تحليل: هل من الممكن حدوث دفء في العلاقات الصينية الأمريكية ؟
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
واشنطن "د ب ا": يرى المحللان الإمريكيان على واين وديفيد جوردون أنه من المرجح أن يسهم الاجتماع الذي عُقد بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج في سان فرانسيسكو ، والذي جاء تتويجا لعدة أشهر من الدبلوماسية بين مسؤولين أمريكيين وصينيين على مستوى عال ، في استقرار العلاقات بين واشنطن وبكين على الأقل على المدي القصير .
وقال واين وهو كبير المحللين في مجموعة أوراسيا للاستشارات ، وجوردون ، و هو أحد كبار المستشارين في مجموعة أوراسيا والمدير السابق لادارة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية إن الرئيسين الأمريكي والصيني اتفقا على إقامة عدة قنوات لتعزيز التعاون بين الجيشين ،والتعاون لوقف تدفق المركبات الأولية لتصنيع مادة الفنتانيل المخدرة من الصين، وتوسيع نطاق رحلات الطيران المباشرة في الاتجاهين ،وأشكال أخرى للتبادل بين الشعبين.
ولكن المحللين قالا ، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية ، إنه لا يمكن توقع أن تغير مثل هذه النتائج الطابع التنافسي بشكل أساسي للعلاقات الأمريكية الصينية . وفي الواقع ، تلك المنافسة مرشحة للزيادة على الصعيد الجغرافي والمهام
ولاتزال الدبلوماسية الأمريكية الصينية هشة ، ففي شهر فبراير الماضي ، ألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارة إلى الصين وسط اكتشاف إدارة بايدن منطاد تجسس صيني مشتبه به قرب قاعدة عسكرية في مونتانا.
والخبر السار هو أن بايدن وشي لديهما حوافز قوية قصيرة المدى لوقف التدهور في العلاقات الأمريكية الصينية.
وأضاف المحللان أنه ليس بمقدور بايدن، الذي يتصارع مع حرب مروعة بين روسيا وأوكرانيا وأزمة آخذة في التصعيد بين إسرائيل وحماس ، أن يتعامل مع أزمة ثالثة.
من جهة أخرى ، يواجه شي مشاكل اقتصادية متصاعدة في الداخل وعلاقات عدائية على نحو متزايد مع الديمقراطيات الصناعية المتقدمة في العالم.
غير أن هناك اختبارا كبيرا للعلاقات يقترب بسرعة ، حيث سوف تنتخب تايوان رئيسا جديدا في الثالث عشر من يناير المقبل ، ويعد ويليام لاي تشينج - تي من الحزب التقدمي الديمقراطي الأوفر حظا للفوز. وقد يتخذ لاي ، الذي يصف نفسه بانه "عامل استقلال تايوان"، خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تآكل الوضع الراهن عبر المضيق ، ومن المحتمل أن يكون ذلك بدعم كبير من جانب الكونجرس الأمريكي .
ومن جانبها تواصل بكين تكثيف ضغطها على تايبيه. وأطلق جيش التحرير الشعبي الصيني صواريخا باليستية فوق تايوان خلال زيارة للجزيرة في شهر أغسطس عام 2022 قامت بها إنذاك رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ،وكانت المرة الأولى التي فعلت فيها ذلك منذ اندلاع أزمة مضيق تايوان عام 1996-1995.
ومع ذلك ، هناك ثلاثة أسباب على الأقل للاعتقاد بأن بكين لا تفكر بشكل جدي في شن غزو الآن. أولا : لأن الصين أمامها مجالا متسعا لبذل جهد الخنق الصبور ومتعدد الأوجه ، "أي حملة المنطقة الرمادية العدوانية على نحو متزايد من الإكراه السياسي والنفسي والاقتصادي والدبلوماسي ،والتي تهدف إلى جعل مواطني تايوان يشعرون بأنهم عاجزون ومنقسمون ومعزلون".
وإذا تم استبعاد عامل غير متوقع بشكل كبير على سبيل المثال قرار من رئيس تايوان المقبل بإعلان استقلال الجزيرة أو تخل رسمي من جانب الولايات المتحدة عن "الغموض الاستراتيجي " ، فإنه من غير المرجح أن تختار الصين الدخول في مناورة عالية الخطورة ليس لدى الجيش الشعبي الصيني استعداد لها بشكل واضح.
والسبب الثاني هو أنه يمكن القول بأن أي محاولة غزو فاشلة مع ما تنطوي عليه من تكاليف عسكرية واقتصادية ودبلوماسية باهظة ، سوف تسهم أكثر من أي تطور آخر في تعريض مسعى شي من أجل "التجديد العظيم للأمة الصينية " للخطر .
والسبب الثالث هو أنه بينما يقدر شي أن النظرة الاستراتيجية للصين تتعرض لتحديات أكثر مما كانت في بداية العقد ، فإن هناك دليل ضئيل ، إن كان هناك أي دليلعلى الاطلاق ، يشير إلى أن تقييمه طويل المدى لدوره في الشؤون الدولية يتضاءل.
ويعد غزو أوكرانيا من جانب روسيا بمثابة تحذير للصين. وتهدد هجرة الأدمغة وتشديد العقوبات الغربية توقعات النمو على المديين المتوسط والطويل لروسيا بحدوث خسائر مادية ضخمة ، كما يؤدي انخفاض القدرة على الحصول على أشباه الموصلات إلى تقويض قاعدتها للتصنيع الد فاعي.
وتساءل المحللان عن ماهية الدروس التي قد يتعلمها شي من الصعوبات التي تواجهها روسيا في أوكرانيا ؟ ويتبادر للذهن ثلاثة دروس على الأقل ، أولها ، أنه حتى إذا كانت دولة معتدية تملك تفوقا كبيرا من الناحية العسكرية التقليدية ، فإنها يمكن أن تتعثر إذا قللت قيادتها من تقدير إرادة خصمها على القتال.
وبينما أعطى شي تعليمات للجيش الشعبي الصيني بأن نكون لديه القدرة على غزو تايوان بحلول عام 2027، يشير الاضطراب بين صفوف قيادته العليا إلى أنه ربما يفتقر للثقة في استعداد الجيش وبصفة خاصة مع الوضع في الاعتبار بأن التحدي العملياتي الذي تواجهه الصين عند القيام بعملية إنزال برمائية ، سوف يكون أكثر تعقيدا بشكل كبير من شن غزو بري لدولة مجاورة بريا.
والسبب الثاني، الذي يرجع إلى حد كبير للأول ، هو أن الأمل في خوض حرب قصيرة ضد تايوان ، يعد بشكل كبير ضربا من الوهم.
ومن المرجح أن يكون عدد قليل من المراقبين قد تخيلوا في 24 فبراير عام 2022 أن أوكرانيا سوف تظل صامدة امام روسيا لقرابة عامين قادمين.
وبالنسبة لتايوان، فإنها تتبنى دفاعات حصينة لردع أي عدوان من جانب الصين ،وسوف تكون أرضها الجبلية بمثابة تحديات عملياتية للجيش الشعبي الصيني.
ثالثا ،هو أن اندماج الصين الشامل في الاقتصاد العالمي يجعلها أكثر تأثرا بالعقوبات الاقتصادية من روسيا ،بصفة خاصة أن اعتمادها الكبير على رقائق المعالجة الصغيرة الغربية سوف يحد من قدرتها على إضعاف جهد منسق للتفكيك من جانب الديمقراطيات الصناعية المتقدمة.
واختتم المحللان تقريرهما بالقول إنه من المفارقة أنه حتى في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة للعدول عن غزو صيني لتايوان ، فإنه يتعين عليها أن تؤكد تفاؤل الصين بشأن المستقبل : فكلما شعرت الصين على نحو أقل بالحاجة الملحة لتحقيق إعادة التوحيد ، كلما أصبح أمام واشنطن المزيد من الوقت لصياغة مزيج من الردع والطمأنة الذي من شأنه أن يقلل احتمالات حدوث مواجهة كارثية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشعبی الصینی من جانب
إقرأ أيضاً:
الصين: الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت تصادمية وتمثل تهديدا للأمن العالمي
علق المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تشانغ شياو غانغ، على تقرير وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن التطور العسكري الصيني، قائلا بأن “الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت أكثر تصادمية وتمثل أكبر تهديد للأمن العالمي”.
وقال غانغ، في بيان على منصة “وي تشات” ، إن “الحقائق تظهر أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت أكثر تصادمية وهجومية، وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مدمرة للنظام الدولي وأكبر تهديد للأمن العالمي”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تستخدم تفوقها العسكري “للحفاظ على الهيمنة أحادية القطب، والتغيير العنيف للسلطة، وكذلك لإثارة ثورات ملونة”.
وشدد على أن “واشنطن نفذت في السنوات الأخيرة عمليات عسكرية بشكل غير قانوني في سوريا والعراق وأفغانستان ودول أخرى، أدت إلى كوارث إنسانية خطيرة ومقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وأجبر عشرات الملايين على الفرار من منازلهم”.
وكانت “انتقدت بكين، تقريرا حديثا صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بعنوان “التطور العسكري والأمني المتعلق بالصين”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن “مثل حال التقارير السابقة من هذا النوع، فإن هذا التقرير الحديث التابع لأمريكا يتجاهل الحقائق، ومليء بالتحيز وينشر رواية التهديد الصيني فقط ليكون بمثابة ذريعة للحفاظ على الهيمنة العسكرية للولايات المتحدة”.
وتابع لين بأن “الصين ملتزمة بقوة بكونها قوة من أجل السلام والاستقرار والتقدم العالمي، مع حماية سيادتها الوطنية وأمنها وسلامة أراضيها بحزم”.