، اتحاد كاهنتين تعملان في نفس الكنيسة.
وركعت الكاهنتان أمام القس، كانون أندرو دوتشين، الذي رفع رأسيهما وهو يوجه "الشكر لكاثرين وجين، على ما يتشاركن من حب وصداقة، والتزام كل منهما تجاه الأخرى".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
كيف يقدم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟
نشرت قبل أيام مقالاً يتناول سبب استمرار الحوثيين في استهداف إسرائيل بالصواريخ، حيث ناقشت الدوافع الخارجية انطلاقًا من افتراض ارتباط الحوثيين بالنظام الإيراني، ووعدت بالكتابة عن الدوافع الداخلية للجماعة وراء هذه العمليات.
وبما أنني اخترت عنوانًا لهذه المقالة انطلاقًا من خبر توجه إسرائيل إلى مجلس الأمن للنظر في القصف الحوثي عليها، فسأبدأ بهذه النقطة قبل الخوض في الفكرة الرئيسية المتعلقة بدوافع الجماعة الحوثية، مع التأكيد على تداخل النقطة الأولى بالثانية.
منذ أكتوبر العام المنصرم، وإسرائيل تعبث في غزة ولبنان، مرتكبة دمارًا وجرائم تصفية لم يشهدها العالم منذ عقود. لقد بلغ العنف الإسرائيلي مستوى لا يحتمله الضمير الجمعي، وأصبحت عملية الإبادة ملازمة للسلوك الإسرائيلي، لتطغى فكرة محاربة الإرهاب أو “المخرّبين”، وحتى شرعية العمليات العسكرية الإسرائيلية التي ظهرت وكأنها بديهية بعد “طوفان الأقصى”، والتي تعززت تحت مظلة الدفاع عن النفس.
قد تكون إسرائيل قد ربحت المعركة قياسًا بالتغيرات التي أحدثتها على الأرض: قصمت ظهر حزب الله، سحقَت حماس، وهي على وشك إنهاء ملف غزة سكانيًا إلى الأبد. لكنها خسرت في جوانب أخرى لم تكن تتوقعها؛ صورتها العامة باتت سيئة ولأول مرة يُجرّ الكيان الإسرائيلي إلى محاكم دولية، وتُصدر مذكرات اعتقال بحق زعمائه، إلى جانب عسكريين في الحركة. لقد أصبحت إسرائيل، ككيان معترف به في الأمم المتحدة، في مصاف حركة لا وجود لها على خارطة الدول. انتقلت إسرائيل إلى وضع المعتدي، وأصبحت ملاحقة بتهم الإبادة الجماعية. هذا التحول في الوضع القانوني أمر غير بسيط.
تذرعت إسرائيل في كل أفعالها بفكرة الدفاع عن النفس، وهو مبدأ ينطبق على الحروب بين الدول، وليس على الصراعات مع جماعات داخل البلد الواحد. لكن صواريخ الحوثيين، التي لا تحدث أي تغيير في المعادلة العسكرية ولم توقف الحرب، تعطي لمفهوم “الدفاع عن النفس” معنى جديدًا من زاوية إسرائيلية. تلك الصواريخ تعيد ترميم صورة إسرائيل وتحولها من معتدٍ إلى معتدى عليه.
لكن لماذا تلجأ إسرائيل إلى مجلس الأمن؟
إسرائيل تسعى لحشد أدوات قانونية تجعل أي فعل ترتكبه لاحقًا مقبولًا وغير قابل للشجب. إدراج ما تتعرض له من صواريخ الحوثيين (رغم أنها بلا تأثير حقيقي) ضمن أدبيات مجلس الأمن، وانتزاع صياغات قانونية وسياسية باعتبارها دولة معتدى عليها، يمنحها تفوقًا قانونيًا، ويبرر ردها العسكري، بل ويسمح لها بتشكيل تحالفات إقليمية ودولية. مهما كان ردها العسكري على الحوثيين عنيفًا أو غير متناسب، وينتهي باستهداف منشآت مدنية أو قتل مدنيين، فإنه سيصبح مجرد مسألة تقنية وتفصيلية ثانوية بعد حصولها على درع قانوني وحصانة أخلاقية، كونها دولة “معتدى عليها” من طرف لا تربطها به حدود، ولا يندرج ضمن إطار صراع تاريخي مباشر.
علاوة على ذلك، فإن إسرائيل تمهد بهذا لخطوات لاحقة مثلما قد يفعل ترامب، إذا أُتيحت له الأرضية القانونية والسياسية لتشكيل تحالفات على غرار التحالف للقضاء على داعش.
أما صواريخ الحوثيين المضحكة مقارنة بإمكانات الدفاع الإسرائيلية، فلا تحقق أي نتيجة حقيقية وفقًا لأهداف الحوثيين سوى إثارة هلع المدنيين ودفعهم إلى الملاجئ. يتم تصوير هذا الهلع وترويجه بشكل مبالغ فيه من قبل الإعلام الإسرائيلي. وهكذا، تصبح هذه الصواريخ طوق نجاة أخلاقيًا لكيان ينحدر بسرعة فائقة.
لا تخدم هذه الصواريخ ولا العمليات في البحر الأحمر سكان غزة بأي شيء، كما أنها لم تحدث حتى الآن أي تغيير في المعادلة القائمة المتمثلة في التدمير الكلي لغزة. بل إن الدولة الأكثر تضررًا مما يفعله الحوثيون هي مصر، بعد اليمن بطبيعة الحال. وبذلك، فإن الخدمة الوحيدة التي تؤديها هذه العمليات هي إنقاذ إسرائيل مرة أخرى.
إلى جانب ذلك، تؤكد هذه العمليات الانخراط الكامل للجماعة الحوثية ضمن محور إيران، واستمرار اعتداء إيران على حساب اليمن واليمنيين.
السؤال الجوهري هو: لماذا يستمر الحوثيون في هذه اللعبة؟
كنت قد أوضحت في لقاءات سابقة على إذاعة “مونت كارلو” أو قناة “فرنسا 24” أن الجماعة الحوثية تفعل ذلك هروبًا من استحقاقات داخلية، تتمثل في التزامها الصادق والحقيقي بعملية السلام في اليمن. يتفق معي يمنيون آخرون في هذه النقطة، وقد بادر أصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي عبر فيسبوك أو منصة “إكس” إلى تفصيل هذه النقطة وتوضيح دوافع الحوثيين.
الجماعة الحوثية: كيان قائم على الحرب
الجماعة الحوثية، في أبسط تعريف لها، هي جماعة نشأت من رحم الحروب وتزدهر بها، بل إن وجودها مرهون باستمرار الحرب. لذا، فإنها بدون الحرب تفقد أساس كينونتها وتصطدم بحقائق تحاول التهرب منها على الدوام.
الحقيقة الأولى تتعلق بمسار العنف الذي سلكته للوصول إلى السلطة. فقد اتسم هذا المسار بالدموية والتدمير المفرط خلال الفترة الماضية، مما أسفر عن تراكم قضايا ثأرية وحقوق مهدورة للأطراف الأخرى. هذا الوضع، بطبيعته، يهدد باندلاع ردود أفعال اجتماعية مؤجلة وطويلة الأمد، خاصة إذا تقاعست السلطات أو الجهات المعنية عن حفظ حقوق الناس. في ظل الذهنية اليمنية التي يتجذر فيها منطق الثأر، فإن احتمال وقوع مواجهات جديدة يصبح أمرًا متوقعًا، مما يفتح الباب أمام مزيد من التمزق وعدم الاستقرار ودورات دموية لا تنتهي.
الحقيقة الثانية هي أن الجماعة الحوثية استولت خلال هذه الفترة على مقدرات البلاد وأصبحت سلطة أمر واقع. وهذا يفرض عليها أن تقوم بالأدوار التي كانت السلطات السابقة تؤديها، على الأقل في الحد الأدنى. لكن الجماعة، عوضًا عن الوفاء بالوعود التي قطعتها للناس قبيل استيلائها على السلطة في سبتمبر 2014، لا سيما في الجوانب المعيشية، اتجهت نحو عسكرة الحياة وتعبئة دائمة للمجتمع، بهدف إشغال الناس وصرف انتباههم عن استكمال المرحلة الانتقالية.
وفي هذا السياق، لم تتحمل الجماعة أيًا من مسؤوليات الدولة، خصوصًا فيما يتعلق بالرعاية الصحية، والتعليم، ودفع الرواتب، والاستحقاقات العدلية. بدلاً من ذلك، حكمت بذهنية عرفية تحت ذريعة الحرب، مما أدى إلى ترحيل العديد من الحقوق والواجبات إلى مراحل لاحقة. هذا الترحيل المتواصل يشبه كرة الثلج التي تكبر مع الوقت، مهددة بالمزيد من التعقيد والتأزم في المستقبل.
إلى جانب ذلك يمكننا التطرق الى الحوثيين بين دوافع الحرب وعقد العزلة. في هذه النقطة الثالثة يتضح المأزق السياسي في اليمن. منذ خمس سنوات على الأقل، دخل اليمن في مرحلة موات سياسي. فالحرب لم تستمر بشكل يغير خارطة القوة، ولم تصل إلى سلام حقيقي ومستدام. الهدنة القائمة ضمنيا نتج عنها استحقاقات سلام واضحة تتمثل في تقديم تنازلات، والموافقة على مسار سياسي يتطلب من جماعة الحوثي التحول إلى جماعة سياسية والدخول في شراكة وطنية مع القوى السياسية، العسكرية، والجهوية الأخرى. يقتضي هذه الاستحقاقات معالجة الجانب الأمني قبل السياسي. بمعنى أوضخ، إنهاء الهيمنة الداخلية للجماعة والحد من ارتباطاتها الخارجية، وتحويل اهتمامها إلى الشأن المحلي. إلا أن الجماعة، التي حرصت منذ ظهورها على ان تصنع لنفسها دورًا في التاريخ اليمني الحديث كمجموعة ذات مشاريع أغلبها خارج الوطن، تجد في الحرب وسيلة فعالة للتهرب من كل هذه الالتزامات.
إلى جانب هذا البعد السياسي، ثمة عناصر اقتصادية ينبغي النظر اليها. تنبع دوافع أخرى للحرب الخارجية من طبيعة الجماعة الجينية ومن ظروف الحرب نفسها. نشأت الجماعة في منطقة حدودية، كان النشاط الاقتصادي الأكثر ازدهارًا فيها قائماً على التهريب واستغلال موقعها الحدودي مع دولة غنية. شكَّل هذا النشاط “اقتصادًا خفيًا” وفر للجماعة ثروة كبيرة ودافعًا مادياً دائماً للتمرد. لذا ، حين وصل أفراد الجماعة إلى السلطة في صنعاء في سبتمبر ٢٠١٤ ، احتفظوا بأمرين:
سلوكهم التمردي: الذي جعلهم يرون أنفسهم فوق الدولة.
الرغبة في استمرار النمط الاقتصادي الذي مارسوه في مناطقهم الحدودية، وهو ما أعاق تحولهم إلى منطق الدولة وبحثهم عن السلام.
وبهذا، الحرب، بالنسبة لهم، هي المولّد الحقيقي لهذا الاقتصاد. من مقتضيات التحول الى منطق الدولة تعززي السياسات الاقتصادية التي تسيرها الدولة، عوضا عن ذلك ازدهرت تجارة السوق السوداء في السلع ذات الربحية العالية والعائد المادي السريع والدورة السوقية القصيرة كالنفط. كما أن في كل أنحاء اليمن برز “أمراء حرب”، والجماعة الحوثية ليست استثناءً من هذه الديناميكية الاقتصادية الجديدة. توقف الحرب يعني توقف آليات الإثراء غير الشرعية التي توفرها، ما يجعل الجناح السياسي داخل الجماعي – على افتراض وجوده واعتبارها جناحاً عقلانياً ومرناً- عاجزًا عن كبح جماح الأثرياء الجدد الذين يسعون إلى تكوين ثروات بعيدة عن المحاسبة أو الإطار المؤسسي.
ثم نأتي بعد ذلك الى الاعتبارات الرمزية والنفسية كدوافع لهذه الحرب. إلى جانب هذه العوامل المادية، هناك اعتبارات معنوية ورمزية. في حقيقتها، الجماعة تحمل عقدة مزدوجة:
اولاً، العزلة اليمنية العامة: اليمن، على مدار قرن كامل، ظل منزوياً عن التحولات الإقليمية والدولية. تأثر اليمنيون بالأحداث الجارية دون أن يكون لهم دور فعّال فيها، مما ولّد لديهم شعورًا حادًا بالعزلة ورغبة في انتزاع اعتراف خارجي بوجودهم. هذا يفسر الانخراط الاعلامي اليمني في شؤون الجيران والعالم أجمع.
ثانيا، العزلة الخاصة بالجماعة الحوثية: والمقصود هو عزلة نتجت عن عقيدتها الفريدة والمخالفة للإجماع الوطني، والتي تميزت بطابع إيديولوجي إقصائي – وضيق داخل المذهب الزيدي نفسه- يقوم على تصورات مظلومية تاريخية مشوَّشة وفوقية ثقافية ودينية وسلالية تجعلها تتوهم امتلاكها لحق السيادة والحكم. لذا، تسعى الجماعة، من خلال الحرب، إلى الخروج من هاتين العزلتين. تحاول الانتقال من كونها جماعة محلية متمردة، أو حتى فاعل إقليمي بالكثير، إلى كيان دولي يمكنه التأثير في المعادلات الدولية.
النقطة الاخيرة في هذا الحجاج تخص الغطاء الاخلاقي الذي تبحث عنه الجماعة لأفعالها. على مدار السنوات الماضية، تراكمت لدى الجماعة عقدة نتيجة ما فعلته باليمن: تقويض الدولة، تعطيل المسار السياسي، هدم المستقبل، وتفخيخ الحياة اليمنية بنموذج طائفي يصعب التخلص منه. وللتغطية على هذه الحقائق، تحاول الجماعة التستر بغطاء أخلاقي واسع، وليس أفضل من القضية الفلسطينية لهذا الغرض.
تُصوّر الجماعة نفسها كمدافع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، بينما حقيقتها المحلية تفضحها؛ فهي لا تزال تعمل على تعميق أزمات اليمن السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، مما يجعل شعاراتها الأخلاقية مجرد ستار لإخفاء عريها السياسي والوطني.
الحرب بالنسبة لجماعة الحوثي وإطلاق صواريخ تجاه اسرائيل او التحرش بالملاحة الدولية في البحر الأحمر ليست فقط وسيلة للتهرب من استحقاقات السلام في اليمن، بل هي أيضاً مصدر للثروة والهيمنة الرمزية.
نقلاً من صفحة الكاتب على حسابه بفيسبوك