الرؤية- ناصر أبوعون

قالت الشاعرة والناقدة التونسية سماح البوسيفي، إن الشعر العربي استطاع تخطي إشكالات البناء والتشكيل بعد حركات الترجمة الواسعة لقصيدة النثر الغربية، وسط كساد معرفي وجمود لغوي كبير، سقطت فيهما القصيدة الكلاسيكية لفترات طويلة جدا.

وأشارت- في حوار مع "الرؤية"-  إلى ظهور محاولات التقليد وتراكم التجارب وسط انبهار وانفلات، حتى تشكلت في ذلك الوقت القصيدة الجديدة من ركام القصائد الموزونة.

وإلى نص الحوار:

ما هي منهجيتك في الكتابة والتأليف؟ وما هو الجديد لديك؟

أعمل برويّة وأمرِّر  النظر على منجزي الشعري، وأحاول أن أقرأ هذه المرة كل السكنات التى تركتها فارغة داخل الشعر إذ إن الشاعر لابد أن يأخذ استراحة محارب لأن الكتابة التى لا تحمل  رؤية لا يمكنها أن تخطو خطوة واحدة نحو الشعر.

والكتاب الشعري الأول كان توأمة للشعر والنقد في الكتابة عن الكتابة المخطوطة، وسيكون الكتاب الثاني تتمة لهذه الرؤية الشعرية واللغة صورة فوتغرافية للحظة ما،  وعلى الشعر أن يحاصرها.

إذا تحدثنا عن مدارس الكتابة والشعر.. فأين تقفين منها؟

أنا في الحقيقة لم أبدأ من أي مكان وقف فيه غيري، كنت أتحسس الكتابة وملامحها وأنا أكتب مرة بعد مرة ولأن الكتابة تشكلت معي وأنا أخطو سنواتي الأولى في القراءة، فأنا أتحسس العالم حولي وأعيد تركيبه باللغة، وبيئتي والطبيعة التى عشت فيها وجهت شغفي الذي كان يكبر.

ما هي ملامح التجديد المتعلقة بقصائد النثر على مستوى الشكل والمضمون؟

القصيدة لم  تعد تحتاج الصوت العالي لكي تنتشر كما أن الوزن  في القصيدة الحداثية أصبح خللا واضحا وأزمة هوية حقيقية، لذا كان التخلي عن التشكيل البصري والصوت في قصائد النثر إعلانا عن انتهاء زمن الشعر القديم وبداية زمن شعر ما بعد الحداثة، فالشعر العربي بدأ من قصيدة النثر وتجاوزها وحطم محدودية قياساتها وشكلها الذي حددته سوزان برنار، لذا تنموا القصائد متعانقة مع بيئات جديدة ونظم أخرى فلا يمكن للشعر أن يُكتب داخل إطار شفاف محبوس في سجن التنظير، وعلى النقد أن يتبع الشعر ويلاحقه ويتشكل من خلاله فالتاريخ الطويل للنقد الشعري أثبت أن السنن الشعرية زائلة ومتجددة؛ لأن الشعر الذي لا يلاصق بيئته هو مجرد تكرار لغوي :القصيدة تعلن عن نفسها بحساسيات جديدة، وشكلانية مختلفة وحقول دلالية أشد وضوحا وانفلاتا.

انحازت المنابر العربية الشهيرة لقصيدة النثر لكن لم يكن لها الصدى المطلوب، لماذا؟

كان على الشعر العربي أن يتخطى إشكالات البناء والتشكيل بعد حركات الترجمة الواسعة لقصيدة النثر الغربية وسط كساد معرفي وجمود لغوي كبير، سقطت فيهما القصيدة الكلاسيكية لفترات طويلة جدا، فجاءت محاولات التقليد وتراكمت التجارب وسط انبهار وانفلات فتشكلت عندئذ القصيدة الجديدة من ركام القصائد الموزونة.

وكان حينها المناخ مهيئا لاستقبال قصيدة النثر بعد تأسيس أهم المنابر الشعرية الحاضنة لشعر النثر الذي  خاض معاركه العنيفة وقوبل بالرفض، إنه الصراع الديناميكي والأزلي لتشكل اللغة بين الصمت والضوضاء وقد  شكل أزمة تلقي وانفتاح، ومازال القارئ العربي يتحسس ذائقته الجمالية وموروثه الشعري، ومازال النقد يصمت أمام السلطة اللغوية للشعر العربي القديم رغم أن آخر  مسمار قد دق في نعشه، ولذلك فإن أزمة المشهد العربي ليست أزمة كتابة بل أزمة تلقي.

متى يمكننا القول بأن قصيدة النثر العربية تسند ظهرها لمرجعيات أصيلة؟

لا يمكن للغة أن تتآكل داخل الشعر فكل نظام كتابي هو توالد لشعر جديد من شعر قديم؛ فرغم كل محاولات الانفلات فإن الشعر العربي لا يزال قائما في بناء القصائد الجديدة إنها الوفرة المجازية للشعر ولاننسى التفوق المجازي للقرآن الكريم الذي ظل معجما قائما بذاته في الشعر العربي وفتح الاحتمالات الدلالية اللامتناهية للغة في وعائها الضيق مشرعة على تنوع دلالي فائق؛ لهذا ظل الشعر لصيق بيئته رغم كل محاولات الانفلات؛ فنجد القصيدة أكثر حرية وتجريبا.

هل ابتدعت قصيدة النثر أنماطا موسيقية جديدة؟

الإيقاع طابع مميز لقصيدة النثر العربية ولا أقصد هنا الوزن لأنه غصن من شجرة الإيقاع؛ إذ تعلن قصيدة النثر دخولها مرحلة فنية جديدة مرحلة؛ أكثر حرية وانعتاقا متخلية عن تضاريس الشكل وصرامة البناء استجابة لحركة الواقع وتدفقه.

ويعتمد الشاعر على إيقاع الدلالة وتوالد المعاني ومن هنا اكتسبت قصيدة النثر كثافتها الدلالية فلم يعد الشاعر معنيا بتتبع الوزن والقافية لينسج قصيدته وفق صوت معين أصبحت القصيدة أكثر توافقا مع واقعها وأكثر اشتغالا على رؤية الشاعر الفنية والدلالية.

والإيقاع النصي يرتكز على التشكيل الدلالي إذ تحكم النص بنية دائرية ونظام لغوي وصرفي يشتغل بخفوت وهدوء على التوجيه الحسي للقارىء، إذ يصطدم المتلقي بشكل النص وكيفية إخراجه وطريقة توزيعه على الصفحة.. إنها التوافقات الشعرية الجديدة بين الشعر العربي القديم وشعر الحداثة، والنص الشعري الذي بوسعه أن ينفلت مرة بعد مرة من قيد التقليد والمحاكات غير بعيد عن ثقافته وأدواته.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صنعاء.. فيديو يفطر القلوب لأم تبحث عن ابنتها تحت ركام منزلها المدمر بغارة أمريكية

#سواليف

أظهر مقطع فيديو لحظات مليئة بالألم واليأس لأم #يمنية تبحث عن ابنتها تحت #أنقاض منزلها المدمر بعد #غارة_جوية_أمريكية استهدفت محافظة السبعين في العاصمة #صنعاء.

صنعاء.. فيديو يفطر القلوب لأم تبحث عن ابنتها تحت ركام منزلها المدمر بغارة أمريكية pic.twitter.com/r3u8ciMnsm

— fadia miqdadai (@fadiamiqdadi) April 27, 2025

التقطت الكاميرات مشاهد #الأم وهي واقفة بعجز تنادي على ابنتها بأمل يخالطه اليأس، بينما يحاول المواطنون مساعدتها في إزالة #الركام بحثا عن أية علامة للحياة. المنزل، الذي كان ملاذا لعائلة متواضعة، تحول إلى كومة من الخرسانة المسحوقة والحديد الملتوي بعد الغارة التي استهدفت المنطقة.

مقالات ذات صلة رئيس الشاباك السابق: العصيان المدني ضد نتنياهو بدأ 2025/04/27

وأوضح مصدر محلي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ان “العدوان الأمريكي استهدف بسلسلة غارات مديريتي السبعين وبني الحارث”. وأشار إلى أن الغارات استهدفت حيا سكنيا غرب الروضة في مديرية بني الحارث، ومنزلا جوار مستشفى لبنان بحي 14 أكتوبر في مديرية السبعين.

كما شنت الطائرات الأمريكية سلسلة من الغارات على محافظات الحديدة والجوف ومأرب، وأوضح مصدر محلي أن “العدوان الأمريكي، استهدف بسلسلة من الغارات جزيرة كمران، وميناء رأس عيسى بمديرية الصليف واستهدف بغارة مديرية مدغل في محافظة مأرب، كما استهدف بأربع غارات مديرية العنان في محافظة الجوف”.

وكانت “أنصار الله” قد أعلنت في 16 مارس الماضي، توسيع قرار حظر عبور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، ليشمل الأمريكية، ردا على قصف جوي مكثف شنته الولايات المتحدة على صنعاء و7 محافظات تسيطر عليها الجماعة.

وجاء التصعيد العسكري، على خلفية إعلان الجماعة في 12 مارس، دخول قرارها استئناف حظر مرور السفن الإسرائيلية عبر البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، حيز التنفيذ، مهددةً باتخاذ خطوات تصعيدية أخرى ردا على استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • «مكتبة محمد بن راشد» تحتفي بالإرث الشعري لـ «الأخطل الصغير»
  • صنعاء.. فيديو يفطر القلوب لأم تبحث عن ابنتها تحت ركام منزلها المدمر بغارة أمريكية
  • ركائز قوية لأهداف الرؤية السعودية.. إستراتيجيات متكاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
  • شاهد بالصورة والفيديو.. بقصيدة قوية ومؤثرة.. شاعرة سودانية حسناء تهاجم الناشط “ساجد” بعد مطالبته المليشيا بضرب محولات الكهرباء: (مهما تكون وهمي وبليد أو قلبك أقسى من الحديد معقول تساند الجنجويد؟)
  • جامعة الاسراء تستضيف الجلسات النقدية ضمن مؤتمر قصيدة النثر في العراق
  • خبيران في "أدب الطفل": الكتابة للأطفال تستلزم جذب الانتباه بالصور والحبكة والأسلوب
  • بناء قبور مجانية من ركام المنازل المدمرة في غزة
  • بالقرب من دجلة ..افتتاح فعاليات مؤتمر قصيدة النثر في العراق
  • سامح قاسم يكتب | ما لا تقوله القصيدة.. تقوله عبلة الرويني
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء