عربي21:
2024-12-23@02:44:37 GMT

ليس خذلانا لغزة بل خيانة

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

ما من شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة كشفت العديد من نقاط الضعف الاستراتيجية لكيان العدو، بالإضافة إلى الكشف عن حقيقة إمكانية محاصرته اقتصاديا رغم التدخل الغربي والعربي. ويثير مشروع جسر بري لنقل البضائع والاحتياجات الإسرائيلية من الإمارات إلى إسرائيل مرورا بالسعودية والأردن جدلا واسعا في الأوساط العربية على المستوى الشعبي والرسمي.



الجدير بالذكر أننا كنا تحدثنا عن هذا المشروع بشكل مفصل في مقال سابق نُشر على موقع "عربي21" في تموز/ يوليو الماضي، حيث عملنا على توصيف حالة التطبيع الاقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل، وذكرنا بنحو مفصل بأنه وعلى الرغم من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل على خلفية قضية التعديلات القضائية آنذاك، إلا أن الولايات المتحدة تنظر إلى مشروع ربط الدول العربية بإسرائيل بريا من منظور استراتيجي، أي أن هذا المشروع يصب في صالح إسرائيل بغض النظر عن الحكومة أو الإدارة التي تحكم الكيان الصهيوني، كما أن مثل هذا المشروع لن يكلف الولايات المتحدة تكاليف اقتصادية ولن يجبرها على تقديم تنازلات سياسية وأمنية للسعودية مقابل التطبيع؛ لأن التطبيع في هذه الحالة يأتي عبر الاقتصاد وحسب.

وبعد مرور أشهر على طرح هذا المشروع، تحدثت صحيفة "واللا" الإسرائيلية عن وصول الدفعة الأولى من الشحنات التجارية المحملة بالمواد الغذائية الطازجة من دبي إلى الاحتلال الإسرائيلي عبر الجسر البري الذي يقطع مسافة ألفي كيلومتر ويستغرق يومين مرورا بالسعودية والأردن. وبالطبع لا بد من تحليل الظرف الزماني الذي يتم فيه تفعيل هذا الجسر البري، إذ إن هذا المشروع في الوقت الحالي يهدف إلى استبدال الممر البحري عبر البحر الأحمر وباب المندب بسبب استهداف الحوثيين للسفن المتوجهة للموانئ الإسرائيلية التي تمر عبر هذا الممر.

في الحقيقة تكشف قصة الجسر البري مدى فقدان العرب للدور المؤثر والاستراتيجي والتحكم في الأوراق الرابحة التي تقع في أيديهم بطريق الصدفة. فلو أن السياسيين العرب يقصدون وبشكل جدّي وقف إطلاق النار في غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمذبحة جماعية هناك، ولو أنهم متمرسون في السياسة ولو قليلا لحاولوا استثمار هذا الحصار البحري الذي فرضه اليمن على إسرائيل؛ في سبيل الدفع بعملية الهدنة إلى الأمام والضغط على إسرائيل للقبول بحلول يطرحها العرب وحدهم. ويبدو أنّ العداء للمقاومة الفلسطينية أعمى على قلوبهم فأصبح التفكير المنطقي والتحليل العقلاني مستعصيا عليهم.

على الرغم من أن الأردن نفى على لسان رئيس النقابة اللوجستية الأردنية نبيل الخطيب مرور مثل هذه الشحنات، إلا أن تصريحات الخطيب كانت مهمة للغاية، حيث كشفت مدى التيه والتخبط العربي في قضية الحرب على قطاع غزة. يقول الخطيب إن "هناك كلفة سياسية وأزمة ستتشكل لدى بين الأردن والإمارات في حال المنع، ولكن على الأقل من ناحية الإجراءات فرفع الكلفة قد يبطئ العملية".

يُظهر هذا التصريح أزمتين استراتيجيتين معقدتين؛ فالأولى تتعلق بفقدان الأردن لزمام المبادرة في وقف إطلاق النار، وهو الدولة الأكثر تضررا من استدامة الحرب على غزة بما يشمل احتمالية التهجير القسري ومن احتمالية تمدد الصراع الإقليمي إلى فقدان التأثير المباشر فيما يخص حل الدولتين. والأزمة الأخرى هي أن من يدفع ويضغط باتجاه تفعيل الجسر البري هي الإمارات، وهذا سيوفر كسرا لـ"شبه الحصار" البحري المفروض على إسرائيل وسيجعلها تحصل على ما تحتاجه بأقل الخسائر الممكنة.

وللبحث في الأسباب التي دفعت الإمارات وإسرائيل إلى تفعيل هذا الجسر البري، علينا العودة قليلا إلى الوراء وبشكل محدد إلى توقيع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.

أولا، وعلى الرغم من أن العلاقات كانت موجودة، إلا أن إظهارها إلى العلن وفر البيئة المناسبة لنقل رؤوس الأموال الإسرائيلية إلى الإمارات والاستثمار في مجالات المتعلقة بالمقاولات والفنادق والشحن البحري. وبدأ الحديث عن تزايد في عمليات غسل الأموال في الإمارات ووصلت هذه العملية إلى الحد الذي قامت به "مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)" بوضع الإمارات على قائمتها الرمادية وهددت فيما بعد بتصنيفها ضمن القائمة السوداء بوصفها تحتل المرتبة الأولى عربيا و44 عالميا في مجال غسيل الأموال، بواقع 3 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي.

وبحسب وجهة نظر هذه المؤسسات المالية الدولية، فإن بعض الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات، بما في ذلك إنشاء محاكم خاصة لمكافحة غسل الأموال، لم تتمكن من إحداث تأثير كبير على الوضع الحالي لغسل الأموال في هذا البلد، كما أنه يظهر تنفيذ هذه الإجراءات في المؤسسات المالية والأعمال التجارية عبر الإنترنت والمعدات الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال شراء التذاكر أو التبادل الرقمي والعملات المشفرة ونشاط الشركات الهرمية.

ثانيا، يعتبر هذا الجسر ذا أهمية استراتيجية وعميقة لإسرائيل، حيث يعد بديلا سريعا مقارنة بالمرور عبر قناة السويس الذي يستغرق 10 أيام. وفي الوقت ذاته يأتي الجسر بديلا عن الالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح البحري، الذي يستمر نحو شهر بسبب تهديد الحوثيين.

ورغم أن الشحن البري أغلى من البحري عادة، إلّا أن الجسر البري الجديد سيكون أقل كلفة. كما يمكن للشركات في دبي والهند الاستفادة من الجسر لتقصير زمن نقل منتجاتها إلى أوروبا عبر ميناء حيفا وميناء الخليج، وهذا سينعكس بشكل مفجع على الاقتصاد المصري لأنه سيتسبب بإضعاف موارد مصر من قناة السويس.

أخيرا، كان من الممكن على العرب اللعب بأوراق رابحة مهمة مثل تعطيل عبور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر الذي فرضه الحوثيون، لوقف العدوان على قطاع غزة وفرض أنفسهم كلاعبين دوليين مهمين بدون حتى التهديد بالسلعة الاستراتيجية الأهم التي يملكونها وهي النفط. ويبدو أنّهم وكالعادة اختاروا أن يقفوا في الجانب الخاطئ من التاريخ؛ بوصفهم عاملا في استمرار العدوان الإسرائيلي على شعب قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية غزة الإمارات الحصار إسرائيل تجارة غزة الإمارات حصار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا المشروع الجسر البری

إقرأ أيضاً:

السعودية تنفذ الإعدام بمواطنين بتهمة خيانة وطنهما وحرّضا آخرين للانضمام لإرهابيين بمناطق القتال

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أعلنت وزارة الداخلية السعودية، صباح الأحد، تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطنين ادينا بمجموعة من التهم التي تنضوي على "خيانة" وطنهما.

وقالت الداخلية في بيان: "أقدم كل من أحمد بن صالح بن عبدالله الكعيبي وعايد بن هايل بن هندي العنزي ـ سعوديي الجنسية ـ على ارتكاب أفعال مجرمة تنطوي على خيانة وطنهما، والانضمام إلى كيانات إرهابية، ودعم وتمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية، وحيازة أسلحة وذخيرة حية وإخفاءها بمزرعة أحد عناصر الكيان الإرهابي للإفساد والاعتداء والإخلال بأمن المجتمع واستقراره، وتحريض الغير للانضمام إلى كيانات إرهابية في مناطق الصراع والقتال، والتستر على عدد من العناصر الإرهابية".

وتابعت: "بإحالتهما إلى النيابة العامة تم توجيه الاتهام إليهما بارتكاب تلك الأفعال المجرمة، وصدر بحقهما من المحكمة المختصة حكم يقضي بثبوت ما نسب إليهما وقتلهما، وأصبح الحكم نهائياً بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا. وتم تنفيذ حكم القتل بالمذكورين يوم الأحد 21 / 06 / 1446هـ الموافق 22 / 12 / 2024م بمنطقة الرياض".

وأضافت: "وزارة الداخلية إذ تعلن عن ذلك لتؤكد الحرص على استتباب الأمن وتحقيق العدل، وقطع دابر كل من يحاول المساس بأمن الوطن أو تعريض وحدته للخطر، وأن العقاب الشرعي سيكون مصير كل من تسول له نفسه ارتكاب ذلك قطعاً لشره وردعاً لغيره.. والله الهادي إلى سواء السبيل".

مقالات مشابهة

  • سلام بحث مع نظيره الاردني في الإجراءات الجديدة لحركة الاستيراد والتصدير البري
  • السعودية تنفذ الإعدام بمواطنين بتهمة خيانة وطنهما وحرّضا آخرين للانضمام لإرهابيين بمناطق القتال
  • تفسير حلم رؤية خيانة الزوج في المنام.. هل يحذرك من أمر ما بالواقع؟
  • «عقيلة صالح» يلتقي رئيس هيئة الصيد البري
  • رئيس مجلس النواب يشيد بجهود الهيئة الليبية للصيد البري والرماية
  • دشنه الملك غازي …إعادة افتتاح الجسر القديم في الموصل
  • قصة جديدة لفرار الأسد: خيانة اللحظة الأخيرة.. الأسد يهرب تاركًا أقاربه وأتباعه
  • استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودان وليس تعميقها.. بلينكن يعلن هذا الإجراء الذي ستتخذه الولايات المتحدة حيال الأمر
  • ما قصة نسيم خليبات الفلسطيني الحامل للجنسية الإسرائيلية الذي سلمه المغرب لإسرائيل؟
  • قطار يدهس يوتيوبر خلال توثيق مغامرته