صدى البلد:
2025-11-19@12:41:36 GMT

محمد غنيم يكتب: التدقيق اللغوي والذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

أحبوا العربية فإنها أم اللغات، هي لغة الذوق والجمال، كلما اقتربت منها أكثر زادتك حلاوة وأغدقت عليك من فيض عطائها الواسع، لا تمل دراستها ولا تنتهي أسرارها وفيها ما فيها من الدقائق والفوارق وإن اللفظة الواحدة تتعدد معانيها بإبدال حرف أو تغيير حركة، فهي أم لغات العالم، إنها اللغة العربية.

وأقول لمن أراد أن يتقن اللغة العربية فعليه أن يبدأ بالقرآن؛ حفظًا ودراسةً وفهمًا وتدبرًا، وأن يداوم ما استطاع على قراءته ختمةً تلو أخرى، وأن يدرس الإعراب والبلاغة تطبيقًا على الشواهد القرآنية، حينها تجد من الفتوحات والبركات ما الله به عليم، ومن استزاد من القرآن زاده الله من كل خير، يقول تعالى: {نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ وَفَوۡقَ كُلِّ ذِی عِلۡمٍ عَلِیمࣱ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ٧٦]

واعلم أن من أتقن علوم اللغة العربية فقد امتلك قوة الفهم ورجاحة العقل ودقة التعبير، وزادت حكمته في الكلام ولذته في القراءة وتركيزه في السماع.

وفي اليوم العالمي للغة العربية أحببت أن أتكلم عن أحد أبواب اللغة العربية التي أكرمني رب البرية بأن أكون طويلب علم أقف خادمًا على عتبته ألا وهو باب التدقيق اللغوي، وموضوعنا عن الذكاء الاصطناعي والتدقيق اللغوي.

في الفترة الأخيرة جاءتني كتب ومقالات كي أدققها لغويًّا فإذ بي أعرف أنها مكتوبة بواسطة بالذكاء الاصطناعي، فاستوقفتني تلك المسألة وأدركت أن الذكاء الاصطناعي سيحتل جزءًا كبيرًا في عملية الكتابة والتأليف والبحث العلمي واستحداث المادة الأدبية وإنتاجها، فسنجد رسالة علمية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي وسنجد رواية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي وسيقتصر دور الإنسان على إعطاء الأوامر المطلوب تنفيذها وسيبدأ الذكاء الاصطناعي في استخراج النتائج، فرأيت أن هذا سيوفر كثيرًا من الوقت والمجهود، فكما كانت الكتابة قديمًا على الحجارة والألواح ثم تطورت لاستخدام الريشة والمحبرة ثم دخلت الآلة الكاتبة إلى أن وصلت إلى الكتابة باللمس على شاشة أو تحويل الصوت لكلام مكتوب، وهذا التطور ساعد الإنسان ولكنه لم يلغِ دور الإنسان، فهل سيكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على أن يلغي دور الإنسان في عملية التدقيق اللغوي؟

إن التدقيق اللغوي بحر واسع لا يستوعبه غير العقل البشري الدارس لقواعد اللغة العربية، وكل المحاولات الإلكترونية مهما بلغت جودتها لا يمكنها أن تلغي دور العنصر البشري، فضلا عن المذاهب اللغوية وتعدد الآراء في كثير من المسائل.

وإن كان البشر في التدقيق اللغوي متفاوتين، والنص الواحد قد تختلف صورته من مصحح لآخر وفق رؤيته وعلمه ومذهبه، فكيف للتدقيق الإلكتروني أن يعي كل هذا! وقد يتوهمه غير المتخصصين أنه بديل عن البشر، فيضرون لغتهم ولا ينفعونها بشيء.

إن استخدام التكنولوجيا يكون في مساعدة البشر تحت توجيههم وفق تحكمهم، وليس لإلغاء دورهم واستبدالهم.

كما أن اللغة العربية وعاء لكل الألفاظ الأجنبية تقبل التعريب والاشتقاق، ومنذ قديم الأزل وتدخل ألفاظ غير عربية إلى اللغة العربية وتخضع لقواعد اللغة العربية كتابةً ونطقًا، وكثير من الألفاظ ينضم إلى اللغة العربية نتيجة كثرة التداول والاستعمال، مثل: ماجستير ودكتوراة وفيسبوك وإنستجرام وكمبيوتر وترند ولابتوب وآيفون وإستراتيجية وغيرها كثير من الألفاظ الأجنبية، كما جاء في المعاجم القديمة بتضمين ألفاظ غير عربية ووضعها في المعاجم لكثرة الاستخدام واكتساب مدلول عربي اصطلح عليه العرب، وهذا مقبول ومُتعارف عليه على مرِّ العصور، وهو من مميزات اللغة العربية واتساعها لتقبل كلِّ اللغات؛ لأنها لغة عالمية نزل بها القرآن الكريم للعالم أجمع، كما أنها لغة متطورة ونابضة بالحياة، وليست لغة متحجرة أو قديمة أو تقف عند حدود زمان أو مكان، ولكنها متجدِّدة باستمرار بتجدد الألسنة والاختراعات التي لم تكن موجودة من قبل، فكيف لذكاء اصطناعي مهما بلغ ذكاؤه أن يعي كل ذلك ويواكب تجدد اللغة العربية الذي يواكبه أبناؤها بصعوبة فهي دائمًا تسبقهم إلى ما لا يتصورون أن تصل إليه هذه اللغة الشابة العصرية الممتدة جذورها في أعماق التاريخ ومنذ نطق الإنسان وعرف اللغات.

فتمسكوا بلغتكم العربية، وحافظوا عليها، وعلموها أبناءكم، وازرعوا فيهم أن اللغة هُوية، وأن الحفاظ على الهُوية لا يتعارض مع الحداثة ورَكْب التقدم، فلقد اختُصَّت العربية دون بقية اللغات بفضائل عدة؛ فكانت وعاء لخاتم الرسالات، وشاهد عيان على تقدم المسلمين والعرب وتفوقهم في مختلف العلوم على مرِّ العصور.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

كتّاب إماراتيون: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الكتابة بعاطفة الإنسان.. والبيئة الثقافية في الدولة حفّزت الأصوات الشابة

أكد كُتّاب روائيون أن الكتابة الإبداعية لدى الجيل الجديد لم تعد مجرد موهبة تُكتشف بالصدفة، بل أصبحت مساراً واعياً يقوم على الممارسة والقراءة وصقل التجربة، معتبرين أن البيئة الثقافية الداعمة في الإمارات لعبت دوراً محورياً في تحفيز الأصوات الشابة وإتاحة الفرص أمامها للتعبير عن ذاتها.

جاء ذلك خلال جلسة حملت عنوان "حكايات الجيل الجديد"، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، بمشاركة الكاتبة والروائية الإماراتية أسماء الهاملي، والكاتب والروائي الإماراتي أحمد الأميري، وأدارها الإعلامي وليد الأصبحي، حيث تناول المشاركون تجاربهم الأولى، ورؤيتهم لمسار الإبداع، وتأثير البيئة الثقافية والرقمية في تشكيل وعي الكاتب الشاب.

رحلة الإبداع

في مستهل حديثها، أوضحت أسماء الهاملي أن بدايتها مع الكتابة كانت في سن مبكرة، حين اعتادت تدوين اليوميات وهي في الثالثة عشرة من عمرها، قبل أن تتجه إلى توثيق قصص جدتها، وهو ما عرّفها مبكراً على عناصر السرد وبناء الشخصيات وصنع الحبكة. ثم انتقلت إلى كتابة الشعر والخواطر، قبل أن تتوقف فترة وصفتها بـ"مرحلة التغذية الأدبية" التي انغمست خلالها في قراءة التاريخ والأشعار، لتكتب بعدها أولى رواياتها القصيرة التي استلهمت جانباً كبيراً من التاريخ والتراث الإماراتي.

وأكدت أن نقل هذا التراث إلى الجيل الجديد كان أحد أهدافها الأساسية، لذا دمجت الكثير من المعلومات التاريخية في قالب روائي مبسّط يسهّل وصولها إلى القرّاء الشباب.

وأضافت الهاملي أن رحلة الإبداع تبدأ بالسؤال، فالتساؤل يدفع الإنسان إلى التجريب والاكتشاف، لتأتي بعدها الممارسة التي تتحول مع الوقت إلى إتقان وحرفية، ومن ثم إلى إبداع حقيقي. واعتبرت أن "فلسفة المبدعين" تقوم على الإصرار والجدية، مشيرة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي أصبحت اليوم أدوات تفتح آفاقاً واسعة للكتّاب، سواء في البحث أو الوصول إلى مصادر جديدة، وقالت إنها شخصياً استطاعت عبر هذه المنصات الوصول إلى متخصصين دعموا عملها الروائي.

تحديات الجيل الجديد

من جانبه، استعرض أحمد الأميري بداياته الأدبية، مشيراً إلى أنه كان يكتب مذكرات مبعثرة في طفولته دون أن تتشكل في عمل واضح، لكنه حين قرر خوض الكتابة وضع لنفسه هدفاً بنشر عمل واحد فقط ثم التوقف، إلا أن النجاح دفعه لإصدار كتاب ثانٍ في العام نفسه.

وأكد الأميري أن الكاتب الشاب يحتاج قبل كل شيء إلى أسرة متفهمة تستمع إليه وتحتضن أفكاره، لأن الجيل الجديد يواجه تحديات كبيرة في ظل الثورة الصناعية الرابعة التي أبطأت وتيرة الإبداع بسبب الاعتماد المتزايد على التقنيات. ومع ذلك، شدد على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه تمثيل العاطفة الإنسانية التي تُعد جوهر الكتابة وأساس تميّز الكاتب.

وختم بالقول إن الكاتب الحقيقي يكتب من الواقع ويخاطب قارئه بإبداع ومسؤولية، ليقدم عملاً يمزج بين المتعة والفكرة، وهو ما حاول الالتزام به في إصداراته السبعة.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: اتفاقية مع السعودية بشأن التعاون النووي المدني والمعادن والذكاء الاصطناعي
  • رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي بدعم كل القطاعات ويُسهم في سد الفجوات التنموية
  • تلاعب بالأدمغة والمناخ والذكاء الاصطناعي.. أهلا بكم في حروب الغد
  • سامسونج تضخ 310 مليارات دولار في الرقائق والذكاء الاصطناعي
  • محمد صلاح: كنت أبكي في الحمّام.. وفيديوهات مصطفى محمود والفقي غيّرت عقليتي
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: تصريح فولكر تورك وتعبئة البرهان
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: لغة المرآة
  • د. عادل القليعي يكتب: الذكاء الاصطناعي.. وحقوق الملكية الفكرية!
  • كتّاب إماراتيون: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الكتابة بعاطفة الإنسان.. والبيئة الثقافية في الدولة حفّزت الأصوات الشابة
  • كتّاب إماراتيون: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الكتابة بعاطفة الإنسان