صدى البلد:
2024-07-03@20:02:39 GMT

محمد غنيم يكتب: التدقيق اللغوي والذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

أحبوا العربية فإنها أم اللغات، هي لغة الذوق والجمال، كلما اقتربت منها أكثر زادتك حلاوة وأغدقت عليك من فيض عطائها الواسع، لا تمل دراستها ولا تنتهي أسرارها وفيها ما فيها من الدقائق والفوارق وإن اللفظة الواحدة تتعدد معانيها بإبدال حرف أو تغيير حركة، فهي أم لغات العالم، إنها اللغة العربية.

وأقول لمن أراد أن يتقن اللغة العربية فعليه أن يبدأ بالقرآن؛ حفظًا ودراسةً وفهمًا وتدبرًا، وأن يداوم ما استطاع على قراءته ختمةً تلو أخرى، وأن يدرس الإعراب والبلاغة تطبيقًا على الشواهد القرآنية، حينها تجد من الفتوحات والبركات ما الله به عليم، ومن استزاد من القرآن زاده الله من كل خير، يقول تعالى: {نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ وَفَوۡقَ كُلِّ ذِی عِلۡمٍ عَلِیمࣱ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ٧٦]

واعلم أن من أتقن علوم اللغة العربية فقد امتلك قوة الفهم ورجاحة العقل ودقة التعبير، وزادت حكمته في الكلام ولذته في القراءة وتركيزه في السماع.

وفي اليوم العالمي للغة العربية أحببت أن أتكلم عن أحد أبواب اللغة العربية التي أكرمني رب البرية بأن أكون طويلب علم أقف خادمًا على عتبته ألا وهو باب التدقيق اللغوي، وموضوعنا عن الذكاء الاصطناعي والتدقيق اللغوي.

في الفترة الأخيرة جاءتني كتب ومقالات كي أدققها لغويًّا فإذ بي أعرف أنها مكتوبة بواسطة بالذكاء الاصطناعي، فاستوقفتني تلك المسألة وأدركت أن الذكاء الاصطناعي سيحتل جزءًا كبيرًا في عملية الكتابة والتأليف والبحث العلمي واستحداث المادة الأدبية وإنتاجها، فسنجد رسالة علمية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي وسنجد رواية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي وسيقتصر دور الإنسان على إعطاء الأوامر المطلوب تنفيذها وسيبدأ الذكاء الاصطناعي في استخراج النتائج، فرأيت أن هذا سيوفر كثيرًا من الوقت والمجهود، فكما كانت الكتابة قديمًا على الحجارة والألواح ثم تطورت لاستخدام الريشة والمحبرة ثم دخلت الآلة الكاتبة إلى أن وصلت إلى الكتابة باللمس على شاشة أو تحويل الصوت لكلام مكتوب، وهذا التطور ساعد الإنسان ولكنه لم يلغِ دور الإنسان، فهل سيكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على أن يلغي دور الإنسان في عملية التدقيق اللغوي؟

إن التدقيق اللغوي بحر واسع لا يستوعبه غير العقل البشري الدارس لقواعد اللغة العربية، وكل المحاولات الإلكترونية مهما بلغت جودتها لا يمكنها أن تلغي دور العنصر البشري، فضلا عن المذاهب اللغوية وتعدد الآراء في كثير من المسائل.

وإن كان البشر في التدقيق اللغوي متفاوتين، والنص الواحد قد تختلف صورته من مصحح لآخر وفق رؤيته وعلمه ومذهبه، فكيف للتدقيق الإلكتروني أن يعي كل هذا! وقد يتوهمه غير المتخصصين أنه بديل عن البشر، فيضرون لغتهم ولا ينفعونها بشيء.

إن استخدام التكنولوجيا يكون في مساعدة البشر تحت توجيههم وفق تحكمهم، وليس لإلغاء دورهم واستبدالهم.

كما أن اللغة العربية وعاء لكل الألفاظ الأجنبية تقبل التعريب والاشتقاق، ومنذ قديم الأزل وتدخل ألفاظ غير عربية إلى اللغة العربية وتخضع لقواعد اللغة العربية كتابةً ونطقًا، وكثير من الألفاظ ينضم إلى اللغة العربية نتيجة كثرة التداول والاستعمال، مثل: ماجستير ودكتوراة وفيسبوك وإنستجرام وكمبيوتر وترند ولابتوب وآيفون وإستراتيجية وغيرها كثير من الألفاظ الأجنبية، كما جاء في المعاجم القديمة بتضمين ألفاظ غير عربية ووضعها في المعاجم لكثرة الاستخدام واكتساب مدلول عربي اصطلح عليه العرب، وهذا مقبول ومُتعارف عليه على مرِّ العصور، وهو من مميزات اللغة العربية واتساعها لتقبل كلِّ اللغات؛ لأنها لغة عالمية نزل بها القرآن الكريم للعالم أجمع، كما أنها لغة متطورة ونابضة بالحياة، وليست لغة متحجرة أو قديمة أو تقف عند حدود زمان أو مكان، ولكنها متجدِّدة باستمرار بتجدد الألسنة والاختراعات التي لم تكن موجودة من قبل، فكيف لذكاء اصطناعي مهما بلغ ذكاؤه أن يعي كل ذلك ويواكب تجدد اللغة العربية الذي يواكبه أبناؤها بصعوبة فهي دائمًا تسبقهم إلى ما لا يتصورون أن تصل إليه هذه اللغة الشابة العصرية الممتدة جذورها في أعماق التاريخ ومنذ نطق الإنسان وعرف اللغات.

فتمسكوا بلغتكم العربية، وحافظوا عليها، وعلموها أبناءكم، وازرعوا فيهم أن اللغة هُوية، وأن الحفاظ على الهُوية لا يتعارض مع الحداثة ورَكْب التقدم، فلقد اختُصَّت العربية دون بقية اللغات بفضائل عدة؛ فكانت وعاء لخاتم الرسالات، وشاهد عيان على تقدم المسلمين والعرب وتفوقهم في مختلف العلوم على مرِّ العصور.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

مروان حمام يكتب: رحلةٌ نحو صحافةٍ مُلهمةٍ وتواصلٍ مُثمرٍ


لطالما واجهتُ صعوبة في تعريف نفسي، كأنني منقسم إلى كيانين: مروان حمام الصحفي، ومروان حمام الإنسان.


مروان حمام الصحفي:


شغف الإعلام سكنني منذ نعومة أظفاري، فنشأتُ في منزل فني غنيّ بالثقافة والإبداع. والدي، رحمه الله، كان فنانًا تشكيليًا أثرى طفولتي بجمال الفنون. سرتُ على خطاه، فدرستُ الفنون التشكيلية إلى جانب دراسة الإعلام.
انطلقتُ مسيرتي المهنية عام 1993 في صحيفة الحياة اللندنية، حيث عملتُ متعاونًا في القسم الثقافي. جمعتُ بين مهاراتي في الكتابة والرسم، فأبدعتُ رسومًا تعبيرية تزين صفحات الصحيفة، وكتبتُ مقالات ثقافية مميزة.
لم أكتفِ بذلك، بل وسّعتُ آفاقي وتدرّجتُ في مجالات الإعلام المختلفة، من الثقافة إلى المنوعات. عام 1999، انتقلتُ إلى صحيفة المستقبل اللبنانية، حيث قضيتُ عشر سنوات حافلة بالإنجازات والتجارب.


مروان حمام في صحيفة المستقبل: من الثقافة إلى السياسة


واصلتُ مسيرتي المهنية في صحيفة المستقبل، متنقلًا بين أقسامها المختلفة، تاركًا بصمتي في كل محطة. بدأتُ في قسم الثقافة والمنوعات، ثم تدرّجتُ إلى قسم المحليات، ومنه إلى قسم المحليات السياسية.
لم أكتفِ بالكتابة، بل اتّجهتُ إلى مجالٍ جديد: كتابة المنشّت. برزتُ في هذا المجال، ونجحتُ في جذب انتباه القراء وإثارة اهتمامهم.
خلال تلك الفترة، عملتُ متعاونًا في مجلة "المرأة اليوم" في أبوظبي، واستمرّت مشاركاتي في صحيفة الحياة، وكتبتُ في العديد من الصحف اللبنانية الأخرى.
عام 2005:
شهد عام 2005 نقلة نوعية في مسيرتي المهنية، إذ تسلمتُ منصب المستشار الإعلامي لوزير الداخلية اللبناني. استمررتُ في هذا المنصب حتى نهاية عام 2008، تاركًا بصمة واضحة في مجال الإعلام السياسي.
عام 2008:
في بداية عام 2008، اتّخذتُ قرارًا صعبًا بمغادرة لبنان. دفعتني الظروف السياسية والاجتماعية المتردّية في ذلك الوقت إلى الشعور بالغربة داخل وطني.
مسيرة مهنية حافلة في عالم الإعلام:
قادني شغفي بالإعلام إلى الانتقال إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث توليت منصب سكرتير زهرة الخليج في أبوظبي. وخلال ثماني سنوات، ارتقيت في منصبي من سكرتير إلى مدير تحرير. ثم عدت إلى صحيفة الحياة اللندنية، حيق عملت مسؤولًا حتى إغلاقها عام 2018.
بعد ذلك، انضممت إلى مؤسسة عربية للبحوث والإعلام، حيث شاركت في تأسيس موقع "الشرق الإلكتروني" منذ بداياته. ثم انتقلت إلى "إرم ميديا".
إنجازات بارزة في موقع "فوشيا":
أدرك تمامًا الجهد الكبير والدراسة المتأنية اللذين أديا إلى ما وصل إليه موقع "فوشيا" اليوم. وعندما تسلّمت الموقع، كان عدد موظفيه أربعة أشخاص فقط. إلا أنني، بفضل خبرتي الطويلة في مجال الإعلام، قمت بدراسة معمقة أدت إلى نقلة نوعية في الموقع.
فقد احتاج "فوشيا" إلى إعادة تشغيل كاملة، شملت المحتوى وطرق تشغيله. وبدأ العمل بالتوازي على ملء الشواغر وتعيين الموظفين وتحديد أقسام الموقع. وتم اختيار الموظفين بعناية فائقة، مستندين إلى خبرتهم الطويلة في المجال الإعلامي.
تطوير المحتوى وتعزيزه:
بعد اكتمال التعيينات وتشكيل الفريق التحريري وفريق التواصل الاجتماعي، انتقلت إلى العمل على تعزيز المحتوى وتطويره. فقد أضفت أبوابًا جديدة، مثل باب الثقافة، ليصبح "فوشيا" من المواقع العربية القليلة التي تُعنى بهذا المجال. كما عززت المحتوى الخاص بالمرأة، مُتطرقةً إلى مواضيع الصحة والرشاقة والأناقة.
نهج فريد لتقديم محتوى حصري:
حرصت على أن يكون المنتج الصحفي الذي نقدمه محتوى حصريًا. لذلك، اتبعنا نهجًا يميزنا عن غيرنا، فلم نكتفِ بنقل الأخبار فقط، بل سعينا إلى إيصال القارئ إلى ما وراء الخبر، وكشف كواليسه. وساد هذا النهج جميع أقسام الموقع.
تحديث الهوية البصرية:
عملنا أيضًا على تغيير الهوية البصرية للموقع، ليصبح أكثر قربًا من القارئ، وأكثر بساطة وراحةً للنظر. كما تم تغيير شعار الموقع ليصبح أكثر حداثة وجاذبية.
فوشيا: رحلة نحو صحافة ملهمة وتواصل مثمر
المرأة العربية في قلب فوشيا:
ندرك في فوشيا أهمية المرأة العربية كجزء لا يتجزأ من مجتمعنا، ونحرص على تقديم محتوى ملهم يلامس احتياجاتها وتطلعاتها. ونولي اهتماما خاصا باختيار الموضوعات التي تثير اهتمامها وتشجعها على الإبداع والتطور.
جمهور متنوع:
يشكل جمهور فوشيا مزيجًا فريدًا من النساء والرجال، مما يؤكد على تنوع محتواه وجاذبيته لجميع الفئات. فلدينا:
* 51% من المتابعات من النساء.
* 49% من المتابعين من الرجال.
محتوى يلبي جميع الأذواق:
نقدم في فوشيا محتوى غنيا ومتنوعا يلبي احتياجات جميع أفراد العائلة. ونركز على الموضوعات التالية بشكل خاص:
* الثقافة والفنون: نسلط الضوء على الإنجازات الثقافية والفنية للمرأة العربية ونشجع على نشر الفنون والآداب.
* المجتمع والأسرة: نناقش القضايا الاجتماعية التي تهم المرأة العربية ونقدم حلولا بناءة لتعزيز الترابط الأسري.
* الجمال والصحة: نقدم نصائح مفيدة للمرأة العربية للحفاظ على صحتها وجمالها.
* الاقتصاد والأعمال: نسلط الضوء على قصص النجاح للمرأة العربية في مجال الأعمال ونشجع على ريادة الأعمال.
بيئة عمل إيجابية:
نؤمن بأهمية بيئة العمل الإيجابية لخلق بيئة إبداعية تحفز على العمل الجاد. ونطبق سياسة تشجع على التعاون والاحترام المتبادل بين الموظفين.
مصر: منارة ثقافية وفنية:
نؤكد في فوشيا أهمية الدور الذي تؤديه مصر منارة ثقافية وفنية في المنطقة العربية. ونسلط الضوء على الإنجازات المصرية في مختلف المجالات، ونسهم في نشر الثقافة المصرية الأصيلة.

مقالات مشابهة

  • مروان حمام يكتب: رحلةٌ نحو صحافةٍ مُلهمةٍ وتواصلٍ مُثمرٍ
  • حركة المحافظين الجدد 2024.. معلومات عن محمد غنيم محافظ بني سويف
  • «معسكر 2024» للمبتكرين السعوديين.. المملكة مركز عالمي للتقنية المالية
  • د. محمد حجازي يكتب: ثورة 30 يونيو بين حاضر ومستقبل أمة
  • مستشار رئيس الوزراء: الحكومة ماضية باستثمار طاقات الشباب ضمن الرؤية المستقبلية للدولة
  • مناقشة مشاريع تخرج الدفعة الأولى لطلاب كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة السادات
  • "التعاون الإسلامي" تدعو إلى حوكمة أخلاقية للذكاء الاصطناعي
  • "الشورى العماني" يدعو لتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
  • محمد مغربي يكتب: ثورة اصطناعية لذوي الهمم (2)
  • أحمد عبدالوهاب يكتب: "رحلة نجاح بين  التحديات والعثرات والإنجازات"