علي بن حمد بن عبدالله المسلمي
aha.1970@hotmail.com
القيم الغربية التي يتشدق بها الغرب في العصر الحديث ويستلها ضد مناوئيه، ويستلهمها عنوانًا براقًا؛ ليستعطف بها السذج والمنقادين نحوه والمستضعفين في هذا الأرض بدعوى حقوق الإنسان والطفل والمرأة والحيوان والبيئة والمناخ عرتها حرب غزة العزة الصامدة العصية على الصهاينة الغاصبين، التي قال عنها إسحاق رابين: "أتمنى أن أصحو وأرى غزة يبتلعها البحر"، وشارون السفاح الذي اقتلع المستوطنات منها بالقوة لتبقى الأرض لأهلها عزيزة صابرة.
وها هي اليوم تُسطِّر ملامح الصمود ويُسطِّر مقاوموها حروف العزة والسؤدد ويعيدون للأمة بريقها بعد أن خفت سنين تحت وطأة الذل والمهانة رغم بشاعة ما أحدثه فراعنة العصر فيها من قتل للأطفال والنساء والشيوخ العزل، واقتلعوا الشجر والحجر ورموا بالقنابل الغبية المحرمة دوليًا دون اكتراث واحترام للقوانين والأعراف الدولية التي خطتها الأمم؛ لتكون نبراسًا وطريقًا لصالح البشرية جمعاء بعد حربين داميتين أودت بحياة كثير من بني البشر.
إنَّ الناظر لما تنقله شاشات التلفزة ووسائط التواصل الاجتماعي والصحف المقروءة والمكتوبة لحجم المأساة التي يعيشها أهل غزة تقشعر لها الأبدان، وتتفطر لها القلوب، وتدمع لها العيون، والصمت المطبق الذي يخيم على أمتنا العربية والإسلامية تجاه ما يحدث ما عدا الشجب والندب والتصريحات والقمم والمؤتمرات وقلة الحيلة لهو شيء يدعو إلى العجب ويندى له الجبين، بعد ما كان العرب قبل وبعد الإسلام أهل نجدة وحماة للضيم، ويتحالفون فيما بينهم ضد الظالم وينصرون المستضعفين.
كثير من قصص التاريخ تخبرنا عن ذلك، فها هو المعتصم بالله الخليفة العباسي يستنجد به أهل عمورية ضد الروم؛ فهدد قائد الروم بإرسال جيش أوله عنده وآخره معه. وكذلك الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي عندما استنجد به أهل البصرة ضد الفرس فنجدهم، والإمام الصلت بن مالك الخروصي عندما استنجدت به المرأة السوقطرية ضد الأحباش الوثنيين فلبى نداءها.
بينما نجد في الجانب الآخر من الشعوب الحرة تنتفض هنا وهناك وخاصة في الدول التي يشارك ساستها في دعم الصهاينة علنًا، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا يطالبون بوقف هذه الحرب المجنونة المسعورة وهم يشاهدون أشلاء الأطفال الممزقة وإلقاء القنابل الفسفورية الحارقة، وهدم البيوت على ساكنيها وتجريف أماكن الإيواء التي يحتمي بها النازحون في المدارس والمستشفيات، وقتل ساكنيها ودفنهم أحياء.
وكذلك الموقف المشرف الذي وقفه الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيرتش الذي يدل على نزاهته ومهنيته، الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي وفق المادة 99 من القانون الإنساني لوقف هذه الحرب كهدنة إنسانية والذي صوتت عليه 153 دولة بالإجماع وأيدته، ما عدا دولة واحدة امتنعت عن التصويت وهي بريطانيا، بينما استخدمت الولايات المتحدة ضده حق النقض "الفيتو"، وقبل ذلك طالبت إسرائيل باستقالته وفق ما عبَّر عنه مندوبها في المنظمة الأممية، واتهمته بالتحيز لحماس.
وهاهم أبناء عز الدين القسّام اليوم وهم يرون ما يفعله الصهاينة في بيت المقدس وعموم فلسطين من تدنيس للمقدسات، والاعتداء على الحرائر، وقتل للأطفال والشيوخ ينتفضون يوم السابع من أكتوبر؛ ليلقنوا الجيش الذي لا يقهر والأخلاقي الذي يدعي إنه الأول في العالم في الأخلاق درسًا سيظل وصمة عار على العدو، ويسجل بأحرف من نور للمقاومة الباسلة، ويدرس في أرقى الجامعات والكليات العسكرية.
إنَّ فراعنة العصر لا يكترثون ولا يرعون إلًّا ولا ذِمّةً. ومن هذا المنطلق، يتعين على الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع،، دعم أهل غزة ونصرتهم، ووقف هذه الحرب المجنونة بما أُوتوا من قوة، ووقف الصهاينة عند حدهم، وتقديمهم للعدالة الدولية بما اقترفت أيديهم ضد أهل غزة وعموم فلسطين من قتل للأطفال والنساء، ومنع للدواء والغذاء، وتشريد للسكان وفتح المعابر لذلك، وفك الحصار الظالم، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة؛ لينعم أهلها بالسلام الدائم، والراحة والطمأنينة لهم وللأجيال القادمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
باحث في العلاقات الدولية لـ«الأسبوع»: «مايك هاكابي» ينفذ الأجندة الأمريكية التي تخدم إسرائيل
يشكل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حكومة جديدة تساعدة في اتخاذ القرار داخل إلادارة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، وكان من ضمن تلك الاختيارات، ترشيح «مايك هاكابي» ليكون سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل.
في هذا السياق، قال الدكتور محمد ربيع الديهي، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، في تصريحات خاصة لـ«الأسبوع»، إن تصريحات «مايك هاكابي» حول الضفة الغربية ليست محض صدفة، فقد عبر ترامب أثناء حملته الانتخابية عن رغبته بتوسيع مساحة دول الاحتلال، مؤكدًا أن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع، ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية كما يصفها البعض بدولة مؤسسات إلا أن الرئيس الأمريكي يلعب دورًا مهمًا في عملية صنع السياسة الخارجية وتوجهاتها، إما بصورة مباشرة أو اختيار شخصيات تؤيد رؤية وتوجه قيادات مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح الديهي، أن ترشيح مايك هاكابي جاء لتلبية تطلعات ترامب في توسع رقة دولة الاحتلال، وهو ما قد يشغل المنطقة العربية والشرق الأوسط في المستقبل، ولن يكون عامل استقرار اقليمي، ولا شك في أن تلك التصريحات تؤكد توجه أمريكا في المستقبل لزيادة الدعم المقدم لدولة الاحتلال، وعلى ما يبدو أن عودة هاكابي للمنطقة وكممثل في فلسطين هو مجرد تمهيد لـ تغيرات جيوسياسية ستشهدها المنطقة، ومن ثم العالم وربما نحن سنكون أمام مشهد جيوسياسي مضطرب للغاية.
اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية: الفشل الدولي في وقف حرب الإبادة شجع الاحتلال على إعلان مخططاتها لضم الضفة
8 شهداء بينهم 3 أطفال و3 نساء في قصف لقوات الاحتلال على دوحة عرمون بلبنان
حزب الله يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية