موقع أمريكي: لماذا تقمع ألمانيا المتعاطفين مع فلسطين؟
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
نشر موقع "ذا هيل" مقالا بالألمانية، للبرفسور الزائر بجامعة ولاية أوكلاهوما، قومرز صالحي، تحدث فيه عن "القمع" غير المسبوق لحرية التعبير، للأصوات المتعاطفة مع فلسطين، في ألمانيا.
وأشار بداية إلى عنوان ورد في الصحيفة الألمانية الشعبية "بيلد"، وهو: "اسحبوا جواز السفر الألماني من ريم اللاجئة". إذ أنه في الـ14 عاما، ووسط ما أطلق عليها "أزمة اللاجئين" عام 2015، ألقت ريم سحويل، كلمة لها، في قاعة عامة، مع المستشارة الألمانية في حينه، أنغيلا ميركل، وكانت الدموع تملأ عينيها وتحدثت بلغة ألمانية فصيحة، بأنها تريد البقاء في البلد، وهو ما أثار التعاطف معها في كل ألمانيا وفي وسائل الإعلام.
لكن التعاطف كان مشروطا بصمتها، كما يعلق صالحي. وتواجه سحويل اليوم، دعوات من الإتحاد المسيحي الديمقراطي، وهو أكبر الأحزاب السياسية في ألمانيا، والحزب الديمقراطي الحر، لسحب جنسيتها وترحيلها من البلد. وجريمتها المزعومة هي: منشور على انستغرام احتوى على عبارة "النهر إلى البحر".
ويقول الكاتب، إنه ومنذ عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس على "إسرائيل" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، خاضت كل المؤسسات الألمانية تقريبا، معركة لقمع الأقليات العرقية، بطريقة لم تر في كثافتها وحجمها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وتستهدف الحملة الفلسطينيين والملونين والمعادين للصهيونية واليهود على حد سواء. وتظهر قائمة من حوادث الرقابة التي سجلت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، الكثافة والضغط الذي تمارسه الصحافة والمؤسسات الثقافية، والتي تحاول إسكات الأصوات المهمشة، وبعضها نظر إليها باعتبارها احتفالا بالتنوع والأدب المفتوح والمشهد الفني.
فقد ألغى معرض فرانكفورت للكتاب، حفلة تسليم جائزة، وتكريم الروائية الفلسطينية، عدنية شبلي، وسحبت مدينة بوخوم جائزة بيتر ويز، من الكاتبة البريطانية- الغانية المقيمة في برلين، شارون دوداو أوتو، وألغى البينالي الألماني للتصوير المعاصر جولته لعام 2024، بعدما عزل مديره المصور المشهور، شهيد الله علم، وألغى متحف سار لاند معرضا لعام 2024، للفنانة اليهودية الجنوبي أفريقية المقيمة في برلين، كانديس بريتز.
وفي الفترة الأخيرة توصل مجلس شيوخ ولاية ومؤسسة هنريش بول المرتبطة بحزب الخضر، لسحب جائزة حنا أرنت للتفكير السياسي من الكاتبة الروسية الأمريكية، وهي يهودية.
وإلى جانب هذا، فقد تم التعامل مع التضامن مع فلسطين بعنف من الشرطة، فيما ذكرت عدة تقارير موثوقة، أن الشرطة تقوم بتنميط واعتقال حتى غير المشاركين، من المارين في الشوارع. إذ منعت شرطة برلين، مسيرة شبابية ضد العنصرية، وتظاهرة، لتذكر الأطفال الذين قتلوا في غزة وكذا تحركات نظمها ناشطون يهود وإسرائيليون.
وبحسب الشرطة، فإن المسيرة التي نظمتها منظمة "الصوت اليهودي": "لن يسمح بها، لأنه ستكون مفتوحة وبشكل واضح لمشاركين من أصل فلسطيني". ويدعو الإتحاد المسيحي الديمقراطي بقرار يجعل من دعم إسرائيل كشرط للحصول على الجنسية الألمانية، ممّا يهدد أصحاب الجنسية المزدوجة بنفس العقوبة التي يتمنوها لريم سحويل.
وبعد منع برلين رفع العلم الفلسطيني والألوان المرتبطة به، والكوفية، وهو ما أبرزته صور مدرس وهو يضرب تلميذا يحمل العلم، وتم تعليق دراسة طالبين، أما الأستاذ فلم يواجه بعد تداعيات فعله.
وتعلق صالحي، "إن التعاطف الكبير بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والمقارنة مع مناخ 9/11 في الولايات المتحدة بمستويات متعددة وبمبررات من كل الأطراف. إلا أن مثل هذه المقارنات لها أكبر من الجدارة في ألمانيا والقمع القانوني والثقافي والسياسي لأي شخص يعبر عن علاقة تعاطف ولو بسيطة مع الحقوق الفلسطينية، وهذا مشهد غير مسبوق".
وفي السياق نفسه، أصبحت المؤسسات الثقافية في "أرض المفكرين والشعراء" منفصمة عن الواقع، وليس فيما يتعلق بالدروس العامة للتراث الامبريالي ولكن مع بقية المفكرين والشعراء حول العالم.
وشاركت مؤرخة الفن وباحثة الآثار الألمانية – لإسرائيلية، كاترينا غالور، في كتاب نشر عام 2020 "المثلث الأخلاقي: الألمان، الإسرائيليون والفلسطينيون"، مشيرة إلى أن "تقنين الدعم لإسرائيل كشرط للمواطنة، يعني أن الشتات الفلسطيني وهو الأكبر في أوروبا؛ يفهمون التاريخ وسياق العنف، ولكنهم لا يستطيعون الحديث، ليس لأن هناك تداعيات اجتماعية بل لأن هذا يترك تداعيات على حياتهم وبقائهم بما في ذلك خسارة وظائفهم".
وقالت الكاتبة اليهودية، المقيمة في برلين، ديبورا فيلدمان، وبنوع من التحسر، إنها ومنذ انتقالها إلى ألمانيا لم تكن قادرة على مناقشة النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني باستثناء الإسرائيليين والفلسطينيين "ويميل الألمان لقطع أي محاولة بناءة للحوار وبعبارة مفضلة للجميع وهي أن ذلك الموضوع معقد".
وفي مناقشة مع نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، على برنامج شعبي "ماركوس لانز" تتذكر فيلدمان قائلة: "أخبرته في لحظة ما، عليك الاختيار ما بين إسرائيل واليهود، لأن هذين الأمريكيين ليسا متداخلين، بل وأحيانا متناقضين، لأن الكثير من ملامح الحياة اليهودية مهددة بالولاء المطلق لدولة ترى أن بعض اليهود يستحقون الحماية".
وفي نهاية الحلقة اعترف مقدم الحلقة، بأن منتجي البرنامج لم يكونوا قادرين على دعوة ضيوف فلسطينيين مستعدين للمشاركة في البرنامج. وكما ناقش الباحث في الإبادة، إي ديرك موسيز، في مقال نشره عام 2021، فقد تم بناء الهوية الوطنية الألمانية المعاصرة كـ"نسخة تائبة تصبح فيها تضحية اليهود في الهولوكوست على يد النازيين، أساس الشرعية للجمهورية الفدرالية".
ولهذا السبب يبدو الهولوكوست أكثر من كونه حدثا تاريخيا مهما، إنه صدمة مقدسة لا يمكن احتواؤها بأخرى كافرة، أي أن غير اليهود، أي الضحايا غير اليهود والإبادات الأخرى التي من شأنها أن تنزع عنه وظيفته القربانية".
ولم يبدأ الألمان بالعودة إلى تراثهم الإستعماري الخاص إلا بعد الإنتفاضات المضادة للعنصرية في الولايات المتحدة عام 2020، مع أن التواصل بين الحكم النازي والإستعماري للقيصر ويليهم الثاني موثق جدا. فسياسة الإمبراطورية الألمانية للإبادة الإستيطانية- الإستعمارية فيما تعرف اليوم في نامبيا، قتلت مع يقرب عددهم من 100.000 شخصا وفي الفترة ما بين 1904 – 1908، حيث محت نسبة 80 في المئة، من قبائل هيروري من شعب الناما.
وفي الوقت نفسه كانت ألمانيا الإمبريالية، رائدة في معسكرات القتل والتجارب الطبية الفظيعة التي ستصبح علامة فارقة للحكم النازي. وعلى خلاف الولايات المتحدة، ففكرة أن المجتمع الألماني قد يكون عنصريا في جوهره وليس هامشه، ليست متصورة. وانتقد كارامبا ديباي، أول عضو في البودنستاغ في 2020 ، ميل المجتمع الألماني للتقليل من مشاعر التفوق الأبيض العميقة والكراهية للأجانب المحايدة. وتلقى تهديدات بالقتل وأطلق النار على مكتبه في هالي.
ولم يعد بالإمكان الآن- لتحليل الثقافة الألمانية فيما بعد الحرب العالمية بدقة وبدون فحص دور الهوية الفلسطينية في الوعي الوطني الألماني ذاته. ويجب على البيض الألمان وهم التيار الرئيس تعلم درس آخر من الماضي، لا يمكنهم التغلب عليه أو تجاوزه بسهولة: ليس لهم الحق في إخبار شعب آخر ما يجب التفكير به.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية فلسطين غزة المانيا فلسطين غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
صادرات الأسلحة الألمانية تسجل رقماً قياسياً في 2024
تتجه قيمة صادرات الأسلحة الألمانية في هذا العام، نحو تسجيل رقم قياسي جديد، إذ وصل عدد التصاريح التي أصدرتها برلين في الفترة بين مطلع يناير (كانون الثاني) حتى 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، إلى 4163 تصريحاً، لتصدير أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة بلغت 10.9 مليار يورو.
وجاء ذلك في رد من وزارة الاقتصاد، على استجواب من النائبة سيفيم داجدالين، عضو البرلمان الألماني عن حزب "تحالف سارا فاجنكنشت"؛ وبذلك لا ينقص هذه القيمة سوى 1.3 مليار يورو فقط لتصل إلى الرقم القياسي السابق الذي تم تحقيقه في العام الماضي، حيث بلغت قيمة فاتورة صادرات الأسلحة 12.2 مليار يورو.
وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الحربية هذا العام 7.2 مليار يورو، أي ما يعادل ثلثي إجمالي قيمة التصاريح التي تم إصدارها حتى الآن.
Wer wie #Union #Gruenen und #FDP mit #Taurus den Krieg nach #Russland tragen will, der wird den Krieg nach Deutschland tragen. Zeit, diesen Hasardeuren endlich das Handwerk zu legen. Friedensverhandlungen statt Eskalation! #NurNochBSW #BTW25 https://t.co/xfnJWoJi6h
— Sevim Dağdelen, MdB (@SevimDagdelen) November 16, 2024ويرجع السبب في هذا الارتفاع بشكل رئيسي، إلى صادرات الأسلحة إلى أوكرانيا، إذ وصلت قيمة صادرات الأسلحة التي وافقت برلين على تصديرها إلى أوكرانيا في النصف الأول من العام الحالي وحده، إلى 4.9 مليار يورو، وذلك وفقاً لرد سابق من الوزارة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح أسلحة حربية، يندرج تحته تلك الأسلحة التي تستخدم بشكل صريح في الحروب، مثل البنادق أو الصواريخ أو السفن الحربية أو القنابل أو الذخيرة. أما مصطلح "معدات التسليح الأخرى"، فيندرج تحته معدات مثل الخوذ أو السترات الواقية أو المركبات غير المسلحة.
‼️ Ukraine urges Germany to approve new arms supplies before electionshttps://t.co/UkofO1A11w pic.twitter.com/cEwpyHeEZq
— Ukrainska Pravda in English (@pravda_eng) November 16, 2024وكانت الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم في ألمانيا (قبل انهيار هذا الائتلاف حالياً)، وهي حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الذي خرج من الائتلاف)، تعهدت في مفاوضات تشكيل الائتلاف بالحد من صادرات الأسلحة، وإعداد قانون رقابي خاص بذلك.
ولكن مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، حدث تغيير جذري في السياسة الدفاعية، حيث تم إلغاء حظر تصدير الأسلحة إلى دولة في حالة حرب، والذي كان المستشار شولتس فرضه على نفسه، وذلك بعد خطاب "التحول الزمني" الذي ألقاه في البرلمان في 27 فبراير (شباط) 2022، أي بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب. وتم تصدير كم غير مسبوق من المعدات العسكرية في العام الماضي.
وبدورها، انتقدت داجدالين بشدة الارتفاع المستمر في صادرات الأسلحة، وقالت: "هذه الحكومة الائتلافية المفلسة لا تحقق شيئاً سوى أن تكون ذراعاً ممتدة لصناعة الأسلحة، وتسجل أرقاماً قياسية جديدة باستمرار في تسليم الأسلحة".